اتفاق سلام الكونغو ورواندا بواشنطن بين التفاؤل والمخاوف
تاريخ النشر: 5th, December 2025 GMT
وقّعت جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا أمس الخميس في العاصمة الأميركية واشنطن اتفاق سلام برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب يهدف إلى إنهاء سنوات من التوتر والصراع في شرق الكونغو، ويفتح الباب أمام تعاون أمني واقتصادي بين البلدين، خاصة في مجال المعادن الإستراتيجية.
ويشمل الاتفاق التزامات أمنية متبادلة، من بينها تعهد الكونغو بتفكيك جماعات المتمردين الروانديين مقابل التزام رواندا بوقف دعمها لحركة "إم 23" وسحب قواتها من المناطق الحدودية، إضافة إلى إنشاء آلية مشتركة لتبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق الأمني.
رحّب الاتحاد الأفريقي بالاتفاق، واعتبره "خطوة تاريخية نحو الاستقرار"، مؤكدا أن نجاحه يتوقف على التنفيذ الفعلي لبنوده.
كما أشاد قادة أفارقة مثل رئيسي كينيا وأنغولا بدور الوساطة الأميركية والقطرية في تقريب وجهات النظر بين كينشاسا وكيغالي، ورأوا فيه فرصة لإعادة بناء الثقة بين البلدين.
في المقابل، أبدت أوساط سياسية في الكونغو تخوفها من أن يتحول الاتفاق إلى غطاء قانوني لاستمرار استغلال رواندا موارد الكونغو، خاصة أن بنودا منه تتيح التعاون في تصدير ومعالجة المعادن الحيوية مثل الكوبالت والليثيوم، وهو ما يثير مخاوف من أن تكون المصالح الاقتصادية قد طغت على جوهر الأزمة الأمنية.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الرواندي أوليفييه ندوهونجيرهي في تصريح لرويترز أن اتفاق السلام الموقع مع الكونغو يمثل خطوة مهمة نحو إنهاء النزاع في شرق البلاد، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن الوضع الميداني لا يزال هشا مع استمرار الاشتباكات بين الجيش الكونغولي ومتمردي "حركة إم 23".
وحذرت منظمات حقوقية -بينها منظمة العفو الدولية- من أن الاتفاقات السابقة لم توقف الانتهاكات في شرق الكونغو، حيث لا تزال التقارير تتحدث عن مجازر وعمليات اغتصاب ونزوح جماعي.
إعلانوأكدت أن أي سلام لا يضع حقوق المدنيين في صلب أولوياته سيظل هشا وقابلا للانهيار.
كما عبّرت منظمات مدنية في مدينة غوما عن شكوكها، مشيرة إلى أن التوقيع جرى في واشنطن دون إشراك المجتمع المدني الكونغولي أو ممثلي الضحايا، وهو ما يثير مخاوف من أن يكون الاتفاق موجها أكثر نحو مصالح القوى الكبرى في المعادن الإستراتيجية بدلا من معالجة جذور الأزمة الإنسانية والأمنية.
تناولت الصحف والمواقع الإعلامية الاتفاق من زوايا مختلفة، فقد اعتبرت صحيفة "ميل آند غارديان" الجنوب أفريقية أن الاتفاق يعكس "فشل الحلول الأفريقية لمشكلات القارة"، وأن اللجوء إلى واشنطن يضعف دور الاتحاد الأفريقي والجماعات الإقليمية.
أما موقع قناة "سي جي تي إن" الصينية فأبرز البعد الجيوسياسي، مشيرا إلى أن الاتفاق يمنح الولايات المتحدة منفذا مباشرا إلى المعادن الكونغولية في مواجهة النفوذ الصيني المتنامي في أفريقيا.
في المقابل، ركزت وسائل إعلام كونغولية مثل "راديو أوكابي"، و"أكتوياليتي سي دي" على تفاصيل الاتفاق، موضحة أن دخوله حيز التنفيذ مشروط بتنفيذ الالتزامات الأمنية، وأنه يفتح الباب أمام إطار تكامل اقتصادي مشترك.
من جانبها، قدّمت وسائل الإعلام الرواندية المحلية مثل "كاتي برس" اتفاق السلام مع الكونغو باعتباره انتصارا دبلوماسيا للرئيس بول كاغامي و"فرصة تاريخية للرخاء الإقليمي"، حيث ركزت على البعد الأمني من خلال إبراز التزام الكونغو بتفكيك جماعات الهوتو المسلحة باعتباره ضمانة لأمن رواندا.
بينما يصفه بعض القادة الأفارقة بأنه فرصة تاريخية للسلام يرى منتقدون أن الاتفاق يكرس مصالح القوى الكبرى ويغفل جذور الأزمة في شرق الكونغو.
وبين التفاؤل والشكوك يبقى مصير الاتفاق رهنا بمدى التزام الأطراف بتنفيذ بنوده وبقدرة المجتمع الدولي على ضمان أن يكون السلام لصالح الشعوب لا على حسابها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات أن الاتفاق فی شرق
إقرأ أيضاً:
اتفاق سلام بين حكومة إقليم أمهرة وفانو الشعبية بإثيوبيا
أنهت حكومة إقليم أمهرة ومنظمة فانو الشعبية أكثر من عامين من القتال بتوقيع اتفاق سلام هو الأول من نوعه بين الطرفين، بعد جولات طويلة من المفاوضات جرت برعاية الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد.
الاتفاق وُقّع في حضور سلمى حدادي نائبة رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، ومحمد عبدي نائب الأمين العام للإيغاد، حيث مثّل حكومة الإقليم الحاكم أريغا كيبدي، في حين وقّع عن فانو الشعبية الكابتن ماسريشا سيتينج.
إشادة الاتحاد الأفريقيأكدت سلمى حدادي أن الاتفاق يمثل "بداية جديدة"، مشيرة إلى أن الباب مفتوح أمام كل الفصائل الراغبة في الانضمام لمسار السلام. وأضافت أن القارة بحاجة إلى إسكات صوت السلاح وتعزيز الحوار، معتبرة أن هذه الخطوة تعكس رؤية أفريقية لحل الخلافات داخل البيت الواحد.
الإيغاد يدعو للالتزاممن جانبه، شدد محمد عبدي على أهمية الاتفاقية قائلا إنها تعكس جهود الإيغاد لترسيخ السلام في منطقة عُرفت بالصراعات. وأوضح أن توقيع الاتفاق سهل، لكن الالتزام ببنوده هو التحدي الحقيقي، داعيا بقية الفصائل إلى تبني خيار الحوار والانخراط في العملية السلمية.
حكومة الإقليم: الحرب لم تجلب سوى الخسائرالحاكم أريغا كيبدي أوضح أن المفاوضات استمرت لعدة جولات قبل الوصول إلى اتفاق شامل، مؤكدا أن الحرب لم تحقق أي مكاسب، بل جلبت الخسائر والمعاناة لشعب الإقليم.
ودعا إلى تغيير ثقافة اللجوء إلى السلاح، وحث الفصائل الأخرى على التخلي عن القتال والانضمام إلى المسار السلمي، معتبرا الاتفاق إنجازا يمنح المواطنين شعورا بالطمأنينة بعد سنوات من الاضطراب.
فانو: الحوار ليس هزيمة بل حكمةأما ممثل فانو الشعبية الكابتن ماسريشا سيتينج فأكد أن قرار التوقيع جاء بعد قناعة بأن الحرب لم تعد خيارا، وأن الحوار هو الطريق الأمثل لحل الخلافات.
وشدد على أن اللجوء إلى الحوار لا يعني هزيمة سياسية بل يعكس حكمة، معلنا أن الحرب انتهت بالنسبة لهم وأنهم سيعملون مع الحكومة لتحقيق تطلعات السكان.
قوات فانوظهر مصطلح "فانو" عام 2016 خلال احتجاجات شبابية في إقليم أمهرة، ولعب دورا بارزا في التغييرات السياسية التي أطاحت بحكومة جبهة تيغراي عام 2017.
إعلانومع تصاعد النزاعات، بدأت الفصائل العسكرية لفانو بالتشكل عام 2019، واتسع نفوذها خلال حرب تيغراي مستفيدة من دعم لوجستي رسمي، ما أثار مخاوف الحكومة الفدرالية والإقليمية.
وبعد توقيع اتفاق بريتوريا وإنهاء حرب تيغراي، أعلنت الحكومة الإثيوبية عام 2023 قرار دمج جميع القوات غير النظامية تحت قيادة مركزية، وهو ما رفضته فانو بالإجماع.
ورغم حضورها العسكري، تفتقر فانو إلى قيادة موحدة أو تحالف جامع، وتبقى علاقتها متوترة مع حكومة الإقليم والحكومة المركزية.
وإقليم أمهرة يتميز بموقع جغرافي حساس، إذ يجاور إريتريا والسودان، إضافة إلى أقاليم تيغراي وعفر وأوروميا وبني شنغول، ما يجعله في قلب التوازنات الإثيوبية المعقدة.