عربي21:
2025-12-06@18:12:11 GMT

حين ينقلب الحلم العربي إلى قيود.. تونس نموذجا

تاريخ النشر: 6th, December 2025 GMT

لا يزال الرأي المخالف في العالم العربي يُعامل في كثير من الأحيان كجريمة تستوجب الملاحقة، لا كحق أصيل يثري المجال العام ويُسهم في تطور المجتمع. فما زالت الأنظمة السياسية ـ في عديد من دولنا ـ تنظر إلى المعارضة باعتبارها تهديدًا، وإلى حرية التعبير باعتبارها رفاهية زائدة يمكن الاستغناء عنها في أوقات الأزمات.



وفي السنوات الأخيرة، تصاعدت موجة الاعتقالات التي طالت سياسيين ونشطاء حقوقيين ومثقفين، لم يحملوا سلاحًا ولم يهددوا أمنًا، بل حملوا أفكارًا ورؤى بديلة، آمنوا بأنها حق مشروع للمواطن والوطن معًا.

هذه الظاهرة ليست جديدة على المنطقة العربية، لكنها أكثر ما تكون مؤلمة وصادمة عندما تتكرر في بلد شكّل قبل سنوات قليلة أيقونة الحرية في العالم العربي.

تونس.. من شرارة الحرية إلى عودة التضييق

تونس التي خرج منها نور الربيع العربي في العام 2011، وقدّمت للعالم نموذجًا للتغيير السلمي، وللمنطقة العربية درسًا في إمكانية التحول الديمقراطي، تشهد اليوم انتكاسة مقلقة.

فقد تصاعدت فيها الاعتقالات والأحكام القاسية بحق عدد من السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، في مشهد يذكّر بزمنٍ ظنّ الكثيرون أنه ذهب بلا رجعة.

القضية ليست في الرأي نفسه، بل في غياب الثقة: ثقة الدولة في قدرتها على إدارة الاختلاف، وثقة المواطن في أن بلاده تحمي حقه في التعبير دون خوف. وحين يضعف القانون، يقوى القمع. وحين ترتعش السياسة أمام الفكر، تُستدعى القضبان. لكن ذلك لا يفضي إلى الاستقرار، بل إلى الخوف والصمت والاحتقان.بلادٌ كانت مرجعًا في الوسطية، ومنارة في التعليم، ومختبرًا للتوافق السياسي، تعود اليوم إلى نمط التخوين وتكميم الأفواه وتقييد الحريات.

الصدمة الكبرى ليست في حدوث الاعتقال ذاته، بل في المكان الذي يحدث فيه، والرمزية التي يحملها: تونس التي كانت أملًا يُحتذى… باتت ميدانًا يُخشى تكراره في دول أخرى.

يحق لنا أن نتساءل: كيف يمكن لفكرة أن تهدد دولة؟ وكيف يمكن لرأي أن يرتقي إلى مستوى الخطر الأمني؟

القضية ليست في الرأي نفسه، بل في غياب الثقة: ثقة الدولة في قدرتها على إدارة الاختلاف، وثقة المواطن في أن بلاده تحمي حقه في التعبير دون خوف. وحين يضعف القانون، يقوى القمع. وحين ترتعش السياسة أمام الفكر، تُستدعى القضبان. لكن ذلك لا يفضي إلى الاستقرار، بل إلى الخوف والصمت والاحتقان.

في العالم العربي، لا تزال بعض السلطات تنظر إلى الحقوق والحريات باعتبارها شأنًا ثانويًا يمكن التضحية به عند أول اختبار.

غير أن التجربة أثبتت ـ مرةً بعد أخرى ـ أن غياب الحرية هو الشرارة الأولى لكل انفجار شعبي.

لا تستقر دولة تُقصي نصف أبنائها، ولا يحدث تقدم إلا بتنافس الأفكار واختلاف الرؤى.
طمس المعارضة لا يصنع وطنًا قويًا، بل يصنع فراغًا خطيرًا.

دعوة إلى أفق جديد

من أجل مستقبل عربي مختلف، فإنني كمحامي وناشط حقوقي أدعو  إلى إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي في بلداننا العربية ووقف الملاحقات ذات الطبيعة السياسية، وإرساء قضاء مستقل يتحصن بالقانون لا بالتوجيه السياسي، وفتح فضاءات الحوار وبناء توافقات وطنية تستوعب التنوع في الأفكار والانتماءات، وتجريم التحريض على الكراهية والإقصاء، وإعلاء ثقافة الشراكة الوطنية.

لتكن تونس ـ التي ألهمت المنطقة قبل سنوات ـ النموذج الحي الجديد للتحول الديمقراطي في عالمنا العربي. ولتكن مرّة أخرى منارة الحرية وفضاء الحوار، حيث تُمارس الحقوق لا تُصادر، وتُسمع الأصوات لا تُكمم.لتكن تونس ـ التي ألهمت المنطقة قبل سنوات ـ النموذج الحي الجديد للتحول الديمقراطي في عالمنا العربي. ولتكن مرّة أخرى منارة الحرية وفضاء الحوار، حيث تُمارس الحقوق لا تُصادر، وتُسمع الأصوات لا تُكمم.

وهذا الرهان ليس على المؤسسات وحدها، بل على الشعب التونسي ذاته، القادر على أن يترجم طموحه التاريخي إلى واقع ملموس، وأن يثبت للعالم أن التغيير السلمي ليس مجرد شعار، بل خيار وطني يمكن إنجازه بإصرار الشعوب وتكاتف الإرادات.

ما زالت شعوبنا تتطلع إلى غدٍ يليق بتضحياتها. وغدُ تونس، وغدُ غيرها من دولنا العربية، لا يمكن أن يُبنى إلا على حرية الكلمة وكرامة الإنسان. فالأوطان التي تطارد أصحاب الرأي المخالف، تُطارد مستقبلها دون أن تدري. والأمة التي تخشى من صوت أبنائها، لن تسمع صوت التاريخ وهو يُناديها. إننا كعرب نستحق أن نحلم، ونستحق أكثر من ذلك: أن نرى أحلامنا حقيقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الرأي تونس الحريات السياسة تونس حريات سياسة رأي قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء: ميناء الفاو وطريق التنمية مشروع “الحلم”

4 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة: أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الخميس، أن ميناء الفاو وطريق التنمية هو مشروع “الحلم” للتحول الى اقتصاد حقيقي.

وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان ورد لـ المسلة، أن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، حضر مؤتمر مجلس الاعمال العراقي البريطاني (IBBC) الذي عقد في محافظة البصرة تحت شعار (بوابة العراق).

وأوضح المكتب أن المؤتمر يتضمن جلسات وحلقات نقاشية بمشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من العراق والمملكة المتحدة وشركات رائدة، ويهدف الى تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين وتسهيل التواصل بين الشركات والجهات الفاعلة، فضلاً عن استكشاف فرص التعاون والاستثمار في مجالات مختلفة، بما في ذلك الطاقة والتمويل والمناخ والتعليم.

وأكد السوداني، أن (بوابة العراق) ليست شعارا لمؤتمر، وإنما عنوان لمرحلة نطمح أن تكون فيها البصرة وبقية المحافظات بوابات فعلية للاستثمار والتجارة والفرص المتبادلة، مشيرا الى أن نجاح هذه الرؤية يعتمد على قدرة الحكومة والقطاع الخاص والشركاء الدوليين على تحويل الحوار إلى برامج، ومن ثم الى مشروعات تعمل على تحسين حياة المواطنين.

وأضاف أن شعار المؤتمر (بوابة العراق) يعبر عن رؤية الحكومة بدور البصرة، بوصفها منفذا اقتصاديا أساسيا ومركزا للخدمات والطاقة واللوجستيات، حيث عملنا بمسارات متوازية لتحسين بيئة الأعمال، وتحديث البنية التحتية وإصلاح قطاع الطاقة وتمكين القطاع الخاص ليكون شريكا أساسيا في التنمية، لافتا إلى أن حكومتنا اعتمدت سياسة متوازنة، واستثمرت موقع العراق ليكون جسرا بين الشرق والغرب، وجزءا من رؤية أوسع للاستقرار والتنمية بالمنطقة.

وبين السوداني أن قوة العراق بما يمتلكه من موارد نفطية وغازية، فضلا عن ميناء الفاو وطريق التنمية وموقعه كممر رابط بين الخليج وآسيا وأوروبا، مؤكدا على تطوير ممارسة الأعمال والتمويل، وحكومتنا بسطت المسارات الإدارية والانتقال إلى الرقمنة وتقليل التعقيدات.

وتابع: ان العمل يجري مع المصارف العراقية والشركاء الدوليين لتطوير أدوات تمويل تخدم المشاريع الإنتاجية الاستراتيجية منها، والمتوسطة والصغيرة، مرحبا بالتعاون التقني والاستثماري مع الشركات ذات الخبرة، بضمنها الشركات البريطانية والشركات الأعضاء في مجلس الأعمال العراقي البريطاني، ونؤكد على ضرورة تطوير قطاع الخدمات اللوجستية والموانئ والارصفة والنقل البحري كونها تمثل رافداً اقتصادياً مهماً.

وأشار رئيس الوزراء الى أن حققنا الاستخدام الامثل لموارد النفط والغاز، والعراق كان يخسر من (8-9) مليار دور سنويا بسبب استيراد المشتقات النفطية وحرق الغاز، فخلال 3 سنوات من عمر الحكومة وضعنا رؤية واضحة لحل الإشكالات المتعلقة باستثمار النفط والغاز، مبينا أن ميناء الفاو وطريق التنمية هو مشروع (الحلم) للتحول الى اقتصاد حقيقي وخلق عراق جديد.

ولفت إلى انه لأول مرة منذ تأسيس الدولة العراقية تكون لنا اطلالة بحرية امام الخليج عبر القناة الملاحية التي يصل عمقها لـ20 م وبطول 23 كلم، ونتطلع إلى مبادرات شراكة وتدريب وتمويل، تربط رائدات الأعمال في العراق بنظيراتهن في المملكة المتحدة، موضحاً أن المنصات التي يوفرها مجلس الأعمال العراقي البريطاني تساعد في تنفيذ مشروعات الطاقة والبنية التحتية والخدمات والتعليم والتدريب.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • 7 أكتوبر في ميزان الرأي والتقييم
  • فنزويلا نموذجا.. هل تستبدل أميركا القوة بالعقوبات لإسقاط خصومها؟
  • لابورتا: برشلونة رمز الحرية وريال مدريد يمثل القوة
  • محافظ الغربية يشارك في احتفالية التميز الحكومي العربي بجامعة الدول العربية.. ويهنئ القاهرة بفوزها بجائزتي أفضل محافظ عربي ومبادرة مجتمعية
  • مثقفون يرحبون بإطلاق جائزة نجيب محفوظ للرواية العربية في معرض الكتاب.. ويؤكدون: احتفاء واسع لإعادة الاعتبار لقيمة الأدب العربي
  • يوم المغترب العربي.. الجامعة العربية تشيد بدور الجاليات في دعم قضايا الأمة
  • محافظ القاهرة يفوز بجائزة التميز الحكومي العربي كأفضل محافظ على مستوى الدول العربية
  • رئيس الوزراء: ميناء الفاو وطريق التنمية مشروع “الحلم”
  • الناشئون.. لكي يكتمل الحلم!