الجزيرة:
2025-11-18@19:07:37 GMT

أنتوني هوبكنز.. السير يروى سيرته السينمائية

تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT

أنتوني هوبكنز.. السير يروى سيرته السينمائية

في المشهد الختامي من فيلم "حدوتة مصرية"، أحد أجزاء السيرة الذاتية للمخرج شاهين، يفيق "يحيى" في حجرته بالمستشفى بعد تخدير دام ساعات في جراحة بالقلب. تدخل الممرضة معتذرة لأنها تركته وحيدا لبعض الوقت، لكنه يخبرها بسعادة "لم أعد وحيدا بعد الآن". كانت تلك لحظة مصالحة نادرة بين الرجل والطفل الذي كانه، بعد صراع استمر العمر كله، مصالحة منحته سلاما داخليا طال انتظاره.

في سياق مشابه، صدر حديثا كتاب بعنوان "لقد نجحنا يا صغيري" (We Did OK Kid) ليطرح مصالحة من نوع آخر، عبر مذكرات السير البريطاني أنتوني هوبكنز، أحد أبرز الأسماء في تاريخ السينما. يستعرض فيها محطات سيرته الذاتية، حاملا رسالة موجهة إلى ذلك الطفل الويلزي الخجول الظاهر في صورة قديمة بجانب والده، وقد بات بينهما الآن أكثر من ثمانية عقود، كأنه يمد يده عبر الزمن ليطمئنه: لقد عبرنا الطريق بكل عثراته، فهنيئا لك يا صغيري على سلامة الوصول، أقل خوفا وأكثر معرفة بأنفسنا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وفاة أشهر توأم فنّي ألماني في اليوم نفسه عن عمر 89 عاماlist 2 of 2استقرار الحالة الصحية للموسيقار عمر خيرت وتأجيل ارتباطاته الفنيةend of list

صدر الكتاب عن دار نشر سايمون آند شوستر في الولايات المتحدة، متاحا ورقيا وإلكترونيا، إلى جانب نسخة صوتية يقرأها أساسا الممثل والمخرج البريطاني كينيث براناغ، في حين يشارك هوبكنز بصوته في مقاطع مختارة، خصوصا تلك الشعرية، إذ خصص ملحقا يضم 15 مقطعا من قصائده المفضلة، بعدما كان الشعر شاهدا على انتصاراته الأولى في المراهقة، حين طُلب منه إلقاء قصيدة جون ماسفيلد "الريح الغربية". بعد انتهائه، فوجئ باستقبال إيجابي، يقول "لم تكن هناك ابتسامات ساخرة"، سواء من زملائه أو من معلمه المتحفظ الذي أثنى على أدائه على غير العادة.

أنتوني هوبكنز اشتهر بقدرته الاستثنائية على تجسيد الشخصيات المعقدة (غيتي)

طفل برأس فيل

يصف أنتوني هوبكنز حياته بـ"اللغز الكبير"، لغز لم يصدقه على مدى سنواتها المديدة وهو يحتفي بها في الوقت ذاته، يقول "في الـ88 من عمري، أدركت تماما كم أن الحياة قوة عظيمة، وأدركت أيضا عظمة الفناء". في فصل آخر يقول، "أنظر إلى حياتي وأتذكر ذلك الصبي المسكين، أفكر: كيف حدث كل هذا".

إعلان

لا يكتب هوبكنز مذكراته كمن يستعيد انتصاراته، بل كمن يتلمس ندوب الطريق، ماسحا عنها الغبار لتتكشف صورة طفولة تركت أثرا ملموسا على ممارساته المستقبلية، خاصة الصدمة التي أحدثها انتقاله من حياة ابن خباز متواضع الحال إلى ما أصبح عليه لاحقا. ذلك الصبي لم يكن يتوقع منه الكثير، كما يعترف، حتى أن جده كثيرا ما تحسر على حال حفيده، صاحب رأس الفيل، كما يصفونه.

من الواضح أن هوبكنز عاش صراعا مستمرا على مختلف المستويات، لا سيما في تعامله مع الآخر، رغم أن صورته على الشاشة تبدو عكس ذلك، نراه يصرح "أحارب دائما الرغبة في المضي في الحياة وحدي وتجنب العلاقات خوفا من أن أتأذى". بحصيلة تجاوزت 100 فيلما وعدد من المسرحيات والأعمال الدرامية، انضم أنتوني هوبكنز إلى كتيبة المبدعين الذين تركوا بصمة، لذلك لم يكن من الغريب أن تحظى أعماله بالتقدير الجماهيري والنقدي على حد سواء، بما في ذلك التجارية منها، والتي قد تشكل النصف تقريبا، لكن هذا لم يمنعه من العزف منفردا داخل سيناريو متواضع أو تحت قيادة إخراج هزيل، وأن يكون واحدا من الوجوه القليلة القادرة على احتلال المشهد فور ظهورها على الشاشة.

هوبكنز يعتبر أحد أهم من جسّد الشخصيات الأدبية والمسرحية، من هاملت إلى هيتشكوك (غيتي)الذات في مرآة الذات

قبل سنوات، قدّم هوبكنز واحدا من أعظم أدواره في فيلم "الأب"، الذي نال عنه أوسكار التمثيل للمرة الثانية في مسيرته. شكّل الفيلم التجربة الأولى في الإخراج السينمائي للكاتب والمخرج الفرنسي الشاب فلوريان زيلر، المعروف في عالم المسرح، ويتناول قصة أنتوني، المهندس المتقاعد الذي يعاني من مضاعفات ألزهايمر، تتفاقم مع إحساس مؤلم بأن ابنته تخلّت عنه بإيداعه دار رعاية للمسنين. تصبح تلك الدار مركزا لتشابك الأزمنة والذكريات، حيث يغادر أنتوني حدود غرفته ليستدعي ماضيه وحاضره ومستقبله، في أجواء شبه شكسبيرية.

تمكّن هوبكنز من تجسيد الحالة الشعورية لكل لحظة على حدة، متنقلا بين الحالات بمجرد التفاتة أو فتح باب. سلاسة الانتقال جعلت الثمانيني يتنقّل بانسيابية راقص باليه، خاصة في المشاهد التي يستحضر فيها الراحلين ويتحدث إليهم، ومن بينها مشهده الأثير مع والدته.

هوبكنز يمتلك حضورا طاغيا على الشاشة، قادرا على التحول بين الرعب والعاطفة والضعف الإنساني بسلاسة مذهلة (غيتي)

في مثل هذه الأيام من عام 2020، افتتح فيلم "الأب" الدورة الـ42 من مهرجان القاهرة السينمائي، وبعد 3 أيام فقط من بدء عرضه في مصر، ظهر هوبكنز عبر صفحته الشخصية بشعر أشعث ولحية غير مهذبة، في هيئة يُرثى لها، وكأنه يودّع جمهوره بكلمات مقتضبة، مقتبسا من "هاملت" فكرة الموت، خالطا عمدا بين أنتوني على الشاشة وأنتوني خارجها. في أحد مشاهد الفيلم، حين يحاول إثبات سلامة ذاكرته للطبيبة بذكر تاريخ ميلاده، يتضح أنه تاريخ ميلاد هوبكنز نفسه: الجمعة، 31 ديسمبر/كانون الأول 1937، آخر يوم في الشهر وآخر شهر في العام، وفي بعض التقويمات آخر أيام الأسبوع أيضا.

تميّزت سيرة هوبكنز بمساحات واسعة من الشفافية والصراحة، نادرا ما تظهر في كتب المشاهير. استخدم تلك الصراحة بذكاء، مشيّدا خطابا أشبه بطقس تطهري، كتابة تجرّد الذات أمام نفسها والجمهور معا. يقول دون مواربة "إدماني كلفني زواجي الأول، وعلاقتي بطفلي الوحيد، وكاد أن يكلفني حياتي". لا يتردد في كشف الأوجه الخفية لنجم سينمائي لامع، بما فيها ما هو مشين أو غير مستساغ، كالاعتراف بنزواته، منطلقا من قناعة وصل إليها "إذا كنت ستعيش، فعليك أن تعيش حقا. ارتكب أخطاء، اسقط عن الحصان، ثم عد إلى السرج وواصل الركوب".

إعلان

عانى هوبكنز طويلا من إدمان الكحول، لذا لم يكن مستغربا أن يتوقف عند هذه التجربة المؤلمة أكثر من مرة في كتابه. رحلة انتهت قبل نحو نصف قرن، حين أقلع فجأة عن الشراب في لحظة مفصلية استحقت التوثيق، يقول "في صباح الاثنين، 29 ديسمبر/كانون الأول 1975، سمعت صوتا في رأسي يخبرني: انتهى كل شيء.. الآن يمكنك أن تبدأ العيش".

هكذا، تتحول المذكرات من سرد ذكريات إلى رحلة فلسفية وإنسانية، تعيد تشكيل صورة هوبكنز كفنان واعٍ بذاته، قادر على تحويل الألم والخطيئة إلى فهم أعمق للفن والحياة، مؤكدة أن العيش يستحق المغامرة، وأن الانتصار لا يقاس بالشهرة وحدها. عن لحظة ولادة فكرة الكتاب يقول هوبكنز "هناك صورة أحتفظ بها في هاتفي لي مع أبي على الشاطئ حين كنت طفلا. كثيرا ما أعود إليها لأهمس لذلك الصبي: لقد فعلناها يا صغيري".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات أنتونی هوبکنز على الشاشة

إقرأ أيضاً:

شاهد.. لحظة تحطم طائرة تقل وزير المناجم الكونغولي

نجا وزير المناجم في جمهورية الكونغو الديمقراطية لويس واتوم كامبابا والوفد المرافق له، صباح اليوم الاثنين، من حادث تحطم طائرة أثناء هبوطها في مطار كولويزي بمقاطعة لوالابا جنوبي البلاد، دون تسجيل إصابات بين الركاب أو الطاقم.

وقالت مصادر محلية إن الطائرة، وهي من طراز "إمبراير إي آر جي 145" تابعة لشركة "إيرجيت أنغولا" كانت تقل كامبابا من مدينة لوبومباشي إلى كولويزي، حيث هبطت قبل عتبة المدرج مما أدى إلى انهيار عجلاتها الرئيسية وخروجها عن المسار، قبل أن تشتعل النيران في ذيلها.

وتمكنت فرق الطوارئ من إجلاء جميع الركاب البالغ عددهم 29 شخصا، بينهم وزير المناجم، فيما احترقت الطائرة بالكامل.

تحطم طائرة تقل وفدا مرافقا لوزير المناجم في جمهورية #الكونغو الديمقراطية أثناء هبوطها في مطار كولويزي بمقاطعة لوالابا، دون وقوع إصابات بين الركاب.#الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/ngdb3vfan2

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) November 17, 2025

وأظهرت مقاطع مصورة تداولها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي ألسنة اللهب تتصاعد من الطائرة بينما هرع مواطنون وفرق الإنقاذ إلى موقع الحادث.

ويأتي الحادث بعد أقل من 48 ساعة على كارثة انهيار منجم في منطقة كالاندو قرب قرية مولوندو، والتي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 49 من عمال المناجم الحرفيين.

وكان الوزير الكونغولي قد توجه إلى المنطقة لتفقد موقع الكارثة وتقديم التعازي لأسر الضحايا في مهمة وُصفت بأنها إنسانية وطارئة.

وأعلنت السلطات فتح تحقيق موسع لتحديد الأسباب الدقيقة للحادث، وسط ترجيحات بوجود خلل فني في عملية الهبوط.

مقالات مشابهة

  • العروض السينمائية تطرق قضايا الذات والمجتمع
  • عاجل| تحديث لحظة بلحظة لـ عيار 21.. سعر الذهب الآن في مصر
  • في لحظة واحدة.. انتحار أشهر توأمتين في ألمانيا
  • حفيدة زكي رستم: جدي ارتبط مرة واحدة وكان يقول حبي الوحيد ولكن لم يحدث الزواج وبعدها لم يتزوج
  • شاهد.. لحظة تحطم طائرة تقل وزير المناجم الكونغولي
  • مصر: ارتفاع معدل البطالة بنسبة 6.4% خلال الربع الثالث لعام 2025.. ماذا يقول الخبراء؟
  • مهم من إدارة السير للمواطنين
  • أبرزها حوار مع خالد النبوي.. عروض «أيام القاهرة السينمائية» غدًا الأحد
  • ترامب يقول إنه اتخذ قرارًا بشأن العمليات العسكرية في فنزويلا.. إليكم ما نعرفه