لماذا اتسم الله بالحق وليس الحقيقة؟.. علي جمعة يوضح الفرق
تاريخ النشر: 5th, December 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، إن الحق مطلق، والحق في اللغة مأخوذ من الثبات؛ فالحق لا يتغير، والحق لا يتبدل، وحقيقة الحق لا تختلف في كل زمان ومكان.
. مكتوب ومستجاب
الفرق بين الحق والحقيقة
وتابع: ولذلك من أسماء الله تعالى «ٱلْحَقُّ»، وهناك فرق بين الحق والحقيقة؛ فلم يتسمَّ الله سبحانه وتعالى بالحقيقة؛ لأن الحقيقة تتغيَّر بتغيُّر الزمان والمكان والأحوال والأشخاص.
فالحقيقة نسبية، تختلف من شخصٍ إلى شخص، ومن زمانٍ إلى زمان، ومن مكانٍ إلى مكان، وكلها حقيقة، لكنَّ الحق ثابت، والثبات يتجاوز الزمان والمكان والأحوال والأشخاص.
فالحق كلمةٌ جامعةٌ لكل أنواع الخير، مانعةٌ من كل أنواع الشر، وهي كلمة توضِّح للناس حقيقةَ الدنيا، وأن فيها إقدامًا وإحجامًا، وفيها خيرًا وشرًّا، وفيها حقًّا وباطلًا، فيها طريقان: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: 10].
والله سبحانه وتعالى يحبُّ الخير: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77].
والحق يقتضي العدل، ويقتضي المساواة، ويقتضي الحكم بين الناس، ويقتضي اللطف بهم، وكلُّ هذه من صفات الله سبحانه وتعالى؛ فهو العدل، وهو اللطيف، وهو الخبير، وهو على كل شيء قدير. كل ذلك يتَّسق مع اسمه تعالى «ٱلْحَقُّ».
و «ٱلْحَقُّ» من الأسماء التي يذكر بها أهلُ الله سبحانه وتعالى، ويكثرون من الذكر جدًّا بهذا الاسم، لما له من أسرارٍ وأنوارٍ في القلوب.
وبعضهم، وهو يذكر بهذا الاسم، يحب أن يذكر بـ «ٱلْحَقِّ ٱلْمُبِينِ»، وهذا جائز؛ لأن «ٱلْمُبِين» صفةٌ من الصفات المشتقَّة ممّا أُسنِد إلى الله سبحانه وتعالى؛ فهو الذي يبيِّن لعباده أمور دينهم، وهو الذي يحكم بينهم بالحق والعدل يوم القيامة، وهو الذي يبيِّن ويكشف أسرارَ كونِه لمن يشاء، فهو سبحانه وتعالى مبين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الله الحق الحقيقة على جمعة صفات الله اسماء الله الله سبحانه وتعالى
إقرأ أيضاً:
أسباب تقوية محبة الله عز وجل عند العبد
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء، إن من أهم الأسباب التي تُقوِّي محبَّةَ اللهِ عزَّ وجلَّ عند العبد التخليةُ والتحلية؛ أَخْرِجْ حبَّ غيرِ الله من القلب، {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}، وأَدْخِلْ حبَّ الله في قلبك؛ فقوَّةُ المحبَّة هذه سوف تؤدِّي بك إلى الشعور باللذَّة، ولذلك يقول بعض أهل الله: «إنَّنا في لذَّةٍ وسعادةٍ لو عرفها الملوكُ لجالدونا عليها بالسيوف».
علامات تقوية حب الله عز وجل في قلب المسلموأوضح فضيلته أن محبَّةُ اللهِ للعبد لها علامات، ذُكِرَت في القرآن: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}، إذًا هو سبحانه يكره الإدبارَ يوم الزحف. {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، إذًا هو سبحانه يكره العصيانَ والاستمرارَ فيه، وأن يستمرَّ الإنسانُ في غيِّه، ويكره غيرَ المتطهِّرين، فهو سبحانه يحبُّ المتطهِّرين. {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ}. {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
«إنَّ اللهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لا يُحِبُّ، ولا يُعْطِي الإيمانَ إلَّا مَنْ يُحِبُّ». (أخرجه الحاكم).
تقوية حب الله عز وجل في قلب العبد
وقال النبيُّ ﷺ فيما يرويه عن ربِّه عزَّ وجلَّ: قال الله تعالى: «لا يزالُ العبدُ يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يُبصر به…» إلى آخر الحديث. وكذلك: «إذا أحبَّ اللهُ تعالى عبدًا ابتلاه، فإن صبر اجتباه، فإن رضي اصطفاه». أخرجه الديلمي في «الفردوس»، وفيه ضعف، لكنَّ الجمال فيه هو التدرُّج في العلاقة مع الله.
وأضاف فضيلة الدكتور أن هذا كلُّه يبيِّن لنا أن حبَّ الله سبحانه وتعالى يتفرَّع منه حبُّ الإسلام، وحبُّ الشريعة، وحبُّ الجنَّة، وحبُّ النبيِّ عليه الصلاة والسلام، وحبُّ التكليف الذي كلَّفنا إيَّاه، ونحن نقوم به بشوق.
وأشار إلى أن كلُّ ذلك يدلُّ على أن حبَّ الله أمرٌ عظيمٌ جدًّا، وأن هذا الحبَّ يؤثِّر في النفس. وفي الحديث: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا جَعَلَ لَهُ وَاعِظًا مِنْ نَفْسِهِ، وَزَاجِرًا مِنْ قَلْبِهِ يَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ».