سواليف:
2025-12-06@18:12:21 GMT

خلاص سوريا… ذاكرة وطن يستعيد ذاته

تاريخ النشر: 6th, December 2025 GMT

خلاص #سوريا… #ذاكرة_وطن يستعيد ذاته

بقلم: المهندس محمود “محمد خير” عبيد

تطلّ مناسبة انعتاق سوريا من النظام البائد و الذي اراد البعض تسميته بـ “ذكرى تحرير سوريا”، وسط نقاش حول دقة المصطلح ومعانيه. فالوطن الذي تمتد جذوره الحضارية لآلاف السنين لا يُختزل في عهد ولا في سلطة، ولا يمكن توصيفه يوماً بأنه كان “غير حرّ” بمعناه الحقيقي.

فسوريا، بتاريخها وأرضها وناسها، بقيت دائماً فضاءً للحرية والانتماء، حتى وإن عاش شعبها في ظل منظومات سياسية ضيّقت حقوقه الطبيعية، وسعت إلى احتكار الدولة وتقييد المجال العام.
من هنا، فإن الاسم الأقرب لروح المناسبة هو نهضة سوريا أو انعتاق سوريا؛ انعتاق من مرحلة طويلة من الاستبداد والفساد، ومن زمن جرى فيه اختزال الدولة في أشخاص أو أجهزة أو أحزاب. هذه النهضة هي عودة الوطن إلى أبنائه، وفتح باب نحو مستقبل يكتبه السوريون بإرادتهم الحرّة، بعيداً عن القيود التي كبّلتهم لعقود.
ستة عقود مضت بين ألمٍ مُتراكم ورغبة لا تُقهر في الحيا, فمنذ ستينيات القرن الماضي، شهدت سوريا تحولات سياسية عميقة تراكم فيها الانغلاق، واشتدت المركزية، حتى أصبحت الحياة اليومية محكومة بالخوف والرقابة. تراجعت المشاركة العامة، وتآكلت المؤسسات، واستفحل الفساد، وضاق المجال العام إلى حدّ تحوّل الوطن إلى ساحة صراع بين مجتمعٍ حيّ يطلب الكرامة، وبين منظومة ترفض الإصلاح.
ومع ذلك، لم يخفت الأمل. فالسوريون، بمختلف انتماءاتهم، حافظوا على إيمان راسخ بأن وطنهم يستحق أفضل، وأن التغيير حقّ طبيعي. وحين ارتفعت الأصوات مطالِبة بالكرامة والعدالة، لم تكن تلك الصرخة وليدة اللحظة، بل حصيلة عقود من الإحباط ومن توقٍ عميق لحياة تحترم الإنسان وتمنحه أفق المشاركة.
الانعتاق ليس حدثاً سياسياً فحسب، بل تجدّد في الوعي وتحول اجتماعي ونفسي. الانعتاق هو أن يستعيد الشعب ثقته بذاته وبقدراته، وأن يشعر بأن الوطن ملك لجميع أبنائه لا حكراً على أحد او لفئة على حساب فئة أخرى, وأن تعود السياسة إلى المجتمع، وأن تخدم مؤسسات الدولة الناس لا أن تخدم نفسها.
الانعتاق هو انتقال من الألم إلى التعافي، ومن الانقسام إلى المصالحة، ومن الخوف إلى دولة قانون ومواطنة. إنه تحرّرٌ من التصلّب والكراهية بقدر ما هو تحرّرٌ من الاستبداد.
سوريا، كانت وما زالت وستبقى أيقونة المشرق وسوريا الكبرى وملاذ أبنائها، فها هي سوريا اليوم، تعود شيئاً فشيئاً إلى أبنائها. فسوريّو اليوم يتطلعون إلى وطن يُعيد جمع أهله، ويُعيد لنفسه مكانته في محيطه وعلى خريطة العالم، وطن يقوم على العدالة والتنوع والمواطنة. فـ انبعاث سوريا ليس حدثاً عابراً، بل مسار طويل يتشارك فيه كل فرد داخل البلاد وخارجها، عبر التمسّك بالهوية الوطنية والعمل على ترميم مجتمع أنهكته سنوات القلق والعنف.

إن عودة سوريا إلى أبنائها لا تعني انتصار طرف على آخر، بل انتصار فكرة الوطن على كل محاولة لاحتكاره أو اختزاله في شخص او نظام او جزب. وتعني أن مستقبل الدولة يجب أن يُبنى بإرادة السوريين جميعاً، وفق عقد اجتماعي جديد يضمن الحقوق والحريات، ويطوي صفحة الدورات المتكررة من الاستبداد او التفرد بالقرار.

مقالات ذات صلة حفاوة ذاكرة…. 2025/12/06

سوريا الحرّة، لا تنطفئ، فسوريا رغم ما مرت به من تداعيات على مدى عقود من الاستبداد و التفرد بالسلطة لم تفقد سوريا روحها يوماً، مهما اشتدت الأزمات. كانت حريتها كامنة في ثقافة شعبها، وفي إصرار أجيالها، وفي قدرتها الدائمة على النهوض. واليوم، حين نطلق على مناسبة سقوط النظام البائد بـ “ذكرى انعتاق سوريا” أو “نهضتها”، فنجن نؤكد ان الوطن أبقى من أي سلطة، وأعمق من أي نظام، وأقوى من كل محاولة لكسر إرادة الناس.
إنها لحظة للتأمل والرجاء، لتعميق الإيمان بأن سوريا—بلد الحضارات والأديان والثقافات—قادرة على إعادة إنتاج ذاتها، وقادرة على الخروج من كل ظلام نحو نور السلام والحرية.
غالبية الشعوب لم تكن في يوم مع أي نظام سياسي، بل كانت وما زالت مع إرادة الوطن و مصلحته. واليوم لا يمكن النظر إلى أي سلطة بمعزل عن التوازنات الدولية التي تتحكم بمسارات السياسة في منطقتنا. فمعظم الأنظمة في الشرق واقعة تحت ضغوط وإملاءات خارجية تحدّ من سيادتها وتوجّه قراراتها.
لذا علينا اليوم عدم الدخول في سجالات مع الأنظمة، بل بناء سوريا التي تتسع للجميع؛ سوريا مدنية تستمد قوتها من تاريخها العريق وروحها الإنسانية، لا من الانقسامات الطائفية أو العرقية.
الشعوب المتحضرة و التي تسعى الى دولة القانون تتطلع الى دولة مدنية, فضاء يحمي الجميع, فنحن هنا ابضا” نتطلع إلى سوريا بدستور ونظام مدني؛ مدنيّة لا تعني الإقصاء ولا العداء للدين، بل احترام الإنسان بتنوّعه واختلافه. فالمدنية ليست إلحاداً ولا خروجاً عن الإيمان كما يحاول البعض تصويرها، بل منظومة قيم تُعيد الاعتبار للمواطنة وتضمن لكل فرد حقه في أن يؤمن، وأن يختار، وأن يعيش بسلام مع غيره.
فالمدنية تعني أن يُعامل الناس وفق القانون لا وفق الانتماء، وأن يتساوى المواطنون مهما اختلفت معتقداتهم، وأن يكون الفضاء العام ملكاً للجميع لا حكراً على جهة واحدة. إنها إطار يحمي حرية المتدين كما يحمي حرية غير المتدين، لأن جوهرها العيش المشترك وصون الكرامة الإنسانية.
بهذه الروح، تصبح المدنية الطريق الطبيعي نحو وطن يحتضن أبناءه جميعاً، ويعيد لسوريا مكانتها التاريخية كجسر حضاري لا يُقصي أحداً ولا يخاف من تنوّع أبنائه.
فنحن لسنا بحاجة للتحرر من نظام طائفي استبدادي لنقع في مستنقع جديد من الكراهية؛ فسوريا الكبرى وسوريا لم تكن يوماً طائفية أو عنصرية. سكنها المسيحيون أولاً، ثم المسلمون، وتشكلت عبر التاريخ فسيفساء من الأعراق والمعتقدات. وستظل قبلةً للتنوع لأن أبناءها يؤمنون بإنسانيتهم قبل أي انتماء آخر.
فليكن التحرر ليس فقط من الاستبداد السياسي، بل من التعصب والانغلاق والكراهية وليكن إحياء سوريا مشروعاً أخلاقياً بقدر ما هو مشروع سياسي.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سوريا ذاكرة وطن من الاستبداد

إقرأ أيضاً:

غارة للتحالف الدولي في سوريا تقتل عميلا مزدوجا بدلا من قيادي بتنظيم الدولة

أسفرت غارة شنتها قوات أمريكية وجماعة سورية محلية، بهدف القبض على مسؤول في تنظيم الدولة عن مقتل رجل كان يعمل في جمع معلومات استخباراتية بشكل سري عن التنظيم، بحسب ما قاله أفراد أسرة الرجل ومسؤولون سوريون لوكالة أسوشيتد برس.

وتسلط عملية القتل، التي وقعت في أكتوبر/تشرين الأول، الضوء على المشهد السياسي والأمني المعقد، فيما تبدأ الولايات المتحدة العمل مع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في القتال ضد فلول التنظيم وفقا للوكالة.

وكان خالد المسعود يتجسس على داعش منذ سنوات، بالنيابة عن فصائل مسلحة بقيادة الشرع، ثم لصالح الحكومة المؤقتة بقيادة الرئيس الشرع، التي تشكلت بعد سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد قبل عام.

وكان معظم مقاتلي الشرع من الإسلاميين، بعضهم لهم صلة بتنظيم القاعدة، لكن كانوا أعداء لداعش، الذين اشتبكوا غالبًا معه خلال العقد الماضي، بحسب أقارب الرجل.

وبعد أسابيع من الغارة، التي وقعت في 19 تشرين الأول/ أكتوبر، زار الشرع واشنطن وأعلن انضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد التنظيم.

ومع ذلك، فإن مقتل المسعود يمكن أن يكون انتكاسة كبيرة للجهود المبذولة لمكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية”، بحسب وسيم نصر، وهو باحث بارز لدى مركز “صوفان” للأبحاث ومقره نيويورك ويركز على القضايا الأمنية.

وأضاف نصر أن المسعود كان يتسلل إلى صفوف التنظيم في الصحراء الجنوبية في سوريا، المعروفة باسم البادية، وهي واحدة من الأماكن التي ما زال فلول الجماعة المتطرفة ينشطون فيها.

وتابع نصر أن الغارة التي استهدفته كانت نتاج "انعدام التنسيق بين التحالف ودمشق".

والشهر الماضي، أصبحت سوريا رسميا، العضو التسعين في الدول التي تشكل التحالف ضد تنظيم الدولة "داعش" بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن، ولقائه نظيره دونالد ترامب.

وخلال السنوات الماضية كانت غارات التحالف الدولي تستهدف ليس فقط أعضاء "داعش"، بل طالت قيادات جهادية في الشمال السوري، تتبع لجماعات تتبنى نهج "القاعدة". وقبل ذلك كانت غارات التحالف تطال "جبهة النصرة" و"جبهة فتح الشام"، حيث قتلت "قائد جيش الفتح" أبو عمر سراقب (2016)، والذي كان يُنظر إليه على أنه الشخصية العسكرية الأبرز المقربة من الرئيس الشرع.

مقالات مشابهة

  • الشرع: الانتخابات الرئاسية في سوريا ستُجرى بعد 4 سنوات
  • حفاوة ذاكرة….
  • د. شعيب خلف: سيناء خط الدفاع الأول.. و"أهل مصر" يرسخ الدمج الثقافي بين أطراف الوطن
  • غارة للتحالف الدولي في سوريا تقتل عميلا مزدوجا بدلا من قيادي بتنظيم الدولة
  • وصول عبدالقادر “ميدو” إلى أرض الوطن وسط احتفال كبير من أصدقائه وأسرته… وهتافات دعم للرئيس السيسي
  • توكل كرمان تحذّر: موجة الاستبداد تتسع عالميًا والنساء في الصفوف الأولى للمواجهة
  • حفاوة ذاكرة
  • المجلس الاجتماعي سوق الجمعة يستنكر الخيانة الوطنية التي تمثلت في تفريط حكومة الدبيبة في سيادة ليبيا وقضائها
  • 4 آلاف أسرة بجنوب سيناء تناشد الدولة: لا تجعلوا قانون الإيجار الجديد يكافئ المضحّين من أجل الوطن بالعقاب