الملكية الفكرية في الإمارات محفوظة
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
تعتبر حقوق الملكية الفكرية أحد المفاهيم الحديثة التي أثبتت أهميتها في تحفيز الابتكار وتعزيز الإبداع في العصر الحديث وإن الإمارات العربية المتحدة قد أدركت هذه الأهمية وعملت جاهدة على تطوير نموذج فعّال لحماية حقوق الملكية الفكرية بهدف تعزيز مناخ الابتكار، وتشجيع البحث العلمي والتطوير في مختلف المجالات.
و يعد نموذج الإمارات في حماية حقوق الملكية الفكرية مثالًا يحتذى به لتحقيق التوازن بين حقوق المبتكرين والمبدعين وبين استفادة المجتمع من الإبداع والاختراعات من ناحية اخرى .
بالإضافة الي انها تشمل مجموعة من الحقوق القانونية التي تمنح للمبتكرين والمبدعين حماية لإبداعاتهم واختراعاتهم. تهدف هذه الحماية إلى تشجيع الابتكار والإبداع عن طريق منح المبتكرين حقوقًا حصرية على استخدام وتسويق منتجاتهم وخدماتهم.
وتندرج حقوق الملكية الفكرية ضمن ما يُسمى باقتصاد المعرفة، حيث تُعنى بحماية نتاج العقل والفكر البشري وتشجيع الإبداع في مختلف المجالات مثل العلوم والآداب والفنون. وتضم فئات متنوعة من الملكية الفكرية مثل حقوق التأليف والنشر، وبراءات الاختراع، والعلامات التجارية، والملكية الصناعية ، وغيرها.
ولا شك اننا من الدول الرائدة في المنطقة في حفظ حقوق الملكية الفكرية فعندما يتعلق بحفظ الحقوق تشهد الدولة جهودًا حثيثة لتعزيز الوعي بأهمية هذه الحقوق، وتشجيع التطوير التكنولوجي والابتكار في مختلف القطاعات. وقد قامت الإمارات باتخاذ خطوات هامة لتحقيق هذه الأهداف من خلال التشريعات والسياسات والبرامج التي تدعم حماية حقوق الملكية الفكرية.
وفي السنوات الأخيرة، شهد مجال حقوق الملكية الفكرية في دولة الإمارات تطورات متسارعة أسهمت في تعزيز بيئة الابتكار وجذب الاستثمارات في مجال البحث والتطوير. وكان من أبرز هذه التطورات:
– إصدار قانون العلامات التجارية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 36 لسنة 2021 بشأن العلامات التجارية والذي يوفر حماية أكبر لأصحاب العلامات التجارية.
– إنشاء صندوق محمد بن راشد للابتكار لدعم المشاريع الناشئة في مجالات الابتكار وريادة الأعمال.
– إطلاق مبادرات وطنية لتشجيع الابتكار مثل “التحدي الابتكاري” الذي يهدف إلى تعزيز ثقافة الابتكار واستقطاب المواهب والكفاءات الوطنية في مجال الابتكار.
وقد انعكست هذه الجهود الحثيثة في تصنيف الإمارات ضمن أفضل عشر دول على مستوى العالم في مؤشر الابتكار العالمي خلال السنوات الأخيرة.
ويمكن تلخيص أبرز جهود الإمارات في حماية حقوق الملكية الفكرية وتشجيع الابتكار على النحو التالي:
– تعمل دولة الإمارات منذ نشأتها على بناء نظام شامل وفعال لحماية حقوق الملكية الفكرية، استنادًا إلى إيمانها العميق بأهمية تشجيع الابتكار والإبداع كمحركين أساسيين للتنمية المستدامة.
– وقد سنّت الدولة تشريعات حديثة ومتكاملة لحماية الملكية الفكرية، مثل قوانين حق المؤلف وبراءات الاختراع والعلامات التجارية والنماذج الصناعية، بالإضافة إلى انضمامها إلى أبرز الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن، الأمر الذي مكّنها من توفير الحماية القانونية اللازمة للمبتكرين وأصحاب الحقوق الفكرية.
– تولي الإمارات اهتماماً كبيراً بنشر الوعي في المجتمع بأهمية احترام حقوق الملكية الفكرية وحمايتها، من خلال الحملات التوعوية وتشجيع البحث العلمي وتكريم العقول المبدعة.
– تحرص الدولة على تعزيز تعاونها مع المنظمات الإقليمية والدولية في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية، والمشاركة في المبادرات الرامية إلى مكافحة التقليد والقرصنة.
– وقد وفرت الإمارات البيئة التشريعية والداعمة التي تشجع الاستثمار والابتكار في التكنولوجيا المتقدمة والصناعات المعرفية، من خلال إنشاء المناطق الحرة، وتبني أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.
– كما أنشأت الدولة هيئات متخصصة لحماية حقوق الملكية الفكرية مثل الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، ودائرة التنمية الاقتصادية في دبي، بالإضافة إلى المحاكم المتخصصة في النظر في النزاعات المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية.
– عملت حكومة الإمارات على تبسيط إجراءات تسجيل حقوق الملكية الفكرية، وتقليل الأعباء الإدارية على أصحاب هذه الحقوق، بهدف تشجيعهم على حماية ملكيتهم الفكرية.
ونتيجة لهذه الجهود الحثيثة، تصدرت مشاريع إماراتية رائدة المشهد العالمي وحصدت جوائز عالمية مرموقة، كما ارتقت الدولة إلى مصاف الدول المبتكرة وفق أبرز التقارير والمؤشرات الدولية. وهكذا تجسّد الإمارات نموذجاً فريداً يحتذى به عالمياً في بناء نظام متكامل لحماية حقوق الملكية الفكرية، مدفوعةً بإيمانها الراسخ بأن هذه الحقوق هي الضامن الحقيقي لازدهار الأمم وتقدمها.
فالإمارات تؤمن بأن حماية الإبداع والابتكار عنصر أساسي في بناء اقتصاد المعرفة وتنويع مصادر الدخل، لذا فهي ماضية في دعم المبدعين وضمان حقوقهم، مواكبةً أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.
كما تحرص الإمارات على نشر ثقافة احترام الملكية الفكرية بين أفراد المجتمع، وتنظيم الفعاليات وورش العمل التي تعزز هذه الثقافة وتبرز أهمية حماية حقوق المبدعين والمخترعين قانونياً.
وقد ساهم نهج الإمارات التشجيعي للابتكار والإبداع في جذب كبرى الشركات العالمية إلى الاستثمار في مجال البحث والتطوير على أرضها، مدركةً أن بيئة الأعمال المحفزة والحماية القانونية الفعالة للملكية الفكرية تمثل عاملين أساسيين في نجاح استراتيجيات الابتكار.
ومن الجدير بالذكر أن العالم يشهد اليوم تسارعًا مذهلاً في تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، ما يُثير تحديات جديدة أمام نظم حماية حقوق الملكية الفكرية. فمع ظهور براءات اختراع جديدة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وابتكارات ينتجها الذكاء الاصطناعي نفسه، أصبح من الضروري تطوير التشريعات لضمان حقوق المبتكرين والمبدعين في هذا المجال الواعد.
وتُعد دولة الإمارات من الدول الرائدة عالميًا في اعتماد الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، كما أنها حريصة على توفير البيئة التشريعية الملائمة لحماية الملكية الفكرية في مجال الذكاء الاصطناعي.
فقد اتخذت الدولة خطوات مهمة لتعزيز بيئة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال إطلاق استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031، وإنشاء مجلس الذكاء الاصطناعي، ووضع أطر تنظيمية جديدة تشجع الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.
كما سعت الإمارات لتعزيز حماية براءات الاختراع في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال تحديث تشريعات الملكية الفكرية، والتوسع في نظام تسجيل براءات الاختراع ليشمل التقنيات الناشئة.
وفي سبيل ضمان حقوق مبتكري الذكاء الاصطناعي، أوضحت تشريعات الملكية الفكرية في الدولة أن النظم القائمة على الذكاء الاصطناعي يجب اعتبارها أدوات فقط، ولا يجوز اعتبارها مخترعات.
كما نصّت على أن المبتكر البشري الذي يستخدم نظام ذكاء اصطناعي في عملية الابتكار، هو مالك حقوق الملكية الفكرية الناتجة عن ذلك الابتكار.
إلى جانب ذلك، تُجري الإمارات مراجعات دورية لتشريعات حقوق الملكية الفكرية، لضمان مواكبتها للتطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، وسد الفجوات القانونية بشأن المسائل الناشئة.
وتولي الدولة اهتمامًا بالغًا بنشر الوعي حول أهمية حماية الملكية الفكرية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وتنظيم ورش عمل تعريفية للباحثين والمبتكرين حول كيفية حماية حقوق ملكيتهم الفكرية.
وتشارك الإمارات في الحوارات الدولية حول وضع أطر تنظيمية عالمية لحماية الملكية الفكرية في مجال الذكاء الاصطناعي، لضمان مراعاة مصالح جميع الأطراف بما يُحفّز الابتكار.
إن نهج الإمارات التشجيعي والمرن نحو التقنيات الناشئة يوفر الحماية اللازمة لملكية مبتكري الذكاء الاصطناعي، ما يسهم في ترسيخ مكانة الدولة كوجهة رائدة عالميًا في مجال الابتكار والإبداع المعزز بالتقنيات الذكية.
وستواصل الإمارات ريادتها العالمية في تبنّي تقنيات المستقبل وحماية حقوق مبتكريها، ضمن رؤيتها الطموحة لبناء اقتصاد معرفي مستدام يقوده الابتكار ويدعمه التشريع.
وقد كان لهذه الجهود أثرها الملموس في تعزيز بيئة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي بالدولة، إذ شهدت السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في عدد براءات الاختراع الممنوحة في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة في مجالات الرعاية الصحية والنقل الذكي واستخدامات الطاقة.
كما استقطبت البيئة الداعمة للابتكار استثمارات ضخمة من كبريات الشركات العالمية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي ساهم في ترسيخ مكانة الدولة كمركز عالمي رائد في مجال البحث والتطوير والابتكار القائم على التقنيات الذكية والمتقدمة.
ومن المتوقع أن تشهد السنوات القادمة مزيدًا من التقدم في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وستواصل الإمارات جهودها لتعزيز البيئة التشريعية الداعمة للابتكار، وتوفير الحماية الكافية لحقوق ملكية مبتكري الذكاء الاصطناعي.
وستظل الإمارات في طليعة الدول التي تتبنى التقنيات المتقدمة وتشجع الابتكارات القائمة عليها، ضمن رؤيتها الهادفة لترسيخ مكانتها بين أكثر دول العالم تقدمًا وابتكارًا.
وبفضل ريادتها وحرصها على بناء القدرات وتمكين الكفاءات، وتوفير الدعم التشريعي والبيئة الحاضنة، ستواصل الإمارات مسيرة الرقي والازدهار على درب الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار، مرسخة مكانتها بين دول الصدارة عالميًا في مؤشرات التنافسية والابتكار.
وفي الختام، تجدر الإشارة إلى أن النموذج الإماراتي الناجح يؤكد أن حماية الملكية الفكرية وتشجيع الابتكار أمران متلازمان، وأنه لا يمكن تحفيز الإبداع من دون ضمان حقوق المبدعين والمخترعين وفق أطر قانونية فاعلة.
وستواصل الإمارات مسيرتها نحو مستقبل واعد يزدهر فيه الابتكار وتتفتح فيه الآفاق أمام إبداعات العقول الوطنية، رافعةً شعار “ملكيتك فكرتك” الذي يجسد حرصها على تأمين الحماية القانونية اللازمة لملكية المبدعين الفكرية باعتبارها حقاً أصيلاً وثروة وطنية عظيمة.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: حمایة حقوق الملکیة الفکریة فی مجال الذکاء الاصطناعی حمایة الملکیة الفکریة الملکیة الفکریة فی براءات الاختراع الابتکار فی الإمارات فی ت الدولة من خلال فی هذا
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي في التحكيم الرياضي بين الدقة والتحديات
شهدت الرياضة تحولا جذريا خلال السنوات الأخيرة بفضل التطورات التكنولوجية، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويعد تحسين أداء الحكام الرياضيين وتقليل الأخطاء البشرية التي قد تغير نتائج المباريات أحد أكثر المجالات تأثرا.
ومع ظهور تقنيات، مثل "حكم الفيديو المساعد" (VAR)، أصبحت القرارات التحكيمية أكثر دقة، ولكنها أثارت أيضا نقاشات حول مدى موثوقيتها وتأثيرها في روح اللعبة.
وفي هذا الموضوع، نستعرض دور الذكاء الاصطناعي في تحسين التحكيم الرياضي، مع استعراض أمثلة عملية، والتحديات التي تواجه هذه التقنيات في تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والعنصر البشري.
لطالما كان الحكم الرياضي هو السلطة العليا في الملعب، يتخذ قراراته في أجزاء من الثانية وسط ضغوط اللاعبين والجمهور وسرعة الإيقاع.
ولكن التحكيم الرياضي شهد تطورا جذريا خلال العقود الماضية استجابة للحاجة الملحة لتقليل الأخطاء التحكيمية.
وانتقل التحكيم الرياضي من الاعتماد الكامل على الحكم البشري إلى الاستعانة بالذكاء الاصطناعي الذي ساعد في اتخاذ قرارات دقيقة وعادلة.
وأظهرت الدراسات أن الأخطاء التحكيمية تظل حاضرة في بعض الرياضات الجماعية، حتى مع التدريب والخبرة.
ويقدم الذكاء الاصطناعي حلولا مبتكرة من خلال قدرته على المساعدة في اتخاذ قرارات مبنية على أسس علمية موضوعية، بدلا من الاعتماد على التقدير الشخصي وحده، كما يسهم في تحسين أداء الحكام.
وتتبع الأنظمة الذكية قرارات الحكام وتحلل دقتها، مما يساعد في تحديد نقاط القوة والضعف في الأداء وتوجيههم نحو التحسين.
وتشمل هذه التحليلات متابعة أنماط القرارات، وتحديد الأخطاء المتكررة، وقياس الاتساق في التحكيم. كما تساعد في إعداد برامج تدريبية مخصصة للحكام بناء على احتياجاتهم الفردية.
إعلانوتشكل أنظمة الذكاء الاصطناعي دعامة رقمية لتحسين جودة التحكيم، إذ ظهر نظام الرؤية الحاسوبية "هوك آي لايف" (Hawk-Eye Live) لأول مرة في رياضة التنس عام 2003 لأغراض البث.
ولكن حصل على الموافقة عام 2005 بعد مباراة في بطولة أميركا المفتوحة للتنس عام 2004 تعرضت خلالها لاعبة لعدة قرارات خاطئة وخسرت المباراة.
وجرى توسيع نطاق استخدام "هوك آي لايف" خلال جائحة فيروس كورونا، حيث أقيمت بطولة الولايات المتحدة المفتوحة للتنس لعام 2020 بدون حكام خطوط في جميع الملاعب الرئيسية باستثناء ملعبين.
ومنذ بدء استخدام "هوك آي لايف"، استغنى اتحاد التنس الأميركي عن ما بين 190 و200 حكم، حسب مرحلة البطولة.
وتوضح ورقة بحثية صادرة عام 2024 أن السلوك البشري يتغير عند استخدام التكنولوجيا، إذ تحسنت دقة الحكام، وانخفض معدل الأخطاء الإجمالي بنسبة 8% بعد استخدام "هوك آي لايف".
من التنس إلى كرة القدم والجمبازفي عام 2009، ساعدت لمسة يد غير ملحوظة فرنسا على إقصاء أيرلندا من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010، في حين كان هدف فرانك لامبارد الشهير ضد ألمانيا نقطة التحول.
وبالرغم من عبور الكرة خط المرمى، أخطأ الحكم في تقدير الموقف، مما دفع إلى تبني التقنية الجديدة.
وفي عام 2012، أنشأ مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم عملية اعتماد لضمان جودة أنظمة تقنية "خط المرمى" (Goal-Line Technology) المستخدمة في المباريات الرسمية.
بينما ظهرت "تقنية التسلل شبه الآلية" (SAOT) لأول مرة في كأس العالم لكرة القدم عام 2022 في قطر، حيث ترسل الكرة تنبيها إلى غرفة "حكم الفيديو المساعد" كلما كانت في وضع التسلل.
كما تضمنت الكرة وحدة "قياس بالقصور الذاتي" (IMU) تكتشف المواقف غير القانونية وترسل البيانات بمعدل 500 مرة في الثانية إلى غرفة "حكم الفيديو المساعد".
كما وصلت "تقنية التسلل شبه الآلية" إلى الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2025، من أجل توفير تحديد سريع وثابت لخط التسلل الافتراضي، استنادا إلى تتبع اللاعبين بصريا.
أما في رياضة الجمباز، فقد طورت "فوجيتسو" (Fujitsu) تقنية "نظام دعم التحكيم" (JSS) بالتعاون مع الاتحاد الدولي للجمباز، لتحويل الحركات البشرية المعقدة إلى بيانات رقمية، مما قلل من التحيز وساعد في توحيد المعايير.
واستخدم "نظام دعم التحكيم" في مسابقات بطولة العالم للجمباز لعام 2019، كما استخدمت هذه التقنية لأول مرة في بطولة العالم للجمباز الفني في بلجيكا عام 2023، للتحكيم على جميع الأجهزة.
البيانات تتحدث في لعبة الجولف والملاكمةبفضل نظام "شوت لينك" (ShotLink) المعزز بمعلومات لوجستية وبيانات إحصائية وأجهزة الاستشعار المدمجة في أرضية ملعب الجولف، يمكن تتبع موقع كل ضربة قبل أن تلامس الأرض.
كما يتضمن النظام رادارا من المستوى العسكري يوفر بيانات حول كل ضربة، إلى جانب وجود 12 كاميرا ومجموعة من الأشخاص الذي يراقبون الضربات التي تخرج عن حدود الملعب.
وتوفر أجهزة الاستشعار والكاميرات البيانات للتنبؤ بموقع الضربة قبل أن تصطدم بالأرض، ويستخدم الذكاء الاصطناعي من أجل تزويد الحكام بأدوات تساعدهم في أداء عملهم.
إعلانأما في رياضة الملاكمة، فإن نظام "ديب سترايك" (DeepStrike) يجمع بيانات مكثفة عن المباريات في 50 مقياسا رئيسيا لكل لاعب، مما يتيح الكشف عن السلوكيات غير المشروعة، وبالتالي مكافحة الغش في النزالات.
يتمتع الذكاء الاصطناعي بمزايا مقارنة بالحكام البشر، في ما يتعلق ببعض التحيزات المحتملة، كتلك التي قد تستند إلى جنسية الرياضي، كما أن له ميزة على القيود الجسدية للحكم البشري، مثل ضعف البصر، وسرعة الإدراك، والتعب بعد يوم طويل من التحكيم.
ومن المفترض أن أنظمة الذكاء الاصطناعي محايدة، ومع ذلك، فإن قرارات الذكاء الاصطناعي تعتمد على كيفية تدريبه ومن تدرب عليه.
ولا تزال قرارات الذكاء الاصطناعي مبنية على قواعد يبرمجها البشر، باستخدام بيانات تجمعها آلات يمكنها أن تغفل عن بعض التفاصيل أو تفسرها بشكل خطأ.
وقد يصلح الذكاء الاصطناعي بعض المشاكل، لكنه يدخل مشاكل أخرى، كما أنه يثير قضايا المسؤولية، حيث واجهت عملية اتخاذ القرار بمساعدة الذكاء الاصطناعي في الرياضة انتكاسات.
وشهدت مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز عام 2020 بين شيفيلد يونايتد وأستون فيلا إلغاء هدف واضح بسبب عطل في تقنية "خط المرمى"، وليس بسبب خطأ بشري.
واعترفت الشركة المطورة لتقنية "هوك آي لايف" لاحقا بالخطأ، واصفة إياه بالشذوذ بعد أكثر من 9 آلاف مباراة دون أي حوادث.
ونشأ جدل مماثل في المباراة الافتتاحية لكأس العالم لكرة القدم 2022، عندما ألغت "تقنية التسلل شبه الآلية" هدفا للاعب الإكوادور إينر فالنسيا.
وأثار القرار جدلا حول إذا كانت دقة النظام، التي تقدر بمستوى السنتيمتر، صارمة للغاية بالنسبة لطبيعة اللعبة السريعة.
وبينما يتفوق الذكاء الاصطناعي في القرارات الموضوعية، فإنه يعاني في القرارات الذاتية، وهو مجال لا يزال فيه الحكم البشري حاسما.
المستقبل الهجينلا يزال من الصعب تصور ملاعب رياضية بدون حكام بشريين، إذ إن المجتمع الرياضي لم يتهيأ بعد لتقبل حكم روبوت.
كما أن الذكاء الاصطناعي لا يسعى في الوقت الحالي إلى إلغاء العنصر البشري، بل دعمه بمنظومة ذكية تقلل من احتمالات الخطأ، وتعزز الشفافية، وتضمن تكافؤ الفرص.
ونتيجة لذلك، فإن التوجه هو تطوير نموذج هجين، يجمع بين الذكاء الاصطناعي والحدس البشري، حيث يتولى الذكاء الاصطناعي القرارات الموضوعية، في حين يحتفظ الحكم البشري بالقرارات التقديرية التي تتطلب فهم السياق والنية.
ختاما، في عالم تقاس فيه الانتصارات بأجزاء من الثانية، لم تعد الأخطاء التحكيمية مجرد حوادث عرضية بل أصبحت قضايا رأي عام، تتصدر العناوين وتؤثر في ثقة الجمهور بالبطولات.
في حين أن الذكاء الاصطناعي يؤدي دورا حيويا في تحسين أداء الحكام الرياضيين وتقليل الأخطاء البشرية، بيد أنه ليس معصوما عن الخطأ، ولا بديلا عن الإنسان في السياقات التي تتطلب تقديرا سياقيا.
نتيجة لذلك، فإن التحكيم الرياضي العادل يحتاج إلى مزيج من الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري.