يرى مراقبون أن قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بإرسال حاملة الطائرات الأكثر تقدماً فى البحرية الأمريكية إلى مياه أمريكا الجنوبية فى إطار حملته ضد عصابات المخدرات أحدث فراغاً واضحاً فى تواجد القوات البحرية الأمريكية قبالة سواحل أوروبا والشرق الأوسط فى وقت تشهد فيه المنطقة تصعيداً خطيراً.

حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد آر فورد، التى تصفها البحرية بأنها منصة عسكرية متقدمة تضم آلاف البحارة وعشرات الطائرات، تحركت بعيداً عن البحر المتوسط بينما تتصاعد الضربات فى غزة ما يضع وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وحماس تحت تهديد متجدد.

النتيجة العملية أن الولايات المتحدة ستجد نفسها فى وضع غير مألوف حيث لا توجد سوى حاملة طائرات واحدة منتشرة حالياً، ولا توجد سفينة من هذا النوع قرب السواحل الأوروبية أو شرق المتوسط.

على مدار الحرب، نُشر عدد من حاملات الطائرات فى المنطقة؛ فقد نفذت الولايات المتحدة خمس عمليات نشر لحاملات فى الشرق الأوسط منذ هجوم 7 اكتوبر 2023 الذى قادته حماس، بما فى ذلك وجود حاملتى طائرات فى نقاط مختلفة خلال العام الحالى والعام الماضى. لكن الأوامر الجديدة لنقل مجموعة جيرالد ر. فورد تعكس تحول تركيز ادارة ترامب المتزايد نحو نصف الكرة الغربى وتأتى مع تصعيد فى القوة النارية الأمريكية ضد ما تصفها واشنطن سفن تهريب مخدرات.

كثفت إدارة ترامب هجماتها على قوارب تهريب المخدرات المزعومة وبحسب المسئولين فإن مجموعة فورد الهجومية تضيف خمس مدمرات إلى حشد بحرى غير اعتيادى قبالة فنزويلا. البحرية الأمريكية لديها بالفعل ثمانى سفن حربية فى المنطقة تشمل ثلاث مدمرات وثلاث سفن هجومية برمائية وطراداً وسفينة قتال ساحلية أصغر حجماً. كما تعمل غواصة أمريكية فى المنطقة وقادرة على إطلاق صواريخ كروز، وأُرسل سرب من طائرات F-35B إلى مهبط فى بورتوريكو فى تحرك لوجستى واضح، وحلقت قريباً قاذفتان ثقيلتان أسرع من الصوت قرب سواحل فنزويلا.

فى جانب آخر من المحيط الهادى، كانت حاملة الطائرات يو إس إس جورج واشنطن حاضرة فى مينائها الرئيسى باليابان، حين صرح ترامب من عليها مؤكداً أن العمليات البحرية ستكون جزءاً من الجهود لوقف تهريب المخدرات الى الولايات المتحدة. وفى تصريحات نقلتها إدارة البيت الابيض قال ترامب «الآن سوف نوقف المخدرات التى تصل عن طريق البر».

وعبر خبراء عسكريون واستراتيجيون عن قلقهم من طول الفترة التى قد تقضيها «جيرالد فورد» فى أمريكا الجنوبية، خصوصاً أن أسطول الحاملات الأمريكية عادةً ما يخرج الى البحر بثلاث حاملات من أصل 11. قال مارك كانسيان، مستشار بارز فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والعميد المتقاعد فى مشاة البحرية، إن المورد المتمثل فى حاملة طائرات متقدمة ونادرة للغاية سيشكل ضغطاً كبيراً للقيام بتحرك أو إعادة نشرها عند حدوث أزمة فى مكان آخر، ويمكن تخيل انهيار مفاوضات سلام فى شرق البحر المتوسط أو تفاقم الأمر مع ايران.

حاملة الطائرات يو إس إس نيميتز منتشرة ايضاً لكنها فى طريقها للعودة من بحر الصين الجنوبى الى الساحل الغربى قبل إخراجها من الخدمة، وقد تعرضت مؤخراً لفقدان طائرة مقاتلة ومروحية فى حادثين قيد التحقيق. الحاملة الثالثة يو إس إس ثيودور روزفلت لم تنشر بعد وهى تجرى تدريبات قبالة سواحل سان دييجو.

تأتى هذه التحركات فى ظل تجدد العنف فى غزة رغم وقف إطلاق النار الذى توسط فيه ترامب بعد عامين من اندلاع الحرب. فقد شن الجيش الإسرائيلى وابل غارات  مع تزايد التوترات مع حماس بعد انقضاء أسبوعين على الهدنة الهشة.

على الصعيد السياسى، فإن زيادة التواجد العسكرى الأمريكى قرب فنزويلا وعمليات الضرب التى تقول واشنطن إنها استهدفت سفناً متهمة بنقل مخدرات أثارت تساؤلات عن نوايا إدارة ترامب تجاه الرئيس نيكولاس مادورو. نفت كاراكاس وتوعدت بالرد، بينما أكد وزير الخارجية ماركو روبيو أن واشنطن تقوم بعملية لمكافحة المخدرات واتهم حكومة مادورو بالمشاركة فى شحن المخدرات. وقال روبيو إن هذه مشكلة خطيرة للغاية لنصف الكرة الغربى ويجب التعامل معها. رد مادورو بدوره فى بث وطنى قائلاً إن الإدارة الأمريكية تصنع حرباً ضده واتهمها بابتداع رواية زائفة مفبركة، مؤكداً أن فنزويلا لا تنتج الكوكايين.

يقول محللون إن القوات الأمريكية فى البحر ليست كافية لشن غزو شامل لكن وجودها المكثف قد يفاقم الاضطراب السياسى ويمكن أن يساهم فى إزاحة مادورو أو جر البلاد الى فوضى. جيف رامزى، خبير فى السياسة الأمريكية تجاه فنزويلا وزميل بارز فى المجلس الاطلسى، أشار الى احتمال كبير لاندلاع أعمال عنف وعدم استقرار وأن تحول سقوط مادورو قد يدفع بفنزويلا الى سيناريو شبيه بليبيا يستغرق سنوات للتعافى.

أما على صعيد الممارسات العسكرية، فقد أعلن البيت الأبيض عن أن القوات الأمريكية قتلت 57 شخصاً على الاقل فى غارات استهدفت سفناً متهمة بنقل مخدرات. كما أكد ترامب ان عصابات المخدرات تعامل كمقاتلين غير شرعيين استناداً الى السلطة القانونية نفسها التى استعملت بعد هجمات 11 سبتمبر.

التحركات العسكرية أثارت انتقادات نيابية وحزبية حول مدى شمولية صلاحيات ترامب وضرورة موافقة الكونجرس على عمليات قد تتجاوز البحر الى البر. بعض المشرعين عبروا عن قلقهم لعدم اطلاع الكونجرس على التفاصيل، بينما أكد آخرون ان ترامب يمتلك الصلاحيات اللازمة. ووصف السيناتور ليندسى جراهام، حليف بارز لترامب إمكانية تنفيذ ضربات برية فى فنزويلا بأنها «احتمال حقيقي».

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأمريكية إلى مياه الأمريكية قبالة سواحل النار الهش بين إسرائيل حاملة الطائرات یو إس إس

إقرأ أيضاً:

أمريكا تنشر طائرات استطلاع متطورة في الخليج خوفاً من الصواريخ الباليستية

يمانيون |
في خطوة تعكس التصعيد المستمر في التوترات العسكرية في منطقة الخليج العربي، أعلنت الولايات المتحدة عن نشر طائرات تجسس متطورة من طراز “RC-135S Cobra Ball” لمتابعة وتحديد المسارات الباليستية للصواريخ في المنطقة، في وقت حساس يشهد تصاعد التهديدات الصاروخية، لا سيما بعد سلسلة من الحوادث الغامضة التي طالت الأسطول الأمريكي البحري.

هذه الطائرات الاستطلاعية، التي تتمتع بقدرات رصد متقدمة تشمل أنظمة استشعار بالأشعة تحت الحمراء وتقنيات كهروضوئية، ستسهم في تعزيز قدرة القوات الأمريكية على تتبع الصواريخ الباليستية من مسافات بعيدة، وتجميع وتحليل بيانات القياس عن بُعد لمسار تلك المقذوفات.

ووفقًا للتقارير العسكرية، بدأت الطائرات عملياتها من قاعدة العديد الجوية في قطر، حيث ظهرت صور أقمار صناعية حديثة توضح تحليقها فوق مناطق استراتيجية في الخليج العربي والبحر العربي، بما في ذلك قرب السواحل اليمنية والمحيط الهندي، ما يشير إلى توسيع دائرة الاستطلاع الأمريكي.

يأتي نشر هذه الطائرات بعد أقل من 24 ساعة على الحادثتين الغامضتين اللتين تعرضت لهما طائرتان أمريكيتان تابعتان لحاملة الطائرات “نيميتز” في بحر الصين الجنوبي، في حادثين وصفهما محللون بأنها الأكثر غموضًا منذ بداية التوترات البحرية الأخيرة. وقد أثار هذا الحادث جملة من التساؤلات حول هشاشة العمليات الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية.

ورغم أن القوات الأمريكية كانت قد خاضت مواجهات بحرية وجوية محدودة في مياه البحر الأحمر والبحر العربي طوال العامين الماضيين، إلا أن نشر طائرات “Cobra Ball” يُعتبر خطوة غير مسبوقة في هذه المنطقة.

وتُظهر هذه الخطوة الأمريكية تصاعد القلق بشأن قدرات الردع الصاروخي الإقليمية، لا سيما بعد النجاحات التي حققتها القوات اليمنية في استهداف سفن أمريكية وبريطانية، مما يعكس مستوى متزايد من الوعي الأمريكي بمخاطر التحديات العسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن.

في هذا السياق، يبرز الخبراء العسكريون أن هذه الطائرات تعد أداة هامة في استراتيجية الإنذار المبكر، وهو تحول ملحوظ في سياسة المراقبة الأمريكية التي كانت تعتمد في السابق على الرد بعد الهجوم.

ويشير هذا التوجه إلى تراجع ثقة واشنطن في قدرات الدفاع التقليدية للبحرية الأمريكية، خاصة بعد سلسلة من الهزائم الميدانية والخسائر التشغيلية المتكررة في صفوف القوات الأمريكية هذا العام.

مقالات مشابهة

  • أمريكا تنشر طائرات استطلاع متطورة في الخليج خوفاً من الصواريخ الباليستية
  • ترامب يشيد بأداء قوات البحرية الأمريكية باليابان
  • بجانب ترامب.. رئيسة وزراء اليابان توجه رسالة للقوات الأمريكية من على متن حاملة طائرات
  • مناورات أم تمهيد للحرب؟ فنزويلا تضبط مرتزقة وتصف تحرّكات الاستخبارات الأمريكية بـ الاستفزاز
  • تحطم طائرتين تابعتين للبحرية الأمريكية في حادثين منفصلين
  • تحطم طائرتين تابعتين للبحرية الأمريكية في بحر الصين الجنوبي
  • فنزويلا: اقتراب السفن الأمريكية استفزاز قد يؤدي إلى الحرب
  • فنزويلا: التدريبات العسكرية الأمريكية في ترينيداد وتوباغو استفزاز لبدء حرب
  • سفينة حربية أمريكية ترسو على بعد 10 كيلومترات من فنزويلا