بقلم/ حمدي دوبلة
-انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي قصة طريفة منسوبة إلى أحد التربويين العاملين في حقل التدريس .. تقول النكتة – كما وردت على لسان المدرس – انه تلقى رسالة نصيّة على هاتفه من رقم مجهول وهي مكونة من كلمتين فقط “مت شهيد” وقد أعادها المرسل لمرّات حتى أصيب بحالة من الذعر الشديد، وخالها تهديدا صريحا ومباشرا لحياته وأن هناك من يتربص به شرّا، استسلم لهواجسه ومخاوفه ولزم منزله لأيام وراح يفتش في سجلات ذاكرته بحثا عمّن أخطأ في حقهم وعن عداواته وخصوماته القديمة والحديثة، وحين لم يصل لنتيجة قرّر الخروج متسللا وفي حذر تام لقضاء بعض شؤونه ليلتقي في السوق بأحد طلابه الذي يدرس في المرحلة الإعدادية، حيث باشره ملهوفا بسؤال عن سرّ تجاهل رسائله التي يستفسر فيها عن موعد تسليم الشهايد وأراد أن يقول في رسالته “متى الشهايد” حينها تنفّس المدرس الصعداء وهدأ روعه وعاد لممارسة حياته الطبيعية شاكرا الله أن الأمر توقّف على غباء وعدم كفاءة طالبه في الخط والاملاء وليس كما توهّم من التهديد والوعيد.



-تبدو الحكاية من النوادر الطريفة ولربما تُقابل بكثير من الضحك والابتسامات العابرة لكنها في حقيقة الأمر تنطوي على كثير من الدلالات الخطيرة التي تستدعي البكاء حزنا على ما صار عليه وضع التعليم ومستويات التحصيل العلمي لأعداد كبيرة من أبنائنا الطلبة.

-تجد الكثير من طلاب المدارس اليوم – والحكومية منها خصوصا وحتى وهم في المرحلة الإعدادية وحتى الثانوية – عاجزين للأسف عن كتابة رسالة جوابية صغيرة بأسلوب صحيح ومنهم من لا تستطيع تصنيف ما يسطر إلا في خانة الطلاسم و”الشخابيط” غير المفهومة، وقد نشر معلمون وحتى دكاترة في الجامعات وفي أكثر من مرة في الآونة الأخيرة نماذج مأساوية ومظلمة من إجابات طلابهم ممن تتسم بهذا المستوى المخيّب على صعيد الخط والإملاء وأبجديات الكتابة العربية.

-نال التعليم نصيبا وافرا من ويلات وتداعيات العدوان وانعكست تلك الآثار بشكل مباشر على أوضاع التعليم بكل قطاعاته ومكوناته. لكن الثقافة التي سادت منذ مدة ليست بالقليلة عن قواعد الخط والإملاء باعتبارها مادة غير مهمة والتعاطي معها من قبل المدرسين والإدارات التربوية كمادة ثانوية في قائمة المنهج الدراسي، أضافت مرارة أخرى إلى مستوى التحصيل العلمي وبتنا نرى نماذج لمدارس تنشر الأمية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

-في هذا الظرف الذي يعاني فيه قطاع التعليم ما يعانيه من إشكاليات وتحديات على صعيد النقص في المدارس والمدرسين والمناهج، ينبغي أن تعيد الإدارات المدرسية ترتيب أولوياتها في تعليم الطلبة وبحيث يتم التركيز بشكل مكثف على قواعد الخط والاملاء وخصوصا للصفوف الأولى من المرحلة الأساسية وإسداء المهمة إلى أكثر الكوادر التربوية المتاحة كفاءة وخبرة وإتقانا لفنون إيصال المعلومة إلى الدارسين.

-يستطيع الطالب إذا أجاد الخط والإملاء أن يثقّف نفسه ويحيط علما وإلماما بكل العلوم والمعارف الأخرى، وبدون ذلك سيبقى أقرب إلى الأمية وإن درس في أرقى المدارس والمعاهد والجامعات.

نقلاً عن صحيفة الثورة

المصدر: سام برس

إقرأ أيضاً:

رسائل في الحياة.. أمَّـــــا بعد

إن الشجرة لا تبكي على غصنها الذي خلعته الريح، إنها تعض على الجرح وتنتظر الربيع لتنبت غصنا آخر وتزهر. هكذا هي الحياة، فإن ما تخسره ليس بالضرورة أن تسترده ولكنك ستعثر على ما هو خير منه. فعض على جرحك وانتظر ربيعك، وأنبت غصنا آخر وأزهر كما يليق لك، والسلام لقلبك..

حين تريد أي شيء تريده من الآخرين أو من الحياة، قدمه لنفسك أولا، فإذا كنت تريد الحب من الآخرين قدم الحب لنفسك أولا حتى ينعكس على الآخرين. وإذا كنت تريد أيام سعيدة قدم مشاعر جيدة للحياة وأحِب الحياة حب حقيقي حينها الحياة ستحبك. كل شيء تريده من الخارج أوجده بداخلك أولا، فلك الأشياء المحيطة بك هي انعكاس لذاتك.

اعلموا أن الحياة مثل الغربال، تعبر من خلاله أشخاص راهنا عليهم فاختفوا في موقف صعب، أشخاص أحببناهم تخلوا عنا لأجل آخرين. أحداث أدخلتنا في تفاصيل بالكاد نستوعبها غريبة، صدمات لم نصدقها في البداية بسهولة. هذا الغربال هو من كون شخصياتنا هو من جعلنا نفهم بالتدريج كل ما يحدث، أين نعم تألمنا.

ولكنه نضجنا رغم كم الخسارة غير المتوقعة، خسارة من كانوا بقربنا وبدؤوا يبتعدون كل يوم خطوة ورغم كل المساحات التي أصبحت خالية حولنا بعد أن كانت ممتلئة بمن اعتقدنا أنهم مكاسب لنا وخسرناهم نحن مدينون للمواقف كثيرا التي أماطت اللثام. مدينون لها رغم الخيبة التي حملناها معنا وأدركنا أننا رسمنا أحلاماً على جدران واهنة. ويبقى الكثير الكثير ممن نتمنى حقاً أن لا يخيبوا آمالنا بعد.

مقالات مشابهة

  • رسائل في الحياة.. أمَّـــــا بعد
  • خبير تربوي: تعديلات التعليم تواكب العصر وتفتح آفاق التطوير
  • «التربية» تعلن نتائج طلبة «التعليم المستمرالمتكامل» المرحلة الأولى
  • وزير التعليم العالي ومحافظ حلب يناقشان واقع التعليم العالي في المحافظة ‏وسبُل مواجهة التحديات التي تعترضه ‏
  • أمير منطقة المدينة المنورة يزور ميقات ذي الحليفة ويتفقد أعمال المرحلة الأولى من مشروع التطوير والتأهيل التي يشهدها المسجد
  • التربية تبحث مع وفد سويسري التعاون لإعادة تأهيل المدارس وتطوير التعليم المهني
  • مؤسسة التعليم فوق الجميع تغير حياة آلاف اللاجئين بكينيا
  • انطلاق امتحانات شهادة إتمام «مرحلة التعليم الأساسي» في مختلف المدارس
  • 2686 مشاركاً.. انطلاقة قوية لنهائيات الألعاب المدرسية
  • تحرك عاجل من التعليم لرفع الكفاءة المهنية للعاملين في المدارس الرسمية