أصدرت اللجنة القطرية لتحالف الحضارات كتابا جديدا بعنوان "قطر… جسور التواصل والتفاعل الحضاري"، ضمن خطتها للأعوام 2023–2027، التي تتضمن في جانبها الإعلامي دعم نشر الدراسات والبحوث المعنية بتعزيز ثقافة الحوار وتحالف الحضارات في مختلف المجالات.
ويأتي الكتاب، للدكتورة هند الحمادي من كلية المجتمع في قطر، والدكتور نبيل المريري الباحث والصحفي في وكالة الأنباء القطرية /قنا/، في خمسة فصول تسلط الضوء على التجربة القطرية في الحوار والتفاعل الحضاري، مستندا إلى تحليل علمي يتناول مسارات اهتمام الدولة بملف التواصل الحضاري ومقومات نجاحه، بوصفه ركنا أساسا في بناء مجتمع إنساني يقوم على قيم التفاهم والتعايش بين مختلف الأعراق والأديان والحضارات.


ويقدم الفصل الأول الإطار المفاهيمي لمفهوم التواصل والتفاعل الحضاري وأبعاده وأهم مظاهره، فيما يتناول الفصل الثاني، بعنوان "قطر… التحول والانطلاق"، أبرز التحولات التنموية التي شهدتها دولة قطر منذ تسعينيات القرن الماضي مع تولي صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قيادة البلاد، وما نتج عنها من انطلاقة تنموية وحضارية نوعية.
أما الفصل الثالث، فركز على مصادر القوة وعوامل النجاح في التجربة القطرية، وفي مقدمتها الموقع الجغرافي، والقدرات الاقتصادية والاستثمارية، والتنوع السكاني، والاستقرار والأمن، إلى جانب القيادة الحكيمة، والالتزام بالقيم الإنسانية العالمية، والانفتاح المسؤول، وبناء الشراكات الدولية.
وفي الفصل الرابع، يستعرض الكتاب الدور المحوري لدولة قطر في ميادين التواصل والتفاعل الحضاري، بما يشمل الحوار الثقافي والديني، والدبلوماسية، والتنمية، والتعليم، والرياضة، والعمل الإنساني، إضافة إلى دبلوماسية المؤتمرات التي تعد إحدى أهم أدوات التفاعل الحضاري القطري مع العالم.
وقد خصص المؤلفان الفصل الخامس لموضوع المرأة بوصفه مجالا رئيسيا أضيف إلى مجالات تحالف الأمم المتحدة للحضارات، مسلطين الضوء على الدور الريادي لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع ، في دعم جهود دولة قطر في التواصل والتفاعل الحضاري عبر مبادراتها المحلية والدولية. كما يتناول الفصل إسهام سموها في تأسيس تحالف الأمم المتحدة للحضارات، حيث اختارها الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان ضمن المجموعة الرفيعة المستوى التي شاركت في وضع الأسس الأولى للتحالف.
ويؤكد المؤلفان في خاتمة الكتاب التي حملت عنوان "تواصل في عالم بالغ التعقيد"، أن دولة قطر من خلال هذا النهج التواصلي، وبالرغم من الأزمات والتناقضات التي تشوه حضارة اليوم، تقدم نموذجا حضاريا يعكس قيمها الإسلامية الأصيلة وثقافتها العريقة، ويستعيد ملامح من إسهامات الحضارة الإسلامية التي عرفت تاريخيا بقدرتها على التفاعل مع مختلف الحضارات، وترسيخ مبادئ الحرية والعدالة والتعايش الإنساني.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: أخبار مقالات الكتاب فيديوهات الأكثر مشاهدة

إقرأ أيضاً:

الخلط بين عُمان ومُسمى اليمن

 

حمد الناصري

هناك خلط كبير يقع فيه أكثر كتاب المقالات والسرديات الناعمة.. ويرونها تصنيفًا تاريخيًا موثقًا، على اعتبار أنها امتدادات لجذور ثابتة دون أن يُكلفوا أنفسهم بقراءات مُعمّقة أو بحوث عن مصادر موثوقة، فيطغى عليهم الخلط لعدم دقّة التبيّن، فيذهبون إلى جعل امتداد الجزيرة العربية بترابها ورمالها وبحارها الواسعة محصوراً في جغرافية اليمن فقط.

وبعض المقولات والروايات لا يعرف مدى صحة سندها التاريخي المرتبطة بتعريفات لا وجود لها في القديم أو الحديث.. وكل ما رُوي من مسمّيات كانت تحديدًا مكانيًا وتعريفًا تقديريًا ليس إلا؛ فمثلًا القول إنَّ عُمان "سلطنة عُمان الحالية" جزء من اليمن؛ فاليمن تاريخيًا راسخ منذ الأزل ولا شكّ في ذلك.. وكذلك عُمان أزلية التكوين وقد عُرفت في الحضارات القديمة عُمان وعمُون وفي الحضارة السومرية بمجان ومزون أي وفيرة الماء.

واسم عُمان قد قيل إنِّه يعود إلى عُمان بن إبراهيم الخليل وبعضهم يرى أن اسم عُمان يعود إلى عُمان بن سبأ.. وهذا دليل واضح على أنَّ عُمان أرضًا وبحرًا منذ العهود الأولى ولها موقعها الاستراتيجي وتاريخها وحضارتها التي لا تقل شأنًا وقدمًا عن اليمن العريق.. وقد ذكرها أحد ملوك أوروبا (دونجي) بنحو 2450 قبل الميلاد.

وإذا ما قرأنا عن تاريخ ما قبل الإسلام للأستاذ المؤرخ العراقي جواد علي، نجده قد فصّل تفصيلًا دقيقًا أنه وجد في مدونة على تمثال "نرام سن" أنه أخضع مجان وتغلّب على ملكها "مانو" يعني أهل مجان هم أهل عُمان.

وبعض المؤرخين أمثال الشيخ سالم بن حمود السيابي ساروا إلى أن الآية "وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا" (الكهف: 79) هو ملك عُمان. وقد أشار في كتابه "عُمان عبر التاريخ" أن ذلك الملك هو مسدلة بن الجلندى بن كركر، وهو ملك عُماني من سلالة مالك بن فهم الأزدي.. وفي الكتب القديمة ما يُؤكد أنّ هذا الملك هو مسدلة بن الجلندى الأزدي وهو من نسْل مالك بن فهم ملك عُمان في تلك الفترة الزمنية. وتاريخ عُمان القديم يمتد إلى آلاف السنين وتعود جذورها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد وإلى حضارات قديمة، وازدهرت تلك الحضارات القديمة بتجارة المعادن والنحاس مع حضارات بلاد الرافدين وتجارة اللبان مع مصر القديمة.

وكما أشرت آنفًا، أن عُمان، عُرفت بأسماء كثيرة أكثرها شُهرة "مجان" لدى السومريين و"مزون" لدى الفرس. وقد أوضح الشيخ سالم السيابي عن خلفية اسم عُمان ومراحلها، فقد أطلق على عُمان اسم نعمان وقد جاءت في أشعار العُمانيين باسم نعمان كأبي مسلم البهلاني وابن مداد وغيرهم.

إنّ تاريخ عُمان حظيَ بقوة أسانيد حضارتها وتاريخها العميق ومكانتها بين الحضارات القديمة، فحين خاطب الرسول صلى الله عليه وسلم ملوك الحضارات العظيمة كان لعُمان الفخر أن تكون من ضِمن البلدان التي خصّها النبي برسالته لأهميتها ومكانتها المُؤثرة، وقد كان للعُمانيين الدور الكبير في عهد النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله سلم؛ فبعضهم كانوا من صحابته صلى الله عليه وآله وسلم وشاركوا معه في الأحداث والمعارك التي خاضها لمواجهة الشرك ونشر الدين الحنيف.

ودُعاء النبي لأهل عُمان في قصة إسلام مازن بن غُضوبة يُدلل ذلك، فقد كان عبدالله بن علس الثمالي من أوائل الذين أسلموا من أهل عُمان. وفي كل العهود كانت عُمان لها الأولوية؛ إذ كانت كيانًا سياسيًا مستقلًا وحضارة قديمة قويمة تمتد إلى 5000 سنة أو يزيد، وكان تواصلها القديم مع الحضارات كحضارة بلاد الرافدين ومصر، وقد كشفت النقوش المسمارية عن تواصل دبلوماسي وثقافي ومراسلات بين ملوك عُمان وملوك تلك الحضارات في ذلك الوقت. ولعلّ الفرس ترجموا الاسم العربي إلى اللغة الفارسية أخذًا من معنى مُزن السماء أو أرض الخصب والزرع.

الخلاصة.. يُرجِّح كتاب "عُمان عبر التاريخ" أنّ الرحلة البحرية كانت في البحر العربي- قُبالة عُمان الحالية- مِمّا يدعم رواية أنّ الملك كان حاكمًا لعُمان، وللإيضاح فقد ذكرنا سلفًا اسم الملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصبًا، وقد ورد في بعض الروايات أنه هدد بن بدد. وذلك الرأي ما نراهُ بعيدًا، أمّا واقعة السفينة التي كانت في البحر العربي، الذي تشترك فيه الدولتان العربيتان عُمان واليمن وتُطل عليه باكستان وإيران والهند والصومال وجزر المالديف.. وعُمان اشتهرت بحضارتها البحرية وبموقعها الاستراتيجي، واشتهرت بصناعة السفن والملاحة البحرية ولها نشاط بحري تجاري واسع وساهمت في ربط الحضارات وما أسهمت به من دور ريادي في نشر الإسلام بسبب مكانتها البحرية المُؤثرة في البحار العميقة التي تلتقي مع كثير من الشعوب، ومن هذا المُنطلق فإنّ البحر الكبير الذي تشرف عليه سَلطنة عُمان الحالية، يحق لنا تسميته بالمحيط العُماني وفق قواعد المحيطات ومُسمياتها الجديدة.

مقالات مشابهة

  • رئيس مجلس الشورى يجتمع مع رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية التركية القطرية
  • قصور الثقافة تصدر كتاب ظلال طه حسين.. خصومة مجهولة في مرايا التأويل لمصطفى سليم
  • شئون التعليم والطلاب بجامعة الأقصر يستعرض استعدادات امتحانات الفصل الدراسي الأول
  • الخلط بين عُمان ومُسمى اليمن
  • انطلاق النسخة الـ12 من المناورة الوطنية السيبرانية القطرية
  • رئيس المؤسسة القطرية للإعلام يجتمع مع السفير الهندي
  • أبو الغيط يحذر من دور التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل في تغذية الاحتقان
  • إدارة شؤون الزكاة تكرم عددا من الشركات القطرية الملتزمة بأداء الزكاة
  • مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري ينظّم ملتقى “التسامح” بمشاركة نخبة من الأكاديميين والمفكرين