صغيرًا مٌلء عينيه بالتحطيب، طالت يداه فاستمسك بالعصا، وأصبح حُبه لها يجري في عروقه، لم يتخل عنها منذ بدايته وما إن تمكن منها استمر في ممارستها لأكثر من 25 عاما، لف بلاد وبلاد ليمارس «التحطيب» في أوقات المناسبات والموالد مع الآخرين، في رحلات حماس وشغف للفوز على الكبار.

ممارسة لعبة التحطيب 

أكثر من 25 عاما، احترف «بيومي»، صاحب الـ 47 عاما لعبة التحطيب لا يستطيع التوقف عن رفع العصا، الكل يُسيطر عليه شعور الرهبة عن الدخول في المنافسة معه، إذ قبل البدء في اللعبة بينهم، يقولون له:«عارفين أنك أنت الكسبان»، هذا يُزيد الحماس بداخله يجعل عصاه لا تنحني أبدا في ساعة العصرية.

وعلى أنغام المزمار الصعيدي، يلعب «بيومي»، التحطيب مرتديا الجلابية الصعيدي والوسادة البيضاء«الشاش الأبيض»، حافي القدمين، وسط أرضية ترابية، يٌدقدق قدميه عليها، يٌبرز مهارته في «لعبة العصا»، التي يعتبرونها تجسيدًا لمعاني الشجاعة والقوة والشهامة وسرعة البديهة، على غرار الأجداد الذين سجلوها على جدران معابدهم، بحسب حديثه لـ«الوطن».

يجتمع «بيومي» مع أصدقائه كبار السن الذين يحترفون اللعبة مثله في أحد شوارع بلده، ومن حولهم الأطفال والشباب لمشاهدة اللعبة، في حين يٌمارس شخص دور الحكم، وعندما يقترب أحد الأطراف من الآخر ويرفع العصا عليه، ترتفع أصوات الجميع من حولهم مرددين «الله عليك يا حبيب والديك»، تلك الكلمات التشجيعية التي تُزيد الحماس بين الطرفين.

الاحتراف في ممارسة التحطيب 

أصبح «بيومي» من أكثر أهالي بلده احترافا في رفع العصا، لا يقبل الهزيمة أبدا، إذ في أوقات المناسبات والموالد يتلقى اتصالات هاتفيا من مختلف المحافظات يدعونه لحضور اللعبة، ما يجعل شعور الفرحة والسعادة تٌسيطر عليه، لدرجة أنه يلعب أكثر من مرة طوال اليوم: «اللعبة مش أي حد يعرف يلعبها ولازم يكون اتعلمها صح من هو وصغير عشان يعرف يحمي نفسه كويس من العصا»، ورغم احتراف ابن محافظة أسوان، إلا أنه لم يورث هذه المهارة لأبنائه، نظرا لاندثار اللعبة.

حب ممارسة لعبة التحطيب 

لا يستطيع «بيومي» التخلي عن ممارسة لعبة «التحطيب»، إذ وصفها بكلمات مؤثرة عبرت عن مدى حبه وتمسكه بها «بتجري في دمي»، ومع مرور الوقت بدأ الرجل الأربعيني يٌعلم الأخريين، أساسيات اللعبة حتى احترفوا بها، أصبحوا منافسين له.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: التحطيب محافظة أسوان محافظات الصعيد

إقرأ أيضاً:

حقوق الإنسان كما تُمارس في عُمان

يختلف العالم في التعاطي مع حقوق الإنسان، ويحكم هذا التعاطي الكثير من المحددات الثقافية والأيديولوجية. فهناك من يعلي من شأن الشعارات وهناك من يعطي التطبيق العملي للحقوق أولوية كبرى وهناك من يجمع بين الجانبين، وهناك من يتعامل مع حقوق الإنسان بازدواجية وطنية وجغرافية وأيديولوجية ولونية. 

ويبقى أن جوهر حقوق الإنسان يتمثل في صون كرامته وتحسين سبل حياته والاستمرار في توسيع خياراته.. وهذا الأمر لا يحتاج إلى تنافس مفاهيمي بقدر ما يحتاج إلى دولة تعمل على أساس أن الإنسان هو غاية كل ما تقوم به، وما تسنه من قوانين وتشريعات. وكل الحقوق الواردة في القوانين والشرائع الدولية تقاس بمقدار أثرها على حياة الناس وبمقدار عدالتها في التطبيق وعدم التمييز على أساس الجغرافيا أو الدين أو العرق أو اللون، فالخدمة تصبح حقا حين تكون مضمونة الإتاحة، واضحة الإجراء، قابلة للمساءلة. 

وتبذل سلطنة عُمان إمكانياتها لتحويل حقوق الإنسان إلى واقع حياتي من شأنه أن يرتقي بحياة الإنسان ومعيشته، ويفتح أمامه الكثير من الخيارات والآفاق عبر توفير التعليم المدرسي والجامعي والتقني والتدريب. وتضع الدولة تطوير ذلك والرقي به في مقدمة أولوياتها الوطنية. وكذلك تبذل جهودا كبيرة في تطوير القطاع الصحي وجعله متاحا بالقرب من الجميع قدر الإمكان، بل إنها تعمل بلا كلل في توفير الأمان الصحي عبر برامج التحصين ضد الكثير من الأمراض السارية والمزمنة وتوفير اللقاحات بشكل مجاني. وما حدث خلال جائحة فيروس كورونا يعطي درسا راسخا في هذا الجانب؛ فرغم غلاء وصعوبة الحصول على اللقاحات في تلك اللحظة الصعبة من لحظات التاريخ إلا أن الدولة أخذت على عاتقها توفيره للجميع عمانيين ووافدين في تطبيق عملي لحقوق الإنسان الصحية في لحظة فارقة. 

ومن بين الحقوق التي تحرص عُمان على توفيرها للإنسان موضوع الحماية الاجتماعية والرعاية، وتوفير بيئة آمنة وصالحة للحياة في سياقها البيئي أو سياقها الأمني، وتوفير الخدمات لتكون مجاورة لمكان استقرار الجميع. وحق الإنسان في حفظ وصون تراثه وتاريخه وتثبيته في بيئته الجغرافية. وتعتني عُمان بحق بناء وتطوير البنية الأساسية وإيصالها لكل مكان في الجغرافية العمانية الصعبة والمعقدة. ولا تنظر الدولة لهذه الخطوط من التنمية في معزل عن حق الصحة والتعليم، فهي لا توفر فقط الصحة والتعليم ولكنها، أيضا، تسهل الوصول لها عبر شبكة تنمية متطورة وحديثة؛ فهي وسيلة ليصل بها الإنسان إلى مدرسته وجامعته ومقر عمله أو أي مؤسسة حكومية أو خاصة تربطه بها أي مصلحة. 

وتعمل الدولة على تطوير الحقوق السياسية المستمدة من ثقافة المجتمع وتاريخه مثل حقه في التعبير عن رأيه والمشاركة السياسية عبر المجالس المتخصصة، وتسعى إلى تطوير آلياتها بما يدعم الاستقرار ويُوسّع المشاركة ضمن الأطر المؤسسية. 

وعندما تكرس وسائل الإعلام جهودها لمناقشة كل هذا في خطابها الإعلامي فهي تذهب مباشرة إلى الجانب العملي التطبيقي منها بعيدا عن الاستغراق في الشعارات التي لا تصمد أمام التطبيق العملي. ولهذا، من يختزل حقوق الإنسان في اللغة والخطاب قد لا يرى العمل اليومي حقا؛ لأنه يبحث عن الشعار لا عن الأثر. وعندما تناقش الصحافة قصورا في أي من هذه الخدمات فهي في الحقيقة تناقش قصورا في هذه الحقوق وفي آليات تطبيقها وممارستها. 

لكن هذه الصورة ليست معزولة عن التحديات، فكل منظومة خدمات تواجه الكثير من الضغوطات، ضغوطات السكان، وتنوع الاحتياجات، وتقلب الموارد، وتفاوت المناطق.. وتفاوت الثقافات في التعامل مع بعض الحقوق وحدودها وفهم معناها. لكن معيار الحقوق هنا يقرأ من خلال فهم ما إذا كانت السياسات تسير نحو توسيع حياة الناس أم تضييقها؟ هل تُنظَّم الموارد بحيث تُقدم الضروريات بوصفها ضمانات، أم تُترك لتنازع الحظوظ؟ 

ولذلك نستطيع أن نقرأ حقوق الإنسان في عُمان من هذه الزاوية العملية، الزاوية التي ترى فيها الدولة الإنسان مركزا لكل ما تقوم به. وهذا منجز، ويحتاج إلى حماية، وحمايته تتحقق عبر تحسين جودة هذه الحقوق، التعليم والصحة والقضاء وما يتضمنه من عدالة، وتوفير فرص عمل لحياة كريمة، والصحافة والخدمات الأساسية الأخرى التي تحولت اليوم إلى خدمات لا غنى عنها مثلها مثل التعليم والصحة. وكل إنجاز من هذه الإنجازات يقرب الدولة من حياة الإنسان. وحين يناقش كل هذا، في سياق التطوير أو في سياق الحماية إنما تناقش حقوق الإنسان ولكن بمعنى معيشي وليس معنى شعاراتي. 

مقالات مشابهة

  • حقوق الإنسان كما تُمارس في عُمان
  • قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق مهرجان التحطيب واحتفالات اليوم العالمي للغة العربية
  • صادرات الشاي الأخضر الياباني تسجل أعلى مستوى لها منذ أكثر من 70 عاما
  • برادلي الجرير.. لعبة تسخر من عالم الألعاب وتحتفي به
  • المحكمة عن قضية الطفل ياسين: المتهم اعتدى عليه أكثر من مرة في دورات المياه
  • أركانوت تكشف عن لعبة حرب النجوم "مصير الجمهورية القديمة”
  • لعبة Hogwarts Legacy المستوحاة من هاري بوتر تصدر مجاناً
  • CloverPit تصل للهواتف.. لعبة القواعد المكسورة تغزو iOS وAndroid قريبا
  • خالد بيومي: سالم الدوسري أفضل لاعب في آسيا والوطن العربي
  • ReStory لعبة جديدة تعيد الحنين لأجهزة الألفية الماضية