انتهى اليوم السابع من معركة ردع العدوان بتحقيق قوات الردع تقدما إستراتيجيا نحو مدينة حماة من محورين أساسيين، بعد السيطرة على اللواء 87، ومدرسة المجنزرات، ومقر الفرقة 25 في المحور الشرقي، وبلدات خطاب، وأرزة، والمجدل في المحور الغربي مع تنفيذ عمليات إشغال وهمية تجاه جبل زين العابدين وبلدة قمحانة، لصرف أنظار قوات نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

هذه التطورات الميدانية يرويها أحد المقاتلين في قوات ردع العدوان التي كانت جزءا من خطة واسعة وضعتها إدارة العمليات العسكرية التي تمكنت من إسقاط نظام الأسد في المدينة في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024.

بعد سيطرة فصائل المعارضة عليها.. مشاهد خاصة بالجزيرة من مدينة #حماة#فيديو pic.twitter.com/tDjFurQmL4

— سوريا الآن – أخبار (@AJSyriaNowN) December 6, 2024

الساعات الأخيرة قبل التحرير

فمدينة حماة، التي أراد النظام السوري أن يجعلها درسا مرعبا لكل من يطالب بالحرية، تحولت في تلك الساعات إلى ساحة انتصار طال انتظاره أكثر من 4 عقود.

فبعد الهزيمة المفاجئة لقوات الأسد وانسحابها من حلب أواخر نوفمبر/ تشرين الأول 2024، حاول النظام إعادة تنظيم صفوفه انطلاقا من حماة، فحشد ما استطاع من جنود وعتاد، وأطلق عمليات معاكسة بهدف صد تقدم المعارضة السورية التي كانت قد سيطرت على ريف إدلب الجنوبي وتوغلت في الحدود الإدارية لمحافظة حماة، ولا سيما في البلدات الشمالية والشمالية الغربية التي شهدت معارك شرسة.

ليلة التحرير.. حماة بين رعب الساعات الأولى ودموع الانتصار التاريخي✨ pic.twitter.com/UzU3orwmCS

— SyriaNow – سوريا الآن (@AJSyriaNow) December 3, 2025

 

وتحصنت قوات النظام في جبل زين العابدين المطل على المدينة وريفها الشمالي، وشكّلت خط دفاع محكم. غير أن الفصائل المعارضة استعملت طائرات "الشاهين" المسيرة وصواريخ موجهة مضادة للدروع لاختراق هذا التحصين، في حين فشلت الغارات التي نفذتها طائرات النظام وروسيا في وقف التقدم.

إعلان إعلان التحرير

في مساء الخامس من ديسمبر/ كانون الأول، علت أصوات التكبير في أرجاء حماة معلنة تحريرها لأول مرة من قبضة النظام، لتطوى بذلك صفحة من الجرح الذي بقي مفتوحا منذ مجزرة فبراير/شباط 1982، حين حاصرت قوات الأسد الأب وشقيقه رفعت المدينة، ودمرت ثلث منازلها وقتلت عشرات الآلاف من سكانها.

من الذاكرة: معركة ردع العدوان – بدء دخول حماة. pic.twitter.com/N8Okia3pdD

— محمـد الحـزوم (@Mo_Syri) November 27, 2025

رمزية الانتصار

كتب أحد المقاتلين في قوات ردع العدوان "كانت معركة تحرير حماة من أعظم محطات النصر الأخير.. تهاوت العصابة المجرمة بسرعة كبيرة، وكان لاستقبال أهل حماة للمقاتلين أثر عظيم في النفس يستحيل أن يُنسى".

من أكتر المشاهد يلي بكيت فيها كانت وقت تحرير حماة… بهديك اللحظة حسّيت بشعور غريب ماكنت مستوعب اللي صار وأيقنت تمامًا إنو حمص رح تتحرر. سهران كل الليل أتخيل هتافات الناس وتكبيرات المساجد… كان الأمل أكبر من النوم
الحمدالله على النصر العظيم pic.twitter.com/ldC75nxIJS

— قاسم (@alqassam_9) June 30, 2025

وفي شهادة مدونة من داخل حماة، تحدثت إحدى النساء عن الأيام الثلاثة الأخيرة من المعركة، قائلة "لما انقطع الإنترنت بحماة خلال معركة التحرير، ما بقي لنا غير أخبار التلفزيون.. كنت أجلس 24 ساعة دون انقطاع، وكل خبر كان أجمل من الذي قبله. كانت الأحداث تتسارع بشكل لم أره في حياتي. جزى الله المجاهدين الذين حررونا كل خير، وأعظم لهم الأجر في جنات النعيم. كانت الفوضى تعم أركان النظام، والرعب يدب في قلوب أجهزته. أحجار الدومينو سقطت بسرعة، حتى أصبحت هذه الثورة واحدة من أعظم الثورات في التاريخ".

لقد كانت معركة تحرير حماة من أعظم المحطات في معركة النصر الأخير

لقد تهاوت العصابة المجرمة بسرعة كبيرة بعد تحريرها

لقد كان لتحرير حماة واستقبال أهلها للفاتحين أثر كبير في النفس يستحيل أن ينسى . pic.twitter.com/93VtEBBalo

— حسام سلامه (@hosam_sa1) December 20, 2024

مجزرة حماة 1982

وقعت مجزرة حماة في فبراير/شباط 1982 واستمرت 27 يومًا، نفذتها عدة فرق وألوية من الجيش السوري، وعلى رأسها سرايا الدفاع، بهدف القضاء على المعارضة المسلحة في المدينة.
أسفرت المجزرة -وفق روايات متعددة- عن مقتل نحو 40 ألف شخص، وأكثر من 17 ألف مفقود، بينما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل قرابة 10 آلاف منهم، وأسماء 4 آلاف مفقود.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات ردع العدوان pic twitter com

إقرأ أيضاً:

ميثاق العهد والعمل وثيقة شباب مصر التي أرعبت النظام

ثلاث جمل "لن نسكت، ولن نركع، ولن ننسى". ثلاث تختزل روح وثيقة "ميثاق العهد والعمل" التي أطلقها شباب مصر (جين زد 002) في الأيام الأولى من كانون الأول/ ديسمبر 2025 وأُطلقت للاطلاع والتصويت عليها، وهي أول محاولة منذ سنوات طويلة لصياغة رؤية وطنية موحدة خارج إطار الدولة العسكرية التي تحكم البلاد منذ انقلاب 23 تموز/ يوليو 1952.

هذه الوثيقة ليست مجرد ورقة سياسية، بل صرخة جيل كامل يرفض أن يُختزل دوره في "لايكات" على تيك توك أو هجرة على قوارب الموت.

تتكون الوثيقة من ثلاثة محاور رئيسة يعرفها الشباب بأنفسهم: القسم الثالث عهدنا (التزاماتنا الوطنية)، القسم الثاني منهجنا (كيف نعمل)، القسم الأول رؤيتنا (مصر التي نريدها). وهي ببساطة خريطة طريق لمصر ما بعد الاحتلال العسكري.

القسم الأول: رؤيتنا.. مصر التي يحلم بها جيل زد

بدأ الميثاق بجملة صاعقة: "مصر التي نريدها دولة قانون ومؤسسات، فصل السلطات، رقابة دستورية حقيقية، جيش في ثكناته، أمن وطني لا أمن نظام". هذه ليست شعارات، بل نقاط محددة ومركزة:

1- دولة مدنية ديمقراطية حديثة لا مكان فيها لحكم الفرد أو الوريث أو "الرئيس الضرورة".

2- إلغاء كل القوانين التي تجعل الجيش دولة داخل الدولة، وإعادة هيكلة كاملة للمؤسسة العسكرية تحت رقابة برلمان منتخب.

3- محاكمات عادلة لكل من تورط في قتل أو تعذيب أو سرقة المال العام منذ 25 يناير 2011 حتى اليوم.

4- استعادة الأموال المنهوبة، وإعلان كل صفقات السلاح والمشروعات التي تمت بسرية تامة منذ 2013.

5- إطلاق سراح كل سجناء الرأي فورا، وإلغاء قانون التظاهر، وقانون الطوارئ، وقانون الإرهاب الذي صيغ ليطال أي صوت معارض.

لم يكتب الشباب هذه البنود من فراغ، هم أبناء جيل عاش 2011 وهو في المدرسة، ثم استيقظ على فض اعتصام رابعة بالرصاص الحي وهو في الجامعة، ثم وجد نفسه عاطلا أو مهاجرا أو مسجونا بسبب منشور فيسبوك وهو في العشرينات. هم يعرفون بالضبط ماذا يريدون لأنهم عاشوا بالضبط عكسه.

القسم الثاني: منهجنا.. كيف سنحقق هذا؟

يأتي هذا الجزء الذي أرعب نظام بأكلمه، لم يعلن الشباب عن حزب أو تنظيم سري أو دعوة للعنف، بل وضعوا منهجا أشد خطرا على الأنظمة الاستبدادية: العصيان المدني السلمي المُنَظَّم والمُمَدَّد زمنيا.

من بين النقاط التي وردت صراحة:

1- مقاطعة كل المنتجات والشركات التي تمول النظام أو تتعاون مع أجهزته القمعية.

2- مقاطعة الانتخابات المزورة مسبقا، وتحويل يوم الانتخابات إلى يوم عصيان مدني شامل.

3- تنظيم حملات توعية في القرى والنجوع والجامعات والمدارس تحت شعار "مصر مش للبيع".

4- بناء شبكات تضامن شعبية لدعم أسر المعتقلين والشهداء والمهجرين قسريا.

4- توثيق الانتهاكات يوميا ونشرها عالميا باللغات الحية.

الأخطر أن الوثيقة تنص صراحة على: "رفض أي حوار أو تفاوض مع من قتلونا وسرقونا وأذلونا".

هذه ضربة قاصمة لاستراتيجية النظام التي تعتمد دائما على "الحوار الوطني" المزيف لامتصاص الغضب واللعب بأعصاب المعارضة.

القسم الثالث: عهدنا.. التزاماتنا الشخصية

يتحول الميثاق من وثيقة سياسية إلى ميثاق شرف، كل شاب وقّع عليه (والتوقيع مفتوح للجميع عبر منصات رقمية مشفرة) يتعهد بما يلي:

1- أن يضع مصر فوق أي اعتبار شخصي أو عائلي أو وظيفي.

2- ألا يقبل وظيفة في أي جهاز قمعي أو مؤسسة تابعة للنظام العسكري.

3- ألا يشارك في أي انتخابات أو استفتاءات مزورة.

4- أن يدافع عن كرامة المصريين حتى لو كلفه ذلك حريته أو حياته.

في أسبوع واحد فقط تجاوز عدد الموقعين 20 ألفا (حسب إحصاءات المنصة الرسمية للميثاق)، وهو رقم لم يحققه أي حزب سياسي في مصر منذ عقود.

لماذا يرعب الميثاق النظام؟

لأنه يضرب في صميم ثلاثة أشياء يعتمد عليها النظام العسكري لبقائه:

أولا: أسطورة "الشباب مش عايز حاجة غير أكل عيش". الميثاق يثبت أن هناك جيلا كاملا مستعد للتضحية من أجل الكرامة حتى لو جاع.

ثانيا: أسطورة "مفيش بديل". الميثاق يقدم بديلا واضحا، منظما، سلميا، شعبيا، ولا يعتمد على زعيم أو حزب أو تمويل خارجي.

ثالثا: أسطورة "الشعب خايف". مليون توقيع في أسبوع، من شباب يعرفون أن التوقيع قد يكلفهم الاعتقال، يعني أن الخوف قد انكسر فعلا.

رد فعل النظام: الرعب المُقنَّع بالسخرية

في البداية حاولت وسائل الإعلام العسكري تصوير الوثيقة على أنها "عبث شباب على تيك توك"، لكن عندما تجاوز عدد الموقعين 20 ألفا فقط على ديسكورد، تحولت اللهجة إلى التهديد المباشر.

لكن الشباب كانوا أذكى، الميثاق موجود على شبكات تور، وعلى تليغرام، وعلى منصات لامركزية، كلما حجبوا رابطا سيظهر عشرة، كلما اعتقلوا عشرة وقّع ألف.

جيل زد المصري: الجيل الذي لم يعد يخاف الموت لأنه عاش ميتا

هذا هو السر الحقيقي، جيل ولد في التسعينيات وأوائل الألفية الثانية عاش أسوأ 15 سنة في تاريخ مصر الحديث:

1- شهد مذبحة رابعة وهو في الثانوية.

2- تخرج من الجامعة ليجد معدل بطالة 40 في المئة بين الشباب.

3- حاول يسافر فوجد تأشيرة شينغن تكلف 15 ألف دولار.

4- فتح فيسبوك فوجد زميله معتقل بسبب منشور.

5- فتح إكس فوجد تريند "#ارحل_يا_سيسي" يتم حذفه في ساعات.

6- فتح تليغرام فوجد قنوات بتبيع أخبار المعتقلين بالقطارة.

هذا الجيل لم يعد لديه ما يخسره. الموت بالنسبة له ليس أسوأ من الحياة تحت الاحتلال العسكري.

الرسالة الأخيرة في الميثاق

تنتهي الوثيقة بجملة كتبها شباب عمره لا يتجاوز أعمارهم 25 سنة، وأصبحت شعار الجيل كله: "نحن لسنا ثورة جديدة.. نحن استكمال ثورة لم تنتهِ. ثورة بدأت في 25 يناير 2011 وتم اختطافها، ونحن الآن نستردها. لن نطلب منكم أن تتركوا الكراسي.. سنسحبها من تحتكم، سحبا بطيئا، مؤلما، يوما بعد يوم، حتى تسقطوا بأنفسكم".

هذا ليس تهديدا بالعنف، هذا وعد بعصيان مدني شامل، ممتد، لا يمكن لأي جيش أو شرطة أو إعلام أن يوقفه. النظام يعرف ذلك، لذلك يرعبونه مليون توقيع. ولذلك سيأتي اليوم الذي يتم فيه طباعة هذا الميثاق في كتب التاريخ تحت عنوان: "الوثيقة التي أسقطت آخر ديكتاتوريات القرن العشرين في العالم العربي".

الشباب ليسوا قادمين.. الشباب موجودون بالفعل، والميثاق ليس ورقة.. الميثاق عهد، والعهد دين، والدين يُسدد. مصر لن تتحرر بمعجزة.. مصر ستتحرر بجيل قرر أن يعيش حرّا، أو يموت واقفا.

مقالات مشابهة

  • ملف دمشق.. 134 ألف وثيقة تفضح آلة القتل الممنهج في سجون نظام الأسد
  • جبل زين العابدين.. المعركة الحاسمة التي فتحت الطريق لسقوط الأسد
  • ميثاق العهد والعمل وثيقة شباب مصر التي أرعبت النظام
  • أوروبا تعدّل إرشادات لجوء السوريين في دول الاتحاد
  • الاتحاد الأوروبي يحدّث إرشادات طلبات اللجوء للسوريين بعد عام على سقوط الأسد
  • كيف حاولت قسد إرباك مسار معركة إسقاط الأسد؟
  • ماذا جنى السوريون بعد عام من سقوط نظام الأسد.. إنجازات أم سراب؟
  • روسيا تتكتم عن وضع بشار الأسد
  • الثورة السورية .. دمشق تطلق أول جريدة ورقية منذ سقوط النظام