منظمات حقوقية: من الصعب حصر اللاجئين في مصر لكثرة الصراعات الإقليمية
تاريخ النشر: 19th, November 2025 GMT
انطلقت، اليوم، فعاليات ورشة العمل الوطنية "نحو تعزيز الإطار الوطني للتعامل مع قضايا اللجوء والهجرة" والتي يشارك فيها مجموعة من الخبراء القانونيون ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام وبرلمانيون وممثلون عن المؤسسات الرسمية المعنية والجهات الدولية ذات الصلة.
وتأتي ورشة العمل الوطنية بالشراكة بين المنظمة العربية لحقوق الإنسان (AOHR) والمؤسسة المصرية لدعم اللاجئين (EFRR)، فيما تتناول أعمال الورشة ثلاثة محاور، هي:
الاستجابة الفورية والمرحلة الانتقالية.تطوير الإطار القانوني والسياسات.التنسيق وتبادل المعلومات والمناصرة الدولية.
وتهدف ورشة العمل إلى تعزيز الحوار الوطني البنآء في ظل الحاجة إلى إجراء نقاشات تتعلق بطبيعة التدخلات والتحركات المطلوبة على المدى القصير في سياق إصدار قانون لجوء الأجانب رقم (164) لسنة 2024، والتشاور بين كافة أصحاب المصلحة بُغية التوصل إلى مسارات رئيسية تلبي الحاجات الأساسية وتبني إطار فعال لتوفير الحماية والرعاية للاجئين وطالبي اللجوء.
قضايا اللجوء والهجرةوكذلك تعزيز جهود المجتمع المدني في طرح رؤى ومقترحات ذات طبيعة عملية يُمكن الأخذ بها وتضمينها في اللائحة التنفيذية والتطبيق الفعال للقانون الجديد، بالإضافة إلى بحث آليات التعاون والتكامل بين مختلف الجهات الرسمية والمدنية والدولية ذات الصلة، بما يسهم في بناء سياسة وطنية فعالة للتعامل مع قضايا اللجوء والهجرة على المدى البعيد، فضلًا عن أهمية التوازن بين الواجبات وبين معالجة الأعباء.
وأدار محمد راضي، المدير التنفيذي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، الجلسة الافتتاحية، فيما ألقى علاء شلبي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، كلمة موجزة، أشار فيها إلى دور مصر التاريخي، إذ أنها الملجأ والملاذ الآمن لمن يتكبدون خسارة البيت والوطن والأهل، ويدرك العالم في اللحظة الراهنة أن المخزون الحضاري لمصر يتجلى بقوة في كون المجتمع المصري الأكثر تسامحاً في كافة العصور، وهو الميراث الذي ينعكس في التوجهات التي تنتهجها السلطات المصرية.
كما أشار شلبي إلى ضرورة مناقشة القانون (164) لسنة 2024 في ضوء القانون رقم (82) لسنة 2016 وتعديلاته، بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، لا سيما إذا كنا نتفاعل مع تقديرات مليونيه تفتح الباب أمام العديد من الالتباسات في جوانب التصنيف وإعمال القانون، وبالتالي في تحديد المسئوليات والحقوق التي يجب احترامها وتوفير ضمانات التمتع بها.
وأوضح أحمد بدوي رئيس المؤسسة المصرية لدعم اللاجئين، أن مصر في السنوات الأخيرة، أصبحت إحدى أهم دول الاستضافة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث تشير البيانات الرسمية الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى وجود ما يزيد عن مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025.
وأشار بدوي إلى أن مصر قد تعاملت مع هذه الزيادات المتسارعة في أعداد اللاجئين، بروح من المسؤولية الإنسانية، رغم التحديات الاقتصادية التي أثقلت كاهل الدولة والمجتمع، إذ استقبلت مصر خلال العامين الماضيين موجات كبيرة من الفارين من الأزمة في السودان، إلى جانب وجود ما يزيد عن 8 آلاف لاجئ يمني مسجَّل يبحثون عن الحماية والاستقرار داخل الأراضي المصرية.
وأكد أن إشكالية الأرقام الدقيقة لأعداد اللاجئين الموجودين في مصر، ستظل تشكل أزمة، إذ تستقبل مصر أعداد كبيرة من الفارين من دول تشهد صراعات ونزاعات، مشيرا إلى الدور الوطني والإنساني، الذي تقوم به مصر تجاه القادمين من قطاع غزة.
وفي كلمته أشار الدكتور إبراهيم عوض مدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين في الجامعة الأمريكية، إلى أهمية التفرقة بين اللاجئ وملتمس اللجوء وبين المهاجر.
كما طرح سؤالا حول لماذا نصدر قانون وما هي الفوائد منه؟، وأجاب على ذلك، بأن مصر تاريخيا تحملت أعباء كثيرة تجاه اللاجئين سواء أثناء فترة الصراعات الأوروبية أو في التاريخ الحديث.
وأشار إلى أن صدور القانون هو واجب إنساني ويعزز مكانة مصر دولياً في النظام الدولي، كما أن القانون يعبر عن جدية الدولة عند تنفيذ ما أعلنت عنه من التزامات وإشراك المجتمع الدولي في تحمل الأعباء.
وأشاد بالقانون الجديد، حيث نص على حق الطفل في التعليم الأساسي ونص على الحق في العمل خاصة بعد تناقص التمويل تجاه التمويل.
وأشار أيضا في ختام حديثه إلى إمكانية استعانة مصر بالكفاءات من اللاجئين والمهاجرين المقيمين في مصر خاصة بعد نص القانون على تنظيم حق اللاجئ في العمل.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اللجوء الهجرة الهجرة غير الشرعية اللاجئين قضايا اللجوء والهجرة المنظمة العربية لحقوق الإنسان مكافحة الهجرة غير الشرعية الاتجار بالبشر الجامعة الأمريكية العربیة لحقوق الإنسان فی مصر
إقرأ أيضاً:
فيلم فيلم حرب بعد أخرى: تكامل الصورة والسرد على خلفية دوّامة من الصراعات
لاشك أن صور المجتمعات ومكوناتها على الشاشات قد تميزت بأشكال شتى من المعالجات الإخراجية وظهرت كثير من تلك المجتمعات وخاصة القوى الفاعلة في الولايات المتحدة على انها أداة أساسية سواء في اتخاذ القرار او في التداخل مع بنية المجتمعات والشائح والاقليات.
وبسبب كون مجتمع تلك البلاد هو مجتمع هجرة بالدرجة الأساس لهذا كانت قصص المجموعات العرقية على الدوام من القصص المفضلة في السينما الهوليوودية وكانت وما تزال تجتذب جمهورا عريضا وخاصة ثنائية البيض/ والسود التي تلعب دورها في الذاكرة والثقافة الامريكية.
من هنا يمكننا النظر الى هذا الفيلم للمخرج باول اندرسن الذي يعرض على الشاشات الان متزامنا مع تحولات شتى ما انفك مجتمع الولايات المتحدة يشهدها وصولا الى جيل جديد لديه وعيه المخالف لما هو معتاد فكيف اذا تشكلت تيارات من داخل هذا المجتمع تعود بنا الى ظواهر الرفض والمواجهات كما هي جماعات مثل الفهود السود وباتريوت وحياة السود مهمة واليسار الجديد وبوجالو بويز و إنتيفا وغيرها.
على هذه الخلفية يقدم المخرج نخبة من ألمع نجوم السينما الأميركية في فيلم يمتد زمنه الى قرابة 3 ساعات الا قليلا يغوص عميقا في طبيعة المجتمع الامريكي وتياراته وحيث يحتشد عدد من الشباب المتمرد في تيار من اقصى اليسار يطلق على نفسه غيتو او برفيديا بفرلي هيلز او الفرنسي 75 ومن نقطة انطلاقهم وبدء فعالياتهم تنطلق بذرة الصراع في هذا الفيلم بين المنتظمين في هذا التيار وبين السلطات.
يتزعم خط مهم من هذا التيار بوب فورغسون – يقوم بالدور الممثل الكبير ليوناردو دي كابريو في واحد من آخر اجمل ادواره وهو الثوري اليساري الذي تشاركه صديقته ثم زوجته بيرفيدا – تقوم بالدور الممثلة تانيا تايلور وكلاهما يكملان بعضهما البعض في القيام بمواجهات شديدة الشراسة تنتهي بتلك الفتاة الى السجن ثم الوشاية بزملائها واختفائها نهائيا وهو ما يظهر من خلال هربها الى المكسيك.
على الجهة الأخرى تبرز قضية الهجرة التي يتصارخ الساسة بشأنها خاصة وأنها إشكالية شديدة التعقيد لجهة الجغرافيا فهي ممتدة لآلاف الكيلومترات من المحيط الهادي الى خليج المكسيك، وهي ظاهرة لا تكاد تنتهي بما تحمله من قصص لا تنتهي من شبكات هجرة سرية وعمليات تهريب وما الى ذلك، عند تلك النقطة الحساسة تكون ضربة ذلك التيار اليساري بفتح البوابات امام المهاجرين القادمين من المكسيك و من بلدان أخرى وهنا نتعرف على شخصية الكولونيل ستيفن لوكجاو – يقوم بالدور الممثل الكبير شين بين الذي يتحول الى الخصم اللدود لتلك المجموعة المتمردة وفي ذات الوقت يتقرب من بيرفيدا وتلتبس العلاقة بينهما الى درجة انه يتركها تقوم بعمليات تلك المجموعة بالضرب في أماكن مختلفة في مقابل بقاء علاقته بها.
تتصاعد احداث الفيلم لننتقل الى خط سردي مواز اخر يتم فيه عبور العديد من السنوات حتى يهدأ النضال ويصمت المناضلون والثوار – كما يطلقون على انفسهم، وتبرد قبضاتهم وها نحن مع جيل جديد ممثلا في ابنة بيرفيدا من بوب فرغسون وقد بلغت السادسة عشرة من عمرها ومع ذلك فالمطاردات ما تزال مستمرة بالتزامن مع زج الكولونيل لوكجاو في مجموعة شوفينية متطرفة هي بمثابة احد اذرع الدولة العميقة على أساس انه من عرق نقي لا يداخله أي عرق آخر.
هذه التعقيدات سوف تقودنا الى عمليات كر وفر وحقا هي معركة تلي أخرى ينكشف فيها المجتمع وتتجلى بشكل غريب ظاهرة تسرب ذلك الفكر اليساري المتطرف الى العاملين في العديد من المؤسسات وأصحاب المصالح وهكذا يجد افرادها ملاذا لهم كلما ضاقت بهم السبل.
في المقابل تبرز شخصية الكولونيل التي تم بناؤها بشكل ملفت للنظر وحيث أدى شين بين دوره ببراعة مشهودة، انها تلك الشخصية المركبة السايكوباثية وحيث تتجلى لديه خليط من الدوافع الانتقامية ولهذا يتم وضعه في الواجهة وهو الذي في كل مرة يتم اختياره للقيام بعمليات المداهمة وتنفيذ عمليات التحري والقبض على افراد تلك المجموعة اليسارية وصولا الى القبض على من يشك انها ابنته ويلا – تقوم بالدور الممثلة تشيس انفينيتي وهي نقطة تحول مفصلية في هذه الدراما.
ها هو الكولونيل في مواجهة الثائرة الشابة ويلا، وهو يحمل معه جهاز الكشف عن الحمض النووي فإن كانت ابنته فسوف يتخلص منها وإن لم تكن فسوف يطلق سراحها ولكن ها قد اظهر التحليل الجيني انها ابنته وبذلك يزجها في دوامة أخرى من الصراعات الجديدة.
حضي الفيلم باهتمام كبير في أوساط النقاد وفي هذا الصدد يذهب الناقد السينمائي برايان تاليريكو في موقع روجر ايبيرت الى القول " يأتي هذا الفيلم في وقتٍ من تاريخ العالم يبدو فيه الصراع الاجتماعي حقيقة شبه يومية، محولًا هذه القصة التي تدور احداثها في الثمانينيات، إلى قصة إنسانية عميقة عن التمرد، ربما تُقرأ كتعليق سياسي في عشرينيات القرن الحادي والعشرين، هو قصة مقاومة خالدة، تنسج ببراعة تأثيرات واسعة النطاق وهو أيضًا عملٌ ممتعٌ ومؤثرٌ في نهاية المطاف، حول البشر العالقين في آلة الفوضى".
أما الناقد السينمائي ريتشارد برودي فيكتب في موقع المجلة الشهيرة نيويوركر، " إن المشاهدة الأولى لهذا الفيلم تُمهّد الطريق لمتعة مشاهدته مجددًا، إنه فيلم زاخر بمشاهد الحركة السريعة والمعقدة والحوارات المؤثرة، كما أن المونتاج يتداخل بسرعة في ظل تنوع الفيلم الغني بالأماكن والأحداث والشخصيات. أثبتت طريقة سرد القصة أنها مثيرة بقدر القصة نفسها، وتقلبات السلوك مثيرة بقدر تقلبات الحبكة. طغى الحماس والمتعة الجمالية على أغلب احداث الفيلم.
المخرج في هذا الفيلم يكبت التعقيد النفسي، ويخلق شخصياتٍ أقرب إلى التجريد. والنتيجة فيلمٌ، على الرغم من كل ما فيه من واقعيةٍ شديدةٍ وحركةٍ جسديةٍ عميقة، إلا أنه عملٌ ذو بناء رمزيٍّ وجمالي عظيم، وهو أيضا فيلم جدليٌّ غريبٌ وغير مألوفٍ في حد ذاته - يتألف من طبقاتٍ عديدةٍ لا تتداخل أو تتصل، بل تنعكس على بعضها البعض وتُولّد التوتر".
هذه الخلاصات المهمة تعزز وجهة النظر النقدية التحليلية التي تستكشف في هذا الفيلم متعة خالصة قائمة على ركنين أساسيين هما البنية السردية المتقنة والتحكم في خطوط ومستويات السرد صعودا وهبوطا من دون السماح بأية ثغرة قد تؤدي الى ترهل الاحداث وتراجع مستويات التفاعل والتأثير على المشاهد والركن الثاني هو البراعة في استخدام مجمل الأدوات الفنية من المونتاج الى إدارة التصوير الى الموسيقى التصويرية التي تكاملت جميعا لتقدم لنا فيلما يحتل مكانته بين ركام من الأفلام التي شاهدناها طيلة هذا العام ولم نستطيع التوقف عندها لتبرز هذه التحفة الاستثنائية ولتقدم شكلا سينمائيا فيه كثير من عناصر الابداع والتميز.
....................
سيناريو وإخراج/ باول اندرسون
تمثيل/ ليوناردو دي كابريو، شين بين، بينيسيو ديل تورو، تانيا تيلور، تشيس انفينيتي
مدير التصوير/ ميكائيل بومان
موسيقى/ جوني غرينوود
التقييمات/ روتين توميتو 94%، آي أم دي بي 8.5 من 10، ليتربوكس 4.5 من 5