عربي21:
2025-12-06@19:26:49 GMT

مع قرب انطلاق الحوار المهيكل في ليبيا.. ما التوقعات؟

تاريخ النشر: 6th, December 2025 GMT

كان المتوقع أن ينطلق الحوار المهيكل هذه الأيام، بحسب ترتيبات البعثة الأممية، وبالنظر إلى الأطر الزمنية التي تضمنتها خارطة الطريق التي أعلنت عنها المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، هانا تيتيه، لذا فإنه يمكن أن يكون التئامه على الأبواب.

الحوار المهيكل هو منتدى تشاوري، بحسب البعثة، يناقش عدد من الملفات الحيوية التي تتعلق بالأزمة الليبية والمختنقات التي تواجهها البلاد في الوقت الراهن، مثل الحوكمة والأمن وحقوق الإنسان والاقتصاد والمصالحة، وهو بالتالي ليس جهة معنية بتقديم توصيات ملزمة، وأهميته كما تراها البعثة أنه يشرك عددا كبيرا من مكونات المجتمع ويزيد من جرعة الحل الليبي أمام حجم التدخل الخارجي في صناعة الأحداث وتوجيهها.



الدعاية الرسمية المعتمدة اليوم في الجبهة الشرقية تدور حول رفض التدخل الخارجي والمبادرات الخارجية لحل النزاع الليبي، أيضا تركز الحراك الواسع الذي استهدف مكونات اجتماعية ومجتمعية على تجاوز البعثة وخارطتها والعمل على فرض مسار أحادي.وتقييما لما صدر عن البعثة الأممية بخصوص الحوار المهيكل، لم يظهر إلى هذه اللحظة ما يجعله حوارا مختلفا عن سابقيه، وألية استثنائية عما تم العمل به، وبالتالي يمكن أن تعقد عليه الآمال، وتكون مخرجاته بمثابة نقلة وتطورا مهما في المسار السياسي شبه الميت.

البعثة ستقوم باختيار من يشاركون في الحوار المهيكل، وأثارت معايير اختيار المشاركين جدلا، ومن المتوقع أن يحدث هذا، فالمعايير تتعلق بتوجهات وسياسات دولية معلوم قصورها بل وتحيزها، هذا فضلا عن طريقة مسايرة الواقع الليبي المجزئ والمفتت والذي تتجاذبه نزوعات الكثير منها ليست صحية، بل هي من علل المجتمع وأدواء البلاد التي صنعت أزمته.

فالقول بأن المرشحين ينبغي أن لا يكونوا قد تورطوا في أعمال توصف بالإرهاب هو لغم بحد ذاته، ذلك أن كل طرف يعتقد أن خصمه تورط في أعمال إرهابية، وأن من قاموا بهذه الاعمال في نظر كل طرف هم أبطال ورجال وطن، فما السند الذي ستعتمد عليه البعثة في تحديد المتورطين في الإرهاب أو الحكم بأن بعض من تلبست أعمالهم بعنف قد قاموا بعمل وطني بطولي؟!

الحوار المهيكل على وشك الإنطلاق والجبهة الشرقية، التي يتزعمها واقعيا خليفة حفتر، تتجه اتجاها مناقضا لتوجهات البعثة وألياتها لتفكيك النزاع.

الدعاية الرسمية المعتمدة اليوم في الجبهة الشرقية تدور حول رفض التدخل الخارجي والمبادرات الخارجية لحل النزاع الليبي، أيضا تركز الحراك الواسع الذي استهدف مكونات اجتماعية ومجتمعية على تجاوز البعثة وخارطتها والعمل على فرض مسار أحادي.

العقبة الجديدة أمام خطط البعثة والتي محركها جبهة الشرق هي امتداد لإخفاقات سبقت الحوار المهيكل الذي ينطلق قريبا في ظل أجواء غير مبشرة، ذلك أن ملفات أسياسية من خارطة البعثة كان من المفترض أن تشهد إنجازا قبل إنطلاق الحوار المهيكل، لكنها تعثرتالعقبة الجديدة أمام خطط البعثة والتي محركها جبهة الشرق هي امتداد لإخفاقات سبقت الحوار المهيكل الذي ينطلق قريبا في ظل أجواء غير مبشرة، ذلك أن ملفات أسياسية من خارطة البعثة كان من المفترض أن تشهد إنجازا قبل إنطلاق الحوار المهيكل، لكنها تعثرت، والبعض حكم عليها بالفشل، ومن ذلك التوافق على إعادة تشكيل مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات، وكذلك مراجعة قوانين الانتخابات وتحقيق توافق حولها، والأخير من الملفات العصية على الحل التوافقي، والمواقف الراهنة للجهات المعنية به ما تزال هي المواقف القديمة التي حالت دون التفاهم حولها.

الواقع إذا عصي على التفكيك واللغة السائدة هي لغة المغالبة والاستفراد وفرض أمر واقع بأدوات سياسية واقتصادية وشعبية، وربما عسكرية، وأمام هذا الواقع شديد التعقيد والتأزيم، ما تزال البعثة ما أسيرة نهج ردود الفعل، وواقعة في شرك إدارة الأزمة، وليس تفكيكها، كما أشر بصراحة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن ليبيا الذي وجهه مؤخرا إلى مجلس الأمن، وبرغم أن الحالة الليبية التي تركبت أزمتها وتعقدت كثيرا تفرض بواقعها البائس تعاملا تقليديا، إلا إن الخلل الذي تعاني منه الأمم المتحدة ذاتها، والطريقة التي تعمل بها بعثاتها باتت قاصرة وتحولت إلى وسيلة للتأزيم بدل أن تكون أداة لمعالجته.

أمام هذا المشهد المعتم ينطلق الحوار المهيكل، ولأنه أداة بلا أسنان، ولأن الغاية منه تقديم مشورة واقتراح حلول، فإنه ليس من المتوقع أن يغير من الواقع شيئا، وسيكون حوارا ممتدا، يمدد معه عمل البعثة الأممية لا أكثر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الحوار ليبيا ليبيا سياسة حوار رأي آفاق مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحوار المهیکل

إقرأ أيضاً:

رواية مقعد أخير في الحافلة لأسامة زيد: هشاشة الإنسان أمام مأسي الواقع

من الصعب على الكاتب أن يكشف عن جميع أوراقه في بداية الرواية، ومن الصعب أحيانا على المتلقي أن يتابع القراءة عندما يتبين له الحدث الأساس للرواية من الصفحة الأولى. حادث سير مروع لمجموعة من الموظفين قبيل عيد الأضحى. مات من مات وجرح من جرح، فماذا بعد في جعبة الكاتب ليقول؟

يبدو أن أسامة زيد في باكورة أعماله الروائية "مقعد أخير في الحافلة" والصادرة في العام 2025 عن دار الرواق للنشر في مصر، اتخذ الطريق الشائك، والأخطر إن صح القول.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أرشفة غزة في الحاضر: توثيق مشهد وهو يختفيlist 2 of 2الأدب الإريتري المكتوب بالعربية.. صوت منفي لاستعادة الوطن إبداعياend of listهل من نجاة بعد الحادث؟

تبدأ الرواية الواقعة في 197 صفحة من القطع المتوسط بالحادث. مشهد سينمائي بكل التفاصيل ومشحون بالكثير من المشاعر المتضاربة لكل شخصية كانت جالسة في تلك الحافلة المنكوبة.

ثوان قليلة تفصل بين البقاء والفناء، بين العودة والغياب الأبدي، عن عائلة، عن أبناء، عن أقارب… وعن حياة اعتادوها لن تكون كما كانت من قبل. وهنا تطرح الرواية التساؤل الجوهري الأول: ما معنى النجاة؟ هل أن ينجو جسدك من حادث سير يعني بالضرورة نجاتك الحقيقية من تبعات ذلك الحادث؟

إن عالجوا رضوض جسدك وخدوشه، من يعالج كدمات روحك؟ من يزيل الحجارة الثقيلة الرابضة على مخيلتك وخوفك وتساؤلاتك غير المنتهية عن الحياة وفحواها بعد اكتشافك أن الفاصل بين حياتك وموتك قد لا يتعدى حادث سير وأنت في طريقك لاحتضان أمك العمياء، لشراء ملابس العيد لابنك، للاحتفال بزواج ابنتك، لتقبيل ابنتك الرضيعة، للنظر إلى زوجتك المشتاقة، للاطمئنان على أخواتك… أو فقط للخلود إلى النوم في سريرك، في بيتك، بين أهلك ومحبيك.

هكذا ببساطة قد تختفي، قد يزول أثرك، قد تمحى أحلامك وتتهدم أسقف بيتك، قد لا تصحو غدا، قد يحدث كل هذا وأنت في حافلة.

تعود كل شخصية من شخصيات الرواية إلى منزلها بعد الحادث، بالكثير من الكسور والرضوض الجسدية والنفسية، باستثناء أبو المجد الذي لم تفتح له الحياة ذراعيها هذه المرة، شطب من سجلات الناجين وسرح إلى العالم الآخر، وسامر الغائص تحت ثقل التنفس الاصطناعي والكثير من الأسلاك الطبية التي تحاول جاهدة إنقاذ الجسد المتهالك.

الشخصية الرئيسية وعقدة الذنب

رغم مرور الكاتب على الكثير من الشخوص في الرواية والحديث ببانورامية لافتة عن حيواتهم قبل وبعد الحادث، لكن تبقى شخصية آدم هي الشخصية الأساس في العمل، ليس فقط بسبب المساحة الكبيرة المفرودة لها في الرواية، ولكن أيضا بسبب تركيبها المعقد، والصراعات النفسية الداخلية التي تعصف بها، بداية من علاقته المتوترة بوالده الراحل وطريقة تربيته الصارمة والقاسية في كثير من الأحيان وعقدة الذنب التي رافقته طيلة حياته، إذ يعتقد أن والده مات كمدا بسببه عندما قرر السفر.

إعلان

عقدة الذنب تلك التي استفحلت وانتكست بعد الحادث عندما أعطى مقعده في تلك الحافلة المشؤومة لأبي المجد، اعتقادا منه أنه يمنح أبو المجد المسن مقعدا مميزا إلى جانب النافذة بدلا من الانحشار بينه وبين زميلهما زياد في الوسط.

كان مقدرا أن ينجو كل من في الحافلة باستثناء أبي المجد، لتبدأ مأساة جديدة في حياة آدم الذي بات في عين نفسه قاتلا لوالده ولأبي المجد. عقدة الذنب تلك لم تقف عند الوالد وزميل العمل، بل أصبح آدم يلوم نفسه على أية حادثة سيئة تصيب من يعرف، فهو يعتقد أنه السبب في إصابة سامر في رأسه في أثناء الحادث، فلو كان قد صعد قبله إلى الحافلة لكان قد جلس في محله وما كان حل به ما حل، ولو كان قد اهتم بزيارة حسان (والد سامر) أكثر، لما كان توفى.

تبرير مريض عشعش في ذاته يجلده بسوط من جمر ملقيا اللائمة على نفسه بسبب أو من دون سبب.

لا يتحرر آدم من عقدته إلا بعد مشهد أقل ما يقال عنه إنه رائع، أجاد زيد رسم ملامحه بريشة فنان متمرس وليس روائي يكتب للمرة الأولى. المشهد هو في المستشفى عند تغسيل جثة حسان ومن بعدها مشهد الدفن. إذ تتجلى أوجه الضحايا، أبو المجد، الأب، وحسان، في وجه واحد وجسد واحد، كأنهم يمنحون آدم صك غفران لعله يتحرر من آفة الذنب الرازح تحت ثقل وجعها.

أسامة زيد ذكر أن الحادثة التي رواها في روايته هي واقعة حقيقية وقعت له بالفعل إذ في الحافلة كان هو آدم الذي قدم مقعده لأبي المجد (مواقع التواصل)مأساة الكاتب

لفتني أن الكاتب متمكن من شخوص روايته، يحبكهم بتأن، يعتني بهم، كأب عطوف، يقسو أحيانا ويغفر أحيانا أخرى. والأجمل من ذلك أن أسامة زيد يرسم شخوصا غير موجودة بشكل فعلي في الرواية.

فوالد آدم لا يظهر في أي مشهد باستثناء كوابيس آدم، وسامر قابع في المستشفى، وأبو المجد يظهر في مشهد واحد قبل الحادث، ومع ذلك يرسمهم أسامة كشخوص من لحم ودم يبقى تأثيرهم الفعلي قوي في العمل، وهذا من وجهة نظري مصدر قوة في الكتابة ودليل على مقدرة متميزة يفتقدها الكثير من كتابنا المعاصرين الذي يفشلون في أحيان كثيرة في رسم ملامح شخوص موجودة بشكل عملي في القصة، فما بالك بشخوص غائبة؟

شخصيا لم يعجبني الانتقال الفجائي وغير المبرر من الرواي العليم إلى الراوي الأول بعد مرور أكثر من ثلثي الرواية عن لسان الراوي العليم لنجد أنفسنا فجأة نتابع السرد ولفصلين كاملين على لسان آدم.

من خلال جلسة حوارية مع الكاتب استمرت أكثر من 3 ساعات عبر زووم في نادي صناع الحرف اللبناني للقراءة، ذكر أسامة أن الحادثة التي رواها في روايته هي واقعة حقيقية وقعت له بالفعل، إذ في الحافلة كان هو آدم الذي قدم مقعده لأبي المجد. وهنا تطرح الرواية تساؤلا جديدا: هل يتطهر الكاتب من مأساته عندما يجبلها بأوجاعه ويحنطها في رواية؟

أسامة زيد روائي مصري يعيد لنا الأمل في الرواية المصرية من جديد بعد انحدار لافت بالنوعية التي باتت منتشرة وللأسف مؤخرا بسبب كثرة وسهولة النشر في مصر، إذ أصبحت الكتابة هناك مهنة من لا مهنة له. قد يكون أسامة زيد بدأ رحلته في الكتابة متأخرا، لكن أن تبدأ خير من ألا تبدأ مطلقا.

إعلان

مقالات مشابهة

  • مقال دولي يدعو البعثة الأممية في ليبيا إلى مراجعة نهجها وتجاوز نموذج تقاسم السلطة
  • بعثة الأمم المتحدة تطلق الحوار المهيكل ومحللون يحذرون من غموض معايير المشاركة
  • رواية مقعد أخير في الحافلة لأسامة زيد: هشاشة الإنسان أمام مأسي الواقع
  • البعثة الأممية تعلن بدء إرسال الدعوات للأعضاء المحتملين في الحوار المهيكل
  • أكثر من ألف ليبي وليبية يبدون رغبتهم في الانضمام إلى “الحوار المهيكل”.. والبعثة الأممية توضح آلية الاختيار
  • الأمم المتحدة تبدأ توجيه الدعوات لـ«الحوار المهيكل»
  • اجتماع أممي–كندي لبحث الحوار المهيكل وإجراء الانتخابات في ليبيا
  • “تيتيه” تبحث مع “الدبيبة” تنفيذ خارطة الطريق بما في ذلك إطلاق الحوار المهيكل
  • المجلس الاجتماعي سوق الجمعة يستنكر الخيانة الوطنية التي تمثلت في تفريط حكومة الدبيبة في سيادة ليبيا وقضائها