كيف تخطط غوغل لثورة في البحث باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
يتعامل محرك بحث "غوغل" مع أكثر من 3.5 مليار عملية بحث يوميا، ويمتلك نسبة 92% من الحصة السوقية العالمية لمحركات البحث، وهو ما جعله الموقع الأكثر زيارة ومحرك البحث الأكثر استخداما في العالم.
وتحتفل "غوغل" اليوم الاثنين 4 سبتمبر/أيلول 2023، بمرور 25 عامًا على تأسيسها، وهي الشركة التي أحدثت تحولا كبيرا في العالم الرقمي، وتعتبر مسيرتها بمثابة قصة ملهمة للابتكار والطموح والسعي الدؤوب للحصول على المعلومات، حيث بدأت كمحرك بحث بسيط وسرعان ما أصبحت تعمل في جميع الجوانب التقنية.
بداية القصة كانت في قلب وادي السيليكون بولاية كاليفورنيا في العام 1996، حيث التقى طالبا جامعة "ستانفورد" سيرغي برين ولاري بايج. وبالرغم من بعض الخلافات الأولية، فإنهما وصلا إلى أرضية مشتركة في شغفهم بالتنقيب عن البيانات واسترجاعها.
وأدى هذا الاهتمام المشترك إلى إنشاء محرك البحث الذي أحدث ثورة في طريقة تفاعل الأشخاص مع الإنترنت، حيث دشن الاثنان في العام 1996 مشروعا أطلقوا عليه اسم "باكروب" (BackRub)، بهدف استخدام الروابط الخلفية لتحديد أهمية موقع الويب، واستلهما الاسم من قدرة النظام الفريدة على تحليل الروابط الخلفية، وجرى تشغيل المشروع عبر خوادم الجامعة لأكثر من عام، لكنه توقف بسبب تأثيره بالموقع الإلكتروني للجامعة عبر جعله غير قابل للوصول بسبب استهلاك مقدار البيانات التي يمكن للموقع نقلها إلى المستخدمين خلال فترة زمنية محددة.
وإدراكا لأهمية المشروع، بدأ بايج وبرين بتحسين "باكروب" بهدف تطوير محرك بحث واسع النطاق يقدم نتائج ذات صلة وموثوقة، واستوحيا اسم "غوغل" (Google) من المصطلح الرياضي "googol"، وهو رقم يمثله 1 متبوعا بـ 100 صفر، ما يعكس رؤية المؤسسين لتنظيم كمية لا حصر لها من المعلومات عبر الإنترنت.
وسجل بايج وبرين اسم نطاق "Google.com" في العام 1997 لإطلاق محرك البحث الجديد عالميا، الذي سرعان ما أصبح أداة شائعة للعثور على صفحات الويب.
في شهر أغسطس/آب 1998، كتب آندي بيكتولشيم، المؤسس المشارك لشركة "صن مايكروسيستمز"، شيكًا بمبلغ 100 ألف دولار لشركة لم تكن موجودة رسميًا بعد، وهي شركة "غوغل".
وقد سمح هذا الاستثمار للثنائي بالانتقال من مكتبهما المؤقت في المرآب، وسجلا شركة "غوغل" رسميا في 4 سبتمبر/أيلول 1998.
انطلاق محرك البحثفي أيامها الأولى، كان تصميم "غوغل" البسيط يناقض بشكل كبير الإعلانات التي تشوش تجربة محركات البحث الأخرى، حيث كانت الصفحة الرئيسية لمحرك البحث الجديد نظيفة وبسيطة وتركز على وظيفة البحث فقط.
وسرعان ما جلب هذا النهج سهل الاستخدام إلى جانب نتائج البحث المتميزة عددا كبيرا من المستخدمين، حيث تميزت الخدمة عن محركات البحث الأخرى في ذلك الوقت بخوارزمية تصنيف الصفحات "بايج رانك" (PageRank) الفريدة التي صنفت النتائج بناء على عدد وأهمية الصفحات المرتبطة بالمواقع.
ويفهرس محرك البحث مئات التيرابايت من المعلومات من صفحات الويب، ويوفر روابط للإصدارات المخزنة مؤقتًا من المواقع المتوقفة حاليا أو غير المتوفرة.
وبالإضافة إلى ذلك، يفهرس المحرك بعض أنواع الملفات، بحيث يكون قادرا على عرض ملفات "بي دي إف"، ومستندات "وورد"، وجداول بيانات "إكسل"، والعروض التقديمية "باوربوينت"، وبعض محتويات الوسائط المتعددة، والملفات النصية العادية للمستخدمين.
وفي العام 2011، أتاحت "غوغل" البحث الصوتي بالكلمات المنطوقة، عوضا عن المكتوبة. وخلال العام 2012، قدمت الشركة ميزة البحث الدلالي (طريقة للبحث تسعى لتحسين دقة البحث من خلال فهم نية الباحث والمعنى السياقي للمصطلحات) في الرسم البياني المعرفي (قاعدة بيانات تتضمن مليارات الحقائق حول الأفراد والأماكن والأشياء للإجابة عن الأسئلة الوقائعية).
وبدأ محرك البحث منذ منتصف العام 2016، بالاعتماد على الشبكات العصبونية العميقة، وهي طريقة في الذكاء الاصطناعي تُعلم الحواسيب معالجة البيانات بطريقة مستوحاة من الدماغ البشري لمحاولة حل المشكلات المعقدة، مثل تلخيص المستندات أو التعرف على الوجوه، بدقة أكبر.
ووفر محرك البحث أيضا العديد من الخيارات المختلفة لعمليات البحث المخصصة، باستخدام الرموز لتضمين أو استبعاد أو تحديد أو طلب سلوك بحث معين.
وإلى جانب وظيفة محرك البحث الرئيسية المستندة إلى النص، فإنه وفر العديد من الميزات التفاعلية السريعة، مثل الآلة الحاسبة، وتحويلات المنطقة الزمنية والعملة والوحدة، وترجمة الكلمات والنصوص، وحالة الرحلات، وتوقعات الطقس، ومعدلات السكان والبطالة، وتتبع الطرود، وتعريفات الكلمات.
الانتقال نحو الذكاء الاصطناعيبعيدا عن "غوغل"، أطلقت شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI) روبوتها للدردشة المعتمد على الذكاء الاصطناعي "شات جي بي تي" (ChatGPT) القادر على الإجابة على الأسئلة، وكتابة الأوراق البحثية، والمناقشة في أي موضوع تقريبا أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
وبعد شهرين، أضافت شركة "مايكروسوفت"، المستثمرة والشريكة الرئيسية لشركة "أوبن إيه آي"، روبوت دردشة مماثل إلى محركها للبحث "بينغ" (Bing).
واستجابة للتطورات الحديثة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، أعلنت "غوغل" في مارس/آذار 2023 عن روبوتها للدردشة العامل بالذكاء الاصطناعي "بارد" (Bard) الذي يوفر إجابات فورية على الأسئلة على شكل جمل كاملة، الأمر الذي يريح الأشخاص من عناء التمرير خلال قائمة نتائج محرك البحث.
وكانت "غوغل" تختبر التقنية الأساسية خلف "بارد" (Bard) منذ العام 2015، لكنها لم تطلقها للمستخدمين حتى بدأ سباق الذكاء الاصطناعي التوليدي، معلنة بذلك تبنيها للذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، مع الحفاظ على محركها للبحث، الذي يعتبر واحدا من أكثر الأنشطة التجارية ربحية في صناعة التكنولوجيا.
وبدلا من دمجه مع محركها للبحث، أنشأت الشركة موقع "بارد" (Bard) كصفحة ويب مستقلة تحتوي على مربع أسئلة، ويوجد في الجزء السفلي من الإجابة زر للبحث في محرك بحث "غوغل"، الذي ينقل المستخدمين إلى علامة تبويب جديدة تحتوي على صفحة نتائج بحث "غوغل" التقليدية حول هذا الموضوع.
وعلى عكس محركها للبحث، لم تصمم الشركة روبوتها للدردشة في المقام الأول ليكون مصدرا للمعلومات الموثوقة، بل تعتبره مكملا لمحرك بحثها، حيث يعتمد "بارد" (Bard) على تقنية النموذج اللغوي الكبير التي تتعلم المهارات من خلال تحليل كميات هائلة من البيانات عبر الإنترنت.
وفي مايو/أيار الماضي، عرضت "غوغل" مجموعة من منتجات الذكاء الاصطناعي، وأشارت إلى أن محركها للبحث يبدأ بدمج الاستجابات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي في الجزء العلوي من صفحات نتائج الاستعلام للسماح للمستخدمين بطرح أسئلة المتابعة.
البحث التوليدي.. تجربة المستقبلإلى جانب ذلك، أعلنت "غوغل" مؤخرا عن نسخة جديدة من محرك بحث سمي "تجربة البحث التوليدي" (SGE)، بحيث تعرض النسخة الإجابات المولدة بالذكاء الاصطناعي أعلى قوائم نتائج البحث، مع تصنيف الإجابة بوضوح على أنها ناتجة عن الذكاء الاصطناعي التوليدي، ويتبعها بعد ذلك إجابة على كل استفسار.
وتستشهد "غوغل" بمواقع الويب المستخدمة لإنشاء الإجابة، ويمكن النقر على هذه المواقع للتعمق أكثر، أو يمكنك المتابعة بسؤال إضافي أو حتى النقر على زر التبديل في أعلى اليمين للتعمق أكثر.
وعند النقر فوق زر التوسيع للتبديل لإظهار استجابة أعمق، تمنحك الشركة استجابات إضافية من الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ومن خلال الإجابات المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، توفر "غوغل" للمستخدم مواقع الويب في هذه المربعات القابلة للنقر حال أردت معرفة المزيد.
ويتغير لون مربع إجابات الذكاء الاصطناعي التوليدي ليعكس هدف الاستعلام نفسه، ويعمل هذا أيضا مع تجارب البحث الرأسي، مثل نتائج التسوق عبر "غوغل".
كما يمكنك أيضا متابعة استفسارك عن طريق إضافة المزيد من التفاصيل أو التوجيهات الإضافية إلى مربع طرح سؤال المتابعة، بحيث يوفر محرك البحث إجابة متابعة، وينتقل السياق من سؤال إلى آخر لمساعدتك في مواصلة الاستكشاف بشكل طبيعي.
وتجد أيضا نقاط انطلاق مفيدة لمحتوى الويب ومجموعة من وجهات النظر التي يمكنك البحث فيها.
وأوضحت "غوغل" أن وضع المحادثة مريح لأسئلة المتابعة، بالإضافة إلى المعلومات الأكثر تعقيدا أو تطورا، حيث يستخدم محرك البحث الذكاء الاصطناعي لفهم متى يبحث الشخص عن شيء مرتبط بسؤال سابق، وينقل السياق من الأسئلة السابقة لإعادة صياغة الاستعلام.
وتستخدم تجربة البحث الجديدة هذه مجموعة متنوعة من النماذج اللغوية الكبيرة، وهي مدربة لتنفيذ مهام خاصة بالبحث، بما في ذلك تحديد نتائج الويب المناسبة عالية الجودة في المخرجات.
ولا تقتصر الإجابات الصريحة المولدة بالذكاء الاصطناعي على مواقع ويب محددة، بل تعرض أيضا مواقع الويب التي تشكل هذه الإجابات بشكل بارز في الإجابة مع صورة مصغرة وعنوان الموقع بشكل قابل للنقر للوصول إلى الموقع.
وتعرض تجربة البحث التوليدي المدعومة بالذكاء الاصطناعي الصور أو مقاطع الفيديو ذات الصلة باستعلام البحث، مع توضيح تاريخ النشر للروابط التي تقترحها للمساعدة في فهم مدى حداثة المعلومات من صفحات الويب هذه.
وعندما يطرح أحد المستخدمين أسئلة حول مكان أو وجهة ما في مربع البحث، فإنه يرى لقطة تجمع المعلومات من جميع أنحاء الويب، بالإضافة إلى التعليقات والصور وتفاصيل الحساب للنشاط التجاري المقدمة من أصحاب الأنشطة التجارية.
كما تعرض "تجربة البحث التوليدي" العوامل الواجب مراعاتها عند إجراء بحث بهدف شراء منتج ما، بالإضافة إلى أوصاف المنتج والمراجعات والتقييمات والأسعار والصور والتوصيات.
وتوفر التجربة تعريفات للمصطلحات غير المألوفة، إلى جانب تسهيل فهم التعليمات البرمجية المولدة وتصحيح أخطائها.
/wp-content/uploads/2023/09/File-101.mp4
وعلاوة على ذلك، فإن التجربة تساعد مستخدمي الويب على التفاعل مع المحتوى الطويل من خلال إنشاء قائمة بالنقاط الرئيسية التي تغطيها المقالة مع الروابط التي تنقلك مباشرة إلى الجزء الذي كنت تبحث عنه.
وإلى جانب "تجربة البحث التوليدي" الجديدة، تضمن محرك بحث "غوغل" الجديد ميزة وجهات النظر، التي تسلط الضوء على مقاطع الفيديو الطويلة والصور والمشاركات المكتوبة ومواقع الأسئلة والأجوبة ومنصات التواصل الاجتماعي في نتائج البحث.
وصممت الشركة هذه الميزة لمساعدة المستخدمين على فهم المواضيع من خلال تجارب ووجهات نظر الآخرين، مما يعزز جودة محتوى المراجعة في نتائج البحث، ويعطي أهمية للتجارب المباشرة أو المحتوى الذي أنشأه أفراد لديهم معرفة عميقة بموضوع ما.
/wp-content/uploads/2023/09/File-107.mp4بشكل عام، تهدف هذه التحديثات من "غوغل" إلى إعادة تشكيل كيفية اكتشاف المستخدمين للمعلومات وتعميق فهمهم للموضوعات، حيث تعتبر "تجربة البحث التوليدي" بمثابة نهج جديد للبحث مصمم لتبسيط المعلومة وتوفير لمحة سريعة عن البيانات الأساسية.
في الختام، تطورت "غوغل" منذ بداياتها المتواضعة في إحدى غرف سكن الطلاب بجامعة ستانفورد، لتصبح شركة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وتؤثر في كل جانب من جوانب العالم الرقمي. وتظل مهمة "غوغل" اليوم كما كانت في الأيام الأولى، تنظيم المعلومات حول العالم وجعلها مفيدة وقابلة للوصول عالميا. وتواصل الشركة من خلال الابتكار والتوسع المستمرين تشكيل مستقبل العالم الرقمي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی التولیدی بالذکاء الاصطناعی نتائج البحث محرک البحث فی العام محرک بحث إلى جانب من خلال
إقرأ أيضاً:
أين تستثمر في الذكاء الاصطناعي خلال 2026؟
على وقع تسارع الذكاء الاصطناعي "بسرعة مذهلة"، تبدو المراهنة على مستقبله -كما تصفه وكالة بلومبيرغ- مزيجا من الإغراء والمخاطرة في آن واحد.
فالأثر على المحافظ الاستثمارية والاقتصاد والحياة اليومية يتضخم يوما بعد يوم، إلى حدّ أن شركات التكنولوجيا العملاقة المستفيدة من الطفرة باتت تشكّل نحو 36% من مؤشر ستاندرد آند بورز 500، في حين تستحوذ إنفيديا وحدها على قرابة 8% منه، وفق بلومبيرغ.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 210 حلول مالية تساعد رواد الأعمال على حماية شركاتهمlist 2 of 27 قواعد ذهبية للتعامل مع البنوك بذكاءend of listوفي المقابل، تشير الوكالة إلى أن موجة الإنفاق الرأسمالي على مراكز البيانات تمنح اقتصاد أميركا دفعة ملموسة، لكنها تثير في الوقت نفسه تساؤلات حول تآكل الوظائف المبتدئة والضغط المتزايد على الكهرباء والمياه.
ولفهم "أين تُترجم الوعود إلى أرباح"، استطلعت بلومبيرغ آراء 4 خبراء استثمار، لكل منهم زاوية مختلفة في قراءة التحول الجاري:
كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لشركة "أرك إنفست"، المعروفة بتركيزها على التقنيات التحولية. دِني فيش، رئيس أبحاث التكنولوجيا ومدير محافظ في "جانوس هندرسن"، والمتخصص في بناء إستراتيجيات استثمارية طويلة الأجل لقطاع التقنية. تاوشا وانغ، مديرة المحافظ في "فيديلتي إنترناشونال"، التي تركز على الربط بين الذكاء الاصطناعي والدورات الكلية والسلع. مايكل سميث، رئيس فريق أسهم النمو في "أولسبرينغ غلوبال إنفستمنتس"، المتخصص في الاستثمار في البنية التحتية والطاقة والرعاية الصحية.وتُظهر قراءاتهم، كما تنقلها بلومبيرغ، أن الفرص لا تقتصر على النماذج اللغوية الكبيرة، بل تمتد إلى تقاطع البيانات مع البنية التحتية والطاقة والموارد الطبيعية والرعاية الصحية.
روبوتاكسي.. سوق بعشرات التريليوناتوتضع كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لـ"أرك إنفست"، ما تسميه بلومبيرغ "الذكاء المتجسّد" في صدارة فرص 2026، وتحديدا النقل ذاتي القيادة.
وتنقل بلومبيرغ عن وود تقديرها أن منظومة سيارات الأجرة ذاتية القيادة عالميا قد تتوسع لتبلغ 8 إلى 10 تريليونات دولار خلال 5 إلى 10 سنوات، معتبرة أن تسلا في "موقع الصدارة" داخل أميركا وخارجها.
كما تورد بلومبيرغ رقما لافتا في أطروحة وود: هدف سعري لسهم تسلا عند 2,600 دولار خلال 4 سنوات مقارنة بنطاق 400 إلى 450 دولارا "حاليا"، مع زعم أن 90% من هذا السيناريو مرتبط بـ"الروبوتاكسي".
إعلانوتُفصّل وود -وفق بلومبيرغ- منطق "البيانات التشغيلية" ملايين المركبات على الطرق تجمع "بيانات الحالات الحدّية" (حوادث، تعطّل، ظروف نادرة)، مما قد يصنع فارقا في سوق "يميل إلى فائز يأخذ معظم الحصة".
وفي المقابل، تشير بلومبيرغ إلى أن "وايمو" التابعة لـ"غوغل" تعمل تجاريا منذ 2018 لكنها تحركت ببطء، قبل أن تبدأ في التسارع، جزئيا لأن تسلا دخلت سوق أوستن في يونيو/حزيران بخدمات روبوتاكسي.
قطاع الرعاية الصحيةتُبرز بلومبيرغ محورا ثانيا متقدما متمثلا في الرعاية الصحية بوصفها ساحة "عائد/أثر" يمكن أن يتجاوز الضجيج التقليدي حول الشرائح والبرمجيات.
وتنقل بلومبيرغ عن وود إشارتها إلى قفزات في تقنيات "تسلسل الجينات" وظهور ما تسميه "تسلسل الخلية الواحدة" المستخدم على نطاق واسع في تعريف السرطان وتطوير الإستراتيجيات العلاجية.
وفي هذا السياق تذكر وود شركتين مفضلتين لديها هما "تن إكس جينوميكس" و"تمبس إيه آي".
وبحسب بلومبيرغ، تُقدَّم "تمبس إيه آي" كمنصة تحلل كمّا كبيرا من بيانات المرضى لاستخراج مؤشرات قد تُحسّن التشخيص وقرارات العلاج، مع طرح احتمال أن تصبح "إحدى أهم الدعائم المعلوماتية" للرعاية الصحية في أميركا.
مراكز البياناتويقدّم دِني فيش من "جانوس هندرسن" إطارا أقرب إلى "هندسة محفظة" بدل الرهان على اسم واحد. ووفق بلومبيرغ، يقسّم فيش دورة تبنّي الذكاء الاصطناعي خلال العقد القادم إلى 3 سلال:
المُمكِّنون (البنية التحتية والشرائح ومراكز البيانات والطاقة) المُعزِّزون (برمجيات تستفيد من الذكاء الاصطناعي أو تتعرض لاضطرابه) والمستخدمون النهائيون (شركات توظف الذكاء الاصطناعي لتحقيق ميزة تنافسية).وتنقل بلومبيرغ عن دِني فيش أن سوق الذكاء الاصطناعي لا يزال في "مرحلة التمكين"، حيث تقود دورات التدريب وبناء القدرة الحاسوبية إنفاقا رأسماليا قويا، مع استثمارات من شركات كبرى مثل "مايكروسوفت" عبر "كوبايلوت" و"ألفابت" عبر "جيميناي"، إلى جانب حكومات تطور "سحابات سيادية" ومؤسسات تطبق الذكاء الاصطناعي على بياناتها الداخلية.
وفي فئة "المُعزِّزين"، تحذر بلومبيرغ من اضطراب تنافسي داخل البرمجيات، ناقلة عن فيش التحذير من "مفاجأة شبيهة بأدوبي" مع تراجع مضاعفات التقييم، مقابل فرص محتملة لشركات مثل "إنتويت" و"داتادوغ" و"سنو فليك".
أما "المستخدمون النهائيون"، فتشير بلومبيرغ إلى شركات مثل "دير" و"إنتويتف سيرجيكال" و"بلاكستون" التي توظف الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة والاستثمار في البنية التحتية للبيانات والطاقة.
النحاس والطاقةترى تاوشا وانغ من "فيديلتي إنترناشونال" -وفق بلومبيرغ- أن الذكاء الاصطناعي قوة اقتصادية قد تولّد ضغوطا تضخمية بسبب الإنفاق الرأسمالي على مراكز البيانات، مما يجعل السلع، ولا سيما النحاس، أداة تحوّط مهمَلة نسبيا في ظل نمو الطلب بوتيرة أُسّية مقابل تدهور المعروض.
وتضيف بلومبيرغ أن تباطؤ التوظيف مقابل الإنفاق على الآلات قد يدفع إلى تيسير نقدي رغم استمرار الضغوط التضخمية. وفي البعد الجغرافي، تشير الوكالة إلى أن "لحظة ديب سيك" أعادت تقييم الصين كمصدر لتقنية تنافسية بأسعار جذابة.
وعند نقطة الاختناق، تنقل بلومبيرغ عن مايكل سميث من شركة إدارة الأصول "أولسبرينغ" أن الطاقة تمثل القيد الأكبر أمام توسع الذكاء الاصطناعي، مما يفتح فرصا في البنية التحتية للطاقة عبر شركات مثل "كوانتا سيرفيسز" ومرافق غير خاضعة لتنظيم صارم مثل شركة "تالِن إنرجي"، إضافة إلى مكاسب أسرع في الصحة الرقمية والتصوير الطبي عبر شركة "راد نت"، والتأمين القائم على البيانات مثل شركة التأمين"بروغريسيف إنشورنس".
الحياة اليوميةوتختتم بلومبيرغ المشهد بلمسة أكثر إنسانية، إذ تعرض كيف يوظّف خبراء الذكاء الاصطناعي هذه الأدوات في حياتهم اليومية، من الاستعانة بالنماذج لشرح مسائل رياضية لأبنائهم، إلى توليد قصص عن حيوان أليف لأطفال بعيدين، وصولا إلى المساعدة على فهم الموسيقى الكلاسيكية المعقّدة.
إعلانغير أن هذه اللمسات الشخصية لا تحجب التحذير الذي ينقله التقرير عن مايكل سميث، إذ يشير إلى أن الهوامش الآمنة في التسعير محدودة، وأن عددا كبيرا من الأسهم بات مسعّرا على مجموعة ضيقة من الافتراضات، فيما قد تكون الأخطار غير المرئية أو غير القابلة للتسمية هي الأكثر تأثيرا.
ومن هنا، تخلص بلومبيرغ عبر آراء خبرائها إلى نتيجة عملية واضحة، تتمثل في ضرورة تنويع الانكشاف على الذكاء الاصطناعي وعدم حصر الاستثمارات في مسار واحد، لأن الفرص الكبرى قد تنشأ أيضا في القطاعات التي أغفلها السوق خلال ذروة الطفرة.