القاهرة ومهرجانها السينمائي.. إبداع يفوق الحدود
تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT
مدرين المكتومية
من شُرفتي بالطابق السابع عشر في فندق سوفيتيل داون تاون تتلألأ مياه النيل أمامي تحت أشعة الشمس الصافية راسمة لوحة استثنائية، ففي القاهرة السماء صافية والمدينة تمتد في الأفق نابضة بالحياة وبصخب أصوات السيارات وزحام المارة تعيش تجربة فريدة في قلب القاهرة الساحرة.
ووسط إيقاع الحياة السريع، يتملكني شعور يشبه مشاهدة لقطة افتتاحية لفيلم بديع، ترى كل شيء فيه بحقيقته وبألوانه الممتعة وبالأصوات الحقيقية دون أي مونتاج، كل ذلك من هنا، من هذا الارتفاع الذي يبدو كل شيء فيه أكثر وضوحًا ودقة.
أراقب كل ذلك وكأنني أشاهد أحد الأفلام المشاركة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدورته الـ46، ولو أتيحت لي الفرصة لأسميت هذ الفيلم "القاهرة بعيوني" ليكون أبطاله هم الناس الحقيقيون في الشوارع الذين نقابلهم في الشوارع والمزارات والمواصلات، أبطال حقيقيون يعيشون تفاصيل حياتهم ببساطة دون تكلف. فحين أنظر للأسفل أرى الباعة يفتحون أبواب أرزاقهم، والمتسوقين يعقدون صفقاتهم الصغيرة، والموظفين يسابقون عقارب الساعة للوصول إلى مكاتبهم أو مقار عملهم، مشاهد لا تنتهي لكنها تشبه في صدقها أجمل ما يمكن أن تقدمه السينما "حكايات من الحياة".
مهرجان القاهرة هذا العام وككل دوراته، يأتي بنسخة جديدة محافظة على أناقتها مضيفة إلى بريقها تفاصيل صغيرة لكنها مؤثرة، كل شيء فيه منظم ومرتب، إذ يحرص القائمون عليه على تقديم كل ما يلزم لجعل كل نسخه مفاجأة وجميلة.
فمنذ لحظة الوصول يلمس الزائر حفاوة الاستقبال ودقة التنظيم وكأن الفريق العامل قد قرر أن يجعل من كل مرحلة في المهرجان مشهدا متقنا، فيصبح الانتقال بين العروض والندوات واللقاءات تجربة سلسة ومُمتعة يشعر فيها الضيف بأنه جزء من احتفالية فنية عريقة تتجاوز الفنون إلى الإنسان ذاته، كل شيء منتقى بدقة حتى الأفلام المعروضة والندوات المقدمة والورش والنشرة اليومية التي تبهر القارئ.
ولأنَّ مهرجان القاهرة يعد من أهم المهرجانات وأعرقها، يحرص صناع الأفلام من مختلف أنحاء العالم أن يكونوا جزءا من هذه التجربة، إدراكا منهم لقيمة المهرجان ومكانته كمنصة عالمية تتيح للأعمال السينمائية أن ترى وتناقش وتقرأ بعيون نقدية خلاقة ومنصفة ومتوازنة.. فهنا في القاهرة تتقاطع الثقافات وتتحاور التجارب وتولد أفكاراً جديدة قد تمهد لمشروعات سينمائية مستقبلية.
وإنني أرى أن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يجسد أصالة الفن العربي، فالسينما المصرية لها تاريخ عريق لا يمكن إنكاره، واستلهم الجميع منها أفكارها وتجاربها باعتبارها رائدة الفن في الوطن العربي.
ومع اقتراب حفل الختام، تتصاعد التوقعات وتزداد الأسئلة حول الأفلام التي ستتوج بالجوائز هذه الدورة، ولكن من المؤكد أنَّ القيمة الحقيقية لا تكمن في النتائج وحدها بل في ذلك الشغف الجماعي الذي يجمع الجمهور وصناع السينما تحت سقف واحد، يحيون فيه جمال الصورة وقوة الحكاية في نسق يكمل صورة المهرجان، فشكرا لكل القائمين على هذا المشهد الثقافي السينمائي الرائع.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: مهرجان القاهرة کل شیء
إقرأ أيضاً:
لأول مرة.. عرض فيلم "باب" الإماراتي ضمن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
القاهرة- الرؤية
يُعرض اليوم الإثنين 17 نوفمبر، ضمن عروض الجالا بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ46، فيلم "باب" للمخرجة الإماراتية نايلة الخاجة، في عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك في تمام الساعة 9:00 مساءً على المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، ضمن قسم "عروض منتصف الليل".
"باب" فيلم روائي طويل من إنتاج الإمارات العربية المتحدة، ناطق باللغة العربية، وتبلغ مدته 97 دقيقة. ويقدّم الفيلم رحلة نفسية غامرة عبر قصة وحيدة، التي تعثر على أشرطة كاسيت مخبأة خلف باب أخضر، لتبدأ في كشف خيوط الحقيقة وراء وفاة شقيقتها التوأم. ومع تزايد وطأة طنين الأذن الذي يلاحقها، تقودها رحلتها إلى أعماق الجبال، حيث تُفتح أمامها أسرار مقلقة تغيّر مسار حياتها.
نايلة الخاجة تُعدّ أول مخرجة سينمائية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد عُرض فيلمها الروائي الطويل الأول "ثلاثة" عام 2024، محققًا عروضًا دولية في عدة دول من بينها تركيا. تشتهر الخاجة باستخدام لوحات لونية مميزة وديكورات داخلية معقدة، بينما تتناول أعمالها موضوعات الوصم الاجتماعي والتحولات الشخصية من خلال سرد بصري متعدد الطبقات.
عن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
يُعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي أحد أعرق المهرجانات في العالم العربي وأفريقيا، وأحد أبرز المهرجانات الدولية المعتمدة من الاتحاد الدولي للمنتجين (FIAPF). تأسس عام 1976، ويقام سنويًا تحت رعاية وزارة الثقافة. يحرص المهرجان في كل دورة على الجمع بين البعد الفني والبعد المهني، ما يجعله منصة رئيسية للحوار بين الثقافات وتعزيز حضور السينما العربية على الساحة الدولية.