د. عصام محمد عبد القادر يكتب: خلق السعادة
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
البحث عن السعادة، أو العمل على إيجادها، أو ابتكار أسبابها، أو تدشين مقوماتها، أمرٌ يملكه الإنسان إذا ما فقه أنها من مكملات النضج، ومن دعائم الاستقرار النفسي، ومن أعمدة الإيجابية التي بواسطتها يمكنه أن يستكمل مسار حياته؛ فيعمر، ويبني، ويشيد، ويبدع، ويصل من خلال ذلك إلى المقدرة على توفير مقومات جودة الحياة الكريمة، وبالطبع يقوم ذلك في مجمله على الرضا والراحة النفسية التي تؤدي به إلى الاستقرار.
عندما نقرر أن نخلق سعادتنا، فإن هذا يعني ببساطة تقبلنا لقيم الخير، وهجرَنا لكافة مظاهر الشر، وهذا يؤكد توافر المصالحة الداخلية مع النفس، وأيضًا مع الغير، وهو ما يعني تحقيق فلسفة التوازن بين المظهر والجوهر، وبين ما لدينا من أفكار بنّاءة، وممارسات سوية، ووجدانيات توصف بالراقية في مجملها، وفي خضم ذلك تُشاهَد ملامحُ دالةٌ على السعادة؛ حيث الابتسامة الصادقة والبريئة، والحديث الطيب الحسن في تراكيبه، وشغف الإنجاز لمهام يُستشعَر المسؤوليةُ حيالها.
خلق السعادة يقوم على فلسفة الإيمان التي تتملّك نوازع ووجدانيات الإنسان فينا؛ فعبر هذه البوابة تتفجّر ينابيع البهجة، وعلى عتبتها تستقر خفقات القلوب، حيث الثقة المطلقة في المقادير التي يكتبها الله – تعالى – لنا. وهذا يجعلنا نشعر بالأمل مهما زادت التهديدات والمخاوف أو المخاطر؛ لأن سكون الروح يُعدّ سياجًا منيعًا يؤدي إلى تحسين النظرة للأمور؛ إذ نخرج من الأزمة والمحنة بالمنحة، التي تجعل الإنسان شديد الهمة، صافي النفس، لا تنال منك تقلبات الدهر ونوازله؛ فلديه رصيد من السعادة يمنحه موفور الرضا المستدام.
إيجاد السعادة يستلزم الإيجابية في التفكير؛ حيث التفاؤل باعتباره منهجية لا يتم التنازل عنها، وهذا يشكّل صورة صحيّة وصحيحة عن إدراك الإنسان لبواطن الأمور، ويبرهن على مقدرته في إيجاد الحجج والتفسيرات، التي من شأنها أن تخلق لغة المنطق في تناول سجايا القضايا التي يتعرض لها؛ ومن ثمّ، تصبح القلوب في حالة من الطمأنينة، ولا تنال منها سلبيات الهموم، ولا تؤثر عليها ضغوط الحياة المعتادة، بل تبحث دومًا عن العطاء الذي يزيد من بهجتها ويمنحها المقدرة على توليد الطاقة في سياقها المتجدّد.
صناعة السعادة تمنحنا المقدرة على خلق علاقات إنسانية سوية، تزداد قوتها بمرور الزمن والحدث؛ إذ إن الأثر الباقي في النفوس مرهون بالنوايا والممارسات، التي يتبناها الإنسان منا؛ فحين نستطيع أن نُفعِّل لغة التفاهم فيما بيننا، فإن الأمر يورث في قلوبنا المحبة والمودة، والسعي لتمديد الوصال في إطاره المستدام، وهذا يجعلنا قادرين على التفاعل مع الآخرين؛ فنشعر بفرحهم ونبتهج، ونعذر حزنهم ونقدّر مسبباته، ومن ثم يحدث القبول الذي يجعل الأرواح تتآلف ولا تتفارق، أو تتنافر.
منبع السعادة يكمن في مقدرتنا على تحقيق الذات من خلال ما نقوم بإنجازه، وهذا من وجهة نظري يشكّل قمة النضج الإنساني؛ لارتباطه بفلسفة الاستخلاف المرهونة بالإعمار، وهناك من يُطلق عليها "اللذة الدائمة"، إذ يجد الفرد نفسه، ويحاول أن يطوّر من ذاته، ويتقبّل دروب التقييم بغية أن يستثمرها في التحسين، وهنا المجال يسمح لنا بضرورة التأكيد على العمل الجاد؛ حيث بذل أقصى ما في الجهد بكل تفانٍ وإخلاص؛ لنصل إلى الغايات التي رسمناها، ومن ثمّ نتابع مسيرة العطاء؛ كي نترك الأثر الذي يستمد منه الأجيال – تلو الأجيال – مقدرتهم على استكمال نهضتهم.
السعادة تعطينا المعنى للحياة، وهنا ينبغي أن نتحدث عن قضية الموازنة بين مطالب الوجدان والبنيان، فلا يجور أحدهما على الآخر، لنضمن ماهية الصحة النفسية العامة، التي تُعد دافعًا لاستلهام الطاقة؛ إذ يتآلف الإنسان منا مع كيانه والآخرين أيضًا، وفي ضوء ذلك تتناغم أرواحنا مع ما نقوم به من ممارسات ومناشط مختلفة، ومن ثمّ تتنامى مشاعر الرقي، فنحاول أن ننسجم مع كل ما يأخذنا إلى مسارات تُدخل على أفئدتنا السعادة بمعناها العميق الذي لا ينطفئ سراجها.. دمتم سعداء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السعادة الإيجابية ومن ثم
إقرأ أيضاً:
الشناوي قبل قمة الزمالك: سنعود بلقب كأس السوبر إلى مصر.. وهذا ما حدث مع مشجع الأهلي
أكد محمد الشناوي حارس مرمى الأهلي، جاهزية فريقه لمواجهة الزمالك غدًا في نهائي كأس السوبر المصري للأندية الأبطال، مشيرًا إلى أن الهدف هو التتويج باللقب والعودة به إلى مصر.
وقال الشناوي خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد اليوم: "كان هدفنا الأساسي هو التأهل إلى نهائي السوبر من مباراة سيراميكا، ونجحنا في ذلك، والآن تركيزنا بالكامل على النهائي أمام الزمالك".
وأضاف حارس الأهلي: "مباريات الأهلي والزمالك دائمًا مختلفة في كل شيء، سواء في التحضير أو الأجواء، ونحن جاهزون تمامًا للمواجهة ونتمنى أن نُسعد جماهيرنا بالبطولة".
وعلّق الشناوي على اللقطة التي جمعته بأحد مشجعي الأهلي عقب مباراة سيراميكا قائلاً: "من الطبيعي أن يرغب جمهور الأهلي في رؤية الفريق بأفضل حال، ونحن نتقبل النقد طالما في إطار الاحترام. جمهور الأهلي دائمًا في ظهرنا، لكن عندما يصدر تجاوز من فرد أو اثنين، نعلم أن هذا لا يمثل جمهورنا الكبير. ما يُقال على السوشيال ميديا غير صحيح، وما حدث بعد مباراة سيراميكا كان مجرد تجاوز بسيط تم الرد عليه بأدب واحترام".
ويستعد الأهلي لمواجهة الزمالك في الخامسة والنصف مساء غدًا بتوقيت القاهرة على استاد محمد بن زايد بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، في قمة مرتقبة لتحديد بطل النسخة الثالثة والعشرين من السوبر المصري.