الكنيسة الأرثوذكسية تُحيي تذكار نياحة القديس كرنيليوس قائد المائة
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
تحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ، اليوم، الموافق الثالث والعشرين من شهر هاتور القبطي، تذكار نياحة القديس كرنيليوس قائد المائة، الذي يُعد أول الأمم دخولًا إلى الإيمان المسيحي.
كرنيليوس قائد المائةوقال كتاب “السنكسار الكنسي” الذي يدون سير الآباء الشهداء والقديسين، إن هذا القديس كان رومانيا من الكتيبة الإيطالية بمدينـة قيصرية، وكان قبل إيمانه يعبد الكواكب، لكن عندما رأى الآيات التي صنعها الرسل وتأثر بتعاليمهم، ترك عبادة الأوثان وتمسك بالصوم والصلاة والصدقة.
وأضاف كتاب السنكسار أن الله قبل صلواته وصدقاته، فظهر له ملاك وأمره باستدعاء الرسول بطرس من يافا ليُعلّمه طريق الحق، وعندما جاء القديس بطرس إلى قيصرية، بشره هو وأهل بيته بسر الخلاص، فآمن الجميع واعتمدوا، وحلّ الروح القدس عليهم.
كما يذكر السنكسار أن القديس كرنيليوس ترك خدمة الجندية وتفرغ للكرازة، فرسمه القديس بطرس أسقفًا على قيصرية فلسطين، حيث بشر بالمسيح وثبت المؤمنين بصنع المعجزات، إلى أن أكمل جهاده وتنيّح بسلام.
كتاب السنكسار الكنسيجدير بالذكر أن كتاب السنكسار يحوي سير القديسين والشهداء وتذكارات الأعياد، وأيام الصوم، مرتبة حسب أيام السنة، ويُقرأ منه في الصلوات اليومية.
ويستخدم السنكسار ثلاثة عشر شهرًا، وكل شهر فيها 30 يومًا، والشهر الأخير المكمل هو نسيء يُطلق عليه الشهر الصغير، والتقويم القبطي هو تقويم نجمي يتبع دورة نجم الشعري اليمانية التي تبدأ من يوم 12 سبتمبر.
والسنكسار بحسب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مثله مثل الكتاب المقدس لا يخفي عيوب البعض، ويذكر ضعفات أو خطايا البعض الآخر، وذلك بهدف معرفة حروب الشيطان، وكيفية الانتصار عليها، ولأخذ العبرة والمثل من الحوادث السابقة على مدى التاريخ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الكنيسة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية السنكسار المسيح
إقرأ أيضاً:
كتاب المسيحية في عُمان والمسكوت عنه
صدر مؤخرا عن دار الفلق العمانية للنشر كتاب: «المسيحية في عُمان: الإباضية والحرية الدينية والكنيسة»، لمؤلفه أندرو ديفيد تومسون، والكتاب كتب بالإنجليزية وترجمته إلى العربية رشا جميل صويلح، والمؤلف رئيس مجلس إدارة الأمانة في مطرح القديمة بولاية مطرح، ومركز الأمانة يعود إلى الطبيب ويلز توماس ابن الطبيب شارون توماس (ت: 1971م)، وهو مؤسس أول مستشفى في عُمان «مستشفى الرحمة»، واشتهر عند العمانيين باسم «الطبيب طومس»، والطبيب ويلز توماس خلف أباه شارون توماس (ت: 1913م) في التطبيب والتبشير في الإرسالية الأمريكية التي تأسست في نهاية القرن التاسع عشر، ومن أبرز مؤسسيها صموئيل زويمر (ت: 1952م)، وقد وصل زويمر الملقب عند البروتستانت «برسول العرب» إلى البحرين سنة 1892م، وأسس المستشفى الأمريكي في المنامة 1903م، ولا يزال فاعلا حتى اليوم، ثم بنى الكنيسة المشيخية نسبة إلى المذهب البروتستانتي الكالفيني سنة 1906م، وقد زرت الكنيسة في أبريل 2019م، والتقيت بالقائم فيها القس هاني عزيز، وعملت معه حوارًا مطولًا نشر في كتابي «التعارف».
والقس صموئيل زويمر أتى إلى عُمان أيضا في فترة مبكرة، ويقال أسس أول عيادة للنساء في مطرح عن طريق طبيبة اسمها «ثيدورا» سنة 1904م، لكن الإرسالية لاحقا أنشأت عيادة ثم مستشفى الرحمة، كما أنشات أيضا كنيسة مشيخية صغيرة في مطرح، ولا زالت موجودة حتى اليوم مقابل مركز الأمانة، ولما حكم السلطان قابوس بن سعيد (ت: 2020م) عام 1970م توقف عمل الإرساليات التبشيرية في عُمان، وتحول إلى مركز «الأمانة»، ويعنى بالتعايش والتعريف بالسياحة الدينية في عُمان، ويشرف عليه حاليا وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ويقوم بعمل نبيل في استقبال طلبة من خارج عُمان، خصوصا من أوروبا وأمريكا، وتعريفهم بعمان وتعايشها وتسامحها ومعالمها الدينية والحضارية والثقافية.
مؤلف الكتاب أيضا أي أندرو تومسون يعتبر القس الأكبر في كنيسة القديس أندرو في أبوظبي، وعضو في وسام الامبراطورية البريطانية MBE، وكتب أيضا عن المسيحية في الإمارات والكويت، وعن يسوع في جزيرة العرب، والكتاب أكاديمي يوثق عن الحالة المسيحية في عُمان في الواقع المعاصر عن قرب، وبلسان وقلم مسيحي، ولست هنا في بيان القراءة الوصفية أو النقدية عن الكتاب، لكنه ثري وغني بالمعرفة، مع تفاعل المسيحية مع الدولة الوطنية العمانية عموما، ومع الإباضية خصوصا، وعلم تأريخ الأديان (History of Religions) أو المكونات الدينية، خصوصا فيما يتعلق بالأقليات الدينية يدخل في المسكوت عنه، ويكاد غائبا بالكلية عن الدرس العلمي والأكاديمي.
نُشرت مؤخرا بعض الكتابات التي لها علاقة غير مباشرة بالتحولات الدينية، وأقرب إلى تمظهراتها التبشيرية والحوارية والتجارية، مثل: «الحملات التنصيرية إلى عُمان» للدكتور سليمان الحسيني، «والنصارى في عُمان: حوار بين المسلمين والنصارى في عُمان خلال قرن من الزمان (1891- 1990م)» من تأليف القس الإنجليزي ريموند فريدريك سكنر، وترجمه الدكتور المعتصم المعولي، «وتجارة الهنود البانيان في عُمان: منذ قيام دولة البوسعيد عام 1744م وحتى بداية نهضة عُمان الحديثة عام 1970م» للدكتور إسماعيل الزدجالي، ومع أهمية هذه الدراسات؛ إلا أنها لا تدرس التحول الديني في عُمان قديما وحديثا، وتأثير ذلك على الجوانب المعرفية والثقافية، واليوم مع نهضة عُمان الحديثة عندنا ما يقارب ثلاثة ملايين ينتمون إلى انتماءات ثقافية ودينية ومذهبية مختلفة، فضلا عن السائحين، فهؤلاء يتدافعون معنا بثقافاتهم المختلفة، حيث لا زالت النظرة إلى هذا التشارك والتدافع المجتمعي من المسكوت عنه معرفيا وبحثيا، على مستوى الدراسات الدينية أو التأريخية أو الاجتماعية، وحتى على المستوى الثقافي العام، مما يولد في المستقبل حالة انغلاقية في معرفة الآخر والتعايش معه، خصوصا إذا نظر إليه من زاوية دينية مغلقة، كما حدث في حديقة العامرات قبل فترة بسيطة، نتيجة رؤية دينية واجتماعية أحادية في جملتها قاصرة حتى على مستوى فهم المختلف، وتحمل مضامين خاطئة لأسباب تأريخية ومعرفية مسبقة، أو نتيجة ثقافة إعلامية سطحية.
في عُمان الحالة الدينية المختلفة لا تتوقف عند الإرساليات المسيحية، وإن كانت الأبرز كاثوليكيا نتيجة الوجود البرتغالي، والوجود الهندي القريب من عُمان، المتدافع مع عُمان تجاريا وقربا جغرافيا، ثم البروتستانت مع الوجود الإنجليزي، بيد أنه حاليا فيه تنوع أكبر مع العرب الأقباط والسريان، أرثدوكس وكاثوليك، ومع الموارنة، ومع الكاثوليك والبروتستانت من شرق آسيا وسيرلانكا وغيرها، إلا أن عُمان - خصوصا الشمال - لا يمكن فصلها تأريخيا عن كنيسة المشرق الآشورية، والمعروفة سابقا بالنساطرة، وأشار المؤلف في كتابه إلى أبرشية «بيت مازوناي» الآشورية وأسقفها كان مقره صُحار.
الحالة الدينية في عُمان قديما امتدت ضمن حضارات بلاد ما بين النهرين والسند وفارس القديمة، ومن الباحثين من يرى العلاقات امتدت مع الجانب الديني عند الفراعنة بين جنوب عُمان ومصر القديمة عن طريق اللبان، وحضوره في المعابد المصرية القديمة، تجسد ذلك في الزرادشتية والمانوية والغنوصية الهندوسية قديما، وفي البوذية والسيخية في الوقت الحاضر، كما أن فارس والعراق واليمن لها تدافع من خلال الوجود اليهودي والمسيحي قديما، والبهائي حديثا، فضلا عن التدافعات الغنوصية والمذهبية والكلامية والفقهية داخل الإسلام نفسه.
فهناك العديد من المسكوت عنه بحثا وقراءة وتوثيقا ليس على مستوى عُمان، بل على مستوى الخليج العربي. ومع بروز الأقليات الدينية والعرفانية بشكل أكبر في العالم العربي الأوسع كالعراق والشام، إلا أن الانفتاح عليها، ودراستها عن قرب لا زالت ضئيلة، ووفق اجتهادات في غالبها شخصية، وكثيرا ما يُعتمد على دراسات بعيدة جغرافيا وثقافيا، مع قرب هذه المكونات من الدارس والباحث ذاته، مما يخلق عزلة معرفية في العقل الجمعي، يؤثر سلبا في المشاركة الوطنية، والمساواة بين أفرادها على المدى البعيد.