كشفت مجموعة جديدة من الصور يزيد عددها على 70 ألف صورة التقطتها الشرطة العسكرية السورية خلال العقد الأخير من حكم بشار الأسد، حجم القتل والتعذيب والاختفاء القسري داخل نظام الاحتجاز التابع للنظام، بصورة غير مسبوقة من حيث التفاصيل والاتساع.

ويكشف الأرشيف الجديد عن كم هائل من الصور توثّق مقتل أكثر من 10 آلاف معتقل بين 2015 و2024، وهي الفترة التي شهدت أعنف مراحل الحرب السورية، وانتهت بسقوط الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، وفق تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست.

استمر التعذيب الممنهج والقتل على نطاق واسع رغم الضجة العالمية التي أحدثها تسريب قيصر قبل أكثر من عقد

وتُعد هذه المجموعة -حسب الصحيفة- أضخم وأكثر تفصيلا من "ملفات قيصر" الشهيرة التي سُرّبت عام 2014.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2توماس فريدمان: بوتين يتلاعب بالمبعوثيْن الأميركيين كما لو كان عازف ناي ماهراlist 2 of 2صحف عالمية: مقتل أبو شباب ضربة لإسرائيل ونهايته بهذا الشكل كانت حتميةend of list

وتشمل المجموعة الجديدة أكثر من 30 ألف صورة مفصلة لجثث معتقلين، التُقط العديد منها من زوايا متعددة، ووُثّقت بدقة شديدة في سجلات الشرطة العسكرية بدمشق.

وتُعتبر ملفات قيصر من أهم الوثائق التي كشفت فظائع النظام السوري وانتهاكاته الممنهجة لحقوق الإنسان، حيث وثق عشرات الآلاف من صور ضحايا التعذيب في سجون النظام.

عشرات الجثث التي يُعتقد أنها لمعتقلين من سجن صيدنايا عُثر عليها في مشفى بدمشق (الفرنسية)إفلات من العقاب

وقد حصلت هيئة الإذاعة العامة الألمانية (إن دي آر) على هذا الأرشيف الهائل، وشاركته مع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين وعدد من المؤسسات الإعلامية، بينها صحيفة واشنطن بوست.

ونقلت الصحيفة الأميركية عن تلك الهيئة أن ضابطا برتبة عقيد كان يترأس وحدة حفظ الأدلة في الشرطة العسكرية السورية هو من سرَّب هذه الصور ومررها عبر وسطاء، مشترطا عدم الكشف عن هويته.

تأثير الصور النهائي يتوقف على مدى استعداد سوريا والمجتمع الدولي للتحقيق والمحاسبة وتخليد ذكرى عشرات الآلاف الذين ابتلعهم نظام الاعتقال التابع للأسد

 وتُظهر الصور أن جهاز الأمن التابع لبشار الأسد استمر في التعذيب الممنهج والقتل على نطاق واسع، رغم الضجة العالمية التي أحدثها تسريب قيصر قبل أكثر من عقد.

وقد ساهمت تلك الصور السابقة في إدانة مسؤولين سوريين بألمانيا، وفي فرض عقوبات أميركية جديدة على النظام.

الناشطة السورية ياسمين المشعان تحمل صور ضحايا النظام خلال محاكمة ضباط سوريين في ألمانيا (الفرنسية)

لكن المجموعة الحالية -تتابع الصحيفة- تؤكد أن الأجهزة الأمنية شعرت بأنها بمنأى عن الحساب، فواصلت اعتقال المعارضين والمشتبه بهم بشكل عشوائي، وتعذيبهم وتجويعهم وقتلهم، ثم توثيق موتهم بوضوح شديد ضمن إجراءات روتينية تهدف لمنح الوفيات شرعية قضائية عبر المؤسسة العسكرية.

تفاصيل الضحايا

وتوضح الصور أن الغالبية الساحقة من الضحايا رجال، إلى جانب عدة نساء ورضيع واحد توفي عام 2017، وتكشف الجثث عن آثار واضحة للتعذيب من جروح عميقة وكسور وحروق ونحول شديد.

إعلان

وتبيِّن أن بعض الجثث مكدّسة فوق أرضيات شاحنات معدنية، بينما كُتب على بطون بعض الضحايا أسماؤهم بخط أخضر اللون، وبقي آخرون مجهولي الهوية.

كما تكشف الصور عن أقدام مصوّرين أو موظفين طبيين أو عناصر أمن، مما يعكس الطابع شبه الكامل لعملية التوثيق.

ومن بين الضحايا الذين تم التعرف عليهم في المجموعة الجديدة مطلق، الذي بحثت عائلته عنه نحو 10 سنوات بعد اعتقاله عام 2015، وقد كشفت صورته -وعليها آثار تعذيب واضحة واسمه مكتوب على بطنه- أنه توفي بعد أشهر قليلة فقط من اعتقاله.

من معرض أقيم في 2015 بمقر الأمم المتحدة في نيويورك لضحايا التعذيب على يد نظام دمشق (غيتي)

أما عبد الرحمن صفاف، وهو طالب دراسات عليا يبلغ 30 عاما، فيجسد الطبيعة الاعتباطية للاعتقال، طبقا للتقرير الصحفي، فقد أُخذ من منزله بحماة في يونيو/حزيران 2024 من دون توجيه تهمة، رغم أنه كان يستعد للزواج بعد أسابيع قليلة.

وبعد شهرين، استلمت عائلته جثته، وأُبلغت فقط بأن قلبه توقف عن النبض وانقطع نفسه. لكن الصور كشفت عن جروح حادة في معصميه تشير إلى احتمال تعرضه لطريقة شائعة للتعذيب معروفة في ملفات المخابرات السورية باسم "التعليق على الفلقة" أو الشبكة.

أقسى من "قيصر"

ويقول المحامي السوري أنور البني، الذي قضى سنوات في سجون الأسد وتلقى مركزه الحقوقي نسخة من الصور، إن المجموعة الجديدة تُظهر تعذيبا أقسى من ملفات قيصر الأولى.

من غير الواضح ما إذا كانت النيابة السورية أو ذوو المفقودين سيتمكنون من الاطلاع الكامل على الأرشيف

ويبدو أن الفترة بين 2015 و2017 سجّلت العدد الأكبر من الوفيات، بالتزامن مع تصاعد العنف وتدخل روسيا العسكري. أما عام 2024، فتشمل أرشيفاته نحو 100 صورة فقط، مما يعكس ضعف النظام وانحسار دعم حلفائه.

غادة العبار والدة الناشط غياث مطر الذي اختطفته قوات الأمن في 6 سبتمبر/أيلول 2011 وأُعيد جثمانه بعد 4 أيام (غيتي)

ورغم سقوط الأسد وتحرير السجون على يد فصائل معارضة، فإن مسار المحاسبة -طبقا لتقرير واشنطن بوست- لا يزال عسيرا، فقد أُحرقت أو نُهبت ملفات وأرشيفات أمنية خلال الأيام الأخيرة من حكمه.

وأوضح الضابط الذي سرّب الصور أنه أخذ القرص الصلب من مقر الشرطة العسكرية، دون أن يحدد ما إذا كان سيسلمه للحكومة السورية الجديدة.

كما أنه من غير الواضح ما إذا كانت النيابة السورية أو ذوو المفقودين سيتمكنون من الاطلاع الكامل على الأرشيف، رغم أن أجزاء منه قد وُجهت إلى منظمات سورية، وإلى هيئة الأمم المتحدة المعنية بالمفقودين، وإلى النيابة الفدرالية الألمانية.

عائلات ترثي أحبتها

وبالنسبة لكثير من السوريين، تمثل هذه الصور مزيجا من اليقين والمأساة، فقد أمضت عائلات مثل عائلة مطلق وصفاف سنوات في البحث داخل الإدارات وسط دوامة الرشوة والخوف وعدم اليقين، وأُجبر بعضها على توقيع تعهدات بعدم الاحتجاج أو الثأر، على حد تعبير الصحيفة.

ابتسام النداف داخل زنزانة في سجن صيدنايا تأمل في أي إشارة تدل على ابنها المفقود (رويترز)

والآن، تقدم الصور دليلا دامغا على ما جرى، لكنها أيضا تشكّل قاعدة أساسية لأي مسار قضائي مستقبلي إذا ما سعت سوريا إلى عدالة انتقالية حقيقية.

وترى منظمات حقوقية أن المجموعة تمثل إحدى أهم الوثائق البصرية لجرائم القتل الجماعي التي ارتكبتها دولة في القرن الحالي، وأن تأثيرها النهائي يتوقف على مدى استعداد سوريا والمجتمع الدولي للتحقيق، والمحاسبة، وتخليد ذكرى عشرات الآلاف الذين ابتلعهم نظام الاعتقال التابع للأسد.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الشرطة العسکریة واشنطن بوست أکثر من

إقرأ أيضاً:

ضربات القوارب الفنزويلية تضع البنتاجون تحت المجهر

تقارير جديدة تكشف أن وزير الدفاع بيت هيغسِث انتهك قواعد الحرب مرارًا.

كتب وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسِث مساء الجمعة على منصة «إكس»: «لم نبدأ بعد سوى في قتل الإرهابيين المروّجين للمخدرات».

كان ذلك ردًّا على تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست يتناول أول ضربة نفّذتها إدارة ترامب ضد قارب فنزويلي يُشتبه في تورّطه بتهريب المخدرات.

وبحسب ما نشرته صحيفة واشنطن بوست؛ فقد أصدر هيغسِث أمرًا شفهيًّا يقضي بـ«قتل الجميع». لكن البيت الأبيض نفى هذا الادعاء. وقد أُحرق القارب بالكامل قرب سواحل ترينيداد وتوباغو.

لكنّ القادة الذين كانوا يراقبون العملية رصدوا وجود «ناجِيَيْن اثنين يتمسكان بحطامٍ محترق»؛ فأصدر الأدميرال فرانك إم. برادلي قائد قوات العمليات الخاصة المشرف على العملية من قاعدة فورت براغ في ولاية نورث كارولاينا أمرًا بتوجيه ضربة أخرى تنفيذًا لتوجيهات هيغسِث، فـ «تطاير الرجلان في الماء أشلاءً».

هيغسِث ووزارة الدفاع شنّا هجومًا على ما ورد في تقرير الصحيفة دون تحديد ما الذي يعترضون عليه تحديدًا.

وقال هيغسِث: «عملياتنا الحالية في منطقة الكاريبي قانونية وفق القانونَيْن الأمريكي والدولي، وكلها تمت وفق قواعد قانون النزاعات المسلحة، وجرى إقرارها من أفضل الخبراء القانونيين العسكريين والمدنيين في كل مستويات القيادة». وأضاف المتحدث باسم البنتاجون شون بارنيل: «أبلغنا صحيفة واشنطن بوست بأن القصة برمتها غير صحيحة».

كان هذا العام بمعاييره كلها عامًا تُصبح فيه الأمور التي لا تُصدَّق عاديةً ومتكرّرة. فمنذ تلك الضربة الأولى في الثاني من سبتمبر نفّذت الولايات المتحدة أكثر من عشرين هجومًا إضافيًّا على قوارب مماثلة ما أدى إلى مقتل أكثر من ثمانين شخصًا.

الإدارة تقول: إن الولايات المتحدة تخوض «نزاعًا مسلحًا» مع «إرهابيين من تجار المخدرات» يسعون إلى قتل الأمريكيين، وإن هذا يتيح لها استخدام القوة المميتة.

غير أنّ هذه المبررات المثقلة بالتلاعب القانوني أثارت سخطًا واسعًا في أوساط الخبراء القانونيين الذين عبّروا عن قلقهم من أن الولايات المتحدة تسيء استخدام قانون الحرب لتنفيذ ما يشبه «عمليات قتل خارج نطاق القانون».

أما الرئيس دونالد ترامب فلم تفعل تعليقاته شيئًا لتبديد هذه الانطباعات؛ إذ قال في أكتوبر: «سوف نقتل الأشخاص الذين يجلبون المخدرات إلى بلادنا، حسنًا؟ سيكونون أمواتًا».

لطالما تجاوز رؤساء سابقون من الحزبين حدود الصلاحيات الدستورية في استخدام القوة العسكرية دون الرجوع إلى الكونجرس. ففي عام 1999 أمر الرئيس بيل كلينتون بحملة جوية لوقف عمليات التطهير العرقي في كوسوفو، واستمر في العملية بعد تجاوز المهلة المحددة في قرار «صلاحيات الحرب»، وهو قانون يقيّد العمل العسكري دون موافقة الكونجرس. وفي عام 2011 شنّ باراك أوباما هجمات صاروخية ضد مواقع عسكرية في ليبيا واصفًا العملية بأنها «مهمة محدودة وواضحة لدعم الجهود الدولية لحماية المدنيين ومنع كارثة إنسانية». أما ترامب خلال ولايته الأولى فقد شنّ ضربات جوية على منشآت الأسلحة الكيميائية في سوريا عامي 2017 و2018 بمشاركة بريطانيا وفرنسا في المرة الثانية.

لكن الضربات على القوارب تختلف جذريًّا؛ لأنها موجّهة إلى أهداف مدنية لا عسكرية. ولم تُكشف المبررات القانونية الكاملة لهذه العمليات؛ لأنها مصنفة سرية، لكن الإدارة قالت في تقرير للكونجرس: إن عصابات المخدرات هي «منظمات إرهابية مصنفة»، وإن «أفعالها ترقى إلى هجوم مسلح على الولايات المتحدة».

لكنّ وصف عصابات الجريمة بأنها «إرهابية» لا يجعلها أهدافًا عسكرية مشروعة كما هو حال تنظيم «داعش»، ولا يجعل تهريب المخدرات «هجومًا مسلحًا» على الولايات المتحدة من الناحية الفعلية.

تيس بريدجمان -وهي نائبة المستشار القانوني السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي- قالت لمجلة «جست سيكيوريتي» وهي مجلة قانونية أمريكية قالت: «إنّ هذا لعبٌ بمصطلحات قانونية مقطوعة الصلة بالواقع. إنّ التحليل القانوني الذي تقدمه الإدارة يرقى إلى تبرير القتل عمدًا».

وتقرير صحيفة واشنطن بوست حول الضربة الثانية التي استهدفت الناجيين ينقل القضية إلى مستوى جديد من الانحدار الأخلاقي والطيش القانوني. فقد كتب جاك غولدسميث أستاذ القانون في جامعة هارفارد والمسؤول السابق في وزارة العدل أثناء إدارة جورج بوش الابن أن الإدارة ربما تستطيع تقديم تفسير «ممكن تصوّره» للضربات الأولى، لكنه أضاف: «لا توجد أي إمكانية قانونية يمكن تصورها لتبرير قتل الناجين».

وفي فبراير الماضي، وبعد أن أقال هيغسِث قادة السلك القضائي العسكري في الجيش وسلاح الجو والبحرية واصفًا إياهم بأنهم «عوائق أمام تنفيذ أوامر القائد الأعلى»؛ تشكّلت مجموعة تضم نحو أربعين محاميًا عسكريًّا سابقًا. وقد قالت هذه المجموعة في بيان: «ترى مجموعة القضاة العسكريين السابقين بالإجماع أنّ إصدار مثل هذه الأوامر وتنفيذها -إن صحّ- يشكل جرائم حرب، أو جرائم قتل، أو كليهما».

ولم تُكشف أسماء أعضاء المجموعة خشية الانتقام غير أن أحد أعضائها -وهو ستيفن ليبر- جنرال متقاعد في سلاح الجو وقاضٍ عسكري سابق، قال: «أعتقد أنه يجب محاكمة هيغسِث بتهمة القتل. عبارة اقتلهم جميعًا ليست أمرًا يمكن لأي جندي أن ينفّذه».

إذا صحّ ما نشرته صحيفة واشنطن بوست فإن الأمر الأول الذي أصدره هيغسِث، وما تلاه من استهداف للناجيين يشكّلان انتهاكًا صارخًا لمبدأين جوهريين متداخلين في قانون الحرب. الأول هو الحظر المطلق على أوامر «عدم منح الربع»، والربع هنا تعني العفو، أي رفض سلامة من استسلم، وإعدام الأسرى فورًا. فـ«دليل قانون الحرب» الصادر عن وزارة الدفاع الأمريكية -وهو المرجع الذي تقدّمه الوزارة بوصفه دليلاً قانونيًّا معتمدًا للسلوك العسكري- ينص بوضوح: «يُحظر حظرًا باتًا إعلان عدم منح الربع».

أما المبدأ الثاني فهو الحماية الممنوحة لكل من يصبح في حكم «خارج القتال»، وهو مصطلح قانوني يشير إلى المقاتلين الذين يُعجزهم الجرح أو المرض أو الغرق عن القتال. ومرة أخرى ينصّ دليل القانون نفسه: «لا يجوز بأي حال استهداف المقاتلين الذين أصبحوا خارج القتال».

ووفقًا لما أوردته صحيفة واشنطن بوست؛ فقد زعم الأدميرال برادلي بشكل لا يكاد يُصدق أن الناجيين من القارب «ما زالا هدفين مشروعين؛ لأنهما يستطيعان نظريًّا الاتصال بمهربين آخرين لإنقاذهما وشحنتهما». لكن الدليل القانوني ينسف هذا التبرير: «الأشخاص الذين أصبحوا عاجزين بسبب جروح أو مرض أو غرق هم في حالة عجز تامة، ويُعدّ استهدافهم عملًا غير إنساني ومنافٍ للشرف العسكري».

حتى ترامب المعروف بميله إلى الخطاب المتشدّد بدا غير مرتاح لواقعة قتل الناجيين. فقد قال للصحفيين: إنه واثق من أن هيغسِث لم يصدر أمرًا باستهدافهما مضيفًا: «لم أكن لأرغب في ذلك. ليست ضربة ثانية». لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت اتخذت موقفًا مختلفًا تمامًا يوم الاثنين؛ إذ قالت: إن «الأدميرال برادلي تصرّف ضمن صلاحياته وفي إطار القانون موجّهًا الضربة لضمان تدمير القارب والقضاء على التهديد الذي يطال الولايات المتحدة».

وجاء تقرير صحيفة واشنطن بوست بعد أسبوع واحد من نشر ستة أعضاء ديمقراطيين في الكونجرس، جميعهم من ذوي الخلفيات العسكرية أو الاستخباراتية، فيديو يذكّر أفراد القوات المسلحة بواجبهم في رفض الأوامر غير القانونية. وقال السيناتور مارك كيلي، من ولاية أريزونا، وهو قبطان سابق في البحرية: «قوانيننا واضحة: يمكنك رفض الأوامر غير القانونية».

ردّ إدارة ترامب لم يختلف عن نمطها المعهود في الردع والانتقام. فقد وصف ترامب الفيديو بأنه «سلوك تخريبي يستوجب عقوبة الإعدام».

وسرعان ما أعلن البنتاجون فتح تحقيق مع السيناتور كيلي بشأن «ادعاءات خطيرة بسوء السلوك»، وهو إجراء قد يفضي نظريًّا إلى استدعائه للخدمة ومحاكمته عسكريًّا. أما الأعضاء الآخرون فلا يخضعون لسلطة البنتاجون لأنهم إما لم يخدموا مدة كافية للتقاعد، أو في حالة السيناتورة إليسا سلوتكين من ميشيجان لأنهم عملوا في «وكالة الاستخبارات المركزية». ولاحقًا ذكر النواب أن «مكتب التحقيقات الفيدرالي» يسعى لتحديد مواعيد لاستجوابهم.

هناك احتمال أن يجمع مشهد قتل الناجيين إلى جانب هشاشة التبريرات القانونية للضربات بشكل عام، ما يكفي لإثارة ردّ فعل نادر، وهو عبارة عن اعتراض مشترك بين الحزبين. ففي أعقاب تقرير الصحيفة، تعهّد زعيما «لجنة القوات المسلحة» في مجلس الشيوخ، الجمهوري والديمقراطي، بمتابعة «رقابة صارمة لكشف الحقائق».

كما أعلن رئيس «لجنة القوات المسلحة» في مجلس النواب ومسؤولها الديمقراطي الأرفع أنهم سيعملون على «الحصول على رواية كاملة عن العملية».

وقال النائب الجمهوري مايك تيرنر من ولاية أوهايو في برنامج «واجه الأمة» الذي تبثه شبكة «سي بي إس نيوز»: «من الواضح أنه إن كانت تلك الوقائع صحيحة فإنها خطيرة للغاية، وأتفق مع أنها تمثل عملًا غير قانوني». وقال النائب الجمهوري دون بيكون، من ولاية نبراسكا، في برنامج «هذا الأسبوع» على شبكة «إيه بي سي»: «أستبعد أن يكون هيغسِث قد تصرّف بحماقة إلى هذا الحد»، لكنه أضاف: «إذا كانت الوقائع كما وردت في التقرير فهذا انتهاك لقانون الحرب.

عندما يرغب الناس في الاستسلام لا يجوز قتلهم، ولا بد أن يشكّلوا تهديدًا وشيكًا. ومن الصعب تصديق أن شخصين على طوف نجاة يحاولان البقاء على قيد الحياة يشكّلان تهديدًا وشيكًا».

ورغم هذه التصريحات فإن تجربة الأشهر العشرة الماضية مع الكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون لا تمنح كثيرًا من الثقة بأن بوادر «المحاسبة» هذه ستتحوّل إلى تحرك فعلي. لكن ماذا سيحدث إذا ظهر الفيديو الكامل للحادثة؟ الفيديو موجود أصلًا، وقد نشرت الإدارة نسخة منقوصة منه.

إذا ظهر التسجيل الذي يُظهر الناجيَيْن الاثنين ولحظة مقتلهما، فقد يشكّل ذلك لحظة صدمة وطنية على غرار فظائع مجزرة قرية «ماي لاي» في فيتنام، وسجن «أبو غريب» في العراق تُذكّر الأمريكيين بما يقولون إنهم يمثّلونه.

قال ليبر القاضي العسكري السابق: «من المفترض أننا الطرف الذي يحافظ على الشرف. لطالما افتخرنا بأن جيشنا جيشٌ يتحلى بالانضباط والنزاهة. لقد تجاوزنا الخط الذي يفصل بين الشرعية والعار».

مقالات مشابهة

  • التايمز تكشف: أطباء سوريون ساعدوا الأسد في تغييب معتقلين وقتلهم
  • صور جديدة تفضح آلة تعذيب نظام الأسد.. آلاف الضحايا بلا قبور ولا أسماء
  • ملف دمشق: أكثر من 70 ألف صورة تكشف فظاعات السجون السورية
  • ترقب في واشنطن لإعلان إلغاء قيصر وتراجع حاسم في النواب الأميركي
  • ملف دمشق.. 134 ألف وثيقة تفضح آلة القتل الممنهج في سجون نظام الأسد
  • جبل زين العابدين.. المعركة الحاسمة التي فتحت الطريق لسقوط الأسد
  • حماة.. المدينة التي أرادها حافظ الأسد عبرة فكانت بوابة سقوط نظام ابنه
  • ضربات القوارب الفنزويلية تضع البنتاجون تحت المجهر
  • ما العوامل التي قد تحدد نجاح جراحة استبدال الورك قبل إجرائها؟ دراسة جديدة تكشف ذلك