وجه رئيس الوزراء اليمني سالم صالح بن بريك، مذكرة رسمية إلى مجلس القيادة الرئاسي طالب فيها بالتدخل العاجل والحازم لإيقاف ما وصفه بـ"التجاوزات الجسيمة" التي ترتكبها قيادة السلطة المحلية في محافظة المهرة، بعد امتناعها عن تنفيذ قرار المجلس رقم (11) لسنة 2025 المتعلق بتوحيد الإيرادات العامة وتوريدها إلى البنك المركزي اليمني في العاصمة عدن.

وقال بن بريك في مذكرته، إن محافظ المهرة تجاوز صلاحياته القانونية وامتنع عن تنفيذ قرار مجلس القيادة الرئاسي بشأن خطة أولويات الإصلاحات الاقتصادية الشاملة، مؤكداً تدخله في أعمال المنافذ الجمركية بالمحافظة، بما في ذلك منفذ شحن الحدودي، في مخالفة صريحة لتوجيهات الحكومة والقرارات العليا.

وأكد رئيس الوزراء أن ما تقوم به قيادة السلطة المحلية في المهرة يمثل انتهاكاً خطيراً للقوانين واللوائح المالية النافذة، وتعديًا صريحًا على اختصاصات الحكومة المركزية، مشيراً إلى أن استمرار هذه التصرفات يشكل سابقة خطيرة تهدد وحدة النظام المالي والإداري للدولة وتضعف ثقة الشركاء المحليين والدوليين في مسار الإصلاحات الاقتصادية الجارية.

وأضاف بن بريك أن تمسك بعض السلطات المحلية بعائدات المنافذ واستخدامها خارج إطار الموازنة العامة للدولة يقوّض جهود الحكومة في تطبيق برنامج الإصلاحات الاقتصادية الشاملة، الذي يهدف إلى ضبط الموارد وتوحيدها وتوظيفها في خدمة التنمية وصرف المرتبات وتحسين الخدمات الأساسية.

وشدد على أن استمرار مثل هذه الممارسات يعد خروجًا عن الدستور والقانون، ويمنح جماعات المصالح والفساد فرصة لتقويض مؤسسات الدولة، داعياً مجلس القيادة الرئاسي إلى اتخاذ موقف حازم يضمن احترام القرارات العليا ووقف أي تدخل في مهام الجهات المركزية المختصة.

وكشفت وثيقة رسمية صادرة من إدارة جمرك منفذ شحن في محافظة المهرة عن تدخل مباشر من لجنة تابعة للسلطة المحلية بالمحافظة، وصلت إلى المنفذ وطالبت بتوريد الإيرادات المالية إلى حساب السلطة المحلية بدلاً من البنك المركزي اليمني، في تحدٍ صريح لقرار مجلس القيادة الرئاسي.

وأوضح مدير عام جمرك شحن في مذكرته أن أعضاء اللجنة هددوا موظفي الجمرك بالسجن والطرد واستبدالهم بطاقم وظيفي آخر في حال امتنعوا عن تنفيذ توجيهات السلطة المحلية. وأضاف أن هذه التدخلات تربك الإجراءات الإدارية والمالية وتفشل خطة الإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي تبنتها الحكومة.

وتعد هذه الواقعة، بحسب مراقبين، أول تمرد رسمي على قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 11 لسنة 2025، ما يمثل اختباراً حقيقياً لقدرة الدولة على فرض سلطتها المالية والإدارية في مختلف المحافظات. وجاءت مذكرة رئيس الوزراء لتؤكد صحة ما ورد في شكوى إدارة جمرك شحن، نافيةً ما ذكرته السلطة المحلية في المهرة حول عدم صحة الاتهامات الموجهة إليها.

وأكدت رسالة رئاسة الوزراء إن ادعاءات السلطة المحلية بشأن التنسيق مع الحكومة في مسألة الإيرادات عارية عن الصحة تمامًا، وإنها لم تصدر أي توجيهات تسمح بتوريد الأموال إلى حسابات محلية بدلاً من البنك المركزي اليمني. كما أكدت أن أي ممارسات من هذا النوع تعد إخلالًا جسيمًا بواجبات الوظيفة العامة وتجاوزًا للسلطة المالية والإدارية للدولة، مشددة على ضرورة التزام جميع المحافظات بتوجيهات الحكومة في إطار برنامج الإصلاحات الاقتصادية الشاملة.

وحاولت السلطة المحلية بمحافظة المهرة الدفاع عن موقفها، حيث قال السكرتير الإعلامي لمحافظ المهرة، أبوبكر عمر بن الشيخ أبوبكر، إن التحركات الأخيرة جاءت بالتنسيق مع رئاسة مجلس الوزراء يهدف إلى تنظيم عمليات التوريد والنفقات بشكل متوازن ومدروس، يضمن استمرار الخدمات الأساسية للمواطنين.

وأضاف المتحدث أن السلطة المحلية تسعى إلى تنظيم الإيرادات وفق عمل مؤسسي يخدم المصلحة العامة، مشيدًا بجهود الحكومة في الإصلاحات الاقتصادية، لكنه أكد أن المحافظة تتحمل التزامات مالية كبيرة تتطلب مرونة في التوريد والإنفاق لتغطية خدمات الكهرباء والمياه والصحة والتعليم.

وأكدت رسالة رئيس الوزراء على التزام الحكومة الكامل بتنفيذ قرارات القيادة العليا دون استثناء، محذرًا من أن أي استمرار في التمرد المالي سيؤدي إلى تقويض مشروع الدولة وإفشال جهود الإصلاحات الجارية.

وطالبت مجلس القيادة الرئاسي بـ"التدخل العاجل والحاسم لضمان تنفيذ القرار المالي الموحد وضبط موارد المنافذ الجمركية والموانئ وتوريدها إلى البنك المركزي"، حفاظًا على وحدة القرار المالي وهيبة الدولة، وضمان نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه الحكومة بدعم من الأشقاء والداعمين الدوليين.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الإصلاحات الاقتصادیة الشاملة مجلس القیادة الرئاسی السلطة المحلیة البنک المرکزی رئیس الوزراء الحکومة فی بن بریک

إقرأ أيضاً:

مصير عائدات صفقة «علم الروم»

 

خزينة الحكومة تترقب 3.5 مليار دولار من قطر قبل نهاية العام الجارى

 

أكد أحمد كجوك، وزير المالية، أن مصر تستثمر فى المستقبل بإرادة سياسية قوية ومحفزة للاستثمار ولجعل مصر مركزًا للتصنيع والتصدير، موضحًا أن الدولة تطرح فرصًا كبيرة واستثنائية للاستثمارات التنموية لبناء مجتمعات عمرانية متكاملة وتوفير فرص عمل للشباب.

وقال «كجوك»، فى رسالة مفتوحة للمستثمرين المحليين والدوليين بعد توقيع الصفقة المصرية القطرية، إن «الساحل الشمالى» أصبحت منطقة جاذبة للاستثمار السياحى والعقارى والخدمى؛ بما يحقق عوائد مستدامة للاقتصاد المصرى، لافتًا إلى أن استثمارات «رأس الحكمة» و«علم الروم» تؤكد أن الاقتصاد المصرى أصبح أكثر تنافسية وجاذبية للاستثمار.

وأضاف أن المشروع المصرى القطرى، يعد نموذجًا للشراكة الاستثمارية طويلة الأجل، ويحقق المنفعة المتبادلة للدولة والمستثمرين، موضحًا أن هناك ٣,٥ مليار دولار «عائدًا مباشرًا» لهذا المشروع يسدد نقدًا قبل نهاية ديسمبر المقبل، وحصة عينية قيمتها ١,٨ مليار دولار و١٥٪ من صافى الأرباح لهيئة المجتمعات العمرانية، وأن هناك ٢٩,٧ مليار دولار تقديرات أولية لحجم الاستثمارت القطرية لتنفيذ المشروع، تعزز تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر. 

وأشار «كجوك» إلى أن مصر تمهد طريق الشراكة الاقتصادية الإقليمية والعربية بجذب استثمارات تنموية ضخمة ومباشرة تحقق عوائد قوية ومستدامة، وأن المستثمرين على المستويين الإقليمى والدولى يرون فرصًا استثمارية جاذبة ومتنوعة وواعدة فى الاقتصاد المصرى، موضحًا أن القطاع الخاص أبدى ثقة كبيرة فى القدرات الكامنة للاقتصاد المصرى ومناخ الاستثمار ما سمح بعقد صفقات كبرى. 

وأكد الوزير، أننا نتوسع كل يوم فى دوائر شراكاتنا مع المستثمرين، ونعمل بكل جهد لجذب مزيد من التدفقات الاستثمارية لخلق فرص عمل، لافتًا إلى أن القطاع الخاص المحلى والأجنبى يثبت مجددًا قدرته على قيادة النمو والتنمية ويقوم باستثمارات كبرى بالاقتصاد المصرى.

وأوضح أن «حركة الاقتصاد والتنمية وفرص العمل»، يعد أكبر عائد استثمارى يمكن أن تحققه الدولة إضافة للعوائد المباشرة، موضحًا أن إتمام هذه الصفقات الاستثمارية الكبرى واحدة بعد الأخرى خير دليل على أن الاقتصاد المصرى ينطلق على الطريق الصحيح.

وأشار «كجوك» إلى أن النشاط الاقتصادى القوى يتيح مساحة مالية إضافية لخفض المديونية والإنفاق الإضافى لتوفير خدمات أفضل للمواطنين، مؤكدًا أن الأداء المالى والاقتصادى يتحسن ومؤشراتنا تتجه للأفضل، مع إتمام الصفقات الاستثمارية الكبرى وآخرها «الصفقة القطرية».

وقال إننا مستمرون فى تهيئة بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة عبر تبسيط الإجراءات الضريبية والجمركية وتخفيف الأعباء عن المستثمرين، لافتًا إلى أننا مهتمون جدًا بتعزيز ربحية القطاع الخاص، وضمان الحياد التنافسى وجذب المزيد من الاستثمارات ونقل التكنولوجيا.  

كما أوضح الوزير، أن الحكومة ملتزمة بتوجيه جزء كبير من الحصيلة الاستثنائية للصفقات الاستثمارية بشكل مباشر لخفض دين الحكومة، وقد نجحنا فى خفض دين أجهزة الموازنة بنحو ١٠٪ من الناتج المحلى خلال عامين رغم ارتفاع متوسط مديونية الدول الناشئة بنسبة ٧٪.

«الوفـد» تحدثت مع عدد من خبراء الاقتصاد لبحث كيفية استغلال قيمة الصفقة وتوجيهها لأكبر استفادة للدولة منها، خصوصًا أن تلك الصفقة تعد واحدة من أبرز التطورات الاقتصادية التى من شأنها أن تنعكس إيجاباً على التصنيف الائتمانى لمصر خلال الفترة المقبلة، نظراً لتأثيرها المباشر على مؤشرات الاستثمار والنمو المالي.

يقول د. على الإدريسى، أستاذ الاقتصاد والاستثمار: جزء كبير من قيمة تلك الصفقة لا بد أن يدخل لدعم الاقتصاد، وسداد الديون الخارجية والالتزامات، وأعتقد أن هذا ما يشغل بال الدولة، لدعم الاحتياطى الأجنبى، الذى يتحسن حسب تقارير البنك المركزى.

وأضاف: يجب ألا ننسى أن الدولة لديها أيضا التزامات كبيرة تجاه هذا المشروع من توفير مرافق، وخدمات وبنية تحتية، فنحن مشاركون فى هذا المشروع، وبناء عليه سوف نحصل على نسبة من الأرباح، وكل هذه الأمور سوف تتكلف مبلغًا كبيرًا من المال.

وأشار «الإدريسى» إلى أن الدين الخارجى لمصر بدأ يتزايد من جديد، لذلك فالأولوية سوف تكون لسداد الديون وتعزيز قدرة الجنيه أمام الدولار، لاستقرار سعر الصرف.

من جانبها أكدت د. علياء المهدى، الأستاذ المتفرغ فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن قيمة الصفقة بالكامل لا بد أن تذهب لسداد الدين الخارجى، وأن أى مبلغ يتوافر لدى الدولة لا بد أن تستغله لسداد الدين الذى يتفاقم، فلا نريد أن توجه الدولة هذه الأموال للاستثمار، فعلى القطاع الخاص أن يتولى تلك المسئولية ويقوم هو بالاستثمار.

جدير بالذكر أن شركة الديار القطرية، أُعلنت فى بيان سابق عن أن المشروع يمتد على 4900 فدان وبطول 7.2 كيلومتر من شواطئ المتوسط، ويشمل مجمعات سكنية فاخرة، مرافق سياحية وترفيهية، ملاعب جولف، ومارينا لليخوت.

مقالات مشابهة

  • مصير عائدات صفقة «علم الروم»
  • توجيهات رئاسية عاجلة وصارمة بتوريد كافة الإيرادات إلى خزينة الدولة والرقابة على المنافذ البحرية
  • عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني: ممارسات مليشيا الحوثي تعرقل مسار السلام والتنمية
  • انقسام في الرياض وعدن.. بن بريك يواجه رفضًا لإقالة محافظ المهرة
  • صراع الإيرادات يتصاعد .. رئاسة الوزراء: محافظ المهرة يرفض توريد الإيرادات إلى البنك المركزي
  • من "الميليشيا" إلى "السلطة": تحولات الحوثيين منذ مقتل صالح الصماد (تحليل خاص)
  • اليونسكو تؤكد التزامها بمساندتها جهود سلطة حضرموت في حماية التراث
  • أيمن محسب: تحسن التصنيف الائتماني لمصر يؤكد صحة مسار الإصلاحات الاقتصادية
  • الحكومة ترصد مليوني دينار في موازنة 2026 لاستكمال طريق المدينة الجديدة