الفرص الاقتصادية والمخاطر والانعكاسات الاجتماعية
تاريخ النشر: 6th, December 2025 GMT
خالد بن سالم الغساني
ما يزال الحديث مُستمرًا والنقاش محتدمًا في الشارع العُماني- منذ تداول أنباء غير رسمية- عن السماح لمواطني الفلبين بدخول سلطنة عُمان دون تأشيرة لمدة أسبوعين اعتبارًا من عام 2026. القرار أثار جدلًا واسعًا، وشغل النَّاس وأصبح حديث المجالس، وحتى اللقاءات العابرة، ويرون أن توقيت القرار وسرعة إصداره يحملان أسئلة جوهرية حول التبريرات والمخاطر المحتملة.
فما بين من يعتبر الأمر خطوة دبلوماسية وإنسانية ومن يرى فيه تهديدًا للصحة العامة والاستقرار الاجتماعي، يظل المجتمع أمام تحدٍ في قراءة التداعيات الحقيقية لمثل هذه القرارات التي تلامس حياة النَّاس.
من ناحية إيجابية يمكن النظر إلى هذا القرار- في حال صحته- كفرصة لتعزيز العلاقات الدولية وتسهيل حركة السياحة والعمل القصير المدى، إضافة إلى الانفتاح على تجارب شعوب وثقافات جديدة، وهو ما قد ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد المحلي من خلال زيادة الطلب على الخدمات والفنادق والمطاعم، وتعزيز التبادل التجاري غير الرسمي. الانفتاح بهذا الشكل يمكن أن يُظهر عُمان كدولة منفتحة ومستعدة للتواصل الدولي، وهو ما يُعد رسائل إيجابية على مستوى الدبلوماسية العامة.
لكن من زاوية أخرى، يحمل القرار مخاطر واضحة، لا يمكن تجاهلها؛ فالتقارير الرسمية الصادرة عن الفلبين نفسها تشير إلى زيادة ملحوظة في معدلات الإصابة بأمراض خطيرة، وعلى رأسها فيروس الإيدز، خصوصًا بين الفئة الشبابية الأكثر نشاطًا وحركة. هذه الفئة هي نفسها الأكثر قدرة على السفر والتنقل، ما يجعل احتمال انتقال العدوى إلى المجتمع المضيف مسألة واقعية تحتاج إلى تقييم دقيق. هنا يطرح السؤال نفسه: هل دولة بحجم وإمكانيات الفلبين المتواضعة، في ظل أوضاعها الصحية الخطرة، تستدعي مثل هذا الانفتاح؟ وهل من المنطقي أن تُفتح الأبواب دون اشتراطات صارمة للفحص الصحي؟ فتح الأبواب دون ضوابط صحية صارمة يُمكن أن يحوّل خطوة الانفتاح من فرصة إلى مخاطرة، وقد تكون عواقبها بعيدة المدى، تصل إلى التأثير على الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي، لأن الصحة العامة تُعد جزءًا لا يتجزأ من الأمن الوطني.
القرار يطرح أيضًا تساؤلات حول مدى التخطيط والدقة في اتخاذ مثل هذه السياسات؛ فالخطوة جاءت بشكل مفاجئ، بينما السياسة الصحية تتطلب تقييم المخاطر وربط التسهيلات بإجراءات واضحة للفحص الصحي والمراقبة المستمرة. وفي ظل هذا السياق، يظل الخطر محتمل الحدوث إذا لم تكن هناك آليات صارمة لضمان سلامة المجتمع، الأمر الذي قد يؤدي لاحقًا إلى نتائج كارثية على صعيد الصحة العامة.
من جانب آخر، يُثير القرار تساؤلًا حول مبدأ المعاملة بالمثل في العلاقات الدولية؛ إذ لم يظهر أن الانفتاح مبني على أسس متوازنة بين مصالح السلطنة ومصالح الدولة الأخرى. فتح الأبواب دون تقييم دقيق لتوازن المصالح قد يخلق فجوات يمكن استغلالها لاحقًا في ظل الظروف أو المصالح المتغيرة. بالإضافة إلى ذلك، عرض القرار إعلاميًا على أنه إنجاز وسبق إقليمي يعكس قراءة جزئية للنجاح، في حين أن السبق الحقيقي ينبغي أن يُقاس من خلال الإنجازات التعليمية، الصحية، الاقتصادية والاجتماعية، وليس فقط التسهيلات المؤقتة لدخول الأجانب.
مع ذلك، لا يمكن تجاهل الفوائد المحتملة للقرار، لكنها تتطلب شروطًا واضحة ومراقبة دقيقة. فالانفتاح لا يجب أن يكون مطلقًا، بل مرتبطًا بإجراءات تحفظ سلامة المواطنين وحقهم في بيئة آمنة. الفائدة الحقيقية تكمن في إيجاد توازن بين الانفتاح الدولي وحماية المجتمع من أي مخاطر صحية محتملة، ما يجعل من الضروري الربط بين التسهيلات وبين فحص صحي صارم، وربما برامج توعية للمسافرين والزائرين.
في نهاية المطاف، يبقى السؤال الأساسي: كيف يمكن للدولة أن توازن بين الفرص الإنسانية والدبلوماسية من جهة، وبين حماية صحة المجتمع واستقراره الاجتماعي من جهة أخرى؟ وأظن ان الإجابة تكمن في سياسات مدروسة، تعتمد على البيانات والمعرفة، تربط كل خطوة انفتاحية بضوابط صارمة تضمن الحفاظ على صحة المواطنين واستقرار المجتمع، دون التضحية بالفرص التي يقدمها التواصل الدولي. إنّ الحديث المستمر حول القرار منذ صدوره يؤكد على أهمية المراجعة الدقيقة، لأن أي خطوة غير محسوبة قد تتحول إلى سابقة يصعب التراجع عنها لاحقًا، ما يجعل من مسؤولية صانعي القرار حماية المجتمع قبل أي اعتبار آخر.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
خبير: القرار الأمريكي بتداول البيتكوين والعملات المشفرة خطوة تنظيمية مهمة
أكد خبير العملات الرقمية ميشال هبر، أن القرار الأمريكي بالسماح رسميًا بتداول البيتكوين والعملات المشفرة يمثل تطورًا مهمًا في عالم العملات الرقمية، موضحًا أن الخطوة تعتبر تنظيمية بالدرجة الأولى، لكنها تحمل أيضًا تأثيرًا اقتصاديًا ملموسًا على المستثمرين.
وفي تصريحاته لقناة القاهرة الإخبارية، قال هبر: "اليوم نشهد تقدمًا واضحًا في استخدام وتداول العملات الرقمية، بما في ذلك البيتكوين والإيثيريوم والسولانا وغيرها، لافتا إلى أن العملات المشفرة بدأت تأخذ مكانها الطبيعي في الأسواق، ويشعر الأفراد بالثقة في امتلاكها والتداول بها عبر منصات موثوقة."
شرعية تداول العملاتوأضاف هبر أن القرار الأمريكي يمنح الأمان للمستثمرين ويؤكد شرعية تداول العملات الرقمية، قائلًا: "اليوم أي شخص يمتلك بيتكوين بطريقة قانونية يمكنه التداول والإعلان عن ممتلكاته بأمان، مع ضمان حماية عالمية ودعم أمريكي قوي."
وأشار هبر إلى التطور الكبير الذي شهدته العملات الرقمية منذ ظهورها، موضحًا أن "البيتكوين عند إنشائه في 2009 كان سعر العملة أقل من دولار واحد، واليوم وصلت قيمته إلى حوالي 89 ألف دولار، ما يعكس نقلة كبيرة في عالم العملات الرقمية ويزيد من جدية التعامل بها."
وأكد هبر أن التشريعات الجديدة ستسهم في تعزيز ثقة الأفراد والمؤسسات في العملات الرقمية، مشيرًا إلى أن هذا الدعم يجعل البيتكوين أكثر أمانًا للمستثمرين ويشجع على توسع استخدام العملات المشفرة في مختلف القطاعات المالية.
وأضاف: "مع هذا القرار، ستتغير معايير التداول والامتلاك بشكل كبير، وسيصبح الاستثمار في العملات الرقمية جزءًا أساسيًا من الاقتصاد الرقمي العالمي."