اتفاق باريس التاريخي وضع مسارا لإبطاء الاحترار العالمي: العالم لم يلتزم به
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
**موجات حر قياسية** و**كوارث مناخية قاتلة** طبعت عقداً من الإخفاق في تحقيق الأهداف المناخية، لتذكر العالم بثمن التأخر عن التحرك.
شهد العالم تغيرا دراماتيكيا خلال العقد الذي أعقب احتفال القادة باتفاق باريس التاريخي للمناخ، لكن ليس تماما بالطرق التي كانوا يتوقعونها أو يرغبون فيها؛ فقد أصبح احترار الأرض أكثر شراسة وبوتيرة أسرع مما استطاعت المجتمعات أن تفطم نفسها عن حرق الفحم والنفط والغاز الطبيعي المسببة لتلوث الكربون الذي يطلق الاحترار العالمي، بحسب ما قاله عدد من العلماء والمسؤولين.
قفز متوسط حرارة الكوكب السنوي بنحو 0.46 درجة مئوية منذ 2015، وهي من أكبر طفرات الحرارة خلال عشرة أعوام على السجلات، بحسب بيانات خدمة المناخ الأوروبية "كوبرنيكوس". هذا العام سيكون إما ثاني أو ثالث أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق، وفق حسابات "كوبرنيكوس"، وكل عام منذ 2015 كان أكثر حرارة من عام اتفاق باريس. ضربت موجات حر قاتلة ليس فقط مناطق حارة تقليديا مثل الهند والشرق الأوسط، بل أيضا مناطق أكثر اعتدالا مثل الشمال الغربي المطل على المحيط الهادئ في أميركا الشمالية وسيبيريا الروسية، فيما تعرضت الأرض مرارا لطقس أشد كلفة وخطورة وتطرفا؛ وقد شهد العقد منذ 2015 أكبر عدد من أعاصير الأطلسي من الفئة خمسة وأكبر عدد من كوارث الطقس التي لا تقل كلفة كل منها عن مليار دولار في الولايات المتحدة، وفقا لسجلات "الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي". تعرضت أميركا لـ193 كارثة كلفت كل منها لا تقل عن مليار دولار (864 مليون يورو) خلال السنوات العشر الماضية، بإجمالي فاتورة بلغ 1.5 تريليون دولار (1.3 تريليون يورو). كما التهمت حرائق الغابات أجزاء من هاواي وكاليفورنيا وأوروبا وأستراليا، فيما دمرت الفيضانات مناطق من باكستان والصين وجنوب الولايات المتحدة؛ وكثير من تلك الأحداث، وإن لم تكن كلها، يحمل بصمات تغيّر المناخ الناجم عن الإنسان، بحسب حسابات العلماء.
منذ 2015، اختفى أكثر من 7 تريليونات طن من الجليد في أنهار العالم الجليدية والصفائح الجليدية في غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية، بحسب حسابات علماء الجليد؛ وهو ما يعادل أكثر من 19 مليون مبنى بحجم "إمباير ستيت". وتسارع ارتفاع مستوى البحر؛ فقد ارتفعت بحار العالم 40 مليمتر خلال العقد الماضي. قد لا يبدو ذلك كثيرا، لكنه يكفي لملء 30 بحيرة بحجم بحيرة "إيري"، وفق ستيف نيرِم، أستاذ في جامعة كولورادو وباحث في ارتفاع مستوى البحر. وحتى الأمازون، حيث ستنعقد المفاوضات المناخية، انتقل من منطقة تنقذ الكوكب بامتصاص الغازات الحابسة للحرارة إلى منطقة تنفثها أحيانا بسبب إزالة الغابات، يطلقها.
نجاحات في ثني المنحنىعلى الجانب الآخر، ثمة الكثير مما يحتفل به المسؤولون خلال السنوات العشر الماضية؛ فقد باتت الطاقة المتجددة الآن أرخص في معظم الأماكن من الفحم والنفط والغاز الطبيعي الملوِّثة، وفي العام الماضي جاء 74 في المئة من نمو الكهرباء المُولّدة حول العالم من الرياح والشمس وخيارات خضراء أخرى، بحسب تقريرين أمميين في يوليو. في 2015، بيع نحو نصف مليون سيارة كهربائية عالميا، ووصل العدد العام الماضي إلى 17 مليوناً، بحسب التقرير. "لا شيء قادر على إيقاف ذلك"، قال المبعوث الأميركي الخاص السابق للمناخ تود ستيرن، الذي ساهم في التفاوض على اتفاق باريس؛ "لا يمكنك كبح المدّ". في 2015، قدّرت توقعات الأمم المتحدة أن الأرض كانت على مسار يقود إلى نحو 4 درجات مئوية من الاحترار منذ منتصف القرن التاسع عشر، أما الآن فالعالم على المسار نحو 2.8 درجة مئوية، وربما أقل قليلا إذا أوفت الدول بوعودها؛ لكن ذلك بعيد تماما عن الهدف القاضي بحصر الاحترار عند 1.5 درجة مئوية، وهو مستوى تعتبره التقارير العلمية خطا أحمر تقريبا وأصبح الهدف الجامع لاتفاق باريس. "قبل عشرة أعوام، كان لدينا مسار أكثر انتظاما للابتعاد تماما عن 1.5 درجة مئوية"، قال روكستروم؛ "الآن، بعد عشرة أعوام، لقد فشلنا". وتوصل تقرير يفحص عشرات مؤشرات التقدم، مثل منشآت الطاقة الشمسية والرياح، في الانتقال من اقتصاد الوقود الأحفوري إلى أن أيا منها ليس على وتيرة تكفي لإبقاء الاحترار عند أو دون هدف 1.5 درجة مئوية. ووجد التقرير الصادر عن صندوق "بيزوس" لحماية الأرض، و"Climate Analytics"، و"أبطال المناخ رفيعو المستوى"، و"ClimateWorks Foundation"، و"معهد الموارد العالمية" أن 35 منها تسير على الأقل في الاتجاه الصحيح، وإن كان ذلك بوتيرة بطيئة للغاية. "التقنيات، التي كانت يوما فرضية، باتت الآن تتحول إلى واقع، والخبر الجيد أن الواقع تفوق على كثير من التوقعات قبل عقد"، قالت مؤلفة التقرير كيلي ليفين، رئيسة العلوم والبيانات في صندوق "بيزوس" لحماية الأرض؛ "لكنها ليست بالسرعة المطلوبة".
ارتفعت مستويات الميثان في الغلاف الجوي 5.2 في المئة بين 2015 و2024، بينما قفزت مستويات ثاني أكسيد الكربون 5.8 في المئة في الفترة نفسها، وفقا لبيانات NOAA. وخفضت عدة دول متقدمة، بينها الولايات المتحدة وسائر العالم المتقدم، انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون بنحو سبعة في المئة منذ 2015؛ لكن دولا أخرى شهدت ارتفاعا حادا، إذ زادت انبعاثات الصين 15.5 في المئة وارتفعت انبعاثات الهند 26.7 في المئة، بحسب بيانات "مشروع الكربون العالمي". أوكسفام الدولية نظرت في الانبعاثات العالمية بحسب مستوى الدخل، ووجدت أن أغنى 0.1 في المئة من السكان زادوا انبعاثاتهم الكربونية بنسبة 3 في المئة منذ 2015، فيما قلّص أفقر عشرة في المئة انبعاثاتهم بنسبة 30 في المئة. "اتفاق باريس نفسه كان دون الأداء"، قالت مؤرخة مفاوضات المناخ جوانا ديبلدج من جامعة كامبريدج في إنجلترا؛ "للأسف، إنها من تلك الحالات نصف الممتلئة ونصف الفارغة حيث لا يمكنك القول إنه فشل، لكنك أيضا لا تستطيع القول إنه نجح بشكل دراماتيكي".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة اتفاقية باريس للمناخ الاحتباس الحراري تغير المناخ غازات دفيئة COP30
Loader Search
ابحث مفاتيح اليوم
المصدر: euronews
كلمات دلالية: الصحة دونالد ترامب دراسة بحث علمي سوريا طب الصحة دونالد ترامب دراسة بحث علمي سوريا طب اتفاقية باريس للمناخ الاحتباس الحراري تغير المناخ غازات دفيئة الصحة دونالد ترامب دراسة بحث علمي سوريا طب دماغ غزة إسرائيل الإغلاق الحكومي أحمد الشرع عاصفة أکثر من منذ 2015
إقرأ أيضاً:
مؤتمر المناخ العالمي أمام قضايا محورية وخلافية في جدول أعماله
على عكس السنوات الأخيرة لن تهيمن قضية واحدة على مؤتمر الأطراف الـ30 في مدينة بيليم البرازيلية، إذ تحضر 3 قضايا رئيسية مهمة، ويعتقد الخبراء هذه المرة أيضا بصعوبة التوصل إلى توافق بشأنها.
ومن المتوقع أن يكون ضعف الطموحات المناخية، والنقص الحاد في التمويل المخصص للدول الفقيرة، وحماية الغابات من القضايا الأكثر إثارة للجدل.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4منظمات عالمية تطالب مؤتمر الأطراف بمعالجة الجذور التاريخية لأزمة المناخlist 2 of 4البرازيل ترفض نقل مؤتمر المناخ من مدينة بيليم الأمازونيةlist 3 of 4الانقسامات حول خفض الانبعاثات تخيم على مؤتمر المناخ بالبرازيلlist 4 of 4ما الذي يمكن معرفته عن مؤتمر المناخ "كوب 30″؟end of listكما ستكون الالتزامات المناخية لدول العالم على جدول أعمال المؤتمر الذي تستمر فعالياته حتى 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
ويُفترض أن تُخفض هذه الخطط انبعاثات غازات الدفيئة بنحو 10% فقط بحلول عام 2035 مقارنة بعام 2019 على ما أظهرت تقديرات للأمم المتحدة نُشرت الأسبوع الماضي، لكنها لا تزال غير مكتملة بسبب تأخر نحو 100 دولة في تقديم خرائط الطريق الخاصة بها.
وستطالب دول كثيرة بأن تعزز البلدان الصناعية الكبرى التي تسجل أعلى انبعاثات لغازات الاحتباس الحراري التزاماتها، في حين ينتظر أن تتكتل جماعات الضغط من دول وشركات لمحاولة ضمان مصالحها.
ومنذ اتفاق باريس للمناخ عام 2015 طُلب من الدول أن تحدّث كل 5 سنوات خططها التي توضح كيف تعتزم خفض انبعاثات غازات الدفيئة من خلال تدابير عدة، منها مثلا تطوير الطاقات المتجددة.
وأكدت الرئاسة البرازيلية أن خرائط الطريق هذه "تمثل رؤية مستقبلنا المشترك"، مشيرة إلى أن مؤتمر الأطراف ينبغي أن يستجيب سياسيا لهذه القضية حتى لو لم تكن مدرجة على جدول الأعمال.
ونشرت الصين في اللحظة الأخيرة الاثنين الماضي "مساهمتها الوطنية المحددة" لعام 2035، أما الاتحاد الأوروبي -الذي يعاني من انقسامات داخلية- فقد أقر أهدافه المناخية -التي وصفت بالمخففة أو "الضعيفة"- خلال اجتماع استثنائي لوزراء البيئة الثلاثاء الماضي.
في عام 2024 حدد مؤتمر الأطراف الـ29 في باكو عاصمة أذربيجان هدفا جديدا للمساعدات التي تقدمها الدول الصناعية إلى البلدان النامية وقدرها 300 مليار دولار سنويا بحلول عام 2035، أي أعلى من الرقم السابق بـ3 مرات، لكن أقل بـ4 مرات مما كانت تأمل الدول الفقيرة.
إعلانويُفترض أن تُستخدم هذه الأموال لمساعدة الدول النامية على التكيف مع الفيضانات وموجات الحر والجفاف، وكذلك للاستثمار في الطاقات المنخفضة الكربون بدل تطوير اقتصاداتها من خلال حرق الفحم والنفط.
كما حددت الدول كذلك هدفا أكثر عمومية يقضي بتخصيص ما مجموعه 1.3 تريليون دولار سنويا بحلول عام 2035 من مصادر عامة وخاصة مختلفة.
ومن المفترض توضيح تفاصيل هذا الهدف المرتبط بإصلاح المؤسسات المالية الدولية في وثيقة تعرف بـ"خريطة الطريق من باكو إلى بيليم" ستناقش في مؤتمر الأطراف الـ30، كما سيتناول المؤتمر مسألة التكيف مع التغير المناخي، مع احتمال تضمينه جانبا ماليا.
اختارت البرازيل استضافة مؤتمر الأطراف في الأمازون لتسليط الضوء على قضية الغابات، باعتبارها مصدرا لامتصاص الكربون وخزانا للتنوع البيولوجي المهدد، في وقت بلغ تدمير الغابات المطيرة البكر في العام الفائت مستوى قياسيا هو الأعلى منذ 20 عاما على الأقل.
وتسعى الرئاسة البرازيلية إلى اعتماد نوع جديد من الصناديق يُعرف باسم "صندوق تمويل الغابات المطيرة" (تي إف إف إف)، ويهدف هذا الصندوق إلى جمع 125 مليار دولار يتم استثمارها في الأسواق المالية.
ويفترض أن تُستخدم الأرباح لمكافأة الدول التي تتمتع بغطاء حرجي كثيف ومعدلات إزالة غابات منخفضة على جهودها في الحفاظ على البيئة، ومنها مثلا كولومبيا وغانا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإندونيسيا.
وقال كليمان هيلاري من منظمة "غرينبيس" غير الحكومية لوكالة الصحافة الفرنسية إن "الصندوق يمكن أن يشكل خطوة تقدمية في حماية الغابات الاستوائية، لكن يجب أن يكون مصحوبا بتدابير أخرى، ولا سيما قرار من مؤتمر الأطراف الـ30 بوضع خطة عمل واضحة لإنهاء إزالة الغابات وتدهورها بحلول عام 2030".
من جانبها، تبقى الدول المتقدمة حذرة، وقال مصدر فرنسي لوكالة الصحافة الفرنسية "إن الأمر يتطلب مزيدا من العمل والمناقشات التقنية قبل الإعلان عن تمويل".
ويرى الخبراء أن غياب زعماء 4 دول من بين الدول الخمس الأكثر تلويثا للبيئة في العالم عن القمة -وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند– سيكون له تأثيره على مخرجات القمة والمؤتمر.
كما يأتي إنكار الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب -والتي لن تحضر المؤتمر- السياسات المناخية وانسحابها من اتفاقات وفعاليات دولية بشأن المناخ ومساعيها للضغط على دول أخرى لتحذو حذوها عاملا ضاغطا على المؤتمر ونتائجه المرتقبة.