منتدى الدوحة.. جلسة تكشف ازدواجية المعايير الأوروبية تجاه أزمة غزة
تاريخ النشر: 6th, December 2025 GMT
الدوحة- لم تعد الحرب الإسرائيلية على غزة أزمة إنسانية فحسب، بل تحولت -في نظر مشاركين غربيين وعرب- إلى اختبار كاشف لمصداقية الخطاب الأوروبي بشأن حقوق الإنسان وسيادة القانون، وقد جاء ذلك خلال جلسة في منتدى الدوحة 2025، بالشراكة مع المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والإستراتيجية، تحت عنوان "ترسيخ نظم العدالة الدولية وسيادة القانون".
وحذر شتيفان بلاتلر، المدعي العام في مكتب النائب العام السويسري، من عودة الحرب كـ"خيار مقبول" في إدارة الأزمات الدولية، وأشار المسؤول السويسري إلى أن جوهر الأزمة لا يكمن في غياب القوانين، بل في غياب الإرادة السياسية لتطبيقها من دون انتقائية.
وأوضح بلاتلر خلال الندوة أن أخطر ما يواجه القانون الدولي الإنساني اليوم هو الاكتفاء بانتقاد الخصوم، مقابل الصمت عن انتهاكات الحلفاء. واعتبر أن هذا السلوك يقوض شرعية اتفاقيات جنيف، ويفرغها من مضمونها العملي على أرض الواقع.
من ناحية أخرى، استعاد وزير خارجية البوسنة والهرسك إلمدين كوناكوفيتش تجربة بلاده مع الحرب والسلام، وقال إن السلام المستدام لم يكن ممكنا من دون محاسبة مرتكبي الجرائم، مشيرا إلى أن ما يجري اليوم في غزة وأوكرانيا والسودان يعكس أزمة عميقة في مبدأ العدالة المتساوية داخل النظام الدولي.
وأضاف كوناكوفيتش أن إدانة استهداف المدنيين لا يمكن أن تتحول إلى غطاء يبرر القتل الجماعي أو التدمير الشامل، ولفت إلى أن تجارب الحروب السابقة أثبتت أن الإفلات من العقاب لا ينهي النزاعات، بل يعيد إنتاجها بأشكال أكثر عنفا.
وسلطت الأمينة العامة لمنظمة التعاون الرقمي ديمة اليحيى الضوء على البعد الرقمي للأزمات الدولية، وحذرت من أن التضليل الإعلامي والأخبار الزائفة باتا شريكين فعليين في تشويه الحقائق، وتقويض العدالة، خاصة في مناطق النزاع.
وأشارت اليحيى إلى أن اتساع الفجوة الرقمية "يحرم مليارات البشر من إيصال أصواتهم ومطالبهم، ويسهم في انتقال العالم من نظام قائم على القواعد إلى نظام تحكمه أدوات القوة والتكنولوجيا"، ودعت إلى حوكمة دولية مشتركة للمجال الرقمي، تشمل الذكاء الاصطناعي والحقوق الرقمية ومكافحة التضليل، بما يضمن ألا تتحول التكنولوجيا إلى أداة جديدة لإدامة الظلم.
البرغوثي يحرج الخطاب الأوروبيالمداخلة الأكثر حضورا وتأثيرا خلال الندوة جاءت من السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية، إذ حظيت كلمته بتفاعل لافت بدا واضحا من تفاعل الحضور داخل القاعة، واعتبر البرغوثي خلال كلمته أن غزة وفلسطين عموما باتتا المعيار الحقيقي الذي يمكن من خلاله قياس صدقية العدالة الدولية، متسائلا ومستغربا في الوقت ذاته عن معنى القيم الأوروبية حين تطبق بصورة انتقائية.
إعلانوانتقد السياسي الفلسطيني النهج الأوروبي في التعاطي مع النزاعات، مستشهدا في هذا السياق بتصريحات لممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية كايا كالاس، التي أكدت فيها أنه لا يمكن المساواة بين المعتدي والضحية في سياق الحديث عن الحرب الروسية على أوكرانيا. وتساءل البرغوثي عما إذا كان هذا المبدأ نفسه من الممكن أن يطبق عندما يتعلق الأمر بالحرب الإسرائيلية على غزة.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن هذا التناقض لا يعكس إخفاقا أخلاقيا فحسب، بل يحول القانون الدولي إلى أداة سياسية تستخدم وفق المصالح، لا المبادئ. وشدد على أن ما يجري حتى الآن في غزة لا يقتصر على عمليات عسكرية، بل يجمع بين الإبادة الجماعية والعقاب الجماعي والتجويع والتطهير العرقي، في ظل صمت دولي يسمح بمواصلة القتل والدمار رغم الأرقام غير المسبوقة للضحايا من المدنيين، لا سيما الأطفال والصحفيين والطواقم الطبية.
ورأى رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية أن الموقف الأوروبي يعكس حالة من الشلل الأخلاقي، حين تعلق اتفاقيات جنيف عمليا في الحالة الإسرائيلية، بينما تفعل بصرامة في نزاعات أخرى. وحذر من أن "استمرار هذا الكيل بمكيالين لا يهدد الفلسطينيين وحدهم، بل يقوض أسس النظام الدولي القائم على القواعد، ويدفع العالم نحو منطق القوة بدل القانون".
أسئلة العدالة العالميةويأتي هذا النقاش ضمن منتدى الدوحة 2025، في نسخته الـ23، تحت شعار "ترسيخ العدالة: من الوعود إلى واقع ملموس"، والذي يعد من أبرز المنصات الدولية للحوار حول السياسة العالمية، والسلم والأمن والتنمية. ويجمع المنتدى صناع القرار والمسؤولين والخبراء من مختلف أنحاء العالم، لمناقشة التحديات الكبرى التي تعصف بالنظام الدولي.
ويعكس إدراج ملف العدالة الدولية وترسيخها الواقعي في جدول أعمال المنتدى هذا العام حجم القلق المتزايد من تآكل النظام الدولي القائم على القواعد، في عالم تعود فيه الحروب لتفرض نفسها كأداة سياسية. وهو ما جعل من غزة -حسب ما خلص إليه مشاركون- مرآة تكشف الفجوة المتسعة بين الخطاب الغربي والممارسة الفعلية على أرض الواقع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات منتدى الدوحة إلى أن
إقرأ أيضاً:
عطية يشدد على الشراكة الأوروبية ويدعو لموقف واضح تجاه غزة
صراحة نيوز -أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب الدكتور خميس عطية أمام البرلمان الأوروبي، متانة العلاقات الأردنية–الأوروبية وتقدمها المستمر، مشدداً على أنها تمثل نموذجاً لشراكة استراتيجية راسخة تقوم على توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني.
وجاءت كلمة عطية خلال جلسة رسمية شهدت حضوراً واسعاً من أعضاء البرلمان الأوروبي، واهتماماً خاصاً بملفات الأمن الإقليمي والتعاون التنموي، مشيراً إلى تقدير الأردن للدعوة الكريمة من رئيس وفد المشرق السيد كاستيو، معتبراً أن هذه اللقاءات المتواصلة تعكس رغبة مشتركة في تعزيز الحوار والتعاون بين الأردن والاتحاد الأوروبي.
وأضاف عطية أن زيارات جلالة الملك إلى بروكسل، وخطابه أمام البرلمان الأوروبي، شكّلت محطات مفصلية في ترسيخ مكانة الأردن كشريك موثوق، مستشهداً باقتباس لجلالته: “هذا العام سيحمل قرارات محورية لعالمنا، ويمكنكم الاعتماد على الأردن كشريك قوي لكم”.
وأوضح عطية أن اتفاقية الشراكة لعام 1997 وما تلاها من أطر مؤسسية، أسست لعلاقة متينة تبحث قضايا تمتد من حقوق الإنسان والديمقراطية إلى التجارة والطاقة والنقل، مشدداً على أهمية توقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية والشاملة 2025–2027 خلال زيارة الملك لبروكسل هذا العام، مثمّناً تصويت البرلمان الأوروبي على الحزمة الرابعة من المساعدة المالية والنقاش الدائر حول الحزمة الخامسة.
وأشار عطية إلى التحديات الأمنية والإنسانية التي تواجه الأردن يومياً، بما في ذلك تهريب المخدرات والأسلحة عبر الحدود، والعبء الناتج عن اللجوء السوري، مؤكداً على ضرورة موقف دولي واضح تجاه كارثة غزة، مع دعم البرلمان الأوروبي للأنروا، ومشدداً على أن الحل السياسي القائم على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة هو السبيل الوحيد.
وفي ختام كلمته، شدّد عطية على تمسك الأردن بالحوار والاعتدال وسيادة القانون، داعياً إلى توسيع التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجالات الطاقة والمياه والاقتصاد الأخضر والذكاء الاصطناعي ونقل التكنولوجيا، مع توجيه شكره للاتحاد الأوروبي على دعمه المتواصل للأردن.