هل بدأت ألمانيا فعلا الاستعداد لترحيل السوريين إلى وطنهم؟
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
استقبلت ألمانيا خلال موجات اللجوء من الشرق الأوسط أعدادا كبيرة من الفارين من الحروب، وكان السوريون في مقدمتهم بحثا عن الأمان وفرص الحياة المستقرة، غير أن مستقبلهم بات اليوم غامضا بعد إعلان الحكومة الألمانية، التي تبنت سياسات أكثر تشددا في ظل صعود اليمين المتطرف، أن الوقت قد حان لعودة جزء منهم إلى سوريا، سواء بشكل طوعي أو عبر الترحيل الإجباري.
خلال ذروة أزمة اللاجئين بين عامي 2015 و2016، استقبلت ألمانيا نحو مليون سوري في عهد المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، فيما يعيش اليوم في البلاد ما يقارب 1.3 مليون لاجئ، من بينهم نحو 25 ألفاً وُلدوا على الأراضي الألمانية.
ويدعو المستشار فريدريش ميرز وعدد من المحافظين في حكومته الائتلافية إلى إعادتهم إلى وطنهم.
وأكد ميرز هذا الأسبوع أن برلين ستتعامل مع المسألة "بشكل جدي"، موضحاً أنه "لم يعد هناك أي أساس للجوء في ألمانيا، وبالتالي يمكننا البدء بعمليات الإعادة إلى أوطانهم".
وأوضح أن الحكومة ستركز أولا على العودة الطوعية، لكنه أضاف أن من يرفضون "يمكن بالطبع ترحيلهم في المستقبل القريب"، مشيرا إلى أن عودة السوريين إلى وطنهم ضرورية لإعادة إعمار البلاد، كما كشف عن دعوته للرئيس السوري أحمد الشرع إلى زيارة برلين لمناقشة القضية.
وأشار ميرز إلى أن ما تغير في سوريا هو غياب حكومة الأسد، ما أنهى سنوات من الحرب الأهلية، في حين يسعى ائتلافه لمواجهة تصاعد نفوذ حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف.
ورغم تصريحات ميرز، ما زال غير واضح مدى اتساع عمليات الترحيل، إذ لم تُعلن برلين سوى عن نيتها ترحيل السوريين من أصحاب السوابق الجنائية، ومنذ سقوط نظام الأسد، عاد نحو 1300 سوري فقط إلى بلادهم طوعاً، أي ما يعادل 0.1 بالمئة، وفق وزارة الداخلية الألمانية.
ويعيش السوريون في ألمانيا في أوضاع قانونية مختلفة، إذ حصل بعضهم على الجنسية الألمانية، بينما يملك آخرون تصاريح إقامة دائمة.
وذكرت "دويتشه فيله" أن أكثر من 160 ألف سوري حصلوا على الجنسية حتى نهاية عام 2023. وأوضح سياسيون من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي خلال نقاش داخل الائتلاف الحاكم أن من يملكون هذه الصفة لن يُجبروا على مغادرة ألمانيا، وفق ما نقلته "رويترز".
في المقابل، يحمل مئات الآلاف تصاريح إقامة مؤقتة تُمنح بعد الحصول على وضع الحماية، سواء كلاجئ أو كمستفيد من الحماية الفرعية، عندما لا تتوافر شروط اللجوء الكامل، وتسمح هذه التصاريح بالإقامة والعمل وتلقي المساعدات الحكومية، لكنها لا تضمن البقاء الدائم في البلاد.
وتبقى مسألة الإعادة إلى الوطن موضع جدل قانوني وإنساني واسع، في ظل استمرار معاناة سوريا من آثار الحرب، ما يثير القلق لدى المواطنين الألمان والسوريين على حد سواء.
وقالت المهندسة المعمارية رفيف داود، المقيمة في برلين منذ أكثر من 12 عاماً والتي حصلت على الجنسية الألمانية، إن تصريحات ميرز "تؤجج رغبات اليمين في ترحيل أي شخص لا يتوافق مع تصورهم للانتماء إلى ألمانيا"، ووصفت ذلك بأنه "مرعب".
وأضافت أنها تعرف بعض من عادوا طوعا، لكن "الحديث عن إعادة أشخاص اندمجوا في المجتمع ويعتبرون ألمانيا وطنهم الوحيد أمر مخزٍ للغاية".
في المقابل، عبّر آخرون عن قلقهم من الوضع السياسي في سوريا، حيث قال مهندس متقاعد يقيم في ألمانيا دون أن يحمل جنسيتها إن الإطاحة بحكومة الأسد كانت "ضرورة تاريخية"، لكنه تساءل عن طبيعة البديل، مضيفا: "علينا أن نتساءل ما إذا كانت البلاد تتجه نحو نظام يحترم الحريات والمبادئ الإنسانية أم أن الديكتاتورية تُعاد إنتاجها بشكل مختلف".
ومنذ الإطاحة بالأسد، اندلعت مواجهات طائفية عنيفة في سوريا، شملت اشتباكات بين قوات الأمن والموالين للنظام السابق، لا سيما في منطقة اللاذقية في آذار/مارس الماضي.
وقال الناشط السياسي السوري أكرم البني، الذي سُجن في عهد الأسد، في حديث لشبكة CNN، إن على الحكومة الألمانية أن تراعي طبيعة السلطة الجديدة في سوريا، محذرا من احتمال تعرض كثير من السوريين لاضطهاد جديد، مشيراً إلى أن "الأسلحة ما زالت في أيدي الفصائل المتطرفة وخارجة عن السيطرة".
وفي السياق ذاته، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول، المنتمي لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة ميرز، خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق، إن الدمار الذي شاهده يذكره بـ"صور ألمانيا عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية"، وأعرب عن شكوكه في إمكانية عودة أعداد كبيرة من السوريين طوعا.
وبعد انتقادات من داخل حزبه، أوضح فادفول أن تصريحاته لا تتعارض مع الموقف الرسمي للحكومة.
وانتقد سياسيون من اليسار الألماني هذه التوجهات، إذ قالت لمياء قدور من حزب الخضر في مقابلة مع مجلة "دير شبيغل" إن "الاعتقاد بإمكانية الترحيل الجماعي إلى سوريا الآن يتجاهل الواقع القائم هناك".
كما أعربت جمعية منظمات الإغاثة الألمانية السورية عن رفضها لخطط الحكومة، حيث قالت رئيستها نهلة عثمان في حديث لإذاعة "دويتشلاند فونك" إن النقاش الحالي "يُشكّل ضربة قاسية للسوريين المندمجين في المجتمع الألماني، بمن فيهم أصحاب الكفاءات والعمال المهرة".
ووفق الأرقام الرسمية، يعمل في قطاع الصحة الألماني أكثر من 6000 طبيب سوري، ما يجعلهم جزءاً محورياً من النظام الصحي في البلاد، وكانت وزيرة الداخلية السابقة نانسي فايسر قد حذرت أواخر العام الماضي من أن "مناطق كاملة في قطاع الرعاية الصحية ستنهار إذا غادر السوريون العاملون حالياً".
ورغم الاعتراضات، تشير المعطيات إلى أن حقبة "ثقافة الترحيب" التي رافقت سياسات ميركل قد انتهت، فقد جاء حزب "البديل من أجل ألمانيا" في المركز الثاني في انتخابات شباط/فبراير الفيدرالية، محققاً تقدماً غير مسبوق بفضل حملته المناهضة للهجرة وشعاره "الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا"، ومنذ سقوط نظام الأسد، دعا الحزب مرارا السوريين في ألمانيا إلى العودة إلى بلادهم.
وفي ظل تصاعد شعبيته، وجد ائتلاف ميرز نفسه مضطرا لاتخاذ موقف أكثر تشددا في قضايا الهجرة لمواجهة نفوذ اليمين المتطرف، وبعد أن كانت ميركل قد تبنت شعار "سندير الأمر"، أعلن ميرز عن مراجعات شاملة لسياسة الهجرة فور توليه منصبه، قائلا: "من الواضح أننا لم ننجح في ذلك، ولهذا نحاول الآن إصلاحه".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية اللجوء سوريا الهجرة سوريا المانيا لجوء الهجرة أخبار المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی ألمانیا فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
إجلاء أكثر من مليون شخص بالفلبين مع اقتراب إعصار فونغ وونغ
لقيت امرأة عمرها 64 عاما مصرعها أثناء محاولتها الفرار مع أسرتها من الفيضانات في مقاطعة سامار الشرقية، مع اقتراب الإعصار فائق القوة "فونغ وونغ" من سواحل الفلبين، في وقت شرعت فيه السلطات بإجلاء أكثر من مليون شخص من مناطق عدة تحسبا لكارثة محتملة.
وقالت السلطات المحلية، إن المرأة جرفتها المياه أثناء الإجلاء، في وقت عُثر لاحقا على جثتها، لتكون أول ضحية للإعصار الذي يهدد مناطق واسعة من البلاد.
وأكدت هيئة الدفاع المدني الفلبينية أن عمليات الإجلاء شملت نحو 1.2 مليون شخص من المناطق الشرقية والشمالية، في وقت حذّر وزير الدفاع، غلبرت تيودورو، من أن الإعصار قد يؤثر على نحو 30 مليون شخص، بمن فيهم سكان العاصمة مانيلا.
ويضرب الإعصار "فونغ وونغ" البلاد محمّلا برياح سرعتها تصل إلى 230 كيلومترا في الساعة، وأمطار غزيرة قد تتجاوز 200 مليمتر، ما ينذر بفيضانات مدمّرة وانهيارات أرضية، خصوصا في المناطق الجبلية والمنخفضة.
إلغاء الرحلات وإغلاق المدارسوقالت هيئة الطيران المدني، إنها ألغت أكثر من 300 رحلة جوية داخلية ودولية، في وقت أعلنت السلطات إغلاق المدارس والمرافق الحكومية الاثنين في عدد من المقاطعات، بما فيها العاصمة.
ونقل شهود عيان من جزيرة كاتاندوانيس شمال شرقي البلاد، أن الأمواج بدأت تتلاطم بشدة منذ صباح الأحد، في حين اجتاحت الرياح العاتية المنازل واقتلعت الأشجار وأسطح الأبنية.
وأوضح خبير الأرصاد الجوية الحكومي بنسون إستاريخا، أن الإعصار قد يحدث فيضانات واسعة حتى في المناطق المرتفعة، محذرا من احتمال امتلاء الأحواض المائية الرئيسية وانهيار بعض السدود.
ويأتي "فونغ وونغ" بعد أقل من أسبوع على إعصار "كالمايغي"، الذي أودى بحياة أكثر من 224 شخصا قبل أن يتجه نحو فيتنام، ليصبح أعنف إعصار يضرب الفلبين هذا العام.
ويذكر أن البلاد تشهد سنويا نحو 20 إعصارا، وغالبا ما تكون المناطق الفقيرة الأكثر تضررا، في حين يحذّر العلماء من أن تغير المناخ يزيد من قوة وتكرار هذه العواصف المدمّرة في منطقة جنوب شرق آسيا.
إعلان