لا تزال الحلبة السياسية والحزبية الإسرائيلية منشغلة بإعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن عن إجراء اتصالات سرية مع دولة الاحتلال بشأن الممر القاري الذي سيربطها بالسعودية عبر القطار، مما دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي قد يلتقي بايدن خلال أيام بعد أشهر من انتظار دعوة للبيت الأبيض، لشكره على الجهد الذي أوصلهم لما وصفه بـ"الإعلان التاريخي".



إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت كشف عن أن "الولايات المتحدة اتصلت بإسرائيل قبل بضعة أشهر بشأن هذا المشروع لربطها بالمملكة، وتم طرح الفكرة بالفعل في 2017 من قبل وزير المواصلات آنذاك يسرائيل كاتس، وقد اعتمدها الرئيس السابق دونالد ترامب، وتم توسيعها الآن، فيما زعم مسؤولون إسرائيليون كبار أن المشروع لا علاقة بالتطبيع مع المملكة، وسط طرح تساؤلات عمن يقف وراء هذه الخطة لربط الهند بأوروبا من خلال إسرائيل والسعودية".

وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أنه "منذ ذلك الحين أجرت الولايات المتحدة اتصالات دبلوماسية نشطة لتحقيق هذا الاختراق اليوم، مع أنه في الواقع ولدت الفكرة قبل ذلك بكثير، وقد كان أول مسؤول إسرائيلي يقترح ممرا للسكك الحديدية يربط الشرق الأوسط هو كاتس في نيسان/أبريل 2017 والذي عرض مشروع السكة الحديد من أجل السلام الإقليمي، لربط إسرائيل والأردن والسعودية ودول الخليج.

فيما تحمست إدارة ترامب للغاية بشأن ذلك، وحتى بعد مجيء إدارة بايدن، فقد تبنتها،وقررت توسيعها جغرافيا أيضا حتى الهند شرقا، ليس جغرافياً فقط، بل من حيث المحتوى، بحيث لا تقتصر على السكك الحديدية، بل ممر الطاقة والاتصالات".

وأشار إلى أن "الأمريكيين يطلقون عليه اسم "الممر الاقتصادي" لربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، فيما أوضح مسؤولون كبار في إسرائيل أن الخطة في الواقع ليس لها علاقة مباشرة بالتطبيع مع إسرائيل، الاتفاق الآن مرهون بالاتفاق الأميركي السعودي الذي سيستغرق وقتا، لكنه سيساعد إسرائيل كثيرا، على أن تأتي جميع البضائع من الشرق إلى حيفا، ومن حيفا ستبحر لأوروبا.

وتتناسب الفكرة مع مشروع "الممر البري" الذي تمت مناقشته بين إسرائيل والولايات المتحدة، وتم الكشف عنه في وقت مبكر من تموز/يوليو، وهناك حديث عن الطرق السريعة التي ستسافر عبرها الشاحنات المحملة بالبضائع من الشرق إلى ميناء حيفا".

وأكد أن "الأمريكيين يريدون أن يضيفوا لهذه الرؤية الاقتصادية السلطة الفلسطينية عبر السكك الحديدية، وستكون حركة للسياح على المسارات، مما دفع نتنياهو للزعم بأن هذه الرؤية ستضع إسرائيل في قلب مشروع دولي غير مسبوق يربط البنية التحتية بين آسيا وأوروبا، وستغير وجه الشرق الأوسط وإسرائيل، وستؤثر على العالم أجمع.

وتبدأ هذه الرؤية في الهند، وتمر عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل وتصل لأوروبا، مما سيجعل إسرائيل في قلب تقاطع مركزي لهذا الممر الاقتصادي، وستفتح خطوط السكك الحديدية والموانئ البحرية بوابة جديدة من الهند عبر الشرق الأوسط لأوروبا، والعودة من أوروبا للهند، عبر الأردن والسعودية والإمارات".



وأوضح أن "الرؤية الأمريكية الجديدة تعيد تشكيل وجه المنطقة، وتجعل من الممكن تحويل الحلم إلى حقيقة عبر مد كابلات الاتصالات الضوئية، ومد خطوط الكهرباء، وغيرها من البنى التحتية، وستسخر دولة الاحتلال جميع قدراتها، وكل خبراتها، بكل زخم لتحقيق مشروع تعاون هو الأكبر في تاريخ المنطقة، على أن تسترشد جميع الوزارات الحكومية بتحقيق هذا الحلم، بمشاركة مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والأمريكي بحيث تصبح هذه الرؤية أقرب من أي وقت ممكن لأنها تهدف للارتباط المشترك والتكامل الاقتصادي عبر قارتين، وتطوير النمو الاقتصادي المستدام والشامل".

روعي روبنشتاين مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أنه "قبل نصف عام كشفت وزيرة النقل ميري ريغيف عن خطة لبناء خط قطار يربط بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، وسيشمل قطارًا فائق السرعة بين بيت شآن وإيلات، وبعد ثلاثة أشهر تم الكشف أن واشنطن وتل أبيب تروجان لخطة سرية لربط طريق بري متواصل بين الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل، سيقود من الخليج مباشرة للموانئ البحرية الإسرائيلية، بغرض تصدير البضائع من الشرق لأوروبا عبر إسرائيل، ثم السياحة والربط البري، وسيسمح للشاحنات بنقل البضائع، مع تقليل تكاليف النقل بشكل كبير، وتقصير الوقت الذي يستغرقه لنقل البضائع مقارنة بالوضع الحالي".

وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "الهدف الأساسي من المشروع يتعلق بتقصير الوقت من عدة أسابيع ليومين أو ثلاثة أيام، وتوفير 20 بالمئة من تكاليف الشحن، واليوم تصل الشاحنات التي تغادر الإمارات لميناء حيفا عبر جسر اللنبي، لكن يتعين عليها المرور بإجراءات بيروقراطية، بما فيه تغيير السائقين، ولوحات الترخيص، والانتظار الطويل، وهناك طريقة أخرى باهظة الثمن لإرسال البضائع عن طريق السفن عبر قناة السويس، ثم الموانئ الأوروبية، وهي مكلفة للغاية، رغم أن الهدف الأساسي هو السماح بوصول شاحنة واحدة وسائق واحد من دبي لميناء حيفا مثلا، دون تغيير السائقين والشاحنات على المعابر بين الدول".

وترتبط هذه التطورات بالهدف الحقيقي لهذا الممر الاقتصادي للربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، لفتح حقبة جديدة من الاتصال عبر السكك الحديدية، المرتبطة عبر الموانئ التي تربط أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، وتعتزم الولايات المتحدة وشركاؤها ربط القارتين بأوروبا والشرق الأوسط بالمراكز التجارية، وتسهيل تطوير وتصدير الطاقة النظيفة، ومد الكابلات البحرية، وربط شبكات الطاقة، وخطوط الاتصالات لتوسيع الوصول الموثوق للكهرباء، وتمكين ابتكار تكنولوجيا الطاقة النظيفة المتقدمة، وربط المجتمعات بإنترنت آمن ومستقر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاحتلال امريكا السعودية الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السکک الحدیدیة الشرق الأوسط هذه الرؤیة

إقرأ أيضاً:

هل ينجح تخفيف عبء الشرق الأوسط في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي؟

تضع إستراتيجية الأمن القومي الأميركية لعام 2025 إطارا لسردية تخص الشرق الأوسط مفادها: التخفيف الناجح للتهديدات، والتي بدورها تسمح بإعادة التركيز على نطاق أوسع للقوة الأميركية وأولوياتها عالميا.

تتمثل الأطروحة الأساسية للإستراتيجية الوطنية للسلامة والأمن لعام 2025 في أن الشرق الأوسط قد تغير جذريا، وانتقل من مصدر قلق طويل الأمد ونزاع وكارثة محتملة إلى مشهد يتميز بشكل متزايد بفرص "الشراكة والصداقة والاستثمار".

هذا الاستقرار المتصور يمكن الولايات المتحدة من "إعطاء الأولوية أخيرا للمصالح الأميركية" في مناطق أخرى، مختتمة بذلك حقبة هيمنت فيها منطقة الشرق الأوسط على السياسة الخارجية الأميركية، سواء في التخطيط طويل الأمد، أو في التنفيذ اليومي.

الشرق الأوسط: من "مصدر إزعاج" إلى فرصة اقتصادية

تؤكد إستراتيجية الأمن القومي لعام 2025 أن الضرورات الإستراتيجية التقليدية التي تستلزم مشاركة الولايات المتحدة المكثفة في الشرق الأوسط تتراجع تاريخيا.

حظيت المنطقة بالأولوية نظرا لدورها الحيوي باعتبارها أهم مورد للطاقة في العالم ومسرحا رئيسيا للمنافسة بين القوى العظمى. وتؤكد الوثيقة أن هذه الديناميكيات لم تعد قائمة: فقد تنوعت إمدادات الطاقة الأميركية بشكل كبير، وعادت إلى الظهور كمصدر صافٍ للطاقة.

ونتيجة لذلك، فإن السبب التاريخي الذي دفع الولايات المتحدة إلى التركيز المكثف على أمن الطاقة آخذ في التراجع مع إطلاق العنان لإنتاج الطاقة الأميركي، وإلغاء أو تخفيف سياسات الطاقة التقييدية.

في حين تعترف الإستراتيجية بأن الصراعات لا تزال تمثل "الديناميكية الأكثر إثارة للقلق" في المنطقة، فإنها تقلل من شدة هذا الخطر. وتشير الوثيقة على وجه التحديد إلى الإنجازات الدبلوماسية والعسكرية المنسوبة إلى إدارة الرئيس ترامب من قبيل:

التخفيف من حدة التوتر مع إيران: إيران، التي تم تحديدها سابقا باعتبارها القوة الرئيسية المزعزعة للاستقرار في المنطقة، توصف الآن بأنها "ضعيفة للغاية"؛ بسبب الضربات الإسرائيلية وحرب الأيام الـ12 في يونيو/حزيران 2025، والتي أدت- وفق الوثيقة- إلى تدهور برنامجها النووي بشكل كبير. حل النزاعات: شهد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على الرغم من كونه "شائكا"، تقدما نحو سلام أكثر استدامة بعد وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الذي تفاوض عليه الرئيس، علاوة على ذلك، تم إضعاف الداعمين الرئيسيين لحماس أو ابتعدوا عنها. التعاون الإقليمي: يظهر شركاء الشرق الأوسط التزاما بمكافحة التطرف، وهو الاتجاه الذي تنوي الولايات المتحدة مواصلة تشجيعه. إعلان

وبدلا من أن يكون الشرق الأوسط استنزافا عسكريا مستمرا، تنظر إليه الإستراتيجية كمركز عالمي ناشئ، ومن المتوقع له أن يصبح مصدرا ووجهة متزايدة للاستثمار الدولي، لا سيما في قطاعات تتجاوز النفط والغاز، مثل الطاقة النووية والذكاء الاصطناعي وتقنيات الدفاع.

علاوة على ذلك، ينظر إلى شركاء الشرق الأوسط على أنهم متعاونون ذوو قيمة في تعزيز المصالح الاقتصادية الأميركية، بما في ذلك تأمين سلاسل التوريد، وتعزيز الفرص في مناطق أخرى، وخاصة في أفريقيا.

الهدف الإستراتيجي الشامل للأمن القومي الأميركي في المنطقة أصبح الآن أكثر بساطة: منع أي قوة معادية من السيطرة على الشرق الأوسط، وإمداداته من النفط والغاز، ونقاط الاختناق الحيوية، مع تجنب "الحروب الأبدية" بشكل حاسم.

ومن خلال التفاوض على السلام والتطبيع، حققت الولايات المتحدة الوضوح الإستراتيجي اللازم "لإعطاء الأولوية أخيرا للمصالح الأميركية" في مناطق حيوية أخرى.

ترى إستراتيجية الأمن القومي لعام 2025 أن مهمة تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط يمكن إنجازها إلى حد كبير من خلال؛ إعادة التنظيم الإستراتيجي

الشرق الأوسط بين إستراتيجيتي 2017 و2025

لقد شهد التقييم الإستراتيجي للشرق الأوسط تطورا ملحوظا بين إستراتيجية الأمن القومي لعام 2017، وتلك التي خصصت للولاية الثانية لترامب، على الرغم من أن الوثيقتين ترتكزان على فلسفة "أميركا أولا".
قدمت إستراتيجية الأمن القومي الصادرة في ديسمبر/كانون الأول 2017 نظرة قاتمة، للشرق الأوسط ووصفته بأنه يعاني من مشاكل مترابطة تتمثل في "التوسع الإيراني، وانهيار الدولة، والأيديولوجية الجهادية، والركود الاجتماعي والاقتصادي، والتنافسات الإقليمية".

كانت التهديدات الأساسية مستمرة، وتتطلب اهتماما دائما. وصفت إيران بأنها "الدولة الرائدة في رعاية الإرهاب في العالم"، إذ تطور صواريخ باليستية، وتشكل تهديدا نوويا محتملا. كان الإرهابيون (تنظيم الدولة والقاعدة) يزدهرون، ويستغلون عدم الاستقرار، ويسعون إلى تهديد العالم.

كانت الأهداف الرئيسية في 2017 هي حرمان إيران من جميع مسارات امتلاك السلاح النووي، وتحييد نفوذها "الخبيث"، وضمان عدم هيمنة أي قوة معادية للولايات المتحدة على المنطقة.

نصت الإستراتيجية وقتها صراحة على ضرورة الاحتفاظ "بالوجود العسكري الأميركي الضروري في المنطقة لحماية الولايات المتحدة وحلفائها من الهجمات الإرهابية والحفاظ على توازن قوى إقليمي ملائم".
كان التقدير في 2017 أن الفرص ناشئة، وركزت على تحفيز التعاون الاقتصادي والسياسي والاعتراف بأن الدول وجدت مصالح مشتركة مع إسرائيل في مواجهة التهديدات المشتركة.

2025: تخفيف التهديدات وتحويل الأعباء

تتبنى إستراتيجية الأمن القومي لـ 2025 نبرة النجاح الواثق، حيث تزعم أن الظروف التي بررت الالتزام الأميركي المطول قد تم حلها أو احتواؤها إلى حد كبير: تم تخفيف حدة التهديدات الرئيسية بشكل ملحوظ. إيران "ضعيفة للغاية"، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتقدم نحو "سلام أكثر ديمومة". لقد تم الآن التقليل من مشكلة الصراع باعتبارها أقل مما تشير إليه العناوين الرئيسية.

ويتحول الهدف من الإدارة المكثفة للتهديدات إلى تنمية الاستثمار والشراكة. يتركز الأمر بشكل أقل في الحفاظ العسكري على توازن القوى وأكثر على تمكين الشركاء المحليين من إدارة شؤونهم. الهدف الأساسي هو تحويل الأعباء وإعطاء الأولوية للمناطق العالمية الأخرى.

إعلان

وينتقل الالتزام من الوجود العسكري الضروري إلى وجود انتقائي يعتمد على المصالح الأساسية. وينصب التركيز على تسريع توسيع نطاق اتفاقيات "أبراهام" وتشجيع الإصلاح من خلال الشراكة، بدلا من فرض نماذج الحكم الغربية.

تبرز الفرص حيث تتحول المنطقة في الوثيقة كوجهة للشراكة والاستثمار، مدفوعة بإيمانها بأن شركاء الشرق الأوسط ملتزمون بالفعل بمكافحة التطرف.

في جوهرها، ترى إستراتيجية الأمن القومي لعام 2025 أن مهمة تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط يمكن إنجازها إلى حد كبير من خلال؛ إعادة التنظيم الإستراتيجي (على سبيل المثال، اتفاقيات التطبيع)، وتغيير ديناميكيات الطاقة العالمية (وضع الولايات المتحدة كمصدر للطاقة)، ​​وبالتالي السماح بتحويل الموارد الإستراتيجية إلى مسارح ذات أولوية عالية، مثل احتواء الصين.

وتعزو الإستراتيجية هذا التحول المحوري إلى البراعة الدبلوماسية للرئيس، ترامب وتمسكه بالمبادئ التي تعطي الأولوية للنتائج الملموسة.

تشيد الوثيقة بالرئيس ترامب لتحقيقه "سلاما غير مسبوق" في صراعات متعددة على مستوى العالم، بما في ذلك اتفاقيات التطبيع التاريخية. إن هذه "الدبلوماسية غير التقليدية" والاستفادة من القوة الاقتصادية والعسكرية الأميركية هي أساس الاستقرار المعلن. إن القدرة على توحيد العالم العربي في السعي إلى التطبيع في شرم الشيخ تم ذكرها صراحة باعتبارها العامل الذي يمكن الولايات المتحدة من التركيز على أولويات أخرى.

إن المبدأ الأساسي الذي حددته إستراتيجية الأمن القومي لعام 2025 للعلاقات الناجحة مع الشرق الأوسط يتضمن قبول المنطقة وقادتها ودولها "كما هي". ترفض الإستراتيجية الفشل الملحوظ في محاولة إجبار الدول -وخاصة دول الخليج- على التخلي عن تقاليدها وأشكال الحكم التاريخية. يمهد هذا القبول البراغماتي الطريق لتعاون أعمق بشأن المصالح المشتركة، مثل مكافحة التطرف وتعزيز العلاقات الاقتصادية.

تؤكد الإستراتيجية على هدف توسيع نطاق اتفاقيات "أبراهام" لتشمل المزيد من الدول في المنطقة والعالم الإسلامي الأوسع. يرتبط هذا النجاح الدبلوماسي ارتباطا مباشرا بالرؤية الاقتصادية، حيث يصبح الشرق الأوسط مصدرا للاستثمار الدولي، مما يعزز الفرص في القطاعات الرئيسية مثل الذكاء الاصطناعي وتقنيات الدفاع.

المصادر الدائمة للتقلبات الإقليمية

إن التوجهات المتفائلة بشأن الاستقرار وإعادة التوجيه في إستراتيجية الأمن القومي لعام 2025 تتناقض مع السياسات المتجذرة في نهج ترامب المعاملاتي والتعقيدات الجيوسياسية الأساسية.

إن السياسة الخارجية لترامب التي تعلي من مبدأ "أميركا أولا"، والتي تتميز باعتمادها على الصفقات الثنائية والإكراه الاقتصادي، تعمل على تسريع عدم الاستقرار بدلا من التخفيف منه.

فهي تعطي الأولوية للمكاسب الاقتصادية الفورية والقابلة للقياس على التحالفات الإستراتيجية طويلة الأجل والاتفاقيات الدولية. إن هذا التركيز على المعاملات الفورية، مثل الصفقات العسكرية والاستثمارية واسعة النطاق، يهدد بتقويض التحالفات التقليدية والاستقرار الذي تم السعي لبنائه على مدى عقود من الزمن.

نهج ترامب تجاه الشرق الأوسط لا يملك إستراتيجية متماسكة أو شاملة، بل هو عبارة عن مجموعة من الأولويات المتضاربة في كثير من الأحيان. الهدف هو دعم صراعات الهيمنة الإقليمية الإسرائيلية العلنية بشكل مباشر بهدف توسيع التطبيع ليشمل الجهات الفاعلة الرئيسية مثل المملكة العربية السعودية.

إن الشروط اللازمة للتطبيع الموسع -مثل إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة- تقابل بمقاومة شديدة من جانب الحكومة الإسرائيلية، التي تعتمد على ائتلاف يميني متطرف، مما يضع أهداف ترامب في معارضة واضحة للواقع على الأرض.

إعلان

وعلى الرغم من إعلان إستراتيجية الأمن القومي لعام 2025 أن إيران "ضعيفة للغاية"، وأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتقدم نحو السلام، فإن التقلبات الأساسية لا تزال مستمرة.

لا تزال إيران تملك كثيرا من المقدرات في مواجهة أعدائها، كما أن سياسة الدعم العدواني للعمل العسكري الإسرائيلي، وخاصة في غزة، والضفة، وسوريا، ولبنان، تؤدي إلى رد فعل إقليمي عنيف وتعبئة الجماعات المسلحة في المنطقة وخارجها.

يرى المراقبون أن استمرار الدعم الأميركي القوي لإسرائيل، بغض النظر عن المعايير الدولية، يخلق مناخا "يعزز الرواية القائلة إن الولايات المتحدة هي التهديد الحقيقي"، مما يحفز جماعات مثل القاعدة، ويضفي شرعية على الحفاظ على السلاح لجماعات مثل حزب الله، والمقاومة الفلسطينية.

إن استمرار الدعم الأميركي للتوجهات التوسعية للكيان الصهيوني، أو على أقل تقدير عدم منعها، كتلك التي تشجع على التهجير القسري أو ضم الأراضي، يسهم في "الاضطرابات الاجتماعية وانهيار بعض الدول في الشرق الأوسط".

علاوة على ذلك، فإن المشهد الجيوسياسي المعقد، الذي يتميز بالهيمنة العسكرية الإسرائيلية الواضحة، والصراعات المستمرة (اليمن، سوريا، السودان)، والمنافسة المستمرة بين القوى الإقليمية، يضمن أن يظل الشرق الأوسط ساحة "للصراع المستمر واحتمال زعزعة الاستقرار بشكل أكبر".

إن فشل نهج ترامب في تقديم حل سياسي واضح وطويل الأمد -وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، التي يختزلها إلى "مجرد قضية إنسانية"- يعني أن الجذور الرئيسية للصراع تظل دون حل، وهو ما يتناقض مع الفرضية الأساسية لإستراتيجية الأمن القومي 2025.

باختصار، في حين أن إستراتيجية الأمن القومي لعام 2025 تضع الشرق الأوسط في إطار التحول الناجح إلى حالة من الفرص الاقتصادية والسياسية، مما يسمح للولايات المتحدة "بإعطاء الأولوية أخيرا للمصالح الأميركية" في أماكن أخرى، تشير الوقائع على الأرض إلى أن سياسات ترامب القائمة على مبدأ "أميركا أولا" قد خلقت بيئة هشة وغير مستقرة.

هذه البيئة معرضة بشدة لتجدد الصراعات والتقلبات بسبب القضايا الجوهرية غير المحسومة، وعدم الاستقرار المتأصل الناتج عن إعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية المباشرة على حساب الاستقرار الدبلوماسي الإقليمي المستدام.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • مخاطر استدعاء شبه القارة الهندية للصراع في الشرق الأوسط
  • هجمات إسرائيل تتمدد في الشرق الأوسط
  • الصين القطب الاقتصادي والسياسي الصاعد
  • هل ينجح تخفيف عبء الشرق الأوسط في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي؟
  • تركي الفيصل: إسرائيل الخطر الأكبر على استقرار الشرق الأوسط
  • وزير البترول يبحث زيادة فرص الشركات المصرية في مشروع نيوم بالسعودية
  • ترمب يعيد هندسة الشرق الأوسط ويُسقط ورقة العراق
  • تركي الفيصل: إسرائيل هي التهديد الأكبر لاستقرار الشرق الأوسط وليس إيران
  • ما هي استراتيجية ترامب للشرق الأوسط 2026
  • سنتكوم تُطلق أول سرب من المسيّرات الهجومية في الشرق الأوسط