جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-08@16:36:12 GMT

اليمن القادم

تاريخ النشر: 8th, December 2025 GMT

اليمن القادم

 

 

 

علي بن مسعود المعشني

[email protected]

 

يرى الكثير من النَّاس في اليمن- عبر تاريخه السياسي المُعاصر- أيقونة للحروب الداخلية والتناحر القبلي والأطماع الخارجية، وينسبون كل ذلك إلى ما يصفونه "تخلُّف" اليمن واليمنيين وقابليتهم للاشتعال، مُقارنةً مع جوارهم الجغرافي الحيوي والذي يوصف في المقابل بـ"الاستقرار والسلم المجتمعي".

الحقيقة أنَّ اليمن بلدٌ حيويٌ، وشعب واعٍ يُمارس سُنن الحياة ودفع الأيام، لهذا انتقلَ اليمن إلى أطوار تاريخية عديدة ومختلفة، وعرف الكثير من الأحداث التاريخية التي تُعبِّر في حقيقتها عن تميُّز اليمن ووعي شعبه وليس تخلُّفه؛ فالمُتخلِّفون بطبعهم لا يصنعون التاريخ ويحتكمون إلى أقداره ويخضعون لسُننه خضوع البهائم واستكانة العابرين بحذر في رُدهات التاريخ ودفاتر الأيام. لقد كان أول من خرج على الملكية في اليمن هم الملكيون من أبناء اليمن حين تجاوزها الزمن، وكان أوَّل من خرج على الجمهورية لتصحيح مسارها هم الجمهوريون أنفسهم؛ فاليمني شديد الرقابة على ذاته وشديد العقاب لغيره حين يتذاكى عليه، وبين هذا وذاك فهو يتصف بالحساسية المُفرطة تجاه من يتدخَّل في شؤونه ويُمارس الوصاية عليه.

ما يحدث اليوم في اليمن حدث مرارًا في تاريخه القديم والأوسط والحديث؛ فاليمن بلد جاذب للأطماع؛ سواء من أبنائه أو من الغُزاة والطامعين في الثراء السريع، ولكن لكل حدثٍ زمانٌ ومكانٌ وأهدافٌ. فما يحدث اليوم في اليمن أتى بالتزامن مع مُخطط استراتيجي صهيو-أمريكي لتقسيم المنطقة والعبث بمكوناتها ومقدراتها، في سياق ما يُسمى بـ"الشرق الأوسط الجديد". هذا المشروع الذي يلوح ويخبو منذ زرع الكيان المؤقت على أرض فلسطين، بقصد فرض الأمر الواقع وتمكين الكيان من الأرض والسيادة على الإقليم. وكانت نواته الأولى البارزة بعد تمكين العدو من أرض فلسطين في مشروع "أم الكبائر" إنجلترا والمسمى "حلف بغداد"، الذي ضمَّ في زمنه 1955 إنجلترا وكلًا من: تركيا عدنان مندريس، والعراق الملكي، وإيران الشاه، وباكستان، وجميعها كانت وقتذاك مستعمرات ومحميات تحت الهيمنة البريطانية. وكان المراد من الحلف احتلال سوريا أولًا بالتعاون بين العراق الملكي وتركيا عدنان مندريس، وتقسيمها، ومُحاربة القومية العربية والمد الناصري في الوطن العربي وتحجيم نفوذهما.

كانت نتيجة الحلف قيام الوحدة المصرية السورية عام 1958، وقيام ثورة 14 تموز بالعراق بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم ورفاقه وإسقاط الملكية بالعراق، ثم إعدام عدنان مندريس بتركيا، والخاتمة كانت انسحاب باكستان بعد "خذلانها" من قبل أعضاء الحلف في قضية كشمير.

ما يُراد من اليمن ولليمن اليوم، هو تقسيمه إلى شطرين: شمالي وجنوبي، وكما كان عليه الحال قبل مايو 1990م، وهذا المخطط وقبل أن يتحول إلى شماعة كان عنوانه في السابق "مظالم الوحدة على الجنوب"، وهنا قطعوا الطريق على حيوية أبناء اليمن وديدنهم التاريخي في تصحيح أخطاء الوحدة، والتي يعلمها الجميع في الشمال وفي الجنوب. لذا باغت من خَطَّطَ إلى اجتزاء اليمن اليوم في محنته وحصاره، إلى التناغم مع مُخطط "الشرق الأوسط الجديد"، وما تُسمى بـ"إسرائيل الكبرى"، ظنًا منه بأنَّ الوقت مثاليٌ لفصل دولة الجنوب وتحقيق التطبيع مع العدو وتوسعة رقعة الاستسلام معه، بحُجة السلام و"الاتفاقيات الإبراهيمية" وأخواتها، والظفر بثروات الجنوب، والحصول على منافذ بحرية على بحر العرب، والسيطرة على موانئ ومواقع استراتيجية مُهمة في الجنوب تتمثل في باب المندب وجزيرة سُقطرى.

تفاصيل ويوميات "طوفان الأقصى" برهنت على أن اليمن المُوحَّد رقمٌ صعبٌ وحجارة كَأْدَاء أمام تمرير التطبيع والملاحة في البحر الأحمر؛ لهذا كان لا بُد لهم من مغامرة بحجم تقسيم اليمن وعودته إلى عصر ما قبل الوحدة.

مشكلة من خطَّطوا لتقسيم اليمن اليوم راهنوا على عنصريْ المباغتة والأمر الواقع، لهذا رموا بجميع أوراقهم وكشفوا كل نواياهم دفعة واحدة، ولم يضعوا في حساباتهم- على ما يبدو- استراتيجيةً للخروج من الأزمة في حال تعثَّرَ المخطط وإفشاله وتطويقه. وهنا يمكن الجزم بأن المخطط سيفشل لأنه أتى في المكان الخطأ وفي الزمن الخطأ كذلك؛ فغالبية اليمنيين اليوم مع إصلاح أخطاء الوحدة وضد الانفصال، ومرارات تجاربهم منذ عام 2015 ولغاية اليوم رسَّخت تلك القناعة وحولتها إلى عقيدة عميقة. يُضاف على ذلك، أن غالبية اليمنيين اليوم وبعد الطوفان بالتحديد، مع فلسطين ومع الحق العربي، وضد الكيان وداعميه والتطبيع بأسمائه المتعددة جُملةً وتفصيلًا. كما تيقَّن اليمني اليوم بأن جميع مشكلاته هي من مخططات الخارج وتدخلاته في شؤونهم، وأيقن اليمني- اليوم أكثر من أي وقت مضى- حجم ثروات بلاده وأهمية اليمن الجغرافية في موازين القوى الإقليمية والدولية، لهذا سيتشبث اليمني أكثر وأكثر باليمن المُوحَّد والمصير الواحد، وسيلتقط هذا الظرف التاريخي الاستثنائي لبناء دولته الوطنية التي حلم بها طويلًا، والتي دفع ثمنها عقودًا من المُعاناة والفقر والفساد والهيمنة وقوافل من الشهداء.

قبل اللقاء.. اليمن كاليمني في بساطته الظاهرية وسماحته وقيمه وأخلاقه، ولكنه صعب المِراس وشديد الثأر والانتقام حين يتعرَّض لظُلمٍ من أحدٍ؛ فاحذر عدوك مرة، واحذر من انتقام اليمني وثأره لكرامته ألف مرة!

وبالشكر تدوم النِعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

اليمن يطلق نداء عاجلاً لرفع الحصار عن مطار صنعاء في اليوم العالمي للطيران المدني

الثورة نت /..

أحيت الجمهورية اليمنية اليوم العالمي للطيران المدني بوقفة احتجاجية ومؤتمر صحفي في مطار صنعاء الدولي، نظمتهما الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان ووزارة الصحة والبيئة.

وأشار المشاركون في الوقفة والمؤتمر بحضور رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان علي تيسير، والقائم بأعمال رئيس الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد عارف مصلح، والقائم بأعمال رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية خليل جحاف، إلى حجم المأساة الإنسانية الناجمة عن استمرار إغلاق مطار صنعاء للعام العاشر على التوالي.

وأكدوا على أن الحصار المفروض على المطار يمثل “جريمة لا تسقط بالتقادم” وانتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية، وأحد أكبر الملفات الإنسانية التي تحصد أرواح اليمنيين يومياً.

وفي الوقفة والمؤتمر، أكد رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، أن إغلاق مطار صنعاء الدولي منذ بدء العدوان في 26 مارس 2015م يشكل “جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية”.. مشيراً إلى أن المطار كان يخدم ما يقارب مليونين و500 ألف مسافر سنوياً، إضافة إلى 800 ألف مسافر عبر مطار الحديدة الدولي قبل استهدافه.

وأوضح تيسير أن الحصار تسبب في وفاة أكثر من مليون ونص المليون مريض بسبب منع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية، فيما توفي 125 ألف مريض آخرين لعدم تمكنهم من السفر إلى الخارج للعلاج، مع وجود 250 ألف حالة حرجة بحاجة عاجلة للسفر.

وأشار إلى أن أبناء الشعب اليمني أصبحوا فعلياً في “سجن كبير”، محرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية.

وأفاد رئيس الهيئة بأن العالم يحتفل اليوم باتفاقية شيكاغو التي أرست مبادئ السلام والتعاون، فيما يُحرم الشعب اليمني وحده من حقه في التنقل.. داعياً منظمة الطيران المدني الدولي( ICAO) لتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه أحد أقدم الدول المنضمة إليها.

فيما أوضح مدير مطار صنعاء الدولي خالد الشايف، أن الوزارات والمؤسسات المشاركة اليوم تمثل القطاعات الأكثر تضرراً من إغلاق المطار.. مؤكداً أن المطار ظل مغلقاً تماماً رغم جاهزيته الفنية الكاملة.

وأشار إلى أن العالم يحتفل اليوم بإنجازات الطيران المدني، بينما لا يُسمح ليمني واحد بالسفر عبر مطار بلاده، في وقت يسافر أكثر من 13 مليون شخص يومياً عبر مطارات العالم.

وكشف أن 15 مريضاً يتوفون يومياً بسبب القيود المفروضة.. معتبراً إغلاق المطار “جريمة مكتملة الأركان لا تسقط بالتقادم”.

ولفت الشايف إلى أن اليمن عضو في منظمة الطيران المدني الدولي منذ 1964م، ما يمنحه حقوقاً واضحة في السيادة الجوية وحرية العبور والتشغيل، لكنها كلها تُسلب منه اليوم خلافاً للقانون الدولي.

وجدد التأكيد على أن مطار صنعاء “جاهز تماماً ولا يوجد أي مبرر فني لإبقائه مغلقاً”.. مطالباً الإيكاو والمنظمات الدولية المختصة بالتحرك السريع لفتح المطار دون قيود أو شروط.

بدوره ذكر مدير النقل الجوي بهيئة الطيران المدني الدكتور مازن غانم، أن العالم يحتفل اليوم بمرور 81 عاماً على تأسيس منظمة الطيران المدني الدولي تحت شعار “سماء آمنة.. مستقبل مستدام”، بينما يعيش اليمن واقعاً مختلفاً تماماً نتيجة الانتهاكات الممنهجة التي طالت قطاع الطيران اليمني ومطاراته المدنية.

وقال “إن استمرار إغلاق مطار صنعاء يمثل اعتداءً مباشراً على حق ملايين اليمنيين في التنقل والسفر، وانتهاكاً لاتفاقية شيكاغو والقانون الدولي الإنساني”.. مؤكداً أن حرمان اليمنيين من سمائهم “ليس إغلاق مطار فقط، بل إغلاق نافذة الحياة أمام شعب بأكمله”.

ودعا غانم الأمم المتحدة والإيكاو والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية ووقف كل أشكال الاستهداف الممنهج لقطاع الطيران المدني اليمني، وفتح مطار صنعاء أمام كافة شركات الطيران دون أي قيود سياسية.

فيما أكد المتحدث باسم وزارة الصحة والبيئة الدكتور أنيس الأصبحي أن القطاع الصحي هو الأكثر تضرراً من استمرار إغلاق مطار صنعاء.. مشيراً إلى أن آلاف المرضى يفقدون حياتهم سنوياً بسبب منعهم من السفر أو منع دخول الأدوية المنقذة للحياة.

وأوضح أن إغلاق المطار أدى إلى تعطّل برامج علاجية كانت تعتمد على البعثات الطبية الدولية، وحرمان آلاف المرضى وخاصة مرضى الأورام والقلب والكبد والفشل الكلوي من العلاج في الوقت المناسب.

وقال “إن الحصار الجوي فاقم الكارثة الصحية في البلاد، ورفع نسبة الوفيات، وأدى إلى نقص حاد في الأدوية بنسبة 60 في المائة.. مؤكداً أن فتح مطار صنعاء يمثل “ضرورة إنسانية عاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه”.

وانبثق عن الوقفة الاحتجاجية والمؤتمر الصحفي بيان مشترك للهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان ووزارة الصحة والبيئة، تلاه رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، أكد أن استمرار إغلاق مطار صنعاء يشكل واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية غير المرئية عالمياً.

وأشار إلى أن القيود الجائرة تسببت في وفاة أكثر من 1.5 مليون مريض، وحرمت 125 ألفاً من حقهم في السفر للعلاج، وتسببت في توقف آلاف الموظفين في قطاع الطيران عن أعمالهم، وتضرر مئات القطاعات الحيوية المرتبطة بالملاحة الجوية.

ودعا البيان إلى فتح مطار صنعاء الدولي فوراً ودون قيد أو شرط، وإيقاف كل أشكال الاستهداف للمطارات المدنية اليمنية، وفتح جميع المطارات أمام الحركة الجوية، وتمكين شركات الطيران الدولية من التشغيل.

وطالب الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ومنظمة الطيران المدني الدولي، بالتدخل العاجل لرفع الحصار، وإصدار قرار ملزم بإعادة إعمار المطارات اليمنية، وتشكيل فريق دولي لتقصي الحقائق بشأن الاستهداف المتعمد للمنشآت المدنية للطيران.

شارك في الوقفة والمؤتمر وكيلا قطاع السلامة بهيئة الطيران الدكتور عبدالحميد أبو طالب، والمطارات يحيى الكحلاني، وعميد معهد الطيران المدني والأرصاد الدكتور ناجي السهمي، وموظفو الهيئة وقطاعاتها المختلفة.

مقالات مشابهة

  • الجارديان: وقوف السعودية مع السودان وراء تصعيد الإمارات ضد السعودية في اليمن (ترجمة خاصة)
  • حضرموت.. ومخطط حكومة النتنياهو
  • اليمن يطلق نداء عاجلاً لرفع الحصار عن مطار صنعاء في اليوم العالمي للطيران المدني
  • منتخب اليمن يواجه اليوم نظيره الإماراتي في بطولة الخليج
  • اليمن.. المجلس الانتقالي الجنوبي يعلن اعتصامًا مفتوحًا في حضرموت للمطالبة بالدولة الجنوبية
  • اليوم.. قطع الكهرباء لمدة 5 ساعات عن بعض المناطق في المحمودية بالبحيرة
  • أخبار التوك شو| عمرو أديب ينفعل على الهواء لهذا السبب .. حقيقة منع أصحاب الجلاليب من دخول محافظة الأقصر.. حالة الطقس اليوم السبت
  • اليمن.. بين جلاء الأمس واستغلال اليوم
  • رئيس اليمن الأسبق يتحدث عن عام العواصف في الجنوب