تفسير رؤيا «القطط» في المنام لابن سيرين
تاريخ النشر: 19th, November 2025 GMT
تعد رؤيا القطط في المنام من أكثر الأحلام التي تحمل في طياتها معاني ودلالات إيجابية، لذا يهتم الكثيرون ممن يراودهم هذا الحلم بمعرفة تفسيره ودلالاته الحقيقية.
تفسير حلم رؤيا القطط في المناموتوفر «الأسبوع» لمتابعيها معرفة كل ما يخص تفسير حلم رؤيا القطط في المنام، وذلك ضمن خدمة مستمرة تقدمها لزوارها في مختلف المجالات ويمكنكم المتابعة من خلال الضغط هنا.
أوضح ابن سيرين في كتابه معجم تفسير الأحلام، تفسير رؤيا القطط في الأحلام مؤكدا أن القطة في الحلم تشير إلى لص من أهل المنزل أو من خارجه، ورؤية القطة الأنثى دلالة على المرأة المخادعة، والقط الأليف في المنام يدل على الفرح والسعادة، وعلى العكس القط المتوحش يدل على الحزن.
يختلف تفسير رؤيا القطط في الأحلام وفقا لتفاصيل الحلم، فإذا ما رأى الشخص في المنام هجوم القطة فهي دلالة على وجود أعداء متربصين بالرائي، وإذا انتصر الرائي على القط في المنام فهي علامة على التخلص من الصعوبات التي يواجها في الحياة، بينما التعرض لعضة القطة دلالة على انتصار العدو.
تفسير رؤيا القطة في المنام للمتزوجةوفقاً لتفسير ابن سيرين، فإن رؤيا القطط في المنام للمتزوجة، قد تدل على أنه يوجد شخص ما يحاول أن يؤذيها، وإن رأت القطة وخافت منها فذلك دليل على معاناتها من الأحزان والمشاكل، بينما رؤيتها لقطط صغيرة أليفة دليل على سماعها أخبارا مفرحة في الأيام القادمة، ورؤيا القط الأسود في الحلم يشير إلى النزاعات مع الزوج بسبب الخيانة.
تفسير رؤيا القطط في المنام للعزباءفسر ابن سيرين رؤيا القطط في المنام للعزباء بوجود من يخدعها ويكن لها الحقد والضغينة، كما أن رؤيا مجموعة كثيرة من القطط في المنزل دلالة على المكر من أقرب الناس أو حدوث المشاكل مع الخطيب، بينما رؤية قطط هادئة دلالة على الترقية في الوظيفة أو البدء في مشروع زواج قريب.
رؤيا القطط في المنام للرجليختلف تفسير رؤيا القطط في المنام للرجل باختلاف حالته الاجتماعية وفقا لتفسيرات ابن سيرين كالتالي:
- الرجل العازب إذا رأي في المنام قطة يقوم بإبعادها فهذا دلالة على زوال مشاكله في العمل.
- وعلى العكس رؤيا الأعزب لقطة سوداء دلالة على الخيانة والغدر من الحبيبة.
- طرد الرجل للقطط في المنام دلالة على الإيمان لأن الجن في الكثير من الأحيان يظهر على شكل القطط في الأحلام، وفي حال طرده فهذا يدل على قوة الإيمان.
- هجوم القطط على الرجل الأعزب في المنام دلالة على وقوعه في المشاكل من الأصدقاء.
- إذا رأى الرجل المتزوج قطة جميلة تشرب الماء في منزله فهي بشارة على حمل زوجته.
- إذا رأى الرجل قطة تأكل في بيته، فإن هذا يدل على أن هذا الرجل من أهل الكرم والخير.
اقرأ أيضاً«خير أم شر».. تفسير رؤيا «خروج الماء من الأرض» لابن سيرين
«خير أم شر».. تفسير رؤيا «شرب الخمر» في المنام لابن سيرين
«تحمل علامات الخير».. تفسير رؤيا «المطر» في المنام لابن سيرين
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: تفسير رؤيا القطط رؤيا القطط في المنام لابن سیرین دلالة على ابن سیرین یدل على
إقرأ أيضاً:
حي بن يقظان لابن طفيل.. قصة فلسفية تجسد رحلة البحث عن المعرفة
من هو هذا الشخص الغريب (حي بن يقظان) الذي يحمل اسما مختلفا فريدا؟ وهل هو شخص واقعي عرفه المؤلف، أم هو من تلك الشخصيات السردية التي يختلقها المؤلفون اعتمادا على الخيال الخصب، من أجل أن تؤدي وظيفة فكرية أو تحمل مضمونا معينا عند المؤلف؟
من هو ابن طفيل أيضا؟ وما هي حكايته مع بطل قصته؟ ومن أين جاء بالبطل وبالقصة؟ وكيف تمكن في وقت مبكر، وقبل عصر ازدهار القصة والرواية، من تأليف هذا العمل الخالد الذي يظل شاهدا كبيرا على اهتمام العرب بالسرد والنثر، وعلى تأثيرهم في ثقافات أخرى.
أحمد بن طفيل: الفيلسوف والعالم الأندلسيمؤلف قصة (حي بن يقظان) هو أحمد بن طفيل، فيلسوف عربي أندلسي الأصل، ولد في منطقة قريبة من غرناطة تدعى (وادي آش)، وكان ميلاده في بدايات القرن السادس الهجري (قبل عام 506هـ).
وقد نشأ منذ طفولته على محبة العلم، فدرس آثار من سبقوه في مجالات شتى، ونال تعليما حسنا في العلوم الدينية واللغوية والأدبية، واهتم بالفلك وعلوم الطب والرياضيات وغيرها، فتكونت لديه ثقافة موسوعية كفلت له التميز في شبابه.
أما في مجال العمل أو الوظيفة، فقد تنبه سلاطين دولة الموحدين إلى علمه ومعرفته، فقربوه وأدنوه، فعمل طبيبا مقربا من أولئك السلاطين، وربما أسندت إليه أعمال أخرى في مجال الحكم والسياسة.
وتروي بعض الكتب له أشعارا قليلة، مما يشير إلى ملكته الشعرية، وربما كانت له أشعار أخرى غيبتها الأيام فلم تصل إلينا. كما تروي الكتب عن ابن طفيل اهتمامه بالفلك، وله بعض الآراء والإسهامات الرائدة في هذا المجال.
القصة الفلسفية: حي بن يقظانأشهر إنتاج ابن طفيل -على الإطلاق- قصته التي نعرض لها، أي قصة (حي بن يقظان)، وهي قصة فلسفية تجمع بين أسلوب السرد، بما فيه من شخصيات وصراع وتطور وحركة، وبين الآراء الفلسفية التي شغلت ابن طفيل.
وبدلا من أن يكتبها أو يناقشها في قالب الرسالة الفكرية أو المؤلف الفلسفي، أعرض عن ذلك مستندا إلى مقدرة أدبية فذة، ومعرفة واسعة بأصول الحكاية وشروط القصة، ربما هربا من جفاف الفلسفة، وطلبا لمتعة الأدب، وما يتيحه من مجال لإطلاق الخيال وتحرير المخيلة.
إعلانوكما يشير موسى سليمان في مؤلفه التأسيسي (الأدب القصصي عند العرب)، فقد كان الهم الأكبر لابن طفيل في حياته أن يجد حلا لقضية الدين والفلسفة: هل يتفقان؟ هل يختلفان؟ لماذا يختلفان؟ أيجب أن يتفقا؟ وهذا موضوع شائك وعويص، عالجه قبل ابن طفيل كثير من الفلاسفة، فلم يصلوا إلى حل نهائي.
فهل يصل هو إلى الحل؟ وهكذا كتب ابن طفيل قصته (حي بن يقظان) جوابا على هذا السؤال، مجتهدا في تأملاته من خلال الأسلوب الرمزي، الذي قد يفتح مجالا لحل المشكلات وتجاوز ما يعرض من الصعوبات.
ولكن من أين جاء ابن طفيل بشخصية حي بن يقظان؟ هل اختلقها هو، أم أخذها من غيره؟ يجيب موسى سليمان بأن الفيلسوف العربي ابن سينا، الملقب (بالشيخ الرئيس)، قد كتب قصة عن شخص يدعى (حي بن يقظان)، ومعنى ذلك أن ابن سينا قد استخدم هذه الشخصية قبل ابن طفيل، لكنه لم يبلغ شأوا بعيدا، ولم يصل بها إلى حد مقنع، فأراد ابن طفيل أن يتجاوز آراء ابن سينا وأن يعارضه باستخدام شخصية وردت عنده.
ويجدر بنا أن نذكر أن شهاب الدين السهروردي قد لجأ إلى الشخصية نفسها بعد ابن طفيل، كما صاغها الفيلسوف والطبيب ابن النفيس وعدل اسم الشخصية إلى (فاضل بن ناطق)، أي أن في التراث العربي عدة قصص عن هذه الشخصية، كتبها فلاسفة يعالجون بالسرد هموم الفكر والوجود.
وأشهر هذه القصص ما كتبه ابن طفيل، فقد تفوق فيها وبلغ بها مستوى متقدما في الأسلوب القصصي وفي التأمل الفلسفي، فضلا عن أن قصة ابن طفيل هي الأطول والأكبر حجما، في حين أن القصص الأخرى (لابن سينا والسهروردي وابن النفيس) أميل إلى القصر والغموض.
تقوم قصة حي بن يقظان لابن طفيل على فكرة البحث عن المعرفة: كيف تكون؟ وما هي وسائلها؟ وهل بوسع الإنسان أن يتعلم ويتأمل معتمدا على ملكته وفطرته؟ ويقول أحمد أمين إن ابن طفيل أراد أن يثبت أن في وسع الإنسان أن يرتقي بنفسه من المحسوس إلى المعقول إلى الله، بحيث يستطيع بعقله أن يصل إلى معرفة العالم ومعرفة الله، فالمعرفة عند ابن طفيل قسمان أو نوعان:
معرفة حدسية (مبنية على الكشف والإلهام). معرفة نظرية مبنية على المنطق.والأولى يمكن الوصول إليها برياضة النفس (وبالعبادة) وبالتوجه الروحي الفطري إلى الخالق، أما النوع الثاني (المنطقي العقلي) فيمكن الوصول إليه من نتائج علمية باستخدام العقل والمنطق، أي بدراسة العالم المادي وموجودات الكون المحيطة بالإنسان.
أما أحداث قصة (حي بن يقظان) كما تخيلها ابن طفيل، فتبدأ بسؤال الميلاد، أي ميلاد شخصية القصة. ولأن أبطال القصص لهم ميلاد مختلف، فإن حي بن يقظان قد ولد أو وجد وفق احتمالين:
الأول: أنه ولد ولادة ذاتية، فهناك "جزيرة من جزر الهند التي تحت خط الاستواء، وهي الجزيرة التي يتولد فيها الإنسان من غير أم ولا أب، وبها شجر يثمر نساء… فيمكن أن يكون حي بن يقظان من جملة من تكون في تلك البقعة من غير أم ولا أب". أما الرواية الثانية لاحتمال ميلاده، فإن أميرة تزوجت سرا دون رضى شقيقها، ثم إنها حملت ووضعت طفلا ذكرا، ثم خافت أن يفتضح أمرها ويكشف سرها، فوضعت الطفل في تابوت أحكمت إغلاقه بعد أن أرضعته وأروته من حليبها، ثم قذفت بالتابوت وفيه الطفل إلى عرض البحر، وأسلمت أمره إلى الله (مما يقربها من قصة النبي موسى عليه السلام من ناحية إلقائه في اليم). إعلانوقد حمل الماء الطفل إلى ساحل جزيرة أخرى، ونتيجة للمد والجزر، علق التابوت وسط غابة كثيفة من الشجر.
فلما اشتد به الجوع أخذ في الصراخ على نحو ما نعرف من أمر الأطفال، فلما سمعته إحدى الظباء أو الغزلان حنت عليه بعد فقدها لابنها، وتتبعت صوته حتى وصلت إليه، وأرضعته من لبنها، وما زالت تتعهده وتربيه وتدفع عنه الأذى، حتى صارت له الظبية أما جديدة، وهو الذي لا يعرف أمه الأولى ولا يتذكرها.
تربى حي بن يقظان وسط الظباء وعالم الحيوان، فقد ظل يتغذى بلبن الظبية، حتى بدأ يكبر شيئا فشيئا، وبدأ يتعلم لغة الظباء عن طريق تقليد الأصوات، فألفته الحيوانات وألفها، ولم تنكره ولم ينكرها.
ثم بدأ ينتبه بالتدريج إلى اختلافه عن هذا العالم المحيط به، فما أغربه من عالم! وما أصعبها من معيشة! لاحظ مثلا أن الحيوانات مكسوة بالشعر والوبر وأنواع الريش، أما هو فليس على جسمه شيء من ذلك، وكانت سريعة العدْو، ولها أسلحة في جسمها كالقرون والأنياب والمخالب، أما هو فليس له ما يشبهها. وقد سعى لاستكمال ما ينقصه، فاستخدم أوراق الشجر لباسا لجسمه، وصنع من أغصان الشجر عصيا يدافع بها عن نفسه.
وازدادت غربته عما حوله عندما بلغ من العمر 7 سنين، ويبدو أن الحيوانات بدأت تتحاشاه وتهابه، فصار لا يدنو إليه شيء منها سوى الظبية التي أرضعته وربته.
ولكن الظبية لم تلبث أن أسنت (أي كبرت في السن)، فكل حي له نهاية، وبدأت الظبية تضعف حتى سكنت حركاتها بالجملة، وتعطلت جميع أفعالها. فلما رآها الصبي على تلك الحال، حزن حزنا شديدا، وحاول إيقاظها، وفحص أعضاءها لاكتشاف سبب موتها إن كان بمقدوره أن يعرف السبب.
وهكذا اهتدى إلى علم التشريح [وفي هذا الجزء يستفيد المؤلف من خبرته كطبيب إفادة عظيمة].
وفي كل مرحلة يتطور الصبي، فيعرف أشياء جديدة اعتمادا على ملكته العقلية وفطرته التأملية، وهنا يكون للمشاهدات والتجارب دور كبير في تعليمه وهدايته إلى معارف جديدة.
فموت الظبية علّمه معنى الموت وأسبابه، وضرورة دفن الميت، بعد أن رأى فعل الغراب بصاحبه (كما هو الحال في قصة قابيل وهابيل ابني آدم)، كما عرف أن القلب مركز الجسد وفيه سر الحياة، وبتوقفه تتوقف حياة المخلوقات جميعها.
ومن التجارب الأخرى اكتشافه النار مصادفة، فقد انقدحت في شجر جاف واشتعلت، فعرف النار وفعلها وقوتها في جميع الأشياء التي يلقيها فيها، ثم إنه اكتشف الشواء والطبخ عندما ألقى فيها بعض الأسماك، فاشتم لها رائحة مميزة لذيذة.
وقد ظل حي بن يقظان يواصل تجاربه ومشاهداته، وظل عقله يساعده في كل مرحلة على نحو ذاتي، من غير أن يكون حوله أهل أو بشر يتعلم منهم، أي أن كل ما اهتدى إليه هو بفعل الفطرة الإنسانية والملكة العقلية التي ميز الله بها الإنسان عن الحيوان، وجعلها ميزة للكائن البشري، حتى لو عاش منعزلا في جزيرة بعيدة كما هي الحال في قصة (حي بن يقظان).
وقد علم حي بن يقظان بالمشاهدة والمراقبة أن كل حادث لا بد له من محدث، وأن كل فعل لا بد له من فاعل، فبدأ يتعرف إلى الخالق الذي أوجد كل حوادث الدنيا وكل موجوداتها.
وهذه المعرفة شهدت يقظة القلب والحس وتقهقر العقل، أي أن (حي بن يقظان) بدأ مرحلة جديدة من التعلق الوجداني والروحاني بالفاعل الأول في الكون.
ويبدو في هذا الجزء من رحلة حي بن يقظان أن المؤلف يتخذ من الشخصية قناعا فكريا ووجدانيا لتأملاته الشخصية، ولمكابداته نحو طريق خاص للإيمان، كأن حي بن يقظان هو ابن طفيل ذاته، في اختياره طريق القلب عوضا عن العقل، أو استكمالا له فيما لا يستطيع أن يبلغه.
إعلانولعل هذا ما سماه ابن طفيل نفسه: (الحكمة الإشراقية) التي تملأ القلب ولا يستطيع العقل أن يتسع لها. وهكذا تتكامل شخصية حي، ويبلغ سن الشباب بعد أن جمع الحقائق وفهمها، دون أن يتصل بأحد من الناس.
ومثلما فصل ابن طفيل شخصية بطله (حي بن يقظان) عن البشر، ليثبت مقدرة الإنسان على الوصول إلى معرفة الخالق وعبادته والإيمان به دون تأثيرات خارجية، فإنه يصله بالبشر بعد أن يبلغ معرفته الكاملة، وبعد أن يتكامل وعيه.
وهكذا يدفع برجل تقي يسمى (أبسال) من جزيرة مجاورة إلى حيث يقيم حي بن يقظان. وكان أبسال يؤمن بالعزلة وبضرورتها لمن أراد طريق الحق، أما صاحبه (سلامان)، وهو الذي صار ملكا للجزيرة التي جاء منها أبسال، فيؤمن بعكس ذلك، أي بأن الإنسان يجب أن يظل بين الناس ولا يعتزلهم أو يبتعد عنهم.
والمهم أن (أبسال) يصل إلى جزيرة حي، ولا يلبث أن يصادق الشاب الغريب، ويكتشف عنده ما لم يهتد إليه من قبل، مثلما تتطور معرفة حي بن يقظان، ويدرك أنه من جنس أبسال نفسه. وينتهي الأمر بعودته مع أبسال إلى الجزيرة المأهولة التي يحكمها (سلامان) صديق أبسال.
فكيف استقبل الناس حي بن يقظان؟ وهل أخذوا عنه طريقته في المعرفة؟ وهل وثقوا أن طريقته في الإيمان تناسبهم؟
يقول ابن طفيل: "ما زال حي بن يقظان يستلطفهم ليلا ونهارا، ويبين لهم الحق سرا وجهارا، فلا يزيدهم ذلك إلا نبوا ونفارا، مع أنهم كانوا محبين للخير، راغبين في الحق، إلا أنهم لنقص في فطرتهم كانوا لا يطلبون الحق من طريقه، ولا يأخذون بجهة تحقيقه".
وقد يئس حي بن يقظان من صلاحهم، ورأى أن كل حزب بما لديهم فرحون، فقرر مع صاحبه أبسال اعتزال الناس مجددا. وهكذا اختار طريق الانفصال مرة أخرى، بعد أن طلب من الناس نسيان كلامه وطريقته، وأن يظلوا فيما هم فيه، وفيما اعتادوا عليه، ربما لأنه أدرك صعوبة تغيير الجماعة وتبديل قناعاتها. فانتهى أمره متعبدا معتزلا مع أبسال في الجزيرة غير المأهولة.
ويختتم ابن طفيل قصته بالقول: "وأنا أسأل إخواني الواقفين على هذا الكلام أن يقبلوا عذري فيما تساهلت في تبيينه وتسامحت في تثبيته، فلم أفعل ذلك إلا لأني تسنمت شواهق يزل الطرف عن مرآها، وأردت تقريب الكلام فيها على وجه الترغيب والتشويق في دخول الطريق".
ولقد تركت هذه القصة أثرا مدويا في الآداب الإنسانية كلها، ولذلك نجد لها عشرات الترجمات إلى لغات العالم المختلفة (اللاتينية، الإنجليزية، الألمانية، الإسبانية، الفرنسية، الروسية، وغيرها). ويذهب بعض الدارسين إلى أنها الأساس الذي بنيت عليه القصة الأجنبية المشهورة (روبنسون كروزو) لمؤلفها دانييل ديفو.
ومن المؤكد أن قصة (حي بن يقظان) قد شكلت، مع غيرها من القصص العربية التي ترجمت إلى اللغات الأوروبية، أحد الأسس المتينة التي هيأت لظهور الرواية الحديثة في العالم كله. وما تزال حتى اليوم تحتفظ بجاذبيتها، وتواصل خلودها، بسبب ما أودعه المؤلف فيها من أسباب التميز والحياة.