الجزيرة:
2025-05-28@02:50:55 GMT

المادة الحية.. ثورة جديدة في عالم تنقية المياه

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

المادة الحية.. ثورة جديدة في عالم تنقية المياه

عادة ما تكون الاختراعات التي تتعامل مع قضايا تنقية وتعقيم المياه حصرا على الباحثين المتخصصين في علوم المواد، الذين يكون جُلّ اهتمامهم اختراع مواد جديدة تؤدي هذه المهام، ولكن الأمر المثير للدهشة، أن يكون من بين قائمة الباحثين بأحدث دراسة في هذا المجال خرجت من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، ونشرتها دورية "نيتشر كومينيكيشن"، علماء متخصصون في علم الوراثة، وذلك لطبيعة المادة الجديدة التي اخترعها الباحثون.

البوليمر مع نظام بيولوجي

أطلق الباحثون على مادتهم الجديدة اسم "المادة الحية"، وهي عبارة عن هيكل مطبوع ثلاثي الأبعاد مصنوع من بوليمر مستخلص من الأعشاب البحرية مع بكتيريا هُندِست وراثيا لإنتاج إنزيم يحوّل الملوثات العضوية المختلفة إلى جزيئات حميدة، وصُمّمت البكتيريا -أيضا- لتدمر نفسها ذاتيا في وجود جزيء يسمى "الثيوفيلين"، الذي يوجد غالبا في الشاي والشوكولاتة، وهذا يوفر طريقة للقضاء عليها بعد قيامها بعملها.

يقول جون بوكورسكي، أستاذ هندسة النانو بجامعة كاليفورنيا، والباحث المشارك بالدراسة في بيان صحفي نشره الموقع الإلكتروني للجامعة في 5 سبتمبر/أيلول الجاري "الأمر الجديد هو إقران مادة البوليمر مع نظام بيولوجي لإنشاء مادة حية يمكنها العمل والاستجابة للمحفزات، بطرق لا تستطيع المواد الاصطناعية العادية القيام بها، ولذلك تم التعاون في هذا العمل بين المهندسين وعلماء المواد وعلماء الأحياء، في مركز علوم وهندسة أبحاث المواد بجامعة كاليفورنيا".

وسمح هذا التعاون لعلماء الأحياء بتطبيق معرفتهم بعلم الوراثة وعلم وظائف الأعضاء في البكتيريا الزرقاء لإنشاء مادة حية، كما توضح سوزان غولدن، عضو هيئة التدريس في كلية العلوم البيولوجية، والباحثة المشاركة في الدراسة في البيان الصحفي الذي نشره موقع الجامعة.

كيف تم التصنيع؟

لإنشاء المادة الحية في هذه الدراسة، استخدم الباحثون "ألجينات"، وهو بوليمر طبيعي مشتق من الأعشاب البحرية، ورطّبوه لصنع هلام (جِلْ) وخلطوه مع نوع من البكتيريا التي تعيش في الماء، التي تعمل التمثيل الضوئي والمعروفة باسم "البكتيريا الزرقاء".

وأُدخِل الخليط في طابعة ثلاثية الأبعاد، وبعد اختبار مختلف الأشكال الهندسية المطبوعة ثلاثية الأبعاد لموادهم، وجد الباحثون أن الهيكل الشبيه بالشبكة كان الأمثل لإبقاء البكتيريا على قيد الحياة، حيث يحتوي الشكل المختار على نسبة مساحة السطح إلى الحجم عالية، مما يضع معظم البكتيريا الزرقاء بالقرب من سطح المادة للوصول إلى العناصر الغذائية والغازات والضوء، كما أن زيادة مساحة السطح تجعل المادة أكثر فعالية في إزالة التلوث.

وكتجربة لإثبات المفهوم، هندس الباحثون البكتيريا الزرقاء الموجودة في مادتهم وراثيا لتنتج باستمرار إنزيما مطهرا يسمى "لاكاز"، وأظهرت الدراسات أنه يمكن استخدام الإنزيم لتحييد مجموعة متنوعة من الملوثات العضوية، بما في ذلك ثنائي الفينول أ (BPA)، والمضادات الحيوية والأدوية الصيدلانية والأصباغ.

التخلص من الصبغة الزرقاء

وفي هذه الدراسة، أثبت الباحثون أن موادهم يمكن استخدامها لتطهير الصبغة القرمزية النيلية الملوثة، وهي صبغة زرقاء تستخدم على نطاق واسع في صناعة النسيج.

كما طور الباحثون طريقة للقضاء على البكتيريا الزرقاء بعد إزالة الملوثات، وهندسوا البكتيريا وراثيا للاستجابة لجزيء يسمى "الثيوفيلين"، حيث يحفز الجزيء البكتيريا على إنتاج بروتين يدمر خلاياها.

ويقول بوكورسكي، "يمكن للمادة الحية أن تعمل على الملوثات محل الاهتمام، ثم يمكن إضافة جزيء صغير بعد ذلك لقتل البكتيريا، وبهذه الطريقة، يمكننا تخفيف أي مخاوف بشأن وجود بكتيريا معدلة وراثيا باقية في البيئة".

ويشير الباحثون إلى أن الحل الأفضل هو جعل البكتيريا تدمر نفسها دون إضافة مواد كيميائية، وسيكون هذا أحد التوجهات المستقبلية لهذا البحث.

ويضيف بوكورسكي، "نحن متحمسون للإمكانات التي يمكن أن يؤدي إليها هذا العمل، والمواد الجديدة المثيرة التي يمكننا صنعها، وهذا هو نوع البحث الذي يمكن أن ينتج عندما يجتمع الباحثون ذوو الخبرة المتعددة التخصصات في المواد والعلوم البيولوجية".

الإنتاج التجاري للمادة

من جانبه، لا يرى بوكورسكي، أي عوائق كبيرة أمام الإنتاج التجاري للمادة، قائلا في تصريحات خاصة عبر البريد الإلكتروني للجزيرة نت، إن "المادة الأساسية مشتقة من الطحالب والموارد اللازمة لنمو البكتيريا الزرقاء متاحة، وهي الهواء والماء والضوء".

ويوضح أن ما توصلوا إليه هو عمل أولي، حيث يمكنهم الآن التفكير في حالات الاستخدام المحتملة، سواء كان ذلك معالجة المياه على نطاق واسع، أو شبكة صغيرة الحجم أكثر توزيعا.

وعن إمكانية التفكير في تطوير مادتهم الجديدة لتعمل مع ملوثات أخرى مثل جزيئات البلاستيك، وهي المشكلة التي أصبحت أكثر خطورة، قال، "سنعمل على ذلك، حيث توفر البيولوجيا مجموعة من الموارد المحتملة التي يمكن إعادة استخدامها لأغراض إزالة التلوث البيئي، وتتمتع المادة الحالية بالقدرة على تطهير الأصباغ الصناعية والمواد الكيميائية الدقيقة والمستحضرات الصيدلانية، ونتوقع دمج وظائف بيولوجية جديدة في المستقبل، منها التعامل مع المواد البلاستيكية".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

ثورة مايو 1969

ثورة مايو 1969
سيظل لاصقا بذاكرتي ماحييت صباح يوم ٢٥ مايو ١٩٦٩ حيث جينا إلى قاعة الطعام ( الصفرة) لشراب شاي الصباح نحن طلاب مدرسة كاب الجداد الوسطى… أخبرنا عمنا الكدادي وهو من العاملين في الصفرة وهو من أبناء الشمالية الذين جاء بهم العمل للجزيرة فاستوطن فيها بأن راديو كابو وهو الآخر عامل في الصفرة من أهالي الكاملين شغال مارشات عسكرية وان هناك بيان هام سوف يذاع بعد قليل… وهذا يعني أن هناك انقلابا.. فذهبنا إلى راديو عمنا كابو وبعد قليل خرج الأساتذة الذين كانوا يسكنون قريبا من الداخلية واثنين منهم كانا يحملان أجهزة راديو فانقسمت المدرسة إلى ثلاثة أكوام كل كوم تحلق حول راديو في انتظار البيان الهام فلم نرجع إلى عنابرنا ولم يرجع الأساتذة إلى بيوتهم ولم يذهب احد في ذلك الصباح إلى الفصول .. وبعد الثامنة اذاع جعفر محمد نميري البيان الأول واعقبه بابكر عوض الله رئيس الوزراء ببيان آخر.. أعلن الرجلان قيام الثورة ونهاية العهد الحزبي

كتلاميذ لم يكن وعينا السياسي مكتملا فلم نسأل عن هوية الانقلاب ولكننا لحظنا أن الفرحة بدأت تظهر على وجه استاذنا عثمان الفال وهو أبناء سنجة وكنا نعرف أنه شيوعي بينما الوجوم أصاب استاذنا عبد الباقي بابكر وهو من الجزيرة وكان من الاخوان المسلمين ولعل السبب يرجع لظهور بابكر عوض الله الذي كان رئيسا للقضاء وقدم استقالته محتجا على حل الحزب الشيوعي معتبرا ذلك انتهاك للدستور

وعند حوالي التاسعة تقريبا أعلن تشكيل مجلس الثورة الذي كان كله عسكريا ما عدا بابكر عوض الله وأعلن أسماء الوزراء فاتضحت هوية الانقلاب للأساتذة فارتجل استاذ عبد الباقي خطبة غاضبة وقال إن هذا الانقلاب سوف يفشل لأن الشعب السوداني المسلم لن يقبل بحكم شيوعي من جانبه صعد استاذ الفال على تلة مجاورة وقال إن هذة هي الثورة التي كان ينتظرها السودان وان المواكب ستكون قد خرجت في الخرطوم تأييدا لها

نحن التلاميذ دخلنا في حيرة من أمرنا وان أظهر بعضنا ميلا للأستاذ عبد الباقي وآخرون للأستاذ الفال والشهادة لله كلا الاستاذين كانا مكان حبنا والحال هكذا ذهبت وانا ومعي شلة من اولاد رابعة إلى ناظر المدرسة الذي كان يجلس بعيدا عن تلك التجمعات وكان ناظر المدرسة هو الشاعر المشهور عوض حسن احمد الذي غني له عبد العزيز محمد داؤد اغنية صغيرتي (أو تذكريني صغيرتي أو ربما لاتذكرين /الخمسة الأعوام قد مرت ومازال الحنين) واشهر بيت فيها (ما زلت أذكر خصلة عربيدة فوق الجبين… ما زلت اقرأ في السطور فاستبين البعض أو لا استبين) واستاذ عوض كان شيوعيا الجناح الثوري التابع للصين… فسالناه عن رأيه في الحاصل وقال لنا الحاصل دا انقلاب عسكري ومافي جيش بيعمل ثورة فالثورة الحقيقية هي التي سيقوم بها هذا الرجل.. أشار إلى مزارع راكبا حماره متجها إلى حواشته كان يمر بنا في تلك اللحظة.. بالطبع لم نستوعب كلام استاذنا عوض استيعابا كاملا فكما وصفه أحدنا (دا كلام كبار كبار).. لقد امضينا سحابة ذلك اليوم ونحن في فناء المدرسة بين الداخليات والفصول والأساتذة والعمال وسطنا فكان يوم اجازة بحكم الأمر الواقع لدرجة ان الفطور قد تأخر في ذلك اليوم… طبعا المدرسة كلها كانت داخلية

أمضى النميري ستة عشر عاما في الحكم تقلب فيها من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين وتحالف مع الكل ودخل في صدام مع الكل حقق بعض الإنجازات واخفق بعض الإخفاقات وانا هنا الان لست بصدد تقييم فترة مايو فصفحاتها مبذولة للكافة ليحكموا عليها بما يرون ولكن بصدد تذكر ذلك المجتمع الصغير (الحنين) مجتمع المدرسة الوسطى الحكومية والتي كان الدخول إليها أمرا ليس بالسهل فاذكر اننا أمتحنا للدخول إليها فوق الستمائة تلميذ واكاد أجزم أن اكثر من نصفهم كان ناجحا ولكن تمنح فرصة الالتحاق بالمدرسة للأربعين الأوائل فقط وكانوا يقال لهم الفائزين كما غنى صديق أحمد (أن شاء الله يا بسام… تتحقق الأحلام.. وتظهر نتيجة العام…. وتكون من الفائزين)

في المدرسة الوسطى تشكل أدراكنا الأكاديمي ووعينا السياسي.. كان كل اساتذتنا هم أباؤنا بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية نسأل الله الرحمة المغفرة لهم جميعا َ وكذلك لاعمامنا العمال… الآن ونحن في هذة المرحلة من العمر ومن الأوضاع السياسية والاجتماعية يمكننا أن نقول (كانت لنا ايام /ما أحلى ذكراها) لكن لن نقول (ليتنا عدنا أو عادت الايام) لأن ذلك مستحيل فلكل زمان ما يناسبه من معاني ومباني ولكن يحق لنا أن نتساءل لماذا لم نمضي للإمام؟ لماذا تراجعنا إلى أن وصلنا مرحلة السلب والنهب والتشريد والقتل و الانتهاك…
اللهم لا اعتراض على حكمك لكن الجرح كان عميقا والدرس كان قاسيا ومع ذلك دعونا نفكر في يوم باكر

حاشية صغيرة..
هذا المقال مواعيد نشره في هذة الصفحة كان بالأمس لكن سهوت عن ذلك فيبدو أن الزهمرة قد بدأت هو عليكم الله الما بخلينا نخرف شنو؟

عبد اللطيف البوني

حاطب ليل / ٢٥ مايو ٢٠٢٥ /البوني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • هل انتهى زمن السامبا؟.. ريو دي جانيرو تُقيّد الموسيقى الحية على الشواطئ
  • لربط مشاريع جديدة.. تخفيض مؤقت لضخ المياه في العيون والعمران غدًا
  • ثورة مايو 1969
  • البرلمان يوافق على عقوبات ترويج شائعات جودة المياه.. غرامة تصل إلى 500 ألف جنيه
  • غرامة تصل 500 ألف جنبه.. البرلمان يُقر عقوبة ترويج الشائعات بشأن جودة المياه
  • النواب يقر مواد الإصدار بمشروع قانون تنظيم المياه
  •  تدهور مركبة منتهية الترخيص يقودها سائق غير مرخص
  • مسيرة وطنية متواصلة في خدمة الإنسان والمكان
  • تعديلات جديدة على تراخيص البناء في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم
  • حظر استيراد الطيور الحية من 5 ولايات بجمهورية الهند