أصدر تجمع الأحزاب الليبية بيانًا سياسيًا عبّر فيه عن رفضه الكامل لما يسمى بـ”الحوار المهيكل” الذي أعلنت عنه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وعن اعتراضه على قرار مجلس الأمن الدولي بتمديد ولاية البعثة لسنة إضافية، معتبرًا أن هذه الخطوات تمثل استمرارًا لـ”النهج العبثي” الذي تتبعه البعثة منذ سنوات دون تحقيق أي تقدم ملموس في مسار الحل السياسي.

وقال التجمع في بيانه الذي تلقت شبكة “عين ليبيا” نسخة منه، إن قرارات البعثة الأممية وما يصدر عنها من مبادرات “لم تسفر إلا عن مزيد من الانقسام والفوضى والتأجيل المتكرر للاستحقاقات الوطنية”، معتبرًا أن ما يسمى بـ”الحوار المهيكل” ليس سوى إعادة إنتاج للأزمات في قوالب شكلية جديدة.

وأضاف البيان أن فكرة “الحوار المهيكل” قد تبدو في ظاهرها إطارًا تنظيميًا للحل، لكنها في جوهرها استمرار لسياسة الدوران في حلقة مفرغة، مشيرًا إلى أنه لا يمكن مناقشة قضايا الحوكمة والأمن والمصالحة الوطنية في ظل غياب سلطة تنفيذية شرعية قادرة على تنفيذ ما يُتفق عليه.

وتساءل البيان: “كيف يمكن الحديث عن حوكمة في ظل غياب من يحكم؟ وكيف يمكن مناقشة الأمن بينما السلاح خارج سيطرة الدولة؟ وكيف يمكن بناء مصالحة وطنية حقيقية في ظل غياب العدالة والشرعية الدستورية؟”

كما عبّر التجمع عن استغرابه الشديد من الطريقة التي تُدار بها الدعوات للمشاركة في الحوار، موضحًا أن البعثة دعت الأحزاب السياسية إلى ترشيح أسماء للمشاركة، لكنها في الوقت ذاته أعلنت أنها غير ملزمة بهذه الترشيحات وستختار بنفسها من تراه مناسبًا. واعتبر البيان ذلك “استخفافًا بالعملية السياسية الوطنية ونسفًا لمبدأ الشراكة واحترام الإرادة المحلية”.

وأشار البيان إلى أن البعثة الأممية أعلنت مسبقًا أن نتائج الحوار ستكون من إعدادها، وعلّق التجمع على ذلك بالقول: “لم نسمع في أي مكان في العالم عن حوار يمتد ستة أشهر كاملة، ثم تُعلن الجهة الراعية مسبقًا أنها من ستعد نتائجه! أليس هذا منتهى العبث والاستهزاء بعقول الليبيين؟”

وأكد البيان أن ما يجري يعكس بوضوح أن الهدف لم يعد الوصول إلى حل حقيقي للأزمة الليبية، بل إدارة الأزمة وتأجيلها عمدًا، عبر اجتماعات شكلية تحت لافتة “العمل الأممي”.

وأضاف التجمع أن استمرار هذه المقاربات السطحية لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الأزمة وتكريس واقع الانقسام، مؤكدًا أن “الوقت الذي يُهدر في الحوارات الشكلية هو ذاته الذي يدفع فيه المواطن الليبي ثمن غياب الكهرباء وتدهور الاقتصاد وانعدام الخدمات وضياع الأمل في مستقبل آمن ومستقر”.

وشدد البيان على أن أي حوار لا ينبثق من إرادة ليبية خالصة، ولا يستند إلى قاعدة دستورية واضحة وجدول زمني محدد للانتخابات، هو حوار محكوم عليه بالفشل قبل أن يبدأ، مشيرًا إلى أنه لا يمكن بناء حل حقيقي خارج إطار الإرادة الشعبية والشرعية الدستورية.

ودعا التجمع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى احترام سيادة ليبيا وعدم التعامل مع الشعب الليبي باعتباره تابعًا أو موضوعًا للوصاية، قائلاً إن “دور البعثة يجب أن يكون داعمًا لخيارات الليبيين لا وصيًا عليهم، وإن احترام سيادة ليبيا يبدأ من احترام إرادة شعبها ومؤسساتها المنتخبة، لا من تشكيل لجان ومجموعات تُدار من الخارج وتُصاغ نتائجها في غرف مغلقة”.

وجدّد تجمع الأحزاب الليبية دعوته إلى جميع القوى الوطنية والأحزاب السياسية والكيانات الاجتماعية إلى التكاتف من أجل مشروع وطني جامع يعيد للدولة الليبية هيبتها ومكانتها، بعيدًا عن الوصاية والتجاذب الدولي، والعمل الجاد نحو إجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات وفرض سيادة الدولة على كامل التراب الوطني.

واختتم التجمع بيانه بالتأكيد على أن الحل في ليبيا لن يأتي عبر “الحوار المهيكل” ولا من خلال بعثات مؤقتة تتجدد سنويًا، بل من إرادة ليبية خالصة تُترجم في صناديق الاقتراع، ودستور يعبّر عن الجميع، ودولة تُبنى بسواعد أبنائها لا بقرارات تصدر من الخارج.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الحوار المهيكل تجمع الأحزاب السياسية تجمع الأحزاب الليبية حزب صوت الشعب حكومة الوحدة الوطنية طرابلس الحوار المهیکل

إقرأ أيضاً:

الجمعية الوطنية في فرنسا تُدين اتفاقية 1968 مع الجزائر وسط غياب لافت لنواب الأغلبية

أقرّت الجمعية الوطنية اقتراحًا من التجمع الوطني لإدانة اتفاقية 1968 مع الجزائر بدعم من اليمين و حزب"آفاق"، بينما أثار غياب عدد كبير من نواب الأغلبية الرئاسية استنكار اليسار، الذي وصف النصّ بأنه عنصري.

حقق التجمع الوطني انتصاراً برلمانياً يوم الخميس 30 أكتوبر/تشرين الأول، بعد اعتماد اقتراح قرار قدّمه الحزب لإدانة الاتفاقية الفرنسية الجزائرية الموقعة عام 1968، بفارق صوتٍ واحد: 185 مقابل 184.

وقد حظي الاقتراح بدعم من حزب الجمهوريين وحزب الآفاق، الذي يرأسه إدوار فيليب، ما مكّن التجمع الوطني من تمرير أول نصٍّ يقدّمه ويحظى بموافقة الجمعية الوطنية.

وفي تصريحٍ عبّرت فيه عن ارتياحها، قالت مارين لوبان: "إنه يوم يمكن وصفه بالتاريخي بالنسبة للتجمع الوطني"، مشيرةً إلى أن حزبها "يدافع منذ زمنٍ بعيد عن إلغاء الاتفاقية الفرنسية الجزائرية لسنة 1968، ولا يوجد اليوم ما يبرر الإبقاء عليها".

كما استغلّت لوبان المناسبة للتنديد باحتجاز الكاتب بوعلام صنصال في الجزائر، مؤكدةً أن "على الجميع أن ينددوا بهذه الاتفاقية بالنظر إلى سلوك الحكومة الجزائرية التي تسجن اثنين من مواطنينا دون أي سبب يُذكر".

ورغم أن نتيجة التصويت لا تُلزِم الحكومة قانونياً، فقد شدّدت لوبان على ضرورة "أخذ التصويت بعين الاعتبار"، داعيةً رئيس الوزراء إلى "احترام قرارات الجمعية الوطنية"، ومضيفةً: "يمكنه أن يشرع فوراً في العمل لإبلاغ الجزائر بتصويت الشعب الفرنسي".

اليسار يندد: "نص عنصري"

ندّد اليسار فوراً بالتصويت الذي أقرّه البرلمان. وقال النائب الاشتراكي لوران لارديت مستنكراً: "من قبل، كانت شعاراتكم هي كراهية اليهود. بالأمس اليهود، واليوم العرب. وغداً، من التالي؟ أنتم لا تتغيرون".

وانتقد الحزب الاشتراكي، إلى جانب باقي الأحزاب اليسارية، الغياب الكثيف لنواب حزب التجمع من أجل الجمهورية عن الجلسة، ومن بينهم زعيم المجموعة غابرييل أتال، الذي كان يشارك في منتدى حول التحول المستدام للسياحة. وفي المجمل، لم يحضر سوى 30 نائباً ماكرونياً للتصويت ضد اقتراح التجمع الوطني، بينما امتنع ثلاثة آخرون عن التصويت.

وعبّر أوليفييه فور، رئيس الكتلة الاشتراكية، عن غضبه على منصة X قائلاً: "أين كان نواب ماكرون؟ غاب... غاب... غابرييل أتال!".

بدورها، قالت سيريل شاتيلان، رئيسة مجموعة الإيكولوجيين، بعد انتهاء الجلسة: "كان ينقصنا صوت واحد. كان الصوت الذي كان ينقصنا للوقوف في وجه التجمع الوطني هو صوت غابرييل أتال".

من جهتها، علّقت ماتيلد بانو، رئيسة حزب "إنسوميس" في الجمعية الوطنية، على التصويت عبر X، مشيرةً إلى أن "نصاً وضع حداً للاتفاقيات المبرمة عام 1968 مع الجزائر قد اعتمد بفضل تحالفٍ ضمّ نواب اليمين المتطرف وحزب إدوار فيليب (آفاق) ".

وأضافت: "نصٌّ عنصري تم تمريره نتيجة غياب نواب التجمع من أجل الجمهورية. لن نسمح أبداً بتمرير مثل هذا العار من جانب ورثة جلادي الجزائريين".

رغم معارضة مجموعة "التجمع من أجل الجمهورية" لنص التجمع الوطني، كان غابرييل أتال قد ندد سابقاً بالاتفاق الفرنسي الجزائري، ودعا في يناير/كانون الثاني إلى "وضع حدود" تُمكّن من "فرض توازن القوى مع الجزائر".

ومع ذلك، غاب نحو 200 نائب عن جلسة التصويت، من بينهم عددٌ من نواب اليسار. وبحسب إحصاء لوكالة الصحافة الفرنسية، لم يحضر سوى 52 نائباً من اليسار من أصل 72، و53 اشتراكياً من أصل 69، و32 إيكولوجياً من أصل 38، وستة نواب من المجموعة الشيوعية وما وراء البحار من أصل 17.

وأشارت الوكالة أيضاً إلى أن 12 نائباً من حزب "المودم" شاركوا في التصويت (عشرة صوّتوا ضد النص، وامتنع نائبان عن التصويت)، بينما شارك ثلاثة نواب فقط من حزب "الليكود" من أصل 22 (نائبان صوّتا لصالح النص، وواحد صوّت ضده).

Related ردًا على قرار ماكرون بتعليق اتفاق التأشيرات.. الجزائر تعلن عزمها إنهاء العمل بهأزمة غير مسبوقة بين باريس والجزائر: أكبر خلاف دبلوماسي منذ استقلالها عن فرنسا عام 1962 في تصعيد جديد للأزمة بين البلدين.. الجزائر تستدعي القائم بالأعمال الفرنسي على خلفية ملف التأشيرات الاتفاقية بين التعديل والحقوق

في 27 ديسمبر 1968، وقّعت الجزائر وفرنسا اتفاقية الهجرة، بعد ست سنوات من استقلال الجزائر، لتُكمل الإطار الذي وضعته اتفاقيات إيفيان عام 1962. وتولّى وزير الخارجية الجزائري آنذاك، عبد العزيز بوتفليقة، قيادة المفاوضات التي أسفرت عن وثيقة منحت الجزائريين في فرنسا وضعاً خاصاً لا يتمتّع به مهاجرون من جنسيات أخرى.

جاءت الاتفاقية في سياق اعتماد فرنسا المكثّف على اليد العاملة الجزائرية بعد الحرب العالمية الثانية، لسدّ النقص الحادّ في القوى العاملة. وحدّدت الاتفاقية دخول 35 ألف عامل جزائري سنوياً على مدى ثلاث سنوات، ونصّت على امتيازات غير مسبوقة: تصاريح إقامة طويلة الأمد، حق جمع شمل الأسر، وضمانات في العمل، والتعليم، والرعاية الصحية.

ومرّت الاتفاقية بثلاثة تعديلات رئيسية. الأول عام 1985، أدخل تأشيرات الدخول وأخضع التنقّل لقيود لم تكن موجودة من قبل. والثاني عام 1994، نصّ على ألا يتجاوز غياب المقيم الجزائري عن فرنسا ثلاث سنوات، تجنّباً لإلغاء وثيقة إقامته. أما الثالث، فكان عام 2001، وهدفه مواءمة الاتفاقية مع التشريعات الفرنسية الحديثة، مع الحفاظ على بعض المزايا الجوهرية: كإمكانية الحصول على إقامة مدتها عشر سنوات بعد ثلاث سنوات من الإقامة القانونية، أو تسهيل تسوية وضع الجزائريين المتزوجين من فرنسيين أو مقيمين قانونيين.

وباتت الاتفاقية في قلب جدل سياسي متزايد داخل فرنسا. ففي السنوات الأخيرة، تصاعدت الدعوات من أوساط اليمين واليمين المتطرف لإلغائها، بحجة أنها تمنح الجزائريين امتيازات غير متناسقة مع سياسات الهجرة العامة.

ومن أبرز هذه المواقف، تصريح رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق إدوار فيليب في سبتمبر 2023، حين أعلن أن الاتفاقية "لم تعد صالحة"، متعهّداً بالعمل على إنهائها. كما جعل السياسي إريك زمور من إلغاء الاتفاقية ركيزة في حملته الانتخابية عام 2022، معتبراً أنها تخلّ بالمساواة بين الأجانب أمام القانون الفرنسي.

رغم هذا الزخم السياسي، رفضت الجمعية الوطنية الفرنسية في ديسمبر 2023 مقترحاً تقدّم به حزب "الجمهوريين" يطالب بإلغاء الاتفاقية، إذ حصل المقترح على 114 صوتاً مؤيداً مقابل 151 معارضاً.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة أزمة المهاجرين الجزائر فرنسا سياسة علاقات دولية تصويت اعلان اعلان اخترنا لك مباشر. واشنطن تمنح حماس مهلة لإخلاء مقاتليها شرق "الخط الأصفر" في غزة السودان: حربٌ أهلية ومصالح دولية وإقليمية.. فهل يمهّد سقوط الفاشر لتقسيم السودان مجددا؟ استطلاع: ماكرون يسجّل أدنى نسبة تأييد لرئيس فرنسي منذ سبعينيات القرن الماضي روسيا تشن أعنف هجوم على الطاقة في أوكرانيا: قتلى بينهم طفلتان وانقطاع واسع للكهرباء دراسة: تناول الجبن مرة أسبوعيا قد يقلل خطر الخرف اعلان اعلان الاكثر قراءة 1 إسرائيل تقتل لبنانياً خلال اقتحام مبنى بلدية جنوبية.. وعون يأمر الجيش بـ "التصدي لأي توغّل" 2 مباشر. الأمم المتحدة تندد بغارات إسرائيل على غزة.. ونتنياهو يجري الليلة مشاورات أمنية بشأن لبنان 3 نتائج غير متوقعة في الانتخابات الهولندية قد تقلب الموازين السياسية.. إليك كل ما تحتاج إلى معرفته 4 اتفاق على "كل شيء تقريبًا" بين ترامب وشي.. وموعد جديد للدبلوماسية ببكين في نيسان المقبل 5 حساسية نادرة تحوّل العلاقة الجنسية إلى خطر صحي حقيقي.. إليك الأسباب والأعراض اعلان اعلان

Loader Search

ابحث مفاتيح اليوم

دونالد ترامب دراسة روسيا فرنسا الذكاء الاصطناعي الصين إسرائيل بحث علمي قوات الدعم السريع - السودان الصحة الأمم المتحدة فنزويلا الموضوعات أوروبا العالم الأعمال Green Next الصحة السفر الثقافة فيديو برامج خدمات مباشر نشرة الأخبار الطقس آخر الأخبار تابعونا تطبيقات تطبيقات التواصل الأدوات والخدمات Africanews عرض المزيد حول يورونيوز الخدمات التجارية الشروط والأحكام سياسة الكوكيز سياسة الخصوصية اتصل العمل في يورونيوز صحفيونا لولوجية الويب: غير متوافق تعديل خيارات ملفات الارتباط تابعونا النشرة الإخبارية حقوق الطبع والنشر © يورونيوز 2025

مقالات مشابهة

  • المغرب يؤكد حرصه على الحل السياسي.. والبوليساريو يرفض التفاوض!
  • خوري: أربعة مسارات رئيسة للحوار المهيكل و120 مشاركًا يمثلون مختلف المكونات
  • الحوار المهيكل وتمديد ولاية البعثة الأممية بليبيا.. دعم دولي أم فراغ سيادي مقنَّع؟
  • بالتفاصيل.. البعثة الأممية تكشف السّتار عن “الحوار المهيكل”
  • الحكومة الليبية تحذر البعثة الأممية من مغبة نهجها الاستفزازي والتعدي السافر على سيادة البلاد
  • البعثة الأممية: الحوار المهيكل لا يعدّ هيئة لصنع القرار بل منصة تتيح لشرائح أوسع المساهمة في تشكيل العملية السياسية
  • بدء تلقي الترشيحات لـ”الحوار المهيكل”، وحكومة حماد تعترض
  • البعثة الأممية تدعو 120 ليبياً للمشاركة بـ«الحوار المهيكل»
  • الجمعية الوطنية في فرنسا تُدين اتفاقية 1968 مع الجزائر وسط غياب لافت لنواب الأغلبية