روائيون وأكاديميون: الإبداع يظل وفيًّا للأصول الثقافية رغم العولمة
تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT
شهدت الدورة الـ44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، المنعقدة تحت شعار ''بينك وبين الكتاب" في مركز إكسبو الشارقة، جلسة حوارية بعنوان "الأدب والهويات الاجتماعية"، جمعت بين نخبة من الروائيين والباحثين من مختلف الثقافات، الذين أجمعوا على أن الأدب، رغم تحولات العصر الرقمي والعولمة، سيبقى وفياً للأصول الثقافية ومعبّراً عن خصوصيات الشعوب وذاكرتها الجمعية.
شارك في الجلسة كل من الأكاديمي اللبناني الدكتور مأمون حسن طربية، والكاتبة الباكستانية ميرا سيثي، والروائي النيبالي سامرات أوبادهياي، والروائي السوري سومر شحادة، وأدارتها ترنم أحمد، حيث تناول المشاركون العلاقة بين الإبداع والهوية، ودور الأدب في حفظ الذاكرة وتشكيل الوعي الإنساني المعاصر.
الأدب وفهم الهوية
أوضح الدكتور مأمون حسن طربية أن الأدب يشكل واجهة فكرية واجتماعية تعبّر عن هوية الشعوب من خلال ما يعكسه من عادات وتقاليد وطقوس وأشكال تعبيرية تلامس الوجدان وتبقى في الذاكرة. وأكد أن الأدب الحقيقي لا يكتفي بالتصوير الجمالي بل يسهم في صياغة وعي المجتمع بذاته، حتى في ظل النظريات التي ترى أن مفهوم الهوية الاجتماعية في طريقه إلى التلاشي أمام التحولات الرقمية والعالمية.
الحرية وكينونة الكاتب
من جانبها، رأت الكاتبة ميرا سيثي أن الهوية الثقافية تظل حاضرة في الكتابة الإبداعية، لكنها تنطلق في تجربتها من دوافع إنسانية وعاطفية خالصة، مشددة على أن الكتابة الصادقة هي التي تطرح الأسئلة وتلامس قضايا المجتمع دون قيود. وأضافت أن الكاتب الحقيقي يكتب بحرية، وينطلق من تجاربه الخاصة ومشاعره الأصيلة، حتى وإن اصطدمت أعماله أحيانًا مع السياقات السياسية أو الاجتماعية.
انفتاح إنساني
أما الروائي سامرات أوبادهياي، الذي تُرجمت أعماله إلى لغات عدة، أكد أن الأدب الإنساني بطبيعته يتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة. وقال: “حين أكتب أفكر بالشخصيات ومشاعرها.” وأضاف أن انفتاح الأدب على التجارب الإنسانية المتنوعة هو ما يمنحه بعده العالمي، مشيرًا إلى أن كتاباته رغم ارتباطها ببلده نيبال، تعبّر عن قضايا الإنسان في كل مكان.
تجارب النزوح
وتحدث الروائي سومر شحادة عن تجربته في الكتابة المستلهمة من واقع الحرب والنزوح في سوريا، موضحًا أن رواياته تسعى إلى توثيق التحولات الاجتماعية والإنسانية التي أفرزتها الحرب. وقال: “أكتب عن شخصيات وُلدت من رحم الفقد، وعن أمكنة فقدت ذاكرتها. الهوية في هذه الحالة تصبح مضطربة ومؤلمة، لكنها تظل حاضرة باعتبارها جوهر التجربة الإنسانية.” وأكد أن مهمة الأدب ليست التجميل، بل كشف الحقيقة وتوثيق الوجع الإنساني بصدق ومسؤولية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: أن الأدب
إقرأ أيضاً:
الخشت في محاضرة فكرية حول «القراءة الرشيدة ومحاربة التطرف الفكري»
سعد عبد الراضي (الشارقة)
أخبار ذات صلةشهد جناح «منتدى أبوظبي للسلم» في معرض الشارقة الدولي للكتاب، محاضرة فكرية للمفكر الدكتور محمد عثمان الخشت بعنوان: «القراءة الرشيدة ومحاربة التطرف الفكري في ظل العولمة والذكاء الاصطناعي»، أدارها الدكتور عمر بن بيه، وشارك فيها الدكتور عارف نايض، بحضور نخبة من المفكرين وزوار المعرض.
تناولت المحاضرة، دور القراءة الواعية في مواجهة الفكر المتطرف وبناء السلم المجتمعي.
وأكد الدكتور الخشت أن التحولات الكبرى التي فرضتها العولمة والذكاء الاصطناعي غيّرت أنماط القراءة المعاصرة، فبينما وسّعت العولمة من انتشار المعرفة، أفرزت تحديات جديدة كـ«السطحية المعرفية» و«فقاعات المعلومات» التي تعزل القارئ داخل دوائر فكرية مغلقة.
وشدّد على أن القراءة الرشيدة ليست مجرّد مهارة لغوية، بل عملية معرفية وروحية تُسهم في تشكيل وعي الإنسان، وبناء جسور التفاهم بين الشعوب والثقافات.
وأوضح أن القراءة في القرآن الكريم كانت أول أمر إلهي نزل على النبي الكريم، مما يجعلها فعلاً تأسيسياً للمعرفة والوعي.
وأشار إلى أن الحضارات التي تُكرّس عادة القراءة تنعم بسلم داخلي وتماسك اجتماعي، بينما يرتبط تراجع معدلات القراءة بزيادة احتمالات الصراع، وفق تقارير تؤكد أن التعليم والمعرفة يعززان ثقافة التعايش ويحدّان من النزاعات.
وشدّد على أن صناعة السلام تبدأ من الكلمة، وأن الكتاب المدرسي هو البذرة الأولى لتشكيل الوعي، فإما أن يُنشئ قارئاً متسامحاً أو عقلاً متعصباً.
واختتم الدكتور الخشت محاضرته بعدد من التوصيات العملية لتعزيز ثقافة القراءة في مواجهة التطرف، أبرزها: إدماج مفاهيم السلام والتسامح في مناهج القراءة والتعليم. وإنشاء نوادي قراءة حوارية تجمع مختلف الفئات المجتمعية. ودعم الترجمة والتبادل الثقافي لبناء الوعي الإنساني المشترك. وتوجيه خوارزميات الذكاء الاصطناعي نحو المحتوى المتنوّع والمستنير. وكذلك إطلاق مبادرات، مثل «اقرأ من أجل السلام» لتشجيع الأجيال الجديدة على الارتباط بالكتاب.
وختم بالقول: «القراءة الرشيدة هي الثورة الهادئة القادرة على بناء عالم متسامح، وإن كل كتاب رشيد يُفتح هو لبنة في جدار السلام».