قراءة في كلمة سلطنة عُمان بـ"حوار المنامة"
تاريخ النشر: 3rd, November 2025 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
أحدثت كلمة سلطنة عُمان التي ألقاها معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية في منتدى حوار المنامة 2025، أصداءً كبيرة على الصُعد المحلية والإقليمية والدولية. وتراوح صداها بين الإبهار والإعجاب والصدمة، وجميع هذه التأثيرات متوقعة وطبيعية.
فحالة الإبهار كانت من نصيب الشأن المحلي العُماني أولًا، الذي أدرك أن كل حرف في الكلمة يُشبهه ويُشبه عُمان التاريخ والحاضر والمستقبل، وكانت من نصيب العارفين بثوابت السياسة العُمانية كذلك على الصعيدين الإقليمي والدولي.
                
      
				
أما حالة الإعجاب فكانت من نصيب الذين يُدركون معنى الموقف السيادي للدول حين تُختبر مواقفها في القضايا المصيرية وتوضع على المحك، أما موقف الصدمة فكان من الذين راهنوا على أن عرب زماننا ظاهرة صوتية يعلو ضجيجها على مواقفها، ويمكن تمرير ما يشاؤون عليها بالترهيب والترغيب دون اعتراض.
الحقيقة التي يجب أن يعلمها الجميع ويدركونها جيدًا، أن سلطنة عُمان دولة ذات مكانة تاريخية وإرث حضاري أنتجت ثوابت وقيماً في تعاملها وفي سياساتها الداخلية والخارجية، ولا يمكن لأي نظام يأتي على السلطنة الإخلال بها أو الالتفاف عليها، فدول الأيام وسُنن التاريخ قاسية في تعاقبها وفرز وقائعها ولو بعد حين.
كلمة معالي السيد بدر، كانت من نسيج عُمان التاريخي، وتأكيدًا على العقيدة السياسية للسلطنة وأجندتها السياسية الخالية من الغموض والتورية والشوائب، والمصالح المُعلبة والمُغلفة بالتبريرية الملتوية بزعم الواقعية أحيانًا والعقلانية أحيانًا أخرى.
سياسة سلطنة عُمان الخارجية- لمن يعرفها- تتميز بالمصالح العليا للسلطنة والإقليم والسلم الدولي، وعلى رأس هذه المصالح تحقيق السلام والاستقرار كمفاتيح للتنمية والتعاون بين الشعوب والبلدان.
لم تقتنع السلطنة يومًا بتسويق إيران كعدو بديل عن الكيان الصهيوني الغاصب، ولم تقتنع يومًا بأنَّ إيران عامل تهديد للمنطقة، كما لم تقتنع السلطنة يومًا بأن إيران تسعى لامتلاك سلاح نووي تُهدد به المنطقة والأمن والسلم الدوليين.
قناعة السلطنة أن الكيان الصهيوني الغاصب سبب رئيس للمؤامرات والحروب والقلاقل في المنطقة منذ إنشائه من قبل القوى الغربية على أرض فلسطين العربية، وقناعة السلطنة أن إيران دولة جوار جغرافي وشريك تاريخي فاعل في الحضارة العربية/ الإسلامية، ومن مصلحتها العليا استتاب السلم والاستقرار في المنطقة.
وقناعة السلطنة أن حقيقة العلاقة بين أقطار الخليج وإيران هي علاقة تكامل لا علاقة صراع مُختلق لصالح أطراف خارجية.
وقناعة سلطنة عُمان أن أقطار الخليج ليس لها أي مصلحة في خوض حروب بالوكالة عن أحد، كما إنه ليس من أي مصلحة لها في الانقياد الأعمى خلف أجندات أجنبية مشبوهة وغارقة في التآمر والكيدية ثمنها في النهاية وجود أقطار الخليج من عدمه.
وقناعة السلطنة أن أقطار الخليج العربية وإيران والعراق واليمن تقتضي التكامل والتعاون العميق في تكتل واحد يراعي ويخضع للغة الجغرافيا والتاريخ والمصير المشترك. وهذه القناعة المتجددة كانت منذ دعا السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- عام 1976م إلى قيام تكتل إقليمي يضم أقطار الخليج والعراق وإيران، يُجنب المنطقة سموم التحالفات والاستقطابات الدولية ويعود بالنفع على دول المنطقة ويجلب لها السلم والاستقرار الإقليمي. ومازالت السلطنة تجد في هذا الخيار- مضافًا إليه اليمن اليوم- خيارًا واقعيًا عقلانيًا ومُثمرًا يخدم الجميع وفي صالح الجميع ويلجم الشرور من أي مصدر كانت. وفي المقابل على المصدومين من كلمة معالي السيد بدر أن يستعيدوا ذاكرتهم السياسية والجغرافية والتاريخية، ليقرروا بعد ذلك كيفية توصيف وتصنيف مواقف السلطنة وثوابتها، ويستعرضوا قبل ذلك ثمار كل موقف للسلطنة على أرض الواقع الخليجي والإقليمي. فالسلطنة لم تسع يومًا إلى الكسب المادي من أي قضية تتبناها أو تدعمها، فكسبها وهدفها الأول والأخير ما هو أثمن من المال وهو السلام والاستقرار وحقن الدماء والثروات فالغرب لا ينظر إلينا كشركاء ولا حلفاء، بل أدوات تحت الطلب لخدمة مصالحهم وعلى استعداد للتضحية بنا في أول صفقة "رابحة" لهم وفق "البورد" السياسي الغربي.
قبل اللقاء.. يقول السياسي والدبلوماسي المصري الدكتور مصطفى الفقي في لقاء تلفزيوني: الأمريكان يُحبون مصر ولكنهم "لا يحترمونها"، ويكرهون سوريا ولكنهم "يحترمونها".
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الصفدي يؤكد أهمية دعم غزة وسوريا ولبنان خلال مشاركته في حوار المنامة 2025
وزير الخارجية يؤكد ضرورة دعم الحكومة السورية على الأسس التي تضمن وحدتها واستقرارها وسيادتها
وزير الخارجية يؤكد ضرورة دعم وحدة لبنان وسيادته وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه
صراحة نيوز- شارك نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي السبت، في جلسة حوارية بعنوان: “مستقبل الحوكمة الأمنية العالمية”، ضمن أعمال الدورة الحادية والعشرين لحوار المنامة ٢٠٢٥.
وأكّد الصفدي خلال حديثه في الجلسة إلى جانب وزير الخارجية الألماني يوهان دافيد فاديفول ووزيرة الخارجية والتنمية البريطانية إيفيت كوبر أنّ الأولوية الآن هي ضمان الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في غزة بجميع بنوده والتقدم نحو معالجة العواقب الكارثية للحرب على غزة وربط جهود تحقيق الاستقرار بأفق سياسي يحقق السلام العادل والدائم الذي يشكّل حل الدولتين سبيله الوحيد.
وأشار الصفدي إلى أنّ المجموعة العربية الإسلامية ستواصل العمل مع الولايات المتحدة والشركاء في أوروبا على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، وثمّن دور الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أثمر اتفاق وقف إطلاق النار.
كما أكّد الصفدي ضرورة أن يكون هناك منظومة متكاملة بعد وقف إطلاق النار في غزة، تشمل إدخال المساعدات الإنسانية والتعافي المبكر، والأمن، والحوكمة، والأفق السياسي.
وشدّد الصفدي على ضرورة عدم السماح بتجزئة غزة، وقال “لا يمكننا السماح بتجزئة غزة، فغزة واحدة وهي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، ولأننا جميعًا نتفق على أنّ حل الدولتين هو السبيل الوحيد للسلام العادل والدائم الذي نرغب فيه جميعًا، ولكي يتحقق هذا الحل يجب أن تظلّ غزة والضفة الغربية جزءًا لا يتجزّأ من بعضهما البعض”.
وأشار الصفدي إلى تأكيد جلالة الملك عبد الله الثاني على أنّه لن يتم نشر قوات أردنية في غزة، ولفت إلى الدور الرئيس الذي قام به الأردن في أن يكون مركزًا لإيصال المساعدات إلى غزة، واستعداده لتدريب الشرطة الفلسطينية، والتعاون مع القوة الدولية التي يجب أن تشكّل بقرار لمجلس الأمن من حيث تقديم التدريب والمشاركة في القيادة والسيطرة وتقديم أيّ مساعدة ممكنة.
وشدّد على ضرورة وضع جدول زمني لانسحاب القوات الإسرائيلية التي ما تزال تسيطر على ٥٣ بالمئة من القطاع لأنّ بقاءها سيجعل الأمن مستحيلًا.
وقال الصفدي “بعد تحقيق الأمن في غزة يجب أن يتولّى الفلسطينيون حكم أنفسهم، وأنّ لجنة التكنوقراط التي يجري الآن النقاش حول تشكيلها يجب أن ترتبط بالسلطة الوطنية الفلسطينية”.
ولفت الصفدي إلى أهمية وجود بعثة مساعدة دولية ذات تفويض واضح لمساعدة الفلسطينيين في مواجهة التحديات العديدة من ضمنها إعادة الإعمار والتخطيط وبناء القدرات والمؤسسات.
وشدّد الصفدي على ضرورة إدامة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل كافٍ ومستدام ورفع إسرائيل العقبات أمام دخول المساعدات إلى القطاع، بحيث تتمكّن منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى من القيام بعملها وتوزيع المساعدات في غزة.
وجدّد الصفدي التأكيد أنّ استقرار الضفة الغربية المحتلة ركيزة لاستقرار غزة، “لأنّه مهما فعلنا في غزة، إذا تدهورت الأوضاع في الضفة الغربية فسوف يقوض كل شيء”.
وبخصوص السلطة الوطنية الفلسطينية، أكّد الصفدي ضرورة دعمها باعتبارها ممثّلًا للشعب الفلسطيني، وأشار إلى التزام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإجراء الإصلاحات.
وفيما يتعلق بسوريا ولبنان، أكّد الصفدي ضرورة دعم الحكومة السورية في عملية إعادة البناء على الأسس التي تضمن وحدة سوريا واستقرارها وسيادتها وسلامة أراضيها ومواطنيها، وشدّد على ضرورة وقف التدخلات والاعتداءات الإسرائيلية على سوريا والتي تؤدي إلى زعزعة استقرارها.
كما أكّد الصفدي ضرورة دعم وحدة لبنان وسيادته وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه ومواطنيه والحفاظ على استقرار مؤسساته.
إلى ذلك، وفي إطار مشاركته بأعمال الدورة الحادية والعشرين لحوار المنامة، التقى الصفدي مه عدد من نظرائه والمسؤولين المشاركين في الدورة الحادية والعشرين لحوار المنامة، وبحث معهم سبل تعزيز العلاقات الثنائية والتنسيق إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتطورات في المنطقة.
وقد التقى الصفدي مع وزير الخارجية الألماني يوهان دافيد فاديفول، ووزيرة الخارجية والتنمية البريطانية إيفيت كوبر، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني شائع محسن الزنداني، ووزير الخارجية اليوناني يورجوس يرابيتريتيس، ووزير الخارجية التشيكي يان ليبافسكي، ووزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس، ووزير الدولة لشؤون الدفاع السنغافوري زكي محمد، ووزير الداخلية والبلديات اللبناني أحمد الحجار، ومستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط آن كلير لوجندر.
وعقد الصفدي مباحثات مع سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى الجمهورية التركية والمبعوث الأميركي الخاص لسوريا توماس بارِك، لمتابعة خريطة الطريق الأردنية السورية الأميركية المشتركة لحل الأزمة في السويداء واستقرار الجنوب السوري التي تم إقرارها في ١٦ أيلول ٢٠٢٥.
كما عقد الصفدي لقاء مع المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر بيير كراهنبول، وبحث معه سبل تكاتف الجهود المبذولة لإيصال المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة لجميع أنحاء قطاع غزة.