الجزيرة:
2025-11-10@10:06:47 GMT

غزة: طريق طويل وشاق نحو التعافي

تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT

غزة: طريق طويل وشاق نحو التعافي

بعد عامين من الحرب الضروس في غزة، يقدم وقف إطلاق النار الهش- وهو المرحلة الأولى من خطة الرئيس ترامب المكوّنة من 20 نقطة- بعض الهدوء للسكان المنهكين.

بالنسبة لزملائي في الأونروا على الأرض في غزة، ربما تضاءل الخوف المستمر من القتل نتيجة الانفجارات والغارات، ولكن لا يزال هناك الكثير مما يدعو للقلق. إذ لا يزال الحصول على المأوى والغذاء والمياه النظيفة يمثل تحديا، والشتاء يقترب بسرعة.

لا وقت نضيّعه في معالجة الجوع والأمراض المنتشرة. إن حجم الصدمة الجسدية والنفسية هائل، والتوقعات بشأن الحصول على الرعاية الصحية والتعليم آخذة في الازدياد. وستحدّد الأسابيع والأشهر المقبلة ما إذا كان هذا المنعطف الحاسم سيؤدي إلى فجر جديد، أم سيكون مرحلة أخرى للمزيد من اليأس.

تمتلك الأمم المتحدة، بما في ذلك الأونروا، الخبرة والموارد اللازمة لتلبية الاحتياجات الإنسانية الحرجة بفاعلية وعلى نطاق واسع. ولكن يجب السماح لنا بالعمل بحرية واستقلالية، دون قيود تعسفية وغير معقولة على دخول الإمدادات والموظفين وتنقّلهم.

لن يكون طريق التعافي في غزة سهلا، فوقف إطلاق النار هشّ، إذ إن الانتهاكات شبه اليومية تختبر التزام الأطراف الضامنة له. وإن وقف إطلاق النار الذي يطيل غياب الحرب دون رسم طريق قابل للتطبيق نحو السلام، لن يؤدي إلا إلى تكرار أخطاء الماضي الكارثية. إن مستقبلا سلميا حقيقيا يتطلب استثمارا حقيقيا في حل سياسي نهائي للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني.

إن الأمن الأساسي ضروري لترسيخ التعافي. ويجب أن يدعم وقف إطلاق النار وجود قوة استقرار دولية، تكون مكلّفة بالحفاظ على التهدئة، وحماية البنية التحتية الحيوية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية. ستخلق هذه القوة المساحة اللازمة لإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية.

إن نجاح قوة الاستقرار الدولية، والانتقال من حالة الطوارئ إلى حالة الاستقرار، سيعتمد أيضا على تزويد سكان غزة بخدمات عامة موثوقة، ومسار موثوق للسلام، واحترام حقوق الإنسان. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال خدمة مدنية قادرة تحظى بثقة المجتمع.

إعلان

لقد رأينا سابقا عواقب التقليل من أهمية توفير خدمات عامة مستقرة وفعّالة، وكان ذلك أكثر وضوحا في العراق، عندما أدى تفكيك الإدارة المدنية في عام 2003 إلى خلق فراغ في الحكم جلب سنوات من عدم الاستقرار.

والدرس المستفاد واضح لا لبس فيه: يجب الحفاظ على المؤسسات العامة القادرة على تقديم الخدمات الأساسية للسكان المدنيين. يجب أن يكون المهنيون والإداريون وقادة المجتمع المحلي في غزة جزءا من الحل، لا أن يكونوا ضحايا لإعادة ترتيب الأمور السياسية.

وتتمتع الأونروا، بآلاف من موظفيها الفلسطينيين، وبالقدرة والخبرة والثقة المجتمعية اللازمة لتوفير الرعاية الصحية والتعليم والخدمات العامة الأخرى لسكان تعرّضوا للدمار. وعلى مدى عقود، شكّل معلمو الأونروا وأطباؤها ومهندسوها جزءا حيويا من نظام خدمات عامة فعّال للملايين من لاجئي فلسطين في غزة والمنطقة.

وفي رأيها الاستشاري، أكّدت محكمة العدل الدولية مجددا على مهنية موظفي الأونروا، وشدّدت على الدور الإنساني الذي لا غنى عنه للوكالة، وخلصت إلى أن الأونروا تظل جهة فاعلة محايدة ونزيهة.

وستكون خدمات الأونروا التعليمية، بما في ذلك برنامج حقوق الإنسان الذي يحظى بتقدير كبير، عاملا أساسيا في منع ظهور التطرّف، الذي يُغذّيه الحصار الشديد على غزة، والفظائع التي ارتُكبت خلال العامين الماضيين.

يعيش حاليا ما يقرب من 700 ألف طفل في سن الدراسة بين الأنقاض، محرومين ليس فقط من منازلهم وأحبّائهم، بل أيضا من التعليم، الذي كان دائما مصدرا للأمل والفخر. إن إعادة الأطفال إلى بيئة تعليمية هو استثمار في السلام والاستقرار في غزة والمنطقة ككل.

وإلى جانب جهود الإغاثة الإنسانية واستئناف الخدمات العامة، هناك حاجة أيضا إلى بيئة من الثقة تفتح الباب أمام الاستثمارات طويلة الأجل. يجب أن تكون الشركات والجهات المانحة على ثقة بأن السلام سيستمر، وأن جهود إعادة الإعمار لن تذهب سدى. يجب أن يطمئنوا إلى أنه لن تكون هناك انتكاسة إلى دورة أخرى من الدمار.

يحتاج سكان غزة إلى التزام بالحصول على حياة طبيعية، مع مساكن دائمة، ومستشفيات، ومدارس تعمل بشكل جيّد. إن إعادة إعمار غزة تعني استعادة الحكم الرشيد والعدالة، وتعزيز الاعتقاد بأن السلام لا يزال ممكنا في إطار حل الدولتين.

وهذا يتطلب ألّا يتحوّل "الخط الأصفر" للاتفاق- المرسوم من أجل التنسيق الأمني المؤقت- إلى مزيد من التجزئة بخط فاصل جديد داخل غزة وبين غزة والضفة الغربية.

أخيرا، يجب البدء دون تأخير في العمل الصعب والضروري للمصالحة. اليوم، الإسرائيليون والفلسطينيون جيران لم يعودوا يعرفون بعضهم بعضا، تفصل بينهم الحرب، والعزلة المتزايدة، وانعدام الثقة. وهذا أمر مأساوي وغريب في آن واحد، لأنهم يتشاركون تاريخا طويلا وعميقا من القمع والكرب والخسارة، لا يمكن لمعظمنا أن يتخيله أو يفهمه.

إن إعادة التواصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين تتطلّب تفكيك عملية التجريد الممنهج من الإنسانية، التي سمحت بارتكاب فظائع لا تُغتفر.

ويتطلّب الاعتراف بالقمع الذي عانى منه الفلسطينيون على مدى عقود، والصدمة الجماعية العميقة التي تسببت بها هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 داخل إسرائيل.

إعلان

ولتحقيق سلام دائم، يجب العمل بجدية على تحقيق العدالة والتعافي من قبل الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات إطلاق النار یجب أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

الوعد الزائف في وقف إطلاق النار بغزة

ترجمة: أحمد شافعي -

بعد أقل من شهر، يتعرض وقف إطلاق النار في غزة لضغط هائل. بل إن المرء ليتساءل، في واقع الأمر، إن كان غير قابل للإصلاح. فثلاثي الوساطة الأمريكية ـ أي نائب الرئيس جيه دي فانس، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر ـ لم يقدروا على كبح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن مهاجمة غزة مرتين في الأسابيع الماضية.

ولقد تعرض عشرات الفلسطينيين للقتل انتقاما من قيام عناصر مارقة من حماس والجهاد الإسلامي بالهجوم على أهداف تابعة للجيش الإسرائيلي أسفر عن مصرع وإصابة حفنة من الجنود الإسرائيليين.

فضلًا عن أنه سيكون من الصعوبة الشديدة، ما لم يكن من المحال، إقناع بلاد عربية وإسلامية بالإسهام بقوات في قوة إحلال الاستقرار الدولية في ظل الظروف الراهنة، وبخاصة لو أن عليهم أن يقاتلوا كوادر حماس من أجل نزع سلاحهم. ولذلك فإن مرحلة الهدنة التالية التي تتضمن نزع سلاح حماس وإقامة نوع من السلطة الحاكمة في غزة لتحل محلها تبدو الآن غير قابلة للتطبيق. ولهذا الاستنتاج المتشائم أسباب قريبة وأخرى بعيدة.

أولا، سوف يكون من المستحيل إقناع حماس بتسليم جميع أسلحتها والانسحاب إلى غياهب النسيان، وهذا مطلب إسرائيلي أساسي تقرّه الولايات المتحدة. فمن شأن التخلي عن السلاح أن يقوض سبب وجود حماس المعلن بوصفها منظمة مقاومة وطنية ملتزمة بمكافحة الاحتلال الإسرائيلي. وستكون حماس كمن يوقع شهادة وفاتها إن هي أذعنت. فضلا عن أنه في حال موافقة حماس غير المرجحة على هذا المطلب، فإن منظمات أخرى أشد راديكالية (من قبيل الجهاد الإسلامي الفلسطيني) سوف تظهر على الأرجح لتحل محلها.

ثانيا، يتبين من الرد العسكري غير المتناسب أن الحكومة الإسرائيلية لا تطيق صبرًا لاستئناف حملتها العسكرية في غزة. فلم يقبل نتنياهو وقف إطلاق النار إلا بسبب الضغط الهائل من الرئيس ترامب. لكن عددًا كبيرًا من أعضاء مجلسه الوزاري يعارضون وقف إطلاق النار ما لم يتم تدمير المقاومة المسلحة الفلسطينية وإعادة احتلال غزة بالكامل. فستظل الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى فرصة لاستئناف الحملة العسكرية في غزة من أجل تحقيق الأهداف القصوى التي حددها نتنياهو في مستهل الحرب. والواقع أن كثيرين في الحكومة ـ بمن فيهم الجيش ـ سوف يجدون هذا الخيار جذابا الآن وقد أطلقت حماس سراح جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء.

كما أن تطوير الـ 53% من مساحة غزة التي لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي المباشر وتحويلها إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» ـ بما يقر ضمنيا فكرة نقل السكان بأحجام كبيرة ـ قد يكون أمرا ذا جاذبية عظيمة لنتنياهو وحلفائه اليمينيين. وذلك يصب في الوقت نفسه في مصلحة نشطاء حماس؛ إذ يؤكد أسوأ مخاوف الفلسطينيين وهو أن الهدف الأساسي لإسرائيل والولايات المتحدة هو إخلاء غزة من سكانها وضمها إلى إسرائيل. وسوف يقوي ذلك عزيمة الفلسطينيين على معارضة الخطط الإسرائيلية والأمريكية ويساعد حماس على استعادة مصداقيتها لدى شعب غزة.

والأهم، في المدى البعيد، أن الترتيبات المقترحة في أعقاب الهدنة، إذا ما صمدت، تقوم على افتراض أن الهيمنة الإسرائيلية في الشرق الأوسط سوف تدوم. فلقد أدت نجاحات إسرائيل في تدمير قدرات حزب الله العسكرية، وحضورها الموسع في سوريا بعد الإطاحة بنظام الأسد الحاكم، وقدرتها بمساعدة أمريكا على إضعاف قدرات إيران النووية والصاروخية إضعافا كبيرا، وتدميرها شبه الكامل لغزة، أدى ذلك كله مجتمعا إلى تكوين صورة زائفة بأن إسرائيل قادرة على إعادة صوغ الشرق الأوسط ليلائم تفضيلاتها دونما معارضة ذات شأن. وبرغم وضعها العسكري الذي لا منافس له، تبقى إسرائيل عملاقا ذا قدمين من طين.

والسبب الأول لضعفها هذا هو قاعدتها الديمغرافية. إذ يبلغ عدد سكان إسرائيل، داخل حدود 1967، 9.6 مليون نسمة يشكل الفلسطينيون منهم 21% أو قرابة 1.9 مليون نسمة. وإجمالي عدد السكان الفلسطينيين، متضمنا سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، يبلغ 5.6 مليون نسمة. فإسرائيل الكبرى، وهي حلم نسبة كبيرة من الإسرائيليين والحكومة الراهنة بالقطع، ستكون ذات شعب مقسوم بالتساوي تقريبا بين اليهود والفلسطينيين. وإذن، فبحكم الوضع السكاني، من المحتم أن تكون دولة ثنائية القومية.

ومن شأن هذا أن يمثل لإسرائيل أزمة وجودية. إذ سيكون عليها أن تقبل الواقع السياسي والديمجرافي بوصفها دولة ثنائية القومية تكفل حقوقا متساوية لسكانها اليهود والفلسطينيين إذا ما أرادت أن تبقى بلدا ديمقراطيا مقبولا. وإلا فسوف يكون عليها أن تعترف علنا بأنها دولة أبارتيد تحظى فيها جماعة عرقية بالسيادة على جماعة أخرى، شأن جنوب أفريقيا في ظل حكم الأقلية البيضاء.

من شأن الخيار الأول أن يقضي على الحلم الصهيوني بدولة يهودية في قلب الشرق الأوسط. أما الخيار الثاني فإنه سوف يرسخ الوضع القائم، لكنه في الوقت نفسه سوف يفرض على إسرائيل طوفانا من العار الدولي. وأي من الخيارين سوف يتسبب في انقسام إسرائيل داخليا وعزلتها دوليا. وحفاظ دولة بهذا الوضع على الهيمنة في المنطقة وهي محاطة بمئات الملايين من الشعوب المعادية علنا أو ضمنا سيكون أمرا بالغ الصعوبة على المدى البعيد.

فضلا عن ذلك، جاءت هجمة سبتمبر الإسرائيلية على مفاوضي حماس في قطر، انتهاكا لوعدها بعدم الهجوم، لتقنع دول الخليج بأنها لا يمكن أن تعد إسرائيل صديقا، ناهيكم بكونها حليفا، موثوقا فيه. إذ يدرك حكام هذه البلاد الآن بأنها هي الأخرى قد تصبح أهدافا لهجمات إسرائيلية برغم بذلها الجهود من أجل تكوين صداقة وتعاون مع الدولة اليهودية، فكان هذا انتكاسا للحلم الإسرائيلي الأمريكي بتوسيع الاتفاقيات الإبراهيمية في الخليج.

وأخيرا، تسببت أفعال إسرائيل في غزة في تغير واسع النطاق في الرأي العام في الولايات المتحدة. وهذا أمر فائق الأهمية لأن طموح إسرائيل للسيطرة على الشرق الأوسط يقوم على افتراض بأنها سوف تحظى بدعم راسخ من واشنطن لكل أفعالها. وبرغم عدم وضوح الأمر عند النظرة الأولى، فإن تراجع الدعم الشعبي لإسرائيل في الولايات المتحدة منذور بأن ينعكس في السياسة الأمريكية في المستقبل غير البعيد كثيرا.

وبرغم أن دفع ترامب لنتنياهو لقبول خطة السلام لم يحقق جميع أهداف ترامب، فإن هذا الدفع قد يكون مؤشرا على القادم. لقد انكشف اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة أمام أعين الجميع حينما اتصل نتنياهو من البيت الأبيض برئيس الوزراء القطري ليعتذر له عن هجمة سبتمبر في الدوحة.

لم يكن الرأي العام الأمريكي قط معاديا لإسرائيل بمثل ما هو الآن. فقد تبين لاستطلاع رأي حديث أن قرابة 59% من الأمريكيين لديهم آراء سلبية في الحكومة الإسرائيلية. بل إن نسبة غير قليلة من اليهود الأمريكيين لديهم تحفظات كبيرة على أفعال إسرائيل في غزة. وأظهر استطلاع رأي حديث لواشنطن بوست أن 61% من اليهود الأمريكيين يرون أن إسرائيل اقترفت جرائم حرب في غزة، وأن 39% منهم يعتقدون أن إسرائيل ترتب إبادة جماعية.

يعتقد كثير من الأكاديميين الأمريكيين ـ ومنهم معظم الباحثين في الإبادة الجماعية ـ أن سياسات إسرائيل في غزة تتوافر على التعريف القانوني للإبادة الجماعية. ويصدق هذا على معظم منظمات حقوق الإنسان أيضا. باختصار، يتجه الرأي العام الأمريكي الآن هذه الوجهة السائدة في البلاد الأوروبية التي أرغمت كثيرا من الحكومات على الاعتراف بدولة فلسطين برغم اعتراضات إسرائيل والولايات المتحدة.

من المؤكد أن هذا التحول في الرأي العام سوف يؤثر في نهاية المطاف على صناع القرار في واشنطن، وبخاصة وأن قسمًا كبيرا من قاعدة ترامب المؤمنة بشعار ماجا يعارض قيام إسرائيل باجتذاب أمريكا إلى «حرب أبدية» أخرى.

من المؤكد أيضا أن الدعم الأمريكية له أهمية حيوية بالنسبة لإسرائيل وقد تجلى هذا بوضوح باعتمادها الحيوي على واشنطن في محاولتها تقليل قدرات إيران النووية. فقد كان استعمال القنابل الأمريكية الخارقة للتحصينات في الهجوم على المنشآت النووية هو الذي أنهى الحرب بين إسرائيل وإيران لصالح إسرائيل.

وبوسع تغيير كبير في نهج واشنطن تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والشرق الأوسط بعامة أن يغير المعادلة كاملة بين إسرائيل وجيرانها. وتتأكد هذه النتيجة بحقيقة أن للولايات المتحدة مصالح استراتيجية واقتصادية كبيرة في الشرق الأوسط، وقد ظلت هذه المصالح حتى الآن في مرتبة تالية للدعم الثابت لإسرائيل. وقد يتغير هذا بسهولة في ظل الرئيس ترامب، نظرا لاتباعه في العلاقات الدولية نهج إبرام الصفقات ولإيمانه بعقيدة «أمريكا أولا»، فتأتي مصالح الحلفاء في مرتبة ثانوية بعد الأهداف الأمريكية، إن لم تعد غير ذات أهمية أصلا. ولو أن ترامب قادر على تطبيق هذا المنطق على أوروبا اليوم، فقد يطبقه على الشرق الأوسط غدا بكل يسر.

فضلا عن ذلك، في ظل تقليل قدرات إيران النووية والصاروخية وتفكك محور المقاومة التابع لقيادة طهران، فإن قيمة إسرائيل الاستراتيجية لدى واشنطن تقلصت. والواقع أن بعض الدوائر بدأت ترى في إسرائيل عقبة دون تحقيق أهداف أمريكا الاستراتيجية والاقتصادية الكبرى. ودونما دعم غير مشروط من أمريكا، سوف تتحطم أحلام إسرائيل في الهيمنة الإقليمية بلا رجاء في إصلاحها.

ليست الهدنة الهشة في غزة بداية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ناهيكم بإعادة تنظيم المنطقة. فهي تعتمد اعتمادا كبيرا على الهيمنة الإسرائيلية المستدامة المستندة إلى دعم أمريكي راسخ، وهي ظروف لم يعد بالإمكان حسبانها ظروفا دائمة.

محمد أيوب أستاذ فخري في العلاقات الدولية بجامعة ميشيجن

الترجمة عن ذي ناشونال إنتريست

مقالات مشابهة

  • تحذير أممي من تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة مع اقتراب الشتاء
  • رغم إتّفاق وقف إطلاق النار... لماذا لم تُوقف إسرائيل هجماتها على لبنان؟
  • حماس: يجب إيجاد حل لضمان استمرار وقف إطلاق النار في غزة
  • واشنطن تتولى الإشراف على مساعدات غزة
  • الوعد الزائف في وقف إطلاق النار بغزة
  • تنسيق أمريكي ـ إسرائيلي لإدارة المساعدات الإنسانية في غزة
  • طالبان: لم ننتهك وقف إطلاق النار وسنواصل الالتزام به
  • أفغانستان تعلن فشل "مفاوضات السلام" مع باكستان
  • الأمم المتحدة تأسف لبطء دخول المساعدات إلى غزة