حاصد البوكر باول لينتش: الكتابة بحث مستمر عن الحقيقة الإنسانية والحرية والوجود
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
الشارقة - الرؤية
استضاف معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الرابعة والأربعين، الكاتب الأيرلندي باول لينتش، الحائز على جائزة "البوكر" العالمية عن روايته الشهيرة «بروفيت سونغ»، في جلسة حوارية شيّقة تناولت موضوعات الأدب والحرية والخوف، وسط حضور جماهيري واسع من محبي الأدب العالمي والمهتمين بصناعة الكتاب.
في بداية الجلسة، عبّر لينتش عن رؤيته العميقة لمسار الكتابة قائلاً: «عندما تكون كاتباً في بداياتك ولم تقرأ في عوالم أخرى، فإنك تحلم بأن تفوز بجائزة مثل نوبل وتمنح جمهورك ما يستحقه من الاهتمام». وأشار إلى أنه قبل فوزه بجائزة البوكر نشر أربع روايات، حققت مبيعات جيدة، لكنه لم يكن يتخيل أن يصل إلى الشهرة العالمية التي منحته إياها الجائزة، قائلاً: «الجائزة التقطتني بيد من السماء ووضعتني على القمة».
وأضاف أن الفوز بجائزة مرموقة مثل «البوكر» فتح أمامه آفاقاً جديدة، إذ تُرجمت روايته إلى نحو 49 لغة، ما حمّله مسؤولية كبيرة تجاه القراء حول العالم، لكنه في الوقت نفسه أكد أن العزلة تبقى شرطاً أساسياً للإبداع، قائلاً: «العزلة لا تعني الانسحاب من العالم، بل هي مساحة التأمل التي تنضج فيها الكتابة، إلا أن الشهرة أحياناً تسلب الكاتب هدوءه ومصدر إلهامه».
وأكد في حديثه عن الكتابة أن الأدب ليس مجرد تسلية أو عرض للأحداث، بل هو بحث مستمر عن الحقيقة الإنسانية والحرية والوجود، وأن كل قصة تحمل إمكانات جديدة لتفسير الحياة وفهم الغربة والتناقضات التي تصوغ التجربة البشرية، موضحًا أن القارئ يجب أن يشعر بالحقيقة العميقة وراء الرواية، وأن الكتابة ليست مجرد كلمات، بل فلسفة للحياة وتجربة روحية معقدة.
وتحدث لينتش عن تجربته مع رواية «بروفيت سونغ»، التي وصفها بأنها كانت مغامرة محفوفة بالمخاطر، قائلاً: «كنت أشعر أنني أضع مسيرتي الأدبية على المحك أثناء كتابتها، لكنها كانت ضرورة لا بد منها». وأضاف: «كل كتاب أكتبه يفتح لي عوالم جديدة، مثل سلسلة من المعادلات التي تشرح الوجود الإنساني».
ويرى لينتش أن القصة هي مرآة للهوية الإنسانية، وأن الكاتب حين يواصل الكتابة لا يفقد ذاته بل يخلق رموزاً تمنح الحياة معنى أعمق، موضحاً أن «القصص البسيطة غالباً ما تحمل في داخلها أبعاداً وجودية عميقة، والكتابة الحقيقية هي رحلة إلى أعماق النفس، وليست مجرد حكاية تُروى».
وعن العلاقة بين الأدب والسياسة، أوضح لينتش أن عمله لا يُصنَّف سياسياً بالمعنى المباشر، قائلاً: «الكثير من الكتّاب يصفون أنفسهم بأنهم سياسيون، لكن الفن الحقيقي يتجاوز السياسة، فهو محاولة لفهم العالم بكل تعقيداته، وليس مجرد تفسير للواقع». وأضاف أن روايته تنطلق من رؤية ميتافيزيقية للمعاناة الإنسانية، وتتناول قضايا الكرامة والوجود الإنساني في عالم مضطرب لا يمكن إدراكه بسهولة.
وكشف الكاتب عن تجربته الفكرية في الكتابة، مشيراً إلى أنه بدأ الرواية في ديسمبر 2018، وتأثر بقراءة أعمال هيرمان هِسّه، التي أعادت له التفكير في التاريخ الألماني وعواقب التجزؤ الاجتماعي والسياسي على الإنسان والمجتمع. وقال: «كان لدي إحساس بأن الرواية مرآة للواقع، تمنح لحظة تأمل عميقة، وتعيدني دوماً إلى جوهر المعنى الإنساني».
وأضاف لينتش أن الكتابة عملية ذهنية وروحية في الوقت ذاته، قائلاً: «أضع الصفحة أمامي وأترك عقلي الباطن يوجهني، فالحدث يصبح رمحًا يُرمى في الظلام، والخيال هبة من الله». وأكد أن الكاتب يحتاج لأن يفهم الرموز الخفية والطاقات الإبداعية التي تحيط بالقصة، لأنها تمنحه القدرة على التعمق في النفس البشرية والعالم.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً: