يومًا بعد آخر، تسعى أبو ظبي لتمتين العلاقات مع الدولة العبرية، فقد شرعت مؤخراً في بناء سفارتها في مدينة "هرتسليا" بناءً على طلب من مكتب نتنياهو، لتصبح بذلك أول دولة خليجية تقيم سفارتها في تلك المدينة.

رجّحت الإمارات أنها ستمتنع عن المشاركة في قوة الاستقرار الدولية في غزة، وعزت ذلك إلى عدم وجود إطار واضح لعمل القوة، حسبما أوضح المستشار الرئاسي أنور قرقاش خلال منتدى في أبوظبي.

وقال قرقاش إن بلاده "لا ترى حتى الآن إطار عمل واضح لقوة حفظ الاستقرار، وفي ظل هذه الظروف، لن تشارك على الأرجح في مثل هذه القوة"، ثم استدرك قائلًا: "لكنها ستدعم جميع الجهود السياسية الرامية إلى السلام، وستظل في طليعة الدول التي تقدّم المساعدات الإنسانية"، مشيرًا إلى أن الإمارات قدمت حتى الآن مساعدات تجاوزت 2.57 مليار دولار لدعم غزة.

ويأتي هذا التحوّل معاكسًا لمسار الخطة الأمريكية التي اقترحت أن تضم القوة كلًا من مصر وقطر وتركيا، إلى جانب الإمارات، الدولة التي تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بموجب اتفاقيات أبراهام عام 2020.

ومن المقرر أن تتولى هذه القوة إدارة شؤون غزة، وينتظر أن يمنحها مجلس الأمن تفويضًا لمدة عامين قابلين للتجديد، يمهد لانتشارها على الأرض في يناير المقبل.

موقف يستحق التوقف عنده

مع ذلك، فإن امتناع الإمارات في اللحظة الأخيرة عن المشاركة في القوة يمثل موقفًا يستدعي التوقف والتأمل، لا سيما وأنها الدولة الخليجية التي يعوّل عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لقيادة هذه المرحلة.

وتأتي أهمية هذا الموقف في ضوء العلاقة المتينة التي نسجتها أبوظبي مع إسرائيل منذ توقيع اتفاقية التطبيع، حيث توسّع التعاون الثنائي ليشمل مجالات متنوعة، بما في ذلك توقيع اتفاقية تجارة حرة تُخفّض أو تلغي الرسوم الجمركية على 96% من السلع المتبادلة.

ولم يتوقف هذا الدعم عند حد الاقتصاد، بل تجاوزه إلى المجال العسكري، حيث شاركت طائرات إماراتية مقاتلة في تدريبات متعددة الجنسيات إلى جانب القوات الأمريكية والإسرائيلية، حتى أثناء الحرب على غزة.

وكانت تقارير قد أشارت إلى أن الإمارات قدمت دعماً لإسرائيل، عبر دعمها لمليشيا "أبو الشباب"، المتمردة على حماس في قطاع غزة، والتي تسيطر على منطقة رفح بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي.

15 سبتمبر 2020 – توقيع اتفاقيات أبراهام في واشنطن بحضور نتنياهو وترامب ووزيري خارجية البحرين والإمارات. Alex Brandon/ AP

وذكرت التقارير أن سيطرة "أبو الشباب" على معبر رفح ترتبط بالدور الذي منحته إسرائيل لأبوظبي سابقًا، بما في ذلك امتيازات خاصة لإدخال المساعدات إلى القطاع، فهي كانت من بين الجهات الدولية القليلة المسموح لها بإدخال شحنات نقدية مباشرة إلى المؤسسات المحلية.

ويومًا بعد آخر، تسعى أبو ظبي لتمتين العلاقات مع الدولة العبرية، فقد شرعت مؤخراً في بناء سفارتها في مدينة "هرتسليا" بناءً على طلب من مكتب نتنياهو، لتصبح بذلك أول دولة خليجية تقيم سفارتها في تلك المدينة.

ويمكن القول إن كل ما ذكر، يجعل السؤال أكثر إلحاحًا: لماذا تمتنع أبو ظبي عن المشاركة في القوة الآن؟

Related كوشنر يصل تل أبيب لمتابعة خطة ترامب.. الإمارات تستبعد المشاركة في القوة الدولية في غزةاستثمار ضخم في الإمارات.. مايكروسوفت تُنفّذ خطة بـ15.2 مليار دولار لتطوير الذكاء الاصطناعيصفقات بملايين الدولارات.. كيف أصبحت الإمارات بوابة ترامب الجديدة لتوسيع نفوذه؟ الأسباب المرجحة

1- تعرض القوات الإماراتية للأذى: عزا معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي تراجع أبوظبي عن موافقتها السابقة إلى خوف من تعرض قواتها للأذى، أو من أن يعتبر البعض أنها تخوض حرب إسرائيل بالنيابة عنها.

2- التنافس بين الدول الخليجية وعدم الرضا عن الدور الممنوح لقطر: في وقت سابق، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية مقالًا للباحث الدكتور يوئيل غوزنسكي من معهد دراسات الأمن القومي، أشار فيه إلى وجود منافسة بين الدول الخليجية بشأن مستقبل غزة.

وأوضح المقال أن الدولة العبرية تتوقع أن تكون السعودية والإمارات هما القوتان الرئيستان في قيادة عملية إعادة إعمار غزة، لكن الدولتان تضعان شروطًا مسبقة للمشاركة تشمل: تفكيك القدرات العسكرية لحركة حماس، وإنشاء نظام حكم جديد لا تكون فيه الحركة الفلسطينية في السلطة، مما يعني دورًا أقل لقطر وتركيا.

وأضافت الصحيفة أن البلدين يعتبران إعادة إعمار غزة جزءًا من منظومة أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الفلسطيني، وأن غياب زعماء السعودية والإمارات، عن قمة شرم الشيخ، او إرسال نواب عنهم في حالة الأخيرة، يُعد إشارة إلى عدم رضاهم عن الخطة الأمريكية وعن المكانة الممنوحة للدوحة وأنقرة.

لذلك، يأتي تصريح أبوظبي في هذا التوقيت ليكون بمثابة ورقة ضغط لتحديد موقعها في الترتيبات الإقليمية المستقبلية، ويمكن تفسيره بالعوامل التالية:

أ. تثبيت النفوذ وسط تغير المشهد الإقليمي: يشكل التقارب الأمريكي-القطري، الذي ازداد بعد الضربة الإسرائيلية التي استهدفت حماس في الدوحة، تحديًا للنفوذ الإماراتي، كما أن التصريح تزامن مع مفاوضات يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع إدارة ترامب قبل زيارته للبيت الأبيض.

ب. مرونة في التصريح: إبقاء خيار المشاركة مفتوحًا دون نفي قاطع يمنح أبوظبي مساحة للمناورة، ويهدف إلى زيادة قيمة مساهمتها المحتملة في أي ترتيب أمني مستقبلي والتفاوض من موقع قوة.

3- عدم وضوح إطار عمل خطة الاستقرار: رغم حديث ترامب بإيجابية عن قوة الاستقرار الدولية، فإن مسار عملها لا يزال غير واضح، وهو ما أثار تخوفات مصرية من إمكانية حدوث صدامات على الأرض بين الدول المشاركة، التي يبدو أن تفويضها سيكون كبيرًا إلى الحد الذي يمكن فيه أن تساهم في نزع سلاح حركة حماس، ما يرفع من خطر حدوث تصادم معها.

فبحسب مسودة البنود الأمريكية التي حددت مهام القوة، ووفق موقع "أكسيوس" الذي اطلع عليها سابقًا: ستعمل هذه القوى على "استقرار الأوضاع الأمنية عبر ضمان نزع سلاح الفصائل المسلحة، بما في ذلك تدمير البنية التحتية العسكرية لحركة حماس ومنع إعادة بنائها، وإنهاء امتلاك الأسلحة من قبل الجماعات غير الحكومية بشكل دائم".

ويشير ذلك إلى أن التفويض يمنح القوة صلاحية نزع سلاح حماس بالقوة إذا رفضت القيام بذلك طوعًا، مع إمكانية توسيع مهامها عند الحاجة لدعم "اتفاق غزة".

ويرى مراقبون أن الترتيبات بشأن ذلك قد تكون معقدة، خاصة في ظل رفض إسرائيلي للعرض على مجلس الأمن، ومشاركة تركيا بالقوات، واحتمال ظهور "فيتو" روسي–صيني حال وجود تحفظات فلسطينية.

4- عدم قيام دولة فلسطينية: وهو يمكن أن يكون السبب الأقل ترجيحًا، لكن وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان كتب في وقت سابق على منصة "إكس" إن "دولة الإمارات غير مستعدة لدعم اليوم التالي للحرب في غزة دون إقامة دولة فلسطينية".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة اتفاق التطبيع الإماراتي-الإسرائيلي حركة حماس الإمارات العربية المتحدة حروب غزة إسرائيل اعلان اعلان اخترنا لك إسرائيل تحدد هوية جثة رهينة سلّمتها حماس.. وغوتيريش: الوضع في غزة "هش للغاية" فرنسا: إصابة 10 أشخاص في حادث دهس بجزيرة أوليرون.. والتحقيق مستمر في الدوافع "صفعة لترامب": ممداني يظفر برئاسة بلدية نيويورك.. والديمقراطيون يحسمون نيوجيرسي وفرجينيا السعودية على أعتاب صفقة "إف-35".. نهاية التفوّق الجوي الإسرائيلي في الشرق الأوسط؟ بين القصف واعتقال مادورو.. خطط واشنطن تجاه فنزويلا تدخل مرحلة "الحسابات الثقيلة" اعلان اعلان الاكثر قراءة 1 شهرٌ على وقف إطلاق النار في غزة: حماس تسلم رفات الضابط هدار غولدن و3 غارات إسرائيلية على جنوب لبنان 2 القطار الأسطوري "أورينت إكسبريس" يعود إلى باريس في معرض يحتفي بمرور 100 عام على "آرت ديكو" 3 اكتشاف وكر عملاق يضم أكثر من 110 آلاف عنكبوت في كهف على الحدود بين ألبانيا واليونان 4 حماس تعلن العثور عليه.. من هو هدار غولدن الذي فشلت إسرائيل في الوصول إلى رفاته طيلة 11 عامًا؟ 5 "انتصار سياسي" لأوربان.. ترامب يعفي المجر من القيود المفروضة على واردات الطاقة الروسية اعلان اعلان

Loader Search

ابحث مفاتيح اليوم

الصحة دونالد ترامب دراسة بحث علمي سوريا طب دماغ غزة إسرائيل الإغلاق الحكومي أحمد الشرع عاصفة الموضوعات أوروبا العالم الأعمال Green Next الصحة السفر الثقافة فيديو برامج خدمات مباشر نشرة الأخبار الطقس آخر الأخبار تابعونا تطبيقات تطبيقات التواصل الأدوات والخدمات Africanews عرض المزيد حول يورونيوز الخدمات التجارية الشروط والأحكام سياسة الكوكيز سياسة الخصوصية اتصل العمل في يورونيوز صحفيونا لولوجية الويب: غير متوافق تعديل خيارات ملفات الارتباط تابعونا النشرة الإخبارية حقوق الطبع والنشر © يورونيوز 2025

المصدر: euronews

كلمات دلالية: الصحة دونالد ترامب دراسة بحث علمي سوريا طب الصحة دونالد ترامب دراسة بحث علمي سوريا طب حركة حماس الإمارات العربية المتحدة حروب غزة إسرائيل الصحة دونالد ترامب دراسة بحث علمي سوريا طب دماغ غزة إسرائيل الإغلاق الحكومي أحمد الشرع عاصفة المشارکة فی سفارتها فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

رويترز: أذربيجان لن تشارك في قوة حفظ سلام بغزة إلا بعد وقف كامل للقتال

قال مصدر في وزارة الخارجية الأذربيجانية إن بلاده لا تعتزم إرسال قوات حفظ سلام إلى قطاع غزة إلا في حال توقف القتال بشكل كامل بين إسرائيل وحركة (حماس). 

حماس تعلق على انضمام كازاخستان إلى "الاتفاق الإبراهيمي" الصليب الأحمر في طريقه إلى قطاع غزة لتسلم رفات أحد الرهائن من حماس

ويأتي ذلك في إطار المناقشات الدولية حول إنشاء قوة لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة.

وأوضح المصدر أن “أذربيجان لا تريد تعريض قواتها للخطر، ولن تنظر في أي مشاركة عسكرية إلا بعد وقف تام للأعمال القتالية”، مشيرا إلى أن أي قرار بهذا الشأن يتطلب موافقة البرلمان الأذربيجاني.

وأضاف رئيس لجنة الأمن في البرلمان أن اللجنة لم تتلق حتى الآن أي مشروع قانون يتعلق بإرسال قوات إلى غزة، مؤكدا أن أي خطوة من هذا النوع “ستخضع لنقاش واسع داخل المجلس الوطني”.

وتأتي التصريحات الأذربيجانية في وقت تجري فيه الولايات المتحدة محادثات مع عدد من الدول، بينها أذربيجان وإندونيسيا والإمارات ومصر وقطر وتركيا، حول مساهمات محتملة في تشكيل قوة دولية لتحقيق الاستقرار في غزة قوامها نحو 20 ألف جندي، ضمن خطة سلام أمريكية جديدة طرحها الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب الجارية.

ويفوض مشروع القرار الأمريكي المقترح في مجلس الأمن الدولي هذه القوة بـ“استخدام كل التدابير اللازمة”، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية عند الضرورة، لتنفيذ مهامها في حفظ الأمن ومنع تجدد القتال داخل القطاع.

مقالات مشابهة

  • الإمارات ترجح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة
  • بلدية غزة: تراكم 70 مليون طن ركام.. وتدمير 85% من البنية التحتية
  • الإمارات: لن نشارك في قوة حفظ الاستقرار بقطاع غزة
  • قرقاش: الإمارات على الأرجح لن تشارك بقوة حفظ الأمن في غزة
  • إعلام عبري: إسرائيل لا تستبعد أن تضغط واشنطن للسماح لعناصر حماس بمغادرة المنطقة
  • دبلوماسي فلسطيني سابق: القوة الدولية ستكون بقيادة أمريكية لضمان الاستقرار وإعادة الإعمار في غزة
  • رويترز: أذربيجان لن تشارك في قوة حفظ سلام بغزة إلا بعد وقف كامل للقتال
  • الجبهة الشعبية تؤكد رفضها للمشروع الأمريكي بخصوص القوة الدولية في غزة
  • الشعبية: نرفض مشروع القرار الأميركي بشأن القوة الدولية في غزة