مجلس صحار الثقافي.. منارة للإبداع
تاريخ النشر: 8th, December 2025 GMT
جابر حسين العُماني **
يُعد مجلس صحار الثقافي من أهم الصروح الثقافية العُمانية، والتي لها دورها الفعّال في نشر المعارف العلمية الرصينة في المجتمع المحلي والخارجي، ومنذ أن تأسس وإلى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال لا يزال القائمون على المجلس يعملون بجدٍّ واجتهادٍ كخلية نحلٍ لا تكلّ ولا تملّ، حاملين رسالة الثقافة العُمانية الأصيلة، التي تعزّز الوعي الاجتماعي وإحياء التراث الوطني وتعريفه للعالم، واحترام العقول، وتشجيع الحوار العلمي البنّاء، وممارسة الإبداع واستغلاله في المجالات الحياتية المتنوعة؛ سواء على الصعيد الثقافي أو الأدبي أو الفكري، والمُساهمة الجادة في حفظ ذاكرة الأمم.
يسعى مجلس صحار الثقافي بما يمتلكه من رؤى ثاقبة، وطاقات شبابية عُمانية مخلصة، إلى الإسهام الدائم والفعّال في بناء المجتمع فكرًا ومنهجًا، بما يليق بالثقافة العُمانية الأصيلة التي لا تنبتُ إلّا طيبًا.
لقد عمل المجلس على تقديم منصات حوارية تجمع الأدباء والباحثين والمؤلفين المخلصين في المجتمع العُماني، سعيًا منه إلى إبراز الهوية الوطنية بأجمل صورها للجميع. وذلك من خلال تنظيم الفعاليات الثقافية المتواصلة، التي تسلّط الأضواء على الموروث العُماني العريق، والتعريف بالتاريخ المشرق في سلطنة عُمان. وقد كان لتلك البرامج أثرٌ واضحٌ في ترسيخ الانتماء الوطني لدى الأجيال الناشئة، وربطها بماضي الأجداد المجيد.
يولي مجلس صحار الثقافي منذ الوهلة الأولى لتأسيسه وحتى اللحظة، اهتمامًا كبيرًا لتنمية المواهب الأدبية، ودعمها وصقلها وتشجيعها، سواء على صعيد الكتابة والرسم، والقصة والرواية، أو الفنون الأخرى المختلفة، وذلك باستضافة المبدعين والموهوبين من شباب الوطن، الذين نذروا أنفسهم وسخّروا طاقاتهم المتفتِّقة بنور العلم والفهم لخدمة الوطن وأهله الكرام، وإتاحة الفرصة لهم لتقديم تجاربهم الإبداعية والمساهمة بذلك في خدمة الوطن والمجتمع.
ومن الجهود الطيّبة المبذولة في المجلس أيضًا، الاهتمام بالكتّاب العُمانيين، وفي الوقت نفسه تسليط الضوء الإعلامي على إصداراتهم الفكرية ومناقشتها، وتعريفها للمجتمعات العربية والإسلامية، بحيث يسهم ذلك في حركة واضحة للنشر في المجتمع المحلي والخارجي، كما يسعى المجلس مشكورًا لكي يكون الملاذ الآمن للباحثين والمؤلفين والمفكرين، وذلك بتعزيز الحوار وتفعيله في أهم القضايا الإنسانية والاجتماعية التي يحتاجها المجتمع، ويأتي ذلك من خلال عقد الكثير من الجلسات الفكرية النقاشية المستمرة، التي تهتم بفنون الأدب بكافة أشكاله وأنواعه، وبما يتناسب مع القيم والمبادئ العُمانية السمحة التي تربى عليها الإنسان العُماني.
وإن من أهم الموارد التي ينبغي الاهتمام بها على الصعيد الثقافي هو الاستثمار الحقيقي للإنسان، وتعزيز مستقبله بين الأمم. ولا يزال مجلس صحار يبرهن للجميع أنه نموذج حقيقي للبناء الناجح، لما يملكه من طاقات فكرية شبابية تؤهله للإسهام الفاعل والمستمر في رقي المجتمع العُماني وازدهاره.
ومن هنا، ينبغي على الجهات الرسمية في البلاد توفير الدعم اللوجستي والمالي والإعلامي لتعزيز ما يقوم به المجلس من فعاليات وأنشطة ثقافية مباركة، تسهم في حفظ المجتمع من الجهل والتجهيل، وكما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: "الجهل أصل كل شرّ".
اليوم.. نحن بحاجة ماسة إلى أن نحذو حذو مجلس صحار الثقافي، وأن ننشئ مجالس مماثلة في بقية الولايات تُعنى بالشأن الثقافي وتسهم في نشر الوعي بين أفراد المجتمع بصورة أوسع وأكثر فاعلية، حتى يتمكن الجميع من نبذ الجهل والتمسك بالقيم الإنسانية والاجتماعية.
ختامًا.. إنَّ ما نأمله اليوم من كافة الجهات الرسمية والمُجتمعية على كافة الأصعدة هو أن تتضافر الجهود لتكون يدًا واحدة في دعم مجلس صحار الثقافي، وكذلك المجالس المُماثلة له حتى تتمكن من أداء واجباتها الثقافية على أكمل وجهٍ مُمكن، وبالتالي نستطيع جميعًا تحقيق الأهداف الرسالية في خدمة الوطن وأبنائه الكرام.
** عضو الجمعية العُمانية للكتّاب والأدباء
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
القومي للمرأة يكرم الكاتبة الكبيرة سناء البيسي تقديرًا لدورها في تغيير وعي المجتمع
كرّم المجلس القومي للمرأة الكاتبة الصحفية الكبيرة سناء البيسي، إحدى رائدات الصحافة التي أسهمت في تشكيل وتغيير وعي المجتمع بقضايا المرأة.
تنتمي البيسي، التي وُصفت بأنها صاحبة "مشروع مهني متكامل" ومن "الجيل الذهبي" للصحافة، إلى القامات التي تركت بصمة فارقة. ويأتي التكريم اعترافًا بإنجازها الأبرز وهو تأسيس مجلة "نِصف الدنيا" عام 1993.
وقد حققت المجلة تحت قيادتها تحولًا جذريًا في مفهوم صحافة المرأة، حيث جعلتها "لكل الدنيا" وقدمت "صحافة مجتمعية مؤثرة" تميزت بمعيار لغوي رفيع وذائقة راقية.
وسناء البيسي، صاحبة الحضور المبدع في "الأهرام" بمقالات ترسم المجتمع بتفاصيله الدقيقة، وتكشف ما تحت السطح، فتُحدث تغييرًا عميقًا هادئًا. وكاتبة مسلسل "حكايات هو وهي" عام (1985)؛ العمل الذي أعاد تعريف الحوار بين “هو” و“هي” على الشاشة بجدية وأناقة، وفتح بابًا لنقد العلاقة بوعي فني وأخلاقي.. نحتاجه اليوم كثيرا.
وفي إطار التكريم وصفتها المستشارة أمل عمار، رئيسة المجلس القومي للمرأة، بأنها «ذاكرة الصحافة المصرية في بيت المرأة المصرية».
دعم الفتيات والشباب.. القومي للمرأة يشارك بالنسخة الرابعة من قمة المرأة المصرية
القومي للمرأة يعلن نتيجة المسابقة البحثية "مناهضة العنف بوسائل التكنولوجيا"
ونظّمت لجنة الفنون والثقافة بالمجلس القومي للمرأة ندوة بعنوان «العنف الإلكتروني ضد المرأة ومهارات النجاة – جروح بلا ندبات»، في إطار حملة الـ16 يومًا من الأنشطة لمناهضة العنف ضد المرأة، بحضور المستشارة أمل عمار رئيسة المجلس، والدكتورة إيناس عبد الدايم عضو المجلس ومقررة اللجنة ووزيرة الثقافة الأسبق، والدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الأسبق، وعدد من عضوات وأعضاء اللجنة، إلى جانب طالبات وطلاب من جامعات عين شمس وحلوان والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.
في كلمتها، أكدت المستشارة أمل عمار أن هذه الحملة العالمية ليست مجرد نشاط توعوي، وإنما هي تجديد سنوي للالتزام بحماية كل امرأة وفتاة تتعرض لأي شكل من أشكال العنف، وبخاصة العنف الإلكتروني الذي بات يمثل أحد أخطر التحديات المعاصرة.
وأشارت إلى أن العنف الإلكتروني لا يقتصر على الرسائل المسيئة أو التنمر أو انتهاك الخصوصية، حيث يمتد أثره ليصيب نفسية المرأة وأسرتها ومحيطها الاجتماعي، ويقوّض شعورها بالأمان في الفضاء الرقمي.
كما أكدت أن الدولة المصرية، بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أولت قضايا حماية وتمكين المرأة أولوية متقدمة، ومن ضمنها مواجهة العنف الإلكتروني.
وشدّدت على أن الفنون والثقافة ليست ترفًا، بل قوة ناعمة قادرة على تشكيل الوعي المجتمعي ومواجهة خطاب الكراهية والتحرش والتنمر الرقمي، عبر تأثيرها الممتد في السينما والمسرح والموسيقى والأدب والفنون البصرية.
وأعربت المستشارة أمل عمار عن سعادتها بمشاركة قامات رفيعة من المبدعات والرموز الثقافية، مؤكدة أن وجودهن رسالة دعم قوية تُعزّز دور الثقافة والفن في حماية الفتيات وتعزيز وعي المجتمع بمخاطر الفضاء الإلكتروني.
كما شدّدت على أهمية بناء شراكات واسعة تشمل المؤسسات الثقافية والفنية، والجامعات، ووسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي، والأسرة والمدرسة، لمواجهة هذا النوع من العنف.
واختتمت كلمتها بتقديم الشكر لكل فنانة ومثقفة ومبدعة جعلت من فنها صوتًا للمرأة، ومن ثقافتها جسرًا للدعم والحماية. وباسم المجلس القومي للمرأة، جدّدت الالتزام بمواصلة العمل على حماية نساء مصر وفتياتها، في الواقع وفي الفضاء الإلكتروني، حتى تنعم كل امرأة بالأمان والكرامة والاحترام.
الندوة التي أدارتها مها شهبة - عضو لجنة الثقافة والفنون بالمجلس - تضمنت جلسات نقاش وورش عمل تفاعلية.. بدأت بمقدمة تعريفية جاء فيها: ”هناك جروحٌ لا تُرى… لا تترك ندبةً على الجلد، لكن يبقي أثرها في الروح وتغيّر إيقاع الحياة من الداخل.