لجريدة عمان:
2025-11-18@19:32:51 GMT

الإعلام العماني.. صورة عُمان الناصعة والمشرقة

تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT

الإعلام العماني.. صورة عُمان الناصعة والمشرقة

لا يكتمل أي حديث عن عُمان دون الحديث عن إعلامها، فالإعلام العماني أهم مرآة يمكن أن تُرى من خلاله عُمان، أن يُرى اقتصادها وتنميتها وحركة العمران فيها وموانئها ومؤسساتها الثقافية والمدنية.. لكن الأهم من ذلك رؤية الجوانب المعنوية بشكل عميق جدا؛ فعن طريق الخطاب الإعلامي العماني يمكن أن يقرأ المتابع قيم المجتمع، وسياسة الدولة، وتوجهات الخطاب السياسي تجاه الكثير من قضايا المنطقة والعالم وأن تفهم عمق الشخصية العمانية وكيف تفكر.

لقد ساهم الإعلام العماني مساهمة كبيرة خلال العقود الماضية في بناء شخصية المواطن العماني: ثقافته واتزانه وتكريس قيمه وهويته واعتزازه بأرضه وثقافته وانتمائه العربي. كما ساهم الإعلام العماني في بناء الصورة الذهنية عن عُمان وشعبها وقيمها ومبادئها في العالم أجمع.. وكان دور الإعلام كبيرا جدا في تحويل القيم السياسية العمانية تجاه الآخر إلى واقع ملموس. واستطاع خلال العقود الخمسة الماضية السير فوق خيط رفيع جدا وتَمثل الحياد العماني خير تمثيل إلى حد تماهى فيه الإعلاميون والدبلوماسيون في خطاب واحد.

ورغم الأحداث الكثيرة والعاصفة التي مرت بالمنطقة إلا أن الإعلام العماني استطاع أن يدير المشهد بكفاءة عالية دون خروج عن الخط السياسي. وما كان هذا الأمر ليتحقق بكل هذه الدقة دون فهم ووعي من المشتغلين أو القائمين على المؤسسات الإعلامية بجوهر السياسة العمانية وأهدافها العليا.

وإذا كانت عُمان محط ثناء العالم على ما تتمتع به من اتزان في خطابها وهدوء واستقرار في مجتمعها وفي علاقتها بالآخر ومن نقاء قيم وأخلاق ومبادئ العمانيين فإن للإعلام العماني الدور الأكبر والأساسي في كل ذلك، فخطابه لم يكن في يوم من الأيام خطاب تفريق أو خطاب كراهية أو عنصرية أو مذهبية أو اصطفاف أو استقطاب رغم المحيط المشتعل والمتخم بالاستقطابات، وكان على الدوام يقدم النموذج الأمثل ويعمل على تكريسه.. وكان وما زال يتمثل القيم العليا للدولة وسياستها الحكيمة.

ومن بين أهم الرهانات التي عمل عليها الإعلام العماني رهان تكريس الهوية الوطنية وبنى على الدوام سردية متماسكة عن التاريخ والموروث والقيم ولم يتورط أبدا في بناء خطاب مشوه أو مزور وكان يبني وعيا أثبت مع الوقت أهميته وصلابته.

ومن بين النجاحات الكبيرة التي حققها الإعلام العماني في لحظة مفصلية من تاريخ عُمان هو قدرته على بناء جسر ناظم بين عهدين، عهد السلطان قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، وبين عهد السلطان هيثم بن طارق، حفظه الله ورعاه، دون أي التباس أو خلل رغم حساسية المرحلة وما صاحبها من تحولات على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي.

وهذه أهم المعايير التي لا بد من استحضارها عند محاولة تقييم الإعلام العماني بوصفه إعلاما وطنيا يهدف في المقام الأول إلى بناء وعي وتكريس قيم وهوية.

وأمام الإعلام العماني استحقاقات كبيرة جدا في المرحلة القادمة، فالوعي مستهدف، وكذلك الهويات الوطنية والقيم كما لم تستهدف من قبل. والعالم مقبل على مرحلة ستفرض فيها هُويات بالقوة وتهدم القيم وتضرب مواطن القوة والصلابة خاصة في منطقة الشرق الأوسط. ويحتاج الإعلام حتى يقوم بدوره الحضاري هذه المرة إلى مزيد من الدعم والتمكين واعتباره من القطاعات الأساسية التي تستحق الدعم الكامل مثله مثل التعليم والصحة.

والإعلام العماني كان على الدوام الصورة المشرقة لعُمان، لتاريخها وحاضرها، ولهدوئها وحكمتها ولاتزانها وعمقها. كان كذلك وسيبقى حتى لو أصبحت التحديات أكبر وأكثر شراسة مما كانت عليه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الإعلام العمانی

إقرأ أيضاً:

أنتوني هوبكنز.. السير يروى سيرته السينمائية

في المشهد الختامي من فيلم "حدوتة مصرية"، أحد أجزاء السيرة الذاتية للمخرج شاهين، يفيق "يحيى" في حجرته بالمستشفى بعد تخدير دام ساعات في جراحة بالقلب. تدخل الممرضة معتذرة لأنها تركته وحيدا لبعض الوقت، لكنه يخبرها بسعادة "لم أعد وحيدا بعد الآن". كانت تلك لحظة مصالحة نادرة بين الرجل والطفل الذي كانه، بعد صراع استمر العمر كله، مصالحة منحته سلاما داخليا طال انتظاره.

في سياق مشابه، صدر حديثا كتاب بعنوان "لقد نجحنا يا صغيري" (We Did OK Kid) ليطرح مصالحة من نوع آخر، عبر مذكرات السير البريطاني أنتوني هوبكنز، أحد أبرز الأسماء في تاريخ السينما. يستعرض فيها محطات سيرته الذاتية، حاملا رسالة موجهة إلى ذلك الطفل الويلزي الخجول الظاهر في صورة قديمة بجانب والده، وقد بات بينهما الآن أكثر من ثمانية عقود، كأنه يمد يده عبر الزمن ليطمئنه: لقد عبرنا الطريق بكل عثراته، فهنيئا لك يا صغيري على سلامة الوصول، أقل خوفا وأكثر معرفة بأنفسنا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وفاة أشهر توأم فنّي ألماني في اليوم نفسه عن عمر 89 عاماlist 2 of 2استقرار الحالة الصحية للموسيقار عمر خيرت وتأجيل ارتباطاته الفنيةend of list

صدر الكتاب عن دار نشر سايمون آند شوستر في الولايات المتحدة، متاحا ورقيا وإلكترونيا، إلى جانب نسخة صوتية يقرأها أساسا الممثل والمخرج البريطاني كينيث براناغ، في حين يشارك هوبكنز بصوته في مقاطع مختارة، خصوصا تلك الشعرية، إذ خصص ملحقا يضم 15 مقطعا من قصائده المفضلة، بعدما كان الشعر شاهدا على انتصاراته الأولى في المراهقة، حين طُلب منه إلقاء قصيدة جون ماسفيلد "الريح الغربية". بعد انتهائه، فوجئ باستقبال إيجابي، يقول "لم تكن هناك ابتسامات ساخرة"، سواء من زملائه أو من معلمه المتحفظ الذي أثنى على أدائه على غير العادة.

أنتوني هوبكنز اشتهر بقدرته الاستثنائية على تجسيد الشخصيات المعقدة (غيتي)

طفل برأس فيل

يصف أنتوني هوبكنز حياته بـ"اللغز الكبير"، لغز لم يصدقه على مدى سنواتها المديدة وهو يحتفي بها في الوقت ذاته، يقول "في الـ88 من عمري، أدركت تماما كم أن الحياة قوة عظيمة، وأدركت أيضا عظمة الفناء". في فصل آخر يقول، "أنظر إلى حياتي وأتذكر ذلك الصبي المسكين، أفكر: كيف حدث كل هذا".

إعلان

لا يكتب هوبكنز مذكراته كمن يستعيد انتصاراته، بل كمن يتلمس ندوب الطريق، ماسحا عنها الغبار لتتكشف صورة طفولة تركت أثرا ملموسا على ممارساته المستقبلية، خاصة الصدمة التي أحدثها انتقاله من حياة ابن خباز متواضع الحال إلى ما أصبح عليه لاحقا. ذلك الصبي لم يكن يتوقع منه الكثير، كما يعترف، حتى أن جده كثيرا ما تحسر على حال حفيده، صاحب رأس الفيل، كما يصفونه.

من الواضح أن هوبكنز عاش صراعا مستمرا على مختلف المستويات، لا سيما في تعامله مع الآخر، رغم أن صورته على الشاشة تبدو عكس ذلك، نراه يصرح "أحارب دائما الرغبة في المضي في الحياة وحدي وتجنب العلاقات خوفا من أن أتأذى". بحصيلة تجاوزت 100 فيلما وعدد من المسرحيات والأعمال الدرامية، انضم أنتوني هوبكنز إلى كتيبة المبدعين الذين تركوا بصمة، لذلك لم يكن من الغريب أن تحظى أعماله بالتقدير الجماهيري والنقدي على حد سواء، بما في ذلك التجارية منها، والتي قد تشكل النصف تقريبا، لكن هذا لم يمنعه من العزف منفردا داخل سيناريو متواضع أو تحت قيادة إخراج هزيل، وأن يكون واحدا من الوجوه القليلة القادرة على احتلال المشهد فور ظهورها على الشاشة.

هوبكنز يعتبر أحد أهم من جسّد الشخصيات الأدبية والمسرحية، من هاملت إلى هيتشكوك (غيتي)الذات في مرآة الذات

قبل سنوات، قدّم هوبكنز واحدا من أعظم أدواره في فيلم "الأب"، الذي نال عنه أوسكار التمثيل للمرة الثانية في مسيرته. شكّل الفيلم التجربة الأولى في الإخراج السينمائي للكاتب والمخرج الفرنسي الشاب فلوريان زيلر، المعروف في عالم المسرح، ويتناول قصة أنتوني، المهندس المتقاعد الذي يعاني من مضاعفات ألزهايمر، تتفاقم مع إحساس مؤلم بأن ابنته تخلّت عنه بإيداعه دار رعاية للمسنين. تصبح تلك الدار مركزا لتشابك الأزمنة والذكريات، حيث يغادر أنتوني حدود غرفته ليستدعي ماضيه وحاضره ومستقبله، في أجواء شبه شكسبيرية.

تمكّن هوبكنز من تجسيد الحالة الشعورية لكل لحظة على حدة، متنقلا بين الحالات بمجرد التفاتة أو فتح باب. سلاسة الانتقال جعلت الثمانيني يتنقّل بانسيابية راقص باليه، خاصة في المشاهد التي يستحضر فيها الراحلين ويتحدث إليهم، ومن بينها مشهده الأثير مع والدته.

هوبكنز يمتلك حضورا طاغيا على الشاشة، قادرا على التحول بين الرعب والعاطفة والضعف الإنساني بسلاسة مذهلة (غيتي)

في مثل هذه الأيام من عام 2020، افتتح فيلم "الأب" الدورة الـ42 من مهرجان القاهرة السينمائي، وبعد 3 أيام فقط من بدء عرضه في مصر، ظهر هوبكنز عبر صفحته الشخصية بشعر أشعث ولحية غير مهذبة، في هيئة يُرثى لها، وكأنه يودّع جمهوره بكلمات مقتضبة، مقتبسا من "هاملت" فكرة الموت، خالطا عمدا بين أنتوني على الشاشة وأنتوني خارجها. في أحد مشاهد الفيلم، حين يحاول إثبات سلامة ذاكرته للطبيبة بذكر تاريخ ميلاده، يتضح أنه تاريخ ميلاد هوبكنز نفسه: الجمعة، 31 ديسمبر/كانون الأول 1937، آخر يوم في الشهر وآخر شهر في العام، وفي بعض التقويمات آخر أيام الأسبوع أيضا.

تميّزت سيرة هوبكنز بمساحات واسعة من الشفافية والصراحة، نادرا ما تظهر في كتب المشاهير. استخدم تلك الصراحة بذكاء، مشيّدا خطابا أشبه بطقس تطهري، كتابة تجرّد الذات أمام نفسها والجمهور معا. يقول دون مواربة "إدماني كلفني زواجي الأول، وعلاقتي بطفلي الوحيد، وكاد أن يكلفني حياتي". لا يتردد في كشف الأوجه الخفية لنجم سينمائي لامع، بما فيها ما هو مشين أو غير مستساغ، كالاعتراف بنزواته، منطلقا من قناعة وصل إليها "إذا كنت ستعيش، فعليك أن تعيش حقا. ارتكب أخطاء، اسقط عن الحصان، ثم عد إلى السرج وواصل الركوب".

إعلان

عانى هوبكنز طويلا من إدمان الكحول، لذا لم يكن مستغربا أن يتوقف عند هذه التجربة المؤلمة أكثر من مرة في كتابه. رحلة انتهت قبل نحو نصف قرن، حين أقلع فجأة عن الشراب في لحظة مفصلية استحقت التوثيق، يقول "في صباح الاثنين، 29 ديسمبر/كانون الأول 1975، سمعت صوتا في رأسي يخبرني: انتهى كل شيء.. الآن يمكنك أن تبدأ العيش".

هكذا، تتحول المذكرات من سرد ذكريات إلى رحلة فلسفية وإنسانية، تعيد تشكيل صورة هوبكنز كفنان واعٍ بذاته، قادر على تحويل الألم والخطيئة إلى فهم أعمق للفن والحياة، مؤكدة أن العيش يستحق المغامرة، وأن الانتصار لا يقاس بالشهرة وحدها. عن لحظة ولادة فكرة الكتاب يقول هوبكنز "هناك صورة أحتفظ بها في هاتفي لي مع أبي على الشاطئ حين كنت طفلا. كثيرا ما أعود إليها لأهمس لذلك الصبي: لقد فعلناها يا صغيري".

مقالات مشابهة

  • أنتوني هوبكنز.. السير يروى سيرته السينمائية
  • رئيس مجلس النواب يهنئ نظيره العماني بالعيد الوطني الـ 55 للسلطنة
  • كذبة الحقيقة في الإعلام
  • صورة الذات في الآخر
  • الأمانة العامة تعلن إغلاق طرق رئيسية استعدادًا لاحتفالات اليوم الوطني العماني .. عاجل
  • محمد سليم العوا.. صورة من بعيد!
  • حرب السودان.. حين تتحول المرأة لأداة تحريض على قتل النساء
  • ميك والاس:وسائل الإعلام الغربية متواطئة مع المشروع الصهيوني
  • خطاب حرب أم ضغط تفاوضي؟.. نتنياهو وزامير يرفعان نبرة التهديد تجاه غزة