رويترز: خطر تقسيم غزة يلوح في الأفق مع تعثر انتقال خطة ترامب للمرحلة التالية
تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT
أكدت مصادر أوروبية أن احتمالية تقسيم قطاع غزة بحكم الأمر الواقع بين منطقة تسيطر عليها دولة الاحتلال وأخرى تديرها حركة حماس صارت مرجحة بشكل متزايد، مع تعثر الجهود الرامية إلى دفع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب إلى ما بعد وقف إطلاق النار.
وذكر ستة مسؤولين أوروبيين مطلعين مباشرة على جهود تنفيذ المرحلة التالية من الخطة أن "الخطة توقفت فعليا، وأن إعادة الإعمار من المرجح الآن أن تقتصر على المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية"، وفق وكالة رويترز، وحذر المسؤولون الأوربيون، من أن ذلك قد يؤدي إلى تقسيم يستمر لسنوات.
المرحلة الأولى من الخطة
بموجب المرحلة الأولى من الخطة، التي دخلت حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2025، يسيطر جيش الاحتلال الإسرائيلي حاليا على 53 بالمئة من القطاع المطل على البحر المتوسط، بما في ذلك معظم أراضيه الزراعية، إلى جانب رفح في الجنوب وأجزاء من مدينة غزة ومناطق حضرية أخرى، ويعيش جميع سكان القطاع البالغ عددهم نحو مليوني نسمة مكدسين في خيام ووسط أنقاض المدن المحطمة في بقية مناطق القطاع والتي تخضع لسيطرة حماس.
المرحلة التالية
وتتضمن المرحلة التالية من الخطة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل أكبر انطلاقا مما يسمى بالخط الأصفر المتفق عليه في خطة ترامب، إلى جانب إنشاء سلطة انتقالية لحكم غزة، ونشر قوة أمنية متعددة الجنسيات تهدف إلى تسلم المسؤولية من الجيش الإسرائيلي، وكذلك نزع سلاح حماس وبدء إعادة الإعمار.
لكن الخطة لا تتضمن أي جداول زمنية أو آليات للتنفيذ، فيما ترفض حماس نزع سلاحها، بينما ترفض دولة الاحتلال أن يكون للسلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب أي دور، ولا يزال الغموض يكتنف القوة متعددة الجنسيات، وفق تقرير وكالة رويترز.
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في مؤتمر أمني بالمنامة هذا الشهر: "ما زلنا نعمل على صياغة أفكار... الجميع يريد انتهاء هذا الصراع، جميعنا نريد نفس النتيجة. السؤال هو كيف نحقق ذلك؟".
الخط الأصفر
وفي غياب أي جهد كبير من جانب الولايات المتحدة لكسر الجمود، يبدو أن الخط الأصفر سيصبح الحدود الفعلية التي تقسم غزة إلى أجل غير مسمى، وفق ما قاله 18 مصدرا من بينهم ستة مسؤولين أوروبيين ومسؤول أمريكي سابق مطلع على المحادثات.
وصاغت الولايات المتحدة مسودة قرار لمجلس الأمن الدولي يمنح القوة متعددة الجنسيات وهيئة حكم انتقالية ولاية لمدة عامين. لكن 10 دبلوماسيين قالوا إن الحكومات لا تزال مترددة في الالتزام بإرسال قوات، وقالوا إن الدول الأوروبية والعربية على وجه الخصوص من غير المرجح أن تشارك إذا امتدت المسؤوليات إلى ما هو أبعد من حفظ السلام، وإذا كانت تهدف إلى مواجهة مباشرة مع حماس أو غيرها من الفصائل الفلسطينية.
وذكر نائب الرئيس الأمريكي جيه.دي فانس وصهر ترامب جاريد كوشنر الشهر الماضي أن أموال إعادة الإعمار قد تبدأ بالتدفق بسرعة إلى المنطقة التي تسيطر عليها "إسرائيل" حتى من دون الانتقال إلى المرحلة التالية من الخطة، بناء على فكرة إنشاء مناطق نموذجية لبعض سكان غزة للعيش فيها.
بدوره، قال مايكل وحيد حنا، مدير برنامج الولايات المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، إن مثل هذه المقترحات الأمريكية تشير إلى أن واقع القطاع المقسم على الأرض يهدد بأن يصبح "أمرا أطول أمدا بكثير"، وأشار متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إلى أنه على الرغم من تحقيق "تقدم هائل" في دفع خطة ترامب إلى الأمام، هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به، دون الرد على أسئلة حول ما إذا كانت إعادة الإعمار ستقتصر على المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
نزع سلاح حماس تحت إشراف دولي
قال حازم قاسم، المتحدث باسم حماس في غزة "نحن نقول بشكل واضح أن الحركة لن تكون في مشهد حكم قطاع غزة في اليوم التالي، وهذا تم الاتفاق عليه، ستكون هناك لجنة استناد مجتمعي من مستقلين هي التي تحكم كل أمور القطاع. وبالتالي، نحن نسعى لسحب الذرائع من كل الأطراف لإعاقة الإعمار، كل مناطق قطاع غزة الإعمار بشكل متساوٍ، حماس جاهزة لتسليم الحكم من الآن بحيث تبدأ عملية إعمار لقطاع غزة، وهذا حق لأهل قطاع غزة"، وقال مسؤولان أوروبيان ودبلوماسي غربي إن من بين الأفكار قيد المناقشة ما إذا كان بإمكان حماس نزع السلاح تحت إشراف دولي بدلا من تسليمها إلى إسرائيل أو أي قوة أجنبية أخرى.
"غزة الجديدة"
يشار إلى أن مسؤولين عرب وأميركيين وإسرائيليين أكدوا أن دولاً عربية تعارض اقتراحاً مدعوماً من الولايات المتحدة لإعادة بناء ما يوصف بأنه "غزة الجديدة" في النصف الذي يسيطر عليه الاحتلال الإسرائيلي، فيما تخشى تلك الدول أن يكون مخططاً لتقسيم طويل الأمد للأراضي الفلسطينية، بحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية خطة ترامب سلاح حماس إعمار غزة خطة ترامب سلاح حماس الخط الاصفر المرحلة الثانية للخطة المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة المرحلة التالیة إعادة الإعمار قطاع غزة من الخطة
إقرأ أيضاً:
هل يصبح تقسيم غزة واقعًا دائمًا.. ومَن سيقبض على أسلحة حماس قبل المرحلة الثانية؟
كان الخريف آخر مرة اختُبر فيها صبر الأرض، لكن الشتاء السياسي الذي تلاه زاد التجاعيد في وجه المشهد الفلسطيني — غزة على خطّ صفرٍ جديد، وخططٌ دولية تتعثّر عند أول مفترق طريق. ما بدأ كخطة لإنهاء حربٍ دموية تحوّل بسرعة إلى مسعى لإعادة تركيب جغرافيا الحياة هناك: خطّ مرسوم بالخرسانة الصفراء يمكن أن يتحوّل، في غياب إرادة دولية واضحة، إلى حدود فعلية تقسّم القطاع إلى شطرين — جزء تحت سيطرة إسرائيل وجزء تحت إدارة “حماس”.
هذا الاحتمال لم يأتِ من فراغ، فالتقارير الدبلوماسية والمصادر الغربية التي تتابع ملفّ المرحلة التالية تحذّر من أنّ البنية العملية على الأرض تتقدّم أسرع من أي اتفاقٍ سياسيٍّ ملموس.
المشهد يعمل وفق منطق القوة والفراغ: إسرائيل احتفظت بالمساحات الحيوية من القطاع — أراضٍ زراعية ومناطق حدودية وأجزاء من مدينة غزة — بينما بقيت الكتلة الأكبر من البشر في مناطقٍ منهكة تحت سلطة فاعلٍ محليٍّ لم يتخلَّ عن أدواته الدفاعية. وهنا يكمن التناقض الجوهري: خطٌّ أصفر يرسم حدودًا إدارية، لكنه لا يحلّ مسألة الشرعية أو الأمن أو من يُحمَّل مسؤولية حماية المدنيين وإعادة الإعمار.
وسط هذا الفراغ، برزت فكرةٌ وسيطة — مفاوضات ومقترحات مصرية تقضي بأن يسلّم مقاتلو “حماس” أسلحتهم إلى القاهرة كضمانةٍ مقابل مرورٍ آمن أو انسحاباتٍ موضعية. ليست الفكرة جديدة تمامًا، فالمصريون لطالما لعبوا دور الوسيط، ومصادر مصرية ودولية تشير إلى أنّ اقتراحًا من هذا النوع طُرح فعلًا خلال جولات وساطةٍ أخيرة، خصوصًا بالنسبة إلى المحاصرين في رفح، حيث عرضت القاهرة استلام الأسلحة وكشف الأنفاق مقابل خروجٍ آمن أو تسويةٍ موضعية.
لكنّ الخلاف ليس تكتيكيًا فحسب، بل وجوديًّا بالنسبة إلى “حماس” التي ترفض علنًا التخلي عن ترسانتها باعتبارها شريان قدرتها التفاوضية ومحور هويتها العسكرية والسياسية.
فهل هذا يعني أنّ الأسلحة ستُسلَّم إلى القاهرة قبل المرحلة الثانية؟ الجواب المختصر: ليس مؤكدًا — لكنه واردٌ ضمن صياغات الوساطة، شرط أن تُفعِّل مصر والدول الضامنة ضوابط إشرافية قوية.
ورغم ذلك، تظلّ العقبة الأساس سياسيةً وعمليةً في آنٍ واحد.فبينما تشير تقارير إلى مقترحاتٍ محددةٍ تقضي بإيداع أسلحة المقاتلين لدى الطرف المصري أو لجنة مصرية-دولية، تؤكّد مصادر أخرى أنّ “حماس” تُصرّ على رفض التسليم الشامل، وإنْ ثمة إشاراتٍ عن مرونةٍ جزئيةٍ غير معلنة تتعلّق بأنواعٍ معينةٍ من الأسلحة — كالصواريخ بعيدة المدى — أو ترتيباتٍ رقابيةٍ بديلةٍ عن تسليمٍ كاملٍ لترسانة الحركة.
باختصار: هناك نوايا ومناقشات ومقترحات، لكن لا تنازل عامًّا وموثّقًا بعد.
ثمة عنصرٌ ثالث يثقل كفّة القرار: المجتمع الدولي نفسه غير متّحدٍ على قبول مهمةٍ عسكريةٍ أو شرطيةٍ تباشر إيقافًا فعليًا لامتلاك السلاح داخل غزة. واشنطن قدّمت مسودة قرارٍ لمجلس الأمن تمنح ولايةً لقوةٍ متعددة الجنسيات وهيئةٍ انتقاليةٍ لفترةٍ مؤقتة، لكنّ دولًا عدّة مترددةٌ في إرسال قواتٍ إذا كان دورها يتجاوز حفظ السلام إلى مواجهةٍ مسلحةٍ أو إدارةٍ يوميةٍ للقطاع.
وفي هذه الحالة، من يضمن تطبيق بندّ نزع السلاح إذا لم تكن هناك قوةٌ على الأرض مؤهلةٌ وقادرةٌ ومستعدةٌ لتحمّل المواجهة؟ هذا انشغالٌ عمليٌّ يُضعف احتمال تنفيذ تسليمٍ واسعٍ للأسلحة قبل أن تتبلور آليات التنفيذ الدولية.
ولأنّ السياسة ليست نظرياتٍ بل مصالح متضاربة، فإنّ رهانات كل طرف تختلف: إسرائيل تريد ضماناتٍ تمنع تكرار الهجوم الذي انطلق في أكتوبر 2023، و“حماس” تريد الحفاظ على ما تعتبره مقوّمًا لمقاومتها ووجودها السياسي، والدول الإقليمية — ومصر في القلب منها — تبحث عن حلٍّ يوازن بين الأمن والشرعية ويمنع تفلّتًا إنسانيًا أكبر.
والسؤال الأخطر: هل سنشهد تسليمًا مصريًا للأسلحة كخيارٍ مرحليٍّ يقلّل من إمكانية الصدام، أم سنكتفي باتفاقاتٍ شكليةٍ تُركن إلى مراقبةٍ ضعيفةٍ ووعودٍ لا تكفي لاستعادة الثقة؟
الواقع الميداني والتردّد الدولي يشيران إلى الاحتمالين معًا — أي أن سيناريوهاتٍ جزئيةً ممكنة، والسيناريو الشامل أقلّ احتمالًا ما لم تتولّد إرادةٌ دوليةٌ قويةٌ ومؤسسية.
خلاصةٌ سريعةٌ للقارئ: إذا كنت تبحث عن إجابةٍ قاطعة، فالجواب: لا توجد ضمانةٌ بأنّ أسلحة “حماس” ستصل إلى القاهرة قبل المرحلة الثانية. لكن هناك آلياتٌ مقترحةٌ ومحاولات وساطةٍ مصريةٍ تطرح هذا الحلّ كخيارٍ وسطيٍّ، وقد يُطبّق جزئيًا على مجموعاتٍ أو نوعياتٍ محددةٍ من الأسلحة.
أما التنفيذ الكامل فمرهونٌ بمقايضاتٍ سياسيةٍ ووجود قوةٍ دوليةٍ قادرةٍ على الإشراف، وبإجاباتٍ عمليةٍ عن سؤالٍ أكبر: من سيعيد الأمن والسلامة لسكان غزة على الأرض؟
كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية
[email protected]