لجريدة عمان:
2025-12-08@16:45:19 GMT

لماذا يظل السلام في أوكرانيا أملا بعيد المنال؟

تاريخ النشر: 8th, December 2025 GMT

بعد مرور ما يقرب من أربع سنوات على الحرب الروسية الأوكرانية، تتكثف المساعي لإنهاء الحرب. لم تسفر الدبلوماسية على مدار الأسابيع القليلة الأخيرة عن مقترح واحد بل عن مقترحين بينما يتنقل المبعوثون الأمريكيون في رحلات مكوكية بين كييف وموسكو. ووسط استعراضات التصفيق العلني ـ المفتعلة في أغلب الأحيان ـ لجهود الرئيس دونالد ترامب لوقف إراقة الدماء، يتدافع الجميع لصياغة شروط السلام، فضلا عن الحقائق على الأرض.

مع ذلك، وعلى الرغم من فورة النشاط الدبلوماسي، تظل احتمالات وقف إطلاق النار ضئيلة. ومن غير المرجح أن نشهد وقف إطلاق النار في غضون أسابيع، أو حتى في غضون أشهر. والسبب واضح ومباشر: فلا تزال أهداف روسيا وأوكرانيا غير متوافقة بشكل جوهري، ولم يجد أي من الطرفين سببا كافيا للتوصل إلى حل وسط.

ولم يساعد تركيز ترامب المنفرد على التوصل إلى اتفاق (بغض النظر عن التفاصيل) في تغيير الحسابات الاستراتيجية عند أي من الطرفين. لقد جعل ترامب إنهاء الحرب، بصرف النظر عن العواقب التي قد يخلفها ذلك على أوكرانيا وأوروبا، إحدى الأولويات القصوى في ولايته الثانية، وهو منزعج إزاء عدم حدوث ذلك بالفعل.

عندما ترغب في إبرام صفقة بأقل تكلفة ممكنة ولا تبالي بشكل خاص بالشروط أو التداعيات في الأمد القريب أو البعيد في عموم الأمر، فإن المسار الأقل مقاومة يتمثل في الضغط على الطرف الأضعف.

الطرف الأضعف، بالطبع، هو أوكرانيا، ليس فقط لأن اقتصادها وسكانها وجيشها أصغر مقارنة بروسيا، ولكن أيضا لأنها متورطة في فضيحة فساد طالت مؤخرا أندريه يرماك، رئيس أركان الرئيس فولوديمير زيلينسكي. وإذ يدرك ترامب ومستشاروه أن زيلينسكي في موقف صعب في الداخل، فإنهم يَشتَمّون فرصة سانحة. فقد يكون الضغط على أوكرانيا الآن أكثر تبشيرا بتحقيق نتائج.

ولكن ما لا يفهمونه على ما يبدو هو أن ضعف زيلينسكي يجعل التنازلات أصعب، وليس أسهل. فبينما تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن ربع الأوكرانيين فقط يريدون القتال حتى النصر الكامل، وهو ما يمثل تحولا دراماتيكيا عن سنوات الحرب الأولى، تظهر ذات الاستطلاعات أن معظم الأوكرانيين لا يزالون يريدون نهاية للحرب بشروط أوكرانية وليست روسية.

وحتى لو كان يميل إلى ذلك كل الميل، فلا يستطيع زيلينسكي الضعيف سياسيا أن يدعم اتفاقا تفوح منه رائحة الاستسلام، والذي سيعارضه شعبه وجيشه بأغلبية ساحقة. من جانبها، تدرك روسيا أنها صاحبة الموقف الأقوى ولا تحاول التوصل إلى شروط قد تقبلها أوكرانيا. في الواقع، لا يحاول الرئيس فلاديمير بوتن إنهاء الحرب على الإطلاق؛ لأنه يعتقد أن بإمكانه أن يحقق في ساحة المعركة نتائج أفضل من تلك على طاولة المفاوضات.

الواقع أن القوات الروسية تحرز تقدما بطيئا وصعبا في دونباس، وبرغم أن التكاليف باهظة ـ عشرات الآلاف من الضحايا، والإجهاد الاقتصادي، والعزلة الدولية ـ فإن بوتن أظهر أنه على استعداد لتحملها. فهو لا يزال مقتنعا بأن الوقت في صالحه.

وبتقديم مطالب متطرفة يعلم أن أوكرانيا من غير الممكن أن تقبلها ـ الاعتراف القانوني بالأراضي التي ضمتها روسيا، والحياد الأوكراني دون ضمانات أمنية حقيقية، وفرض قيود فعلية على سيادة أوكرانيا ـ يستغل بوتين نفاد صبر ترامب للتوصل إلى اتفاق.

إن هدف الكرملين ليس التفاوض بحسن نية؛ بل الظهور بمظهر المتعاون مع ترامب والقادة الأوروبيين المتعاطفين معه مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، على أمل أن تلوم الولايات المتحدة أوكرانيا على الفشل الدبلوماسي المحتوم.

في أفضل سيناريو يتخيله بوتن، تحقق هذه الاستراتيجية لروسيا أمرين: الإفلات بدرجة أكبر من العقاب على هجماتها على أوكرانيا (التي قد تستفز لولا ذلك ردة فعل أميركية عكسية) وحلف شمال الأطلسي الأكثر انقساما. لكن استراتيجية بوتن ليست بلا حدود. فقد أظهر ترامب بالفعل أنه قادر على الانقلاب على روسيا أيضا.

فعندما شعر بالإحباط من تعنت بوتن في وقت سابق من هذا العام، منحت الولايات المتحدة أوكرانيا الإذن بشن ضربات بعيدة المدى داخل روسيا، وفرضت عقوبات جديدة على شركتي روسنفت ولوك أويل، وضغطت على الهند لتقليص مشترياتها من النفط الروسي.

علاوة على ذلك، بذلت أوكرانيا، وأوروبا، ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو القدر الكافي من الجهد (حتى الآن) للحفاظ على تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا، ومواصلة السماح بتوجيه ضربات عميقة للبنية الأساسية النفطية الروسية. الحد الآخر الذي يقيد استراتيجية بوتن هو أن ترامب لم يعد يتحكم في شريان الحياة الممدود لأوكرانيا.

فالولايات المتحدة تبيع الأسلحة وتوفر المعلومات الاستخباراتية، لكن الدول الأوروبية تمول الآن المجهود الحربي الأوكراني بالكامل. وهذا يقلل إلى حد كبير من نفوذ واشنطن على كييف. وقد أوضح القادة الأوروبيون، سواء من خلال الاستفادة من الأصول الروسية المجمدة، أو من خلال إصدار مزيد من الديون المشتركة، أنهم لن يتركوا أوكرانيا تخسر بسبب نقص المال.

لذا، سوف تمر الحرب عبر جولة أخرى من المحادثات الفاشلة، وشتاء آخر، وربما ربيع آخر. وسوف تستمر القوات الروسية في محاولة السيطرة على مزيد من الأراضي. وسوف تواصل أوكرانيا الدفاع عن نفسها بينما تضرب البنية الأساسية الروسية. وسوف تتصاعد التكاليف البشرية والاقتصادية. ومن المرجح أن يتدهور موقف أوكرانيا، حتى في حين تدفع روسيا ثمنا باهظا من الدماء والأموال مقابل مكاسب محدودة.

ولن يتوفر القدر الكافي من الاستعداد للتنازل في أي وقت قريب. أتمنى لو لم تكن هذه هي الحال. ولكن عندما تكون أهداف الأطراف غير متوافقة جوهريا، فلن يتسنى لأي قدر من الضغط الخارجي أو الدبلوماسية ردم الفجوة. سوف يأتي السلام في نهاية المطاف ـ ولكن فقط عندما تفرضه ساحة المعركة والظروف المادية. لن يتحقق السلام من خلال مساعي ترامب الدبلوماسية الحالية، بغض النظر عن عدد المواعيد النهائية التي يحددها.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

روسيا تشن إحدى أكبر الهجمات جوا على أوكرانيا مع تواصل مفاوضات السلام

(CNN)-- شنت روسيا واحدة من أكبر الهجمات بوابل من الطائرات بدون طيار والصواريخ منذ شهور في أنحاء أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل 5 أشخاص على الأقل، بحسب السلطات، السبت.

وقالت القوات الجوية الأوكرانية إنها رصدت 704 هجمات بأسلحة جوية خلال الليل في أنحاء متفرقة من البلاد، بما في ذلك 51 صاروخا - من بينها 17 صاروخا باليستيا - و653 طائرة بدون طيار.

وأسقطت قوات الدفاع الجوي الأوكرانية أو "أحبطت" 615 من هذه الأسلحة. ومن بين 14 صاروخا باليستيا من طراز إسكندر إم/كي إن-23 تم إطلاقها، ولم يتم إسقاط سوى صاروخ واحد، بحسب القوات الجوية.

ويأتي هذا الهجوم واسع النطاق في الوقت الذي يستعد فيه الوفدان الأمريكي والأوكراني للاجتماع مجددا، السبت، لليوم الثالث من المحادثات "لمواصلة دفع المناقشات" نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية.

وقُتل ما لا يقل عن 5 أشخاص في الهجمات الروسية في أوكرانيا خلال الـ24 ساعة الماضية، بما في ذلك في مناطق خاركيف ودونيتسك وخيرسون، وفقا لإحصاء أجرته شبكة CNN بناء على أرقام السلطات المحلية.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن "الأهداف الرئيسية لهذه الضربات مرة أخرى هي منشآت الطاقة".

وأعلنت وزارة الطاقة الأوكرانية أن الهجمات استهدفت البنية التحتية للطاقة في مناطق مختلفة. وأضافت الوزارة أن المستهلكين في مناطق أوديسا وتشرنيغوف وكييف وخاركيف ودنيبروبيتروفسك وميكولايف لا يزالون بدون كهرباء حتى صباح السبت بالتوقيت المحلي.

وكتب وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيا عبر حسابه على منصة "إكس"، تويتر سابقا عقب الهجوم الليلي: "تواصل روسيا تجاهل أي جهود للسلام، وبدلا من ذلك تستهدف البنية التحتية المدنية الحيوية، بما في ذلك نظام الطاقة والسكك الحديدية لدينا".

وأضاف الوزير أن "ذلك يظهر أنه لا يمكن تأجيل أي قرارات لتعزيز قوة أوكرانيا وزيادة الضغط على روسيا، وخاصة تحت ذريعة عملية السلام".

مقالات مشابهة

  • 400 مليون دولار دعماً إلى أوكرانيا.. ترامب «غاضب» من زيلينسكي
  • ترامب: زيلينسكي ليس مستعدًا للتوقيع على مقترح السلام لإنهاء الحرب مع روسيا
  • ترامب: زيلينسكي ليس مستعدا للتوقيع على مقترح السلام لإنهاء الحرب مع روسيا
  • أوكرانيا: يجب أن نبذل أقصى جهد مع جميع الشركاء لإنهاء الحرب الروسية
  • ترامب يعبر عن خيبة أمله من زيلينسكي بسبب “عدم اطلاعه” على خطة السلام مع روسيا
  • الخارجية البريطانية تلتقي روبيو في واشنطن لبحث السلام في أوكرانيا وغزة
  • زيلينسكي: أوكرانيا وأمريكا ناقشتا القضايا الرئيسية التي قد تضمن إنهاء الحرب
  • روسيا تشن إحدى أكبر الهجمات جوا على أوكرانيا مع تواصل مفاوضات السلام
  • روسيا تُحذر من أي إجراءات أوروبية ضد الأصول الروسية المجمدة