هل لابد لطالب العلم من شيخ؟

هل لابد لطالب العلم من شيخ؟ سؤال يسأل فيه االكثير من الناس فأجاب الدكتورمحمد العشماوي من علماء الازهر الشريف وقال من المغالطات المشهورة - وهي ساذجة سذاجة الأطفال - إذا قلتَ للمهووسين بالتصدر والكلام في علوم الدين من غير المتخصصين: أين مؤهلاتكم العلمية في الدين؛ لتتحدثوا فيه؟!؛ قالوا: أين المؤهلات العلمية للبخاري، ومسلم، وابن جرير، وابن كثير، وهل حصلوا على شهادات من الأزهر؟!

ولا يدري هؤلاء أن التأهيل العلمي في كل عصر؛ بحسب معطيات كل عصر وأدواته!

فتأهيل العلماء في العصور السابقة؛ كان عن طريق طلب العلم من الشيوخ المشهورين المتصدرين المعتبرين، والرحلة إليهم حيث كانوا، والقراءة عليهم، والسماع منهم، واستخراج مكنونات علمهم بالمباحثة والمناقشة والمحاورة والمذاكرة، ثم الحصول على شهادة من هؤلاء الشيوخ بالإجازة أو الإذن بالرواية أو بالتدريس أو بالتأليف أو بالإفتاء أو نحو ذلك من وجوه التعليم!

ثم انتهت كل هذه التجارب العظيمة إلى ثلاث مدارس علمية مشهورة، صارت هي المرجع المعتمد في علوم الدين؛ لأنها ضبطتها وحررتها واعتمدتها، في صورة مناهج معتبرة، وفق قواعد وأصول مقررة، واحدة في المشرق العربي الإسلامي، وهي جامع الأزهر الشريف بمصر، واثنتان في المغرب العربي الإسلامي، وهي جامع القرويين بالمغرب، وجامع الزيتونة بتونس!

فمن طلب العلم على هذا المنهج؛ كان على خير وهدى، وكان متشبها بالسلف الصالح في طلبهم العلم، ومن طلبه على غيره؛ لم يأمن من التخبط والضلال!

وقد شرحنا كثيرا من هذه المعاني، وقررناها، في بحثنا: [فن المذاكرة عند المحدثين، معالمه وأعلامه، دراسة في فكر المحدثين في ضوء الأفكار الحديثة]، وفي بحثنا: [جهود مدرسة الحديث في تيسير الانتفاع بكتب العلم، تجربة رائدة في تطوير الكتاب التعليمي ومسايرة المستجدات]، وهما من أبحاث ترقيتي إلى درجة أستاذ مساعد، وقد طبعا ونشرا في جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، في عام ٢٠١٢.

وزدت هذه المعاني تقريرا في بحثي: [أولويات الاشتغال بعلم الحديث، إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل، نحو صياغة جديدة لعلم الحديث]، وهو بحث قدحت فيه زناد فكري، ووضعت فيه خلاصة عمري، وقد انتهيت منه منذ سنوات، ولم أنشره حتى الآن، بسبب قلة الإمكانيات، وهو أمر يشكو منه المصلحون وحملة الرسالات في كل زمان ومكان، بينما يجد أصحاب اللهو والباطل من يروج لهم لهوهم وباطلهم، حتى كادت شمس الحق أن تغيب، بين غياهب اللهو والباطل، من كثرة التدفق، وكثافة الانتشار، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا به!

المصدر: بوابة الوفد