جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-22@17:49:30 GMT

التطبيع الرسمي والرفض الشعبي

تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT

التطبيع الرسمي والرفض الشعبي

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

في عام 1986م، عُقدت بالعاصمة التونسية ندوة ثقافية إعلامية موسّعة عن مخاطر البث التلفزيوني الفضائي على الوطن العربي، حضر الندوة عدد كبير من المعنيين بالإعلام في الأقطار العربية، وعدد آخر من الإعلاميين الأوربيين، وأجمع الحضور حينها على أن عام 2000؛ سيكون انطلاق البث الفضائي التلفزيوني وسيكون سببًا رئيسًا في الغزو الثقافي والفكري للشعوب وهوياتها.

خرجت الندوة وكعادة الندوات بجملة من التوصيات، في مقدمتها: أهمية تعزيز الخطاب والإنتاج الإعلامي العربي والارتقاء به؛ ليستقطب المشاهد والمستمع العربي، ويُلبي حاجاته من المعرفة والمتعة معًا وبالتالي يعزز من قيمه وموروثه ويرسخ ثوابته وهوياته. ومن أغرب استنتاجات بعض الحضور وملاحظاتهم عن جزئية التحصين الطبيعي للمتلقي العربي، كانتا نقطتان؛ وهما: انتشار الجهل اللغوي في الوطن العربي، وبالتالي حصانة المشاهد العربي من متابعة القنوات الأجنبية الناطقة بغير اللغة العربية، وتفشي الفقر في المجتمعات العربية؛ الأمر الذي سيجعل الحصول على الأطباق اللاقطة للبث الفضائي نخبوية ونوعًا من الترف.

تفاجأ الحضور لاحقًا والعالم معهم بأسبقية تاريخ البث الفضائي وتقدمه على التاريخ المتوقع في الندوة، كما تفاجأ الكل بحرص القنوات الفضائية الغربية على مخاطبة المشاهد العربي بلسانٍ عربيٍ مبينٍ، ولم تتوقف المفاجآت عند هذا؛ بل تخطتها إلى وجود فضائيات عربية تتبنى الخطاب الغربي والثقافة الغربية وتحقق ما لم يحلم الغرب من مجانية اختراق ثقافي وفكري للمتلقي العربي، مستغلة عنوان العولمة وذريعة هشاشة منتج الخطاب الإعلامي العربي وجموده وضعف محتواه.

المُراد من هذا المثال هو الربط بين استراتيجية الغرب في الاختراق الإعلامي للعقل العربي، تمهيدًا لبسط التطبيع مع الكيان الصهيوني لاحقًا، تحت ألف مسمى ومسمى؛ ظاهرها رحمة وباطنها عذاب، وأهمية الرهان على الشعوب ووعيها غير المُعلن.

عَلِمَ الكيان الصهيوني وتيقَّنَ، ومن وراؤه صانعوه وداعموه، أن وظيفته وأهدافه لا تتحقق إلا باختراق الأقطار العربية وتطويعها وإعادة إنتاجها لتقبل به كعضو طبيعي في جسد الأمة، وبعد تجربته اليتيمة في التطبيع مع نظام السادات في مصر، تيقن بأن التطبيع مع نظام السادات لم يكن تطبيعًا مع الدولة المصرية؛ حيث رفضه الشعب المصري وعاندته المؤسسات الحرجة في الدولة المصرية وعلى رأسها مؤسسة الجيش والأزهر، وامتد الأمر إلى الجامعات والنقابات بأنواعها، وتكرر ذات السيناريو بالاستنساخ مع الأردن في اتفاقية "وادي عربة".

كشف التطبيع الصهيوني مع مصر والأردن أن التطبيع كان رسميًا فقط، ولم يمتد أو يُثمر أبعد من ذلك، كما كشف التطبيع حجم النوايا والمخططات الخبيثة للكيان الصهيوني ووظيفته الحقيقية في المنطقة لهذا أحجمت العديد من الأقطار العربية عن التطبيع وتردد بعضها فيما تخوف بعضها الآخر.

مأساة الكيان الصهيوني أنه لم يتمكن من اختراق الشعوب العربية ويكون جزءًا من نسيجها، وهذه المأساة عبَّر عنها بمرارة الصهيوني بنيامين نتنياهو رئيس حكومة العدو تلميحًا وتصريحًا وفي أكثر من مناسبة، وقال بكل وضوح إن التطبيع يجب أن يكون مع الشعوب، فتجربتنا مع النظم الرسمية غير مُثمرة ولا مُجدية.

هاجس وهوس الكيان الصهيوني في التطبيع مع الشعوب العربية ليس وليد اليوم، فقد سعى الكيان بعد احتلاله هضبة الجولان السورية عام 1967م إقناع سكانه بالاعتراف بالكيان الصهيوني مقابل اقتطاعه من الجغرافية السورية وإعلانه دولة مستقلة للدروز، ولكنه قوبل برفض قطعي مطلق وتبددت أحلامه.

مشكلة الكيان الصهيوني هي انكشاف حقيقته الهشة، وجلاء وظيفته في قلب الأمة العربية كل يوم، في ظل تزايد الوعي العربي، واشتداد المقاومة ضده واتساعها في أوساط الشعوب العربية كثقافة وسلاح معًا؛ حيث أصبحت ثقافة المقاومة العربية ثقافة عابرة للأجيال والحدود، كما أدركت بعض الأقطار العربية أن ثمن التطبيع مع الكيان الصهيوني باهظ التكاليف؛ لأنه يعني على الأرض الالتزام بحماية الكيان مقابل فقد الأوطان وولاء الشعوب.

قبل اللقاء.. يقول الرئيس الأمريكي جو بايدن في لحظة تجلٍ: "لو لم تكن هناك إسرائيل لصنعنا إسرائيل خدمة لمصالحنا في الشرق الأوسط".

وبالشكر تدوم النعم.

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

المؤتمر: بيان اللجنة العربية الإسلامية يعكس وحدة الموقف العربي الإسلامي تجاه القضية الفلسطينية

ثمن الدكتور مصطفى أباظة، أمين اللجان النوعية المتخصصة بحزب المؤتمر، بيان اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بشأن تطورات الأوضاع في قطاع غزة، مؤكدًا دعمه الكامل لمطالب اللجنة بوقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية دون عوائق إلى الشعب الفلسطيني الشقيق.

ألمانيا: نتواصل مع دولة الاحتلال بشأن إدخال المساعدات إلى غزةالسفير الأمريكي بإسرائيل يزعم: حماس هي المسؤولة عن احتجاز الأسرى في غزةوزير الخارجية الأيرلندي: ما يجري في غزة إهانة للكرامة البشريةسي إن إن: ترامب يريد التوصل لاتفاق في غزة ونتنياهو "العثرة"

وأكد الدكتور مصطفى أباظة ، أن البيان الصادر عن اللجنة، التي تضم وزراء خارجية مصر وقطر والسعودية والأردن والبحرين وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين ، يعكس وحدة الموقف العربي والإسلامي تجاه العدوان المستمر على قطاع غزة، ويعبر عن صوت الشعوب الرافض للقتل والتدمير والحصار، والداعي إلى رفع المعاناة عن الأبرياء، لا سيما الأطفال والنساء وكبار السن.

وشدد أمين اللجان النوعية بالمؤتمر، على أن استمرار استهداف المدنيين والبنية التحتية وحرمان الفلسطينيين من أبسط حقوقهم الإنسانية يُعد خرقًا فاضحًا للقانون الدولي الإنساني، ويستوجب تحركًا دوليًا عاجلًا للضغط من أجل وقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية بشكل دائم.

وطالب أباظة، المجتمع الدولي بالتفاعل الإيجابي مع ما ورد في بيان اللجنة الوزارية، والعمل على إنهاء الاحتلال ووقف آلة الحرب التي تهدد أمن واستقرار المنطقة بأكملها.

وأشار أمين اللجان النوعية المتخصصة بالمؤتمر، إلى أن تحقيق السلام العادل والشامل لا يكون إلا عبر تمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

طباعة شارك قطاع غزة الدكتور مصطفى أباظة حزب المؤتمر اللجنة الوزارية العربية الإسلامية وقف فوري لإطلاق النار الشعب الفلسطيني

مقالات مشابهة

  • جامعة الدول العربية تكرّم ولي عهد الفجيرة بجائزة يوم الاستدامة العربي
  • مقتل موظفين اثنين بسفارة الكيان الصهيوني في واشنطن
  • عقب سلسلة قرارات أوروبية تصعيدية: الكيان الصهيوني يعيش “تسونامياً” دبلوماسياً غير مسبوق بسبب جرائمه المروّعة بغزة
  • المؤتمر: بيان «اللجنة العربية» يعكس وحدة الموقف العربي الإسلامي تجاه القضية الفلسطينية
  • المؤتمر: بيان اللجنة العربية الإسلامية يعكس وحدة الموقف العربي الإسلامي تجاه القضية الفلسطينية
  • صنعاء ترد على الاتحاد الأوروبي: حماية الكيان الصهيوني جريمة والتضامن مع غزة موقف لا تراجع عنه
  • برلماني: لقاء الرئيس السيسي بنظيره اللبناني يعكس موقف مصر المشرّف تجاه القضايا العربية
  • وزير الاستثمار يشهد الافتتاح الرسمي للملتقى الاقتصادي العربي الألماني
  • يستهدفون علاقات الشعوب العربية.. عمرو موسى يُحذر الشباب من هذا السلوك
  • قمة بغداد العربية والحاجة للمّ الشمل العربي !