رويترز تحذر من تقسيم فعلي لـ غزة وتعثر خطة ترامب
تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT
أفادت مصادر مطلعة لوكالة "رويترز" ، بأن جهود الانتقال إلى المرحلة التالية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، لإنهاء الحرب في قطاع غزة وإعادة الإعمار تواجه تعثراً كبيراً، ما يثير مخاوف جدية من تقسيم القطاع بحكم الأمر الواقع لسنوات مقبلة.
وتشير المصادر إلى أن الخطة التي تتضمن نزع سلاح حركة حماس وإقامة سلطة انتقالية في غزة، متوقفة فعلياً بسبب خلافات جوهرية بين الأطراف الرئيسية.
وكشفت المصادر الدبلوماسية ، أن أبرز أسباب تعثر خطة ترمب تكمن في نقطتين رئيسيتين:
نزع سلاح حماس: وهو ما ترفضه الحركة بشكل قاطع ، رغم أنه شرط أساسي للتقدم في الخطة.
وتواصل إسرائيل معارضتها لأي دور مستقبلي للسلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب في إدارة القطاع، ما يعقد مسألة القيادة الانتقالية.
وفي ظل هذا الجمود، حذرت المصادر ، من أن "الخط الأصفر" الذي أنشأته إسرائيل بمحاذاة نقاط انسحابها بموجب المرحلة الأولى من الخطة، قد يتحول إلى "الحدود الفعلية الجديدة لغزة".
ويسيطر الجيش الإسرائيلي حالياً على نحو 53% من القطاع، بما في ذلك المناطق الزراعية ورفح وأجزاء من مدينة غزة.
وأفادت المصادر أن تحركات إعادة إعمار غزة قد تقتصر على المنطقة الخاضعة لسيطرة إسرائيل فقط. هذا السيناريو، الذي تعارضه دول عربية تخوفاً من تكريس الانقسام، يعني أن غالبية سكان القطاع المكتظين سيبقون في المناطق المدمرة الخاضعة لسيطرة حماس دون دعم مالي عربي لإعادة البناء، مما يفاقم الأزمة الإنسانية.
وأوضحت المصادر ، أن أي تقدم في المرحلة التالية من الخطة بات مرهوناً بـ "ضغط أمريكي" قوي على إسرائيل لقبول دور للسلطة الفلسطينية في غزة، بالإضافة إلى ضرورة حدوث "تحول كبير" في مواقف كل من حماس وإسرائيل لتنفيذ باقي بنود الاتفاق.
ويؤكد هذا التقرير من "رويترز" أن غياب الإجماع حول القضايا الجوهرية (نزع السلاح والإدارة المستقبلية) يضع مصير قطاع غزة ومستقبله السياسي والإنساني على شفا انقسام دائم، ويهدد بتحول الترتيبات الأمنية المؤقتة إلى وضع قائم يدوم لسنوات.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دونالد ترامب الرئيس الأمريكي قطاع غزة سلاح حركة حماس خطة ترمب
إقرأ أيضاً:
تصعيد نتنياهو وتعثر خطة ترامب
إن المراقب للمشهد في قطاع غزة، يلحظ تكرار الاعتداءات الإسرائيلية، بل عدم توقفها، بمختلف الوسائل والأشكال سواء بقصف الطائرات والمسيّرات، أو قذائف الدبابات والمدفعية، أو إطلاق النار المباشر على المواطنين، وحتى نسف ما تبقى من أبنية، والتنصل من استحقاق إدخال المساعدات بشكل كامل كما اتفق عليه. كل هذا يأتي تحت ذريعة أن المقاومة تتأخر أو لا تريد تسليم رفات الأسرى الإسرائيليين القتلى، ولكسب المزيد من الوقت قبل دخول المرحلة الثانية من الاتفاق.
بيد من الواضح أن هناك عدة أهداف لدى نتنياهو يسعى إلى تحقيقها من جراء ذلك، أهمها وأولها محاولة استرضاء اليمين المتدين ممثلا بإيتمار بن غفير وسموتريتش؛ بغرض الحفاظ على ائتلافه الحكومي. ومن هنا يأتي دعم نتنياهو لمقترح بن غفير القاضي بإعدام الأسرى الفلسطينيين والذي صادق عليه الكنيست مؤخرا.
ثانيا، الظهور بمظهر الحريص على الدم الإسرائيلي، وهو المسؤول عن قتل الأسرى وإزهاق أرواح آلاف الإسرائيليين في هذه الحرب.
ثالثا، إقناع الشارع الإسرائيلي والمعارضة بأنه لا زال يمسك بزمام الأمور وأنه لم يقدم أية تنازلات أو تراجع عن تحقيق أهداف الحرب.
رابعا، السعي لعدم تمكين المقاومة من إعادة تنظيم صفوفها واستعادة قدراتها، وإجبارها على تسليم سلاحها وتدمير أنفاقها-التي شكلت العمود الفقري لصمودها- وهذا يندرج ضمن وعود نتنياهو المستمرة بالقضاء عليها وعلى سلطتها؛ لا سيما أن مشهد نشر الآلاف من عناصر المقاومة خلال وقت وجيز للحفاظ على الأمن وملاحقة ومعاقبة العملاء والمتعاونين مع الاحتلال يفند ادعاءات نتنياهو بالقضاء على المقاومة.
خامسا، ظهور ملامح اليوم التالي في غزة بما لا يرضي نتنياهو وحكومته اليمينية؛ خاصة بعدما تبيّن أن حماس قادرة على الإمساك بزمام الأمور الإدارية واللوجستية، وتوزيع المساعدات وإعادة العمل بالوزارات والإدارات والهيئات، وبسط سلطتها بشكل فوري في المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال؛ هذه المشاهد أعادت للأذهان فشل نتنياهو في تحقيق ما وعد به من أهداف.
سادسا، تهدف سياسة نتنياهو من خلال استمرار الاعتداءات، والتي بدت وكأنها حرب استنزاف غير معلنة، إلى الوصول إلى الانتخابات الداخلية لحزبه الليكود وهو بحالة المنتشي والمنتصر لضمان إعادة انتخابه؛ ما يشكل خشبة خلاص له نحو الاستمرار بالحياة السياسية، وخوض انتخابات مبكرة يضمن بها فوزه برئاسة الحكومة مجددا؛ بعدما ضمن دعم الرئيس ترامب له في رصف الطريق أمامه عندما مُنح شبكة أمان كشرطٍ لإنهاء الحرب، وعندما طالب ترامب رئيسَ "إسرائيل" هرتسوغ بالعفو عنه (نتنياهو) والكف عن محاكمته بتهم الفساد التي تلاحقه.
بغض النظر عن كل ما تقدم، يبقى الهدف الأسمى لنتنياهو وقادة حربه استمرار الحرب؛ لقناعتهم بأنهم لم يحققوا أيا من أهداف حربهم النازية سوى تدمير مدن ومخيمات القطاع وبناها التحتية، وشل وإعدام كل جوانب الحياة، إمعانا بزيادة معاناة الغزيين، ودفعهم نحو التهجير القسري، هذا المشروع الذي لا زال قائما في أذهان وعقيدة قادة الكيان، وخطة ترامب التي يسعى إلى تحقيقها عبر مسمى آخر أُطلق عليه مؤخرا "غزة الجديدة"؛ تحت ذريعة إعادة إعمار وبناء غزة وسط سيطرة سلطة الأمر الواقع بما يسمى "مجلس السلام"، بقيادة الرئيس ترامب ورئيس وزراء بريطانيا السابق بلير. وهذا ما يبدو العمل عليه حثيثا؛ من خلال تبني الولايات المتحدة مشروع قرار لعرضه على مجلس الأمن وحشد الداعمين له، ويقضي بتشكيل قوة دولية؛ إنقاذا لخطة ترامب المتعثرة، والتي ما زال يسعى لإنقاذها لما تنطوي عليه من ضمان لمصالح إدارته ومصالح الكيان، بوصفها صفقة تجارية أكثر من كونها "خطة سلام"، كما يدعي الرئيس ترامب مرارا وتكرارا، والذي يحرص على أن تكون أساسا لسلامٍ دائمٍ في الشرق الأوسط، دون أن يذكر البتة "القضية الفلسطينية أو حل الدولتين أو دولة فلسطينية"، بل حرص على الاكتفاء بضمان مصلحة "إسرائيل" بإخراجها من عزلتها الدولية، وتوسيع عملية التطبيع مع جيرانها العرب؛ عبر إعادة إحياء الاتفاقات الإبراهيمية.
من ناحية أخرى، فإن الغريب في الأمر أن الرئيس ترامب حريص على إنهاء الحرب وفق منظوره بما يضمن نجاح مساعيه، بينما يسعى نتنياهو لعرقلة هذه المساعي بخلق المبررات لاستئناف القتال ولو بوتائر أقل مما كانت عليه قبل خطة ترامب ذات الواحد والعشرين بندا. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مبرر ذلك بالنسبة لترامب يعود إلى ضغط اللوبي اليهودي والدوائر الصهيونية الأمريكية لإنهاء الحرب؛ لشعورهم بتزايد عزلة "إسرائيل" الدولية وزعزعة مكانتها، وتضاعف المخاوف على مستقبلها وسط محيطٍ من الكراهية، والكف عن إحراج الولايات المتحدة المستمر كداعمٍ لها، وظهور هذه الأخيرة بمظهر الشريك المباشر في هذه الحرب القذرة التي أدانها العالم بأسره، والتي أدت إلى تحولات مرئية في المشهد السياسي عالميا، خاصة في أوروبا وفي صفوف الناخبين الأمريكيين وخاصة الأكاديميين وطلاب الجامعات وجيل الشباب، وتعالي أصواتٍ صحفية وقانونية لتفعيل قانون "ليهي" الذي يحظر على الولايات المتحدة تزويد السلاح لأي جهة تنتهك حقوق الإنسان، ما يضع إدارة ترامب أمام المساءلة القانونية في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية..
ولعل انتخاب الديمقراطي زهران ممداني عمدة لمدينة نيويورك دليل على ذلك التحوّل؛ هذا الفوز الذي وصفته وسائل الإعلام الأمريكية ووسائل التواصل الاجتماعي بأنه زلزال وهزيمة للترامبية والمال السياسي والضغط الصهيوني للحيلولة دون فوزه بسبب ما أعلنه في برنامجه الانتخابي.
إن تقاطر الوفود الأمريكية الرفيعة المستوى إلى دولة الكيان وما صدر عنهم من تصريحات؛ يؤكد الأهداف الاستراتيجية لإدارة ترامب، التي لا تتقاطع مع أهداف نتنياهو الشخصية والتكتيكية، وتسعى في جوهرها إلى بسط النفوذ في الشرق الأوسط من جديد، وإعادة رسم الخارطة الجيوسياسية بما يتماهى مع المصالح الأمريكية العليا، وتحقيق ما عجزت عنه آلة الحرب الإسرائيلية على مدى عامين كاملين. وتأتي إقامة مركز مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار وبقيادة أمريكية لتأكيد هذا الحرص من إدارة الرئيس ترامب على المضي قدما في تنفيذ خطته.
مما لا شك فيه، أن هذه السياسة الرعناء لنتنياهو وحكومة اليمين الديني المتطرف، وتكرار الاعتداءات الممنهجة، وسقوط المزيد من الضحايا؛ سيؤدي بالنتيجة إلى انهيار وقف إطلاق النار الذي لا زال بنظر ترامب "ليس هشا". إن هذه السياسة المتهورة تلقي بظلالها على المشهد اليومي في غزة، ولا تعكس إلا استمرارا للعقيدة التوراتية الصهيونية العدوانية القائمة على الثأر والانتقام. وهذا يتطلب من الوسطاء والدول الراعية لخطة ترامب لإنهاء الحرب بذل جهود حثيثة لدى الجانب الإسرائيلي ولدى الإدارة الأمريكية، وتحميلها المسؤولية بوصفها الجهة الوحيدة التي تملك أدوات الضغط الفاعلة؛ منعا لما ستؤول إليه الأمور من مخاطر في حال استئناف الحرب.
كما يتطلب الأمر الحذر واليقظة من جانب المقاومة لخداع وألاعيب ومناورة نتنياهو، خاصة فيما يتعلق بالإدخال الكامل لشاحنات المساعدات كما جاء في الخطة، وفتح ممر آمن للمقاتلين الموجودين في الأنفاق؛ باعتبار ذلك ورقة جديدة للمساومة ولابتزاز المقاومة ودفعها لتسليم سلاحها، وبالتالي إنهاء وجودها.
[email protected]