اليوم الوطني .. التحول التاريخي للدولة البوسعيدية
تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT
يحتفل وطننا العزيز من أقصاه إلى أقصاه غدا باليوم الوطني الذي يجسد التاريخ المجيد والحضارة الممتدة عبر قرون من الزمن، حيث نسجت الدولة البوسعيدية فصولًا من المجد والفخار للوطن على مدى ٢٨٠ عامًا، منذ تولي المؤسس السيد أحمد بن سعيد البوسعيدي مقاليد الحكم؛ حيث وحد الوطن بعد كفاح ونضال ضد الغزاة والطامعين.
ولقد استشعرت شخصيًا قيمة ذلك الكفاح والنضال لمؤسس الدولة البوسعيدية عام١٧٤٤م، وأنا أقوم بالتطواف في قلاع سلطنة عمان الشامخة لتسجيل توثيقي عن سلاطين عمان. فمن قلعة صحار حيث بدأت مسيرة الحكم البوسعيدي، مرورا بقلاع الرستاق ونزوى ومطرح والميراني والحصون التي شهدت أحداثًا تاريخية كبيرة شكلت ـ رغم قسوة بعضها ـ معالم عمان الحديثة.
وإذ تحتفل بلادنا غدا بيومها الوطني، ذكرى مرور ٢٨٠ عاما على تأسيس الدولة البوسعيدية التي تشرفت بخدمة الوطن العزيز والشعب الكريم، لابد من وقفة شموخ واعتزاز بالسلاطين أصحاب الهمم الوطنية العالية، الذين واجهوا تحديات تاريخية بداية من تأسيس الدولة البوسعيدية عام١٧٤٤م، وحتى عهد النهضة المتجددة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي يجدد مفاصل الدولة العمانية الحديثة.
والتطواف بقلاع عمان التاريخية هو تطواف بتاريخ الوطن، والفخر والاعتزاز بذلك التاريخ الذي جعل من بلادنا واحة للأمن والاستقرار.
والأمن والسلام والوحدة الوطنية لم تتحقق من فراغ، بل دفعت من أجلها أثمان كبيرة وقام سلاطين عمان بأدوار عظيمة للحفاظ على وحدة وسيادة البلاد في ظل تحديات داخلية وخارجية كبيرة كادت أن تمزق الوطن العماني في لحظات تاريخية فارقة، بل في عهدهم امتد نفوذ الامبراطورية العمانية وتواصلها الحضاري إلى شرق أفريقيا وشبه القارة الهندية، وإلى كانتون في الصين؛ وقصة السندباد العماني، والسفينة صحار، وإنقاذ مدينة البصرة من الفرس، وجولات وصولات الحرية العمانية في المحيط الهندي والخليج العربي وبحر عمان، وإقامة علاقات دولية واسعة مع القوى الدولية البحرية، كل هذه العلامات المضيئة في تاريخ عمان جديرة بأن يحتفى بها، وعلى الأجيال الجديدة أن تستلهم معانيها في هذا اليوم الوطني، حيث التاريخ الحافل الممتد من الماضي العريق إلى الحاضر المشرق.
ولا شك أن المشهد الوطني في سلطنة عمان شهد تحولات كبرى منذ عام ١٧٤٤م وحتى اليوم، وذلك بفضل جهود سلاطين عمان وكفاحهم في مواجهة جملة من التحديات السياسية الداخلية والخارجية، وأيضا الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي واجهها بعضهم والتي يعود معظمها إلى الصراعات والحروب والخلافات الداخلية.
من هنا، فإن تاريخ العشرين من نوفمبر، يوم تأسيس الدولة البوسعيدية، هو بالفعل يوم انتشل فيه الوطن من جملة من الصراعات بقيادة المؤسس أحمد بن سعيد البوسعيدي رحمه الله. ويمكنني استشعار ذلك الموقف التاريخي وأنا أنظر إلى بحر عمان من شرفة قلعة صحار التاريخية، بينما يحاصر الفرس المدينة على مدى تسعة أشهر، لتنطلق بعدها المسيرة البوسعيدية براية النصر إلى الرستاق إحدى العواصم التاريخية لسلطنة عمان. وهناك تجدد المشهد الأسبوع الماضي ونحن نصور إحدى حلقات سلاطين عمان لصالح إحدى المؤسسات الإعلامية، حيث شهدت قلعة الرستاق، كما هو الحال في قلعة صحار، أحداثًا تاريخية كبيرة.
إن احتفالنا باليوم الوطني هو استشعار لحجم التغيرات الكبرى للنهضة العمانية الحديثة التي قادها السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ الذي أسس دولة عصرية يواصل جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ ترسيخ مكانتها المرموقة بين الدول المتقدمة، وتحديث الهياكل الإدارية والتشريعية للدولة والارتقاء بمختلف القطاعات لمواكبة التطورات الاقتصادية والتقنية.
ولا شك أن تحديات الثورة الصناعية الرابعة والابتكار والذكاء الاصطناعي جعل سلطنة عمان تتجه إلى مسارات حيوية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والعلمي في ظل رؤية طموحة للوصول بالوطن العزيز إلى مراحل متقدمة، يتبوأ خلالها مقدمة الركب الحضاري.
وقد شهدت السنوات الخمس الماضية من نهضة عمان المتجددة قفزات نوعية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وتطورًا في مؤشرات التصنيف الدولي الإيجابي وزيادة الاستثمار الخارجي الذي تعدى ٣٠ مليار ريال عماني، وتشهد بلادنا انطلاق الخطة الخمسية الحادية عشرة مع بداية العام الجديد ٢٠٢٦ لتحقيق آمال الوطن والشعب العماني الكريم، ومع كل إنجاز يتحقق نستشعر عظمة عمان، وجهود قيادتها لتحقيق التطلعات.
لقد فرض الموقع الاستراتيجي الفريد لسلطنة عمان تحديات كبيرة، كما أن إطلالتها على البحار المفتوحة جعل منها دولة بحرية مهابة لعبت أدوارًا تاريخية على صعيد الدفاع عن الوطن، وأيضا في مجال التجارة البحرية، وإقامة علاقات تاريخية وحضارية مع القوى الكبرى، ذلك الإرث التاريخي المجيد الذي سطره سلاطين عمان على مدى ٢٨٠ عاما نراه متجسدًا في الدبلوماسية العمانية التي استطاعت أن تعكس سياسة بلادنا سلطنة عمان كأيقونة سلام تؤدي دورًا محوريا في خفض التصعيد في المنطقة وإيجاد حلول واقعية لعدد من الملفات المعقدة، كالملف اليمني، والملف النووي الإيراني، حيث تحظى بلادنا بالاحترام والتقدير بين قيادات وشعوب العالم باعتبارها محطة أساسية للحوار والحكمة في عالم معقد تسوده الحروب والصراعات والبعد عن المنطق السياسي الحصيف.
كل عام وبلادنا العزيزة عمان في خير وسلام وازدهار وهي تحتفي غدا بيومها الوطني في ظل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي يبذل الجهود الكبيرة للارتقاء نحو آفاق المجد والعزة والتقدم للوطن والشعب العماني الكريم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الدولة البوسعیدیة سلاطین عمان سلطنة عمان على مدى
إقرأ أيضاً:
حيوا عُمان بيومها الوطني
حمد بن مبارك بن محمد المعشري
بمناسبة اليوم الوطني المجيد، أتشرف أن أرفع إلى المقام السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- أحر التهاني وأطيب التبريكات، سائلا الله جل جلاله أن يمد في عمر جلالته وأن يؤيده بنصره ويوفقه لمواصلة مسيرة النهضة المُتجددة.
حيوا عمان بعيد يومها الأحرار … ما خيره ابن الإمام سيّدٌ مغوار
بعشرين نوفمبر تجلت عظمة … تجلى عمان عرشها الأخيار
سلطان أسس ملكها بسواعد … ومضى سعيد ابنه المغوار
قهر الغزاة من العداةِ وأبحرت… أساطيله يقهرنها الأشرار
مضت تقارع فلولهم حتى رست … على شاطي الأحرار والأخيار
فأنشأ بها السلطان مجد أكابر… وغدت عمان بما حوته فخار
من بعده تركي تربع عرشها … وكذاك فيصل حازها الأفخار
من بعده تيمور شيد حصنها … وسعيد من بعده مغوار
ثم أتى من بعده شاد العلى … قابوس باني نهضة وفخار
مضى وجاء بعده الشبل الذي … شد السواعد لمنهج المختار
سار على درب الهداة مشمر … سواعد عزمٍ جلها إصرار
هيثم تراه بالمهابة شامخاً… ما خيره شهمٌ ولا مغوار
جمع المهابة والشهامة عنوة … زان به عرش وزان فخار
ثمّ الصلاة على الرسول وآله … ما أشرقت فوق الدنا الأنوار