بكري الجاك يفند خطاب البرهان
تاريخ النشر: 27th, November 2025 GMT
بكري الجاك يفند خطاب البرهان
البرهان والكذب الصريح في عالم ما بعد الحقيقة: هل تنجح الحقائق البديلة في مقال البرهان في خداع العالم مرة أخرى؟
يمكنك أن تشير إلى القمر بإصبعك لكن ليس بإمكانك حجبه
في أعقاب انتخابات الرئاسة الأمريكية في 2017 حينما انتخب الرئيس ترمب وسط دهشة افضل شركات قياس اتجاهات الرأي أو ما يعرف بال Pollings، فكل من بيوت الخبرة المتخصصة في قياس الرأي العام وقتها توقعت فوز هيلاري كلينتون بالرئاسة الأمريكية و بفارق نقاط مريح، و قد صاحبت تلك الفترة تحولات في استخدام التكنولوجيا ووسائط التواصل الاجتماعي في صناعة عالم افتراضي بحقائق بديلة، و كنت قد نشرت ورقة بحثية تحت عنوان Death of Rationality: The Social Networks’ Factor in Policy Response to Ebola عن دور وسائل التواصل الاجتماعي في التأثير على صناعة القرارات العامة حتى و ان كانت تناقض الحقائق العلمية المتوافق عليها، و في لاحق السنوات نٌشرت العديد من الكتب تتحدث عن ما يسمى بعالم ما بعد الحقيقة.
عالم ما بعد الحقيقة هو توصيف لحالة اجتماعيساسية قوامها أنه لا يوجد حقائق موضوعية مشتركة يمكن أن تكون مرجعية لادارة الحوار العام و أنه يمكن صناعة حقائق بديلة تدعم خلاصات مغايرة و عليه تصبح فكرة الحقيقة الموضوعية التي يمكن أن تكون مرجعية لحسم الخلافات في الفضاء العام أمر جدلي و عليه تصبح الحيثيات الذاتية من مشاعر و رغبات و ميول هي ما يحكم مواقف الناس من القضايا العامة و ليس حقائق موضوعية قابلة للفحص أي أننا في بدايات عصر موت العقلانية. عصر الحداثة و الذي اعقب عصر التنوير و الثورة الصناعية التي مرت بعدة مراحل ( مرحلة اكتشاف الآلة، مرحلة انتشار الطاقة، مرحلة الطفرة التكنولوجية و اخيرا ثورة المعلومات و الآن ثورة الرقائق الذكاء الاصطناعي). فإذا كانت الحداثة قد قامت على أسس التحول من مجتمعات زراعية إلى مجتمعات صناعية و ظهور الاقتصاديات الحديثة فهي أيضا قد قامت على تمجيد الحقائق العلمية القائمة على العقلانية وال Rational Choices أي الخيار العقلاني و هي أيضا فترة اتسمت بما يعرف بال Universal Values القيم المشتركة بين كل العالم و فكرة الـ One Size Fits all اي الجميع يمكن أن يلبس نفس المقاس في كافة المجالات. ثم لاحقا تم الحديث عن عالم ما بعد الحداثة والذي لم يقم على هدم مبدأ العقلانية و نفي وجود حقائق علمية قابلة للتحقق كمرجعية لإدارة الخلافات حول الرؤى و الأيديولوجيا بل قام عالم ما بعد الحداثة على أساس تعدد المشارب و السياقات و أنه لا يمكن أخذ أي شيء على أساس أنه مطلق بغض النظر عن السياق و الخصوصية الثقافية، يمكن القول أن ما بعد الحداثة كان بمثابة تطبيق مبدأ النسبية على كل الحقائق الاجتماعية و العلمية و فتح باب لطرق تفسير كيف يعمل العالم من حولنا. و لكن ما علاقة ذلك و مقال البرهان الذي نشر في صحيفة ال Wall Street Journal التي لها صيت في توجيه صناعة السياسات العامة في الولايات المتحدة؟
مقال البرهان برمته قد تم تركيبه لخلق حقائق بديلة لما حدث في السودان منذ عام 2018 و الي هذه اللحظة التي يٌشرد فيها الناس، و تنهار فيها الدولة، و يٌمزق فيها النسيج الاجتماعي وانقسم فيها المجتمع بسبب خطابات الحشد التي طورتها أطراف الحرب من أجل الحشد والتجييش، الأمر الذي يهدد معنى أن تكون “سوداني” في الأساس و في الجوهر. و دعونا نرصد الكذب الصريح في خطاب البرهان:-
أولا، صفة البرهان التي تحدث بها في المقال حينما قال ” بوصفي القائد العام للقوات المسلحة السودانية و رئيس المجلس الانتقالي – الهيئة الحاكمة المؤقتة التي انشأت عقب الاطاحة بالرئيس عمر حسن البشير 2029″.
كذب البرهان في توصيف ما حدث من حراك ثوري شاركت فيه كل مكونات الشعب السوداني كما كذب في توصيف صفته، منذ انقلاب 25 أكتوبر لا توجد مرجعية دستورية تجعل من البرهان رئيس مجلس السيادة فهو حاكم بأمره و بقوة البندقية و بمشروعية العنف والخوف التي خلقتها الحرب، و الغريبة لم يخجل في استخدام الجملة الاعتراضية لتسمية مجلس السيادة بالهيئة الحاكمة المؤقتة، كيف لهيئة مؤقتة تكون سبب في دمار البلاد و في التدليس و تغييب الحقائق و تغيير ملكية العديد من الشركات المملوكة للدولة و اتباعها لمنظومة الصناعات الدفاعية إبان فترة المجلس العسكري الانتقالي.الفريق البرهان ليس حاكما شرعيا و لن يكون حاكما سوي باستمرار حالة الحرب.
ثانيا، كذب البرهان حين قال ” لقد اندلع الصراع لأنّ قوات الدعم السريع، وهي ميليشيا مدجّجة بالسلاح ذات سجل طويل من الوحشية، تمرّدت على الدولة. وعلى الرغم من نفيها استهداف المدنيين، فقد وثّق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وجهات أخرى، عمليات قتل جماعي وعنف جنسي وترويع للمدنيين ارتكبتها الميليشيا”.
لم يندلع الصراع هكذا صدفة و قوات الدعم السريع لم تأت من الفضاء فهذه القوات انت من الذين ساهموا في تسليحها و تدريبها و انت من عملت في دارفور و لٌقبت ب “رب الفور” دلالة على قسوتك و درجة عنفك و هناك سيدة حية الآن و حرجت في فيديو تتهمك انت بذاتك و لحمك و دمك باغتصاب ابنتها الطفلة ذات الاثني عشرة عاما و بمحاولة قتلها حتى تخفي عار جريمتك. البرهان ومن معه من العسكريين شرعنوا هذه القوى اسوة بالحركة الإسلامية التي في كنفها تسنمت يا سعادة الفريق كل الوظائف من ملحق عسكري في الصين إلى أن أصبحت مفتش عام للقوات المسلحة، وقد كان لك انت و محمد حمدان دقلو والرئيس البشير نصيب في تفويج الجنود السودانيين إلى اليمن بالرأس، و أنت من الذين ساهموا في هندسة قانون الدعم السريع في 2017 . و حينما ثار السودانيون طالبوا بتوحيد الجيوش و بإنهاء ظاهرة المليشيات وطالبوا هتافا بحل الدعم السريع و بعودة الجيش للثكنات و ترك أمر الحكم للمدنيين بعد مسيرة ثلاثين عاما من الحكم العسكري الحافلة بالفشل و الخراب و الفساد. أما الجرائم التي ارتكبتها قوات الجنجويد فقد تمت بتخطيط و مباركة القوات المسلحة السودانية أم انك قد نسيت أن الرئيس عمر البشير و وزير دفاعه عبد الرحيم أحمد حسين ووزير داخليته احمد هارون جميعهم مطلوبون لدي محكمة الجنايات الدولية؟ ماذا كان رد فعلك أنت و أعضاء المجلس العسكري الانتقالي و أنتم من قرر ادراج اسم الدعم السريع في الوثيقة الدستورية و أنتم من شرعنتم لوجودها و منحها مشروعية سياسية فوق مشروعيتها العسكرية حينما قررت قيادة ثورة ديسمبر من الدخول في تفاوض مع مجلسكم العسكري لتجنيب البلاد ذات المصير الذي نعيشه الآن؟ خلال الفترة الانتقالية أنتم من منحتم قوات الدعم السريع جل المعسكرات التابعة للجيش وسمحتم لها بالتوسع حتى قررت شراء طائرات، و سويا عملتم علي خنق الحكومة الانتقالية عبر معارضتكم للإصلاح و ادارة اقتصاد موازي عبر منظومة الصناعات العسكرية، و أنتم من انقلبتم على حكومة المرحلة الانتقالية في 25 أكتوبر 2021، و بعد الانقلاب سعت القوى المدنية بكافة السبل لتفادي الحرب و أنت نفسك من وصف هذه الحرب في سرديتها الأولي حينما كنت حبيسا في القيادة العامة “انها حرب عبثية” وها أنت الآن تعمل على اعادة كتابة التاريخ دون أن تتحمل أي قدر من المسؤولية و فات عليك يا فخامة الحاكم بأمره أن تذكر الناس بدورك أنت بشكل شخصي فالغرب الذي تسعى إلى التأثير عليه يحترم و يقدر القادة الذين يتحملون المسؤولية و يقولون أن لهم قدر من المسؤولية في كل شيء و خصوصا أنت لم تكن مجرد رجل يجلس في كنبة متفرجا بل كنت صاحب السلطة الأعلى بقوة السلاح و بتحالفك الوثيق مع المؤتمر الوطني وحركته الإسلامية التي كانت و مازالت تختطف الدولة و تتعامل مع الشعب السوداني كرهينة.
ثالثا، الكذبة البلقاء التي أتت في مقال البرهان جسدها في قوله ” لذلك سعت الحكومة السودانية في ديسمبر 2022 إلى اتّباع مسار يهدف إلى دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني بصورة مسؤولة. كان هدفنا منع نشوب الصراع، وحفظ التماسك الوطني، وتوحيد جميع التشكيلات المسلحة تحت قيادةٍ قانونية واحدة. لم تكن نيتنا المواجهة بل الإصلاح؛ ولا التصعيد بل التوحيد المنضبط للقوات التي تدافع عن السودان”
طبعا لم تسع الحكومة السودانية ولم تكن هناك حكومة سودانية لدمج قوات الدعم السريع و كان بامكانها عمل ذلك تحت امرة البشير في عام 2017 بدلا من أن تسن قانون يعطي الدعم السريع وضعية خاصة تتبعه للرئيس البشير الذي كان يسمي حمدتي ب “حمايتي” و كان بإمكان المجلس العسكري الانتقالي فعل ذلك في الفترة من أبريل حتى سبتمبر من عام 2019 قبل توقيع الوثيقة الدستورية. و ما تم في عام 2022 كان جهدا مضنيا قامت به القوى المدنية ممثلة في الحرية و التغيير و لاحقا فيما عرف بقوي الإطاري. و من الذي رفض جهود دمج الدعم السريع وإنهاء ظاهرة تعدد المليشيات هو تحالف البرهان و الحركة الإسلامية و الدليل انه في الوقت الذي كان يعمل فيه المدنيين مع القوات المسلحة علي الوصول إلي صيغة تنهي ظاهرة تعدد الجيوش و القيادات كانت الاستخبارات العسكرية تصنع في مليشيات جديدة مثل درع البطانة و تماذج في الوقت نفسه تماطل في تطبيق الترتيبات الأمنية الخاص بسلام جوبا لعام 2020 و التي لم تتم حتى الآن و هناك مليشيات قبلية تسمى نفسها القوة مشتركة و لها هيئة أركان و ناطق رسمي، هذا مع ترك مليشيات ظل الحركة الاسلامية التي تحدث عنها علي عثمان من قبل تعمل علنا و تقوم بالحشد و التعبئة و التجهيز للحرب. أقل ما يمكن أن يوصف به البرهان لكل من عمل معه أنه رجل يكذب بشكل مرضي أو ما يعرف بال Pathological liar أي أنه لا يكذب لأن هناك ضرورة لتبرير فعلا ما، بل يمكنه أن يكذب فقط لأنه لا يستطيع قول الحقيقة و قد يكذب حتى في قراءة الساعة على الحائط لأنه يعاني من حساسية مفرطة تجاه قول الحقيقة.
رابعا، تحدث البرهان عن إيمانه و دعمه لعملية انتقال ديمقراطي حين قال “إنّ السلام الحقيقي في السودان لن يتحقق عبر النصر العسكري وحده. يجب أن يقوم على الديمقراطية وسيادة القانون وحماية حقوق شعبنا. وتظل القوات المسلحة السودانية ملتزمة بالانتقال إلى الحكم المدني—عملية قطعتها الحرب لكنها لم تُهمل. فشعبنا يستحق فرصة اختيار قادته وتحديد مستقبله.”
لا أعتقد أن البرهان يعرف معنى أو تعريف السلام الحقيقي و لا اعتقد أنه يؤمن بأن هناك شيء اسمه نصر عسكري حاسم ممكن في سياق السودان، ولكني اعرف معرفة اليقين أن البرهان يستخدم مفردات مثل الديمقراطية و سيادة حكم القانون لأنه من نصحه بكتابة المقال ( أو كتب المقال) قال له يجب أن ترمي بهذه الكلمات لأن الغرب سيأخذك بجدية إذا ما وردت حتى ولو عرضنا في المقال فهذه توابل و مقبلات، وفي حقيقة الأمر أشك في أن البرهان يعرف أن الديمقراطية عموما تعرف بانها حكم الشعب للشعب و أن لها معايير تبدأ بوضع دستوري يضمن الفصل بين السلطات حتى لا تتغول السلطة التنفيذية على التشريع و أن يكون القضاء مستقلا وأن لا يتم تسييسه لخدمة المتنفذين و أن يكون الدستور ضامنا للحريات الاساسية الخمس من حرية الضمير و التنظيم و الاحتجاج و التعبير و التنقل، و أن الانتخابات النزيهة في النظام الديمقراطي هي وسيلة للاستفتاء على توجهات الشعوب و وسيلة سلمية لتبادل السلطة و لتغيير القيادة. و إذا كان البرهان فعلا يؤمن بالديمقراطية فكيف له أن خرب المرحلة الانتقالية التي كانت تؤسس لهذا الانتقال و انقلب عليها و عطل الوثيقة الدستورية ليطلق يد الدعم السريع ثم عاد وقام بتعديل الوثيقة التي انتهى زمنها و الغي طرفها ” الحرية التغيير” و جعل من نفسه الحاكم بأمره بسلطة مطلقة (و قد عارضه في ذلك حتى حلفائه في الكتلة الديمقراطية) يتحكم في الذهب و التشريع و التنفيذ و يستغل نفوذه لحرمان خصومه السياسيين من حقوقهم الدستورية المتمثلة في الأوراق الثبوتية و في فتح بلاغات كيدية في قادة القوى المدنية بما فيهم شخصي الضعيف و رغم ذلك يتشدق بالديمقراطية و يا له من جاهل و كاذب. وقد أكمل المسرحية الهزيلة بتعيينه رئيس وزراء ديكوري بلا صلاحيات و هو اقرب منه الى السكرتير المفرغ بلا أعباء سوي أن يبصم علي رغبات البرهان غير المصرح بها، فأحلام القائد أوامر. أما الكذب المفضوح هو قول أن عملية الانتقال قطعتها الحرب و كأنما انقلاب 25 أكتوبر كان نزهة في ساحة الحرية، وليس قطع الطريق على مسيرة الانتقال المدني الديمقراطي، و لا أعتقد أن هناك ضرورة للحديث عن ملف حقوق الانسان فالرجل يده ملطخة بدماء السودانيين بدءا من فض اعتصام القيادة و مرورا بقتل المتظاهرين قبل و بعد الانقلاب و اخيرا بحور الدماء التي تسيل الآن بسبب الحرب هذا ناهيك عما قام به في دارفور إبان فترة حكم البشير من قتل و تنكيل و لولا أننا بالفعل نعيش في عالم ما بعد الحقائق فكيف لرجل دموي سفاح وقاتل يتجرأ بالتفوه بكلمة حقوق الإنسان دون أن يرمش له طرف؟
خامسا، الوعود الكاذبة أتت في قول الرجل ” والسودان لا يطلب صدقة ولا يطلب من الخارج اختيار طرف دون آخر. بل يطلب من العالم أن يختار بين الاستقرار والعنف؛ بين دولةٍ ذات سيادة تحاول حماية مواطنيها وميليشيا تمارس التطهير العرقي تسعى لتدمير المجتمعات. وعندما تنتهي الحرب—ويجب أن تنتهي—يريد السودان أن يكون شريكاً قوياً للولايات المتحدة؛ أن يساهم في حماية الاستقرار الإقليمي، ومكافحة الإرهاب، وإعادة بناء المدن والبلدات المدمّرة. وسيكون للشركات الأميركية دور مهم في إعادة الإعمار والاستثمار والتنمية طويلة الأمد.”
لا يستطيع السودان أن يكون شريكا في الاتفاق الابراهيمي و علي رأسه المؤتمر الوطني وحركته الإسلامية التي هي مستنقع الإرهاب في المنطقة و لها علاقات قديمة وراسخة مع القاعدة و داعش و إيران و الآن تأوي الالاف من الدواعش من غرب و شرق أفريقيا، أما الفساد المؤسسي الذي أصبح سمة من سمات بقايا دولة الانقاذ فلا يمكن أن يسمح لأي شركة امريكية او غربية بالدخول في شراكة مع منظومة فساد اختطفت الدولة بالكامل تتعامل مع مؤسسات الدولة مجرد واجهات لاكتساب شرعية تمكنها من العمل و الحركة و التخفي، هذا أقل ما يمكن يقال أنه أضحوكة بلهاء. أما غزل البرهان لامريكا و اسرائيل و الغرب هو قمة التعبير عن قلة الحيلة التي تجعل الرجل مستعد لفعل أي شيء بما في ذلك نفي وجوده فقط للبقاء في السلطة و لا يسأل نفسه ماذا سيفعل بهذه السلطة بلا رؤية أو مشروع أو برنامج سوي برنامج الحركة الاسلامية القائم على اختطاف الدولة و الفساد و التخريب و الإرهاب.
خلاصة القول، إذا أراد البرهان أن يكون رجلا يذكره التاريخ بخير بخلاف أنه مراوغ و كذاب وانتهازي فلينظر طويلا فيما حل بالسودانيين من تشريد و عذاب وجوع وذلة ومهانة بسبب رعونته و تعنته و ارتهان إرادته للحركة الإسلامية وتحالف معها فقط حتى يجلس على كرسي السلطة، عليه أن يوقف هذه الحرب فورا وفقا لخارطة طريق الرباعية وأن يلعب دورا ايجابيا في عمليات توحيد قيادة الجيوش و إصلاح المنظومة الأمنية و العسكرية و أن يكون رائدا في انهاء حالة الانقسام الاجتماعي والوجداني بين ابناء الوطن و ان يعترف ان المشكلة في جوهرها بين السودانيين و رأس الازمة الوطنية وأساسها هو عدم قدرتهم على التوافق على مشروع وطني يقوم على المواطنة المتساوية وأن الخارج ظل منذ زمن بعيد يستثمر في هذه التناقضات الداخلية وأن لوم الخارج ما هو الا هروب إلى الأمام. هذا هو الطريق الذي يمكن أن يساعد البرهان في غسل يديه من دماء السودانيين و تبرئة ذمته أما حتي و ان صدق الغرب حقائقه البديلة و انتصر عسكريا في هذه الحرب و استطاع أن يتربع علي عرش السلطة فهو لا محالة سيكرر تجربة البشير على اسوأ ما يكون وكما قيل قديما التجربة التي لا تورث حكمة تعيد نفسها على أسوأ ما يكون، فاذا صدق العالم سردية البرهان الكاذبة و دان له الأمر فليس للرجل ما يقدمه و الكتاب الوحيد الذي يقرأ منه هو كتاب الحركة الإسلامية وهو ذات الكتاب الذي قسم البلاد و طبع الفساد و اوصلنا الى ما نحن فيه الآن و كتاب الحركة الإسلامية عنوانه “داويني بالتي كانت هي الداء” أفضل ما يفعله هو إعادة إنتاج العذاب والخراب للسودانيين. البرهان أمام خيارين: إما أن يختار أن يواصل القراءة من كتاب الحركة الإسلامية ليعود لذات النقطة وهي حرب قادمة مع بعض حلفاء اليوم لا محالة حتى وإن استطاع يكسب هذه الجولة و أن يبقى في السلطة، أو أن يقرأ من كتاب الفطرة السليمة وهو كتاب ثورة ديسمبر التي عبرت عن إرادة غالبية السودانيين في السلام العادل والشامل الذي يؤسس لعقد اجتماعي جديد و لدولة لكل السودانيين تقوم على المواطنة المتساوية.
26 نوفمبر 2025
الوسومالاتفاقيات الإبراهيمية البرهان الحركة الإرهابية الحكومة السودانية السودان القوات المسلحة المؤتمر الوطني بكري الجاك قوات الدعم السريعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الاتفاقيات الإبراهيمية البرهان الحركة الإرهابية الحكومة السودانية السودان القوات المسلحة المؤتمر الوطني بكري الجاك قوات الدعم السريع قوات الدعم السریع الحرکة الإسلامیة القوات المسلحة الدعم السریع عالم ما بعد أن یکون أنتم من یمکن أن أنه لا
إقرأ أيضاً:
البرهان يكتب: حقيقة الحرب في السودان
صحيفة (وول ستريت جورنال)
حقيقة الحرب في السودان
بقلم: رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان
السودان بلد عميق الذاكرة؛ فتمتد جذور تاريخه إلى مملكة كوش التوراتية، إحدى أعظم حضارات أفريقيا. غير أنّ الحرب التي تشنّها الآن ميليشيا قوات الدعم السريع ليست كأيّ صراع واجهناه من قبل؛ فهي تمزّق نسيج مجتمعنا، وتقتلع ملايين الأشخاص من ديارهم، وتهدد كامل الإقليم بالخطر. ومع ذلك، لا يزال السودانيون ينظرون إلى حلفائهم في المنطقة وفي واشنطن بأمل. فالسودان يخوض معركة من أجل بقائه، ومن أجل سلامٍ عادل لا يمكن بلوغه إلا بدعم شركاء يدركون حقيقة كيف بدأت هذه الحرب وما الذي يتطلّب إنهاؤها.
وغالباً ما يسمع من هم خارج السودان روايات متضاربة حول جذور النزاع. وبوصفي القائد العام للقوات المسلحة السودانية ورئيس مجلس السيادة الانتقالي—الهيئة الحاكمة المؤقتة التي أُنشئت عقب الإطاحة بالرئيس عمر حسن البشير في عام 2019—أعلم أنّ الحقيقة واضحة. لقد اندلع الصراع لأنّ قوات الدعم السريع، وهي ميليشيا مدجّجة بالسلاح ذات سجل طويل من الوحشية، تمرّدت على الدولة. وعلى الرغم من نفيها استهداف المدنيين، فقد وثّق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وجهات أخرى، عمليات قتل جماعي وعنف جنسي وترويع للمدنيين ارتكبتها الميليشيا. وعندما استولت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في أواخر أكتوبر، أفيد بأنها ذبحت آلاف المدنيين. وقد ذكر مدير مختبر الأبحاث الإنسانية في جامعة (ييل) أن مصادر ميدانية قدّرت عدد القتلى بنحو 10 آلاف شخص قبل أن يفقد المختبر الاتصال—وهو رقم يقارب خمسة أضعاف ضحايا هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، في مقياس قاتم لحجم الفظائع التي أُطلقت.
لقد أدركتُ منذ وقت طويل أنّ قوات الدعم السريع كانت بمثابة قنبلة موقوتة. فقد نشأت هذه القوات، التي كانت تُعرف سابقاً بالجنجويد، في مطلع الألفية كميليشيا مساندة في دارفور، ثم تحوّلت لاحقاً إلى قوةٍ مستقلة واسعة النفوذ. وبحلول فترة الانتقال السياسي في 2019، كانت قد تطوّرت إلى تشكيلٍ شبه عسكري مستقلّ، شديد التسليح، يتصرف خارج منظومة القيادة الرسمية للدولة. هذا الهيكل—مقترناً بمواردها المالية الخاصة وسجلها الموثق بالانتهاكات—شكّل تهديداً مباشراً لاستقرار السودان ووحدة مؤسساته الوطنية.
ولذلك سعت الحكومة السودانية في ديسمبر 2022 إلى اتّباع مسار يهدف إلى دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني بصورة مسؤولة. كان هدفنا منع نشوب الصراع، وحفظ التماسك الوطني، وتوحيد جميع التشكيلات المسلحة تحت قيادةٍ قانونية واحدة. لم تكن نيتنا المواجهة بل الإصلاح؛ ولا التصعيد بل التوحيد المنضبط للقوات التي تدافع عن السودان. لكنّ قوات الدعم السريع انقلبت في أبريل 2023 على الجيش الوطني الذي تعهّدت بالانضمام إليه؛ فحرّكت قواتها سراً حول الخرطوم ومدن كبرى أخرى، واستولت على مواقع استراتيجية، وهاجمت منشآت حكومية وعسكرية. لقد غرست تلك الخيانة السودان في أتون حرب.
وما يزيد هذا الوضع إيلاماً هو يقيننا بأنّ قوات الدعم السريع لا تتحرك وحدها. إذ نعتقد نحن وجهات أخرى، بينها إدارة الرئيس ترامب، أنّ هذه الميليشيا تحظى بدعم خارجي كبير في العتاد وغيره، من أطراف تظن خطأً أنّ تمكين مجموعةٍ تتهمها الولايات المتحدة نفسها بارتكاب جرائم إبادة وتطهير عرقي سيخدم مصالحها الضيقة. والسودانيون يرون ذلك بوضوح؛ فهم يدركون كلفة تحويل بلادهم إلى ساحةٍ لتصفية طموحات الآخرين.
ولن تبقى هذه الساحة حبيسة حدود السودان. فالحرب تهدد استقرار البحر الأحمر شرقاً ومنطقة الساحل الهشّة غرباً، كما تشكّل خطراً مباشراً على المصالح الأميركية. لقد عبّرت قوات الدعم السريع عن عدائها للولايات المتحدة بوضوح لا لبس فيه. ففي وقت مبكر من الحرب، أفادت شبكة (إن بي سي) عن هجوم على ما يبدو نفّذته عناصر مرتبطة بالدعم السريع على موكب دبلوماسي أميركي. ومؤخراً، في سبتمبر 2024، توفي عنصر امن في السفارة الأميركية أثناء احتجازه لدى قوات الدعم السريع، وفقاً لمكتب الشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية الأمريكية. هذه ليست أفعال قوةٍ تسعى للسلام أو تحترم المعايير الدولية.
في هذا السياق، استمع كثير من السودانيين باهتمام شديد إلى حديث وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن الحرب خلال قمة مجموعة السبع في كندا قبل أسابيع. كانت تصريحاته مشجّعة لا لأنها خفّفت عنا، بل لأنه قال الحقيقة الصعبة. فقد سمّى الحرب بما هي عليه، وعرّف قوات الدعم السريع، وسلّط الضوء على الأيادي الخارجية التي تغذي العنف. لقد اتسمت كلماته بوضوحٍ افتقده العالم كثيراً حين يتعلق الأمر بالسودان، حيث يجري تناول الأزمة بلغة مبهمة أو تصوّرات مريحة للغير. فغالبية العالم ما زال ينظر إلى الصراع باعتباره مجرد صراع على السلطة بين جنرالين، لا تمرّداً عنيفاً ضد الدولة السودانية وشعبها.
وبالروح ذاتها، كانت تصريحات الرئيس ترامب الإيجابية عقب لقائه بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية، مشجّعة. ونحن نرحب بالجهود المخلصة للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية من أجل تحقيق سلامٍ عادل ومنصف في السودان، ونقدّر اهتمامهما والتزامهما المستمر بإنهاء إراقة الدماء. ونؤكد استعدادنا للعمل الجاد معهما من أجل السلام الذي طالما تاق إليه الشعب السوداني. غير أنّ أي حلّ يضمن سلاماً دائماً في المنطقة يستلزم تفكيك ميليشيا الدعم السريع ومرتزقتها. فلا مكان لهم ولا لحلفائهم في مستقبل السودان الأمني أو السياسي. أما النافذة الوحيدة التي قد تبقى مفتوحة لأفراد الدعم السريع فهي إمكانية دمج بعض عناصر الميليشيا في الجيش الوطني، ولكن وفق معايير مهنية صارمة، ولمن هم غير متورطين في أي جريمة.
وينظر الشعب السوداني اليوم إلى واشنطن لاتخاذ الخطوة التالية: البناء على صراحة الرئيس الأميركي والعمل معنا—ومع من في المنطقة ممّن يسعون بصدق إلى السلام—لإنهاء هذه الحرب. والإجماع بين السودانيين أن السيد ترامب قائد يتحدث مباشرة ويتحرك بحسم، ويعتقد كثيرون أنه يمتلك الإرادة لمواجهة الأطراف الأجنبية التي تطيل أمد معاناتنا.
والسودان لا يطلب صدقة ولا يطلب من الخارج اختيار طرف دون آخر. بل يطلب من العالم أن يختار بين الاستقرار والعنف؛ بين دولةٍ ذات سيادة تحاول حماية مواطنيها وميليشيا تمارس التطهير العرقي تسعى لتدمير المجتمعات. وعندما تنتهي الحرب—ويجب أن تنتهي—يريد السودان أن يكون شريكاً قوياً للولايات المتحدة؛ أن يساهم في حماية الاستقرار الإقليمي، ومكافحة الإرهاب، وإعادة بناء المدن والبلدات المدمّرة. وسيكون للشركات الأميركية دور مهم في إعادة الإعمار والاستثمار والتنمية طويلة الأمد.
ونريد أيضاً أن يستعيد السودان دوره كقوة إقليمية إيجابية. فقد اتخذ السودان في عام 2021 خطوة تاريخية بانضمامه إلى (الاتفاقات الإبراهيمية). ونحن نؤمن بأنّ السلام والتعاون هما الطريق الوحيد نحو شرق أوسط وقرن أفريقي مستقرّ. ولا يزال هذا النهج هو ما يوجّه بوصلتنا.
ولكن دعوني أكون واضحاً: إنّ السلام الحقيقي في السودان لن يتحقق عبر النصر العسكري وحده. يجب أن يقوم على الديمقراطية وسيادة القانون وحماية حقوق شعبنا. وتظل القوات المسلحة السودانية ملتزمة بالانتقال إلى الحكم المدني—عملية قطعتها الحرب لكنها لم تُهمل. فشعبنا يستحق فرصة اختيار قادته وتحديد مستقبله.
يقف السودان اليوم على مفترق طرق: طريقٌ يؤدي إلى الانهيار وفوضى إقليمية، وآخر يقود إلى التعافي وتحقيق الوعد المؤجل للديمقراطية والاستقرار. ولا يمكننا سلوك هذا الطريق وحدنا؛ فنحن بحاجة إلى شركاء يدركون خطورة اللحظة ويملكون الشجاعة لمواجهة الحقائق الصعبة.
لقد عانى الشعب السوداني ما يكفي. وعلى العالم أن يقف معه، لا مع من يسعون لتمزيق بلاده. والسودان مستعد للعمل البنّاء مع إدارة الرئيس ترامب ومع كل من يسعى بصدق إلى السلام.
فالسلام لا يُبنى على الأوهام، بل على الحقيقة. وفي هذه اللحظة، الحقيقة هي أقوى حليف للسودان.
Promotion Content
أعشاب ونباتات رجيم وأنظمة غذائية لحوم وأسماك
2025/11/26 فيسبوك X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة إسحق أحمد فضل الله يكتب: (أيام الحمر…)2025/11/26 إبراهيم شقلاوي يكتب: الكهرباء وفرص العودة إلى الخرطوم2025/11/26 سلك … الكذب حين يرتدي بدلة فاخرة2025/11/26 المعارك الانصرافية2025/11/26 أحمد الحلا الخائن في حدائق الشيطان2025/11/26 يوسف عبدالمنان يكتب: مع كيكل2025/11/26شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات الأسئلة التعسُفية! 2025/11/26الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن