(الخوف والهلع هو سيد المشهد فى المغرب وليبيا)، ثلاثة أيام فقط بين الزلزال المدمر فى المغرب والإعصار المدمر فى ليبيا، والحصيلة هى ما يقرب من عشرة آلاف قتيل من زلزال المغرب المدمر، وأكثر من خمسة آلاف قتيلٍ من كارثة إعصار ليبيا وقد يصل العدد إلى عشرين ألف قتيل، وهناك أعداد كبيرة من المشردين من البلدين المنكوبين، فالإعصار (دانيال) قد اجتاح المنطقة الشرقية من ليبيا بمدينة درنة على البحر المتوسط والسيول الضخمة جرفت التربة فانهارت مئات المبانى والعمائر، والحقيقة فى مقالى هذا أريد تناول الموضوع من اتجاه آخر ومختلف، ألا وهو العبرة والدرس من تلك الظواهر المدمرة والمفاجئة للإنسانية، العبرة الأولى أن الله عز وجل يرسل الآيات تذكيرًا لعباده حتى يرجعوا إليه ويجتنبوا الذنوب والمعاصى والشاهد على ذلك قوله تعالى (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) والآيات هنا مثل الزلازل والأعاصير والفيضانات، وقد أهلك الله قوم شعيب عليه السلام بالرجفة (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِى دَارِهِمْ جَاثِمِينَ)، وأهلك قارون بالخسف: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ)، وأهلك عاد بالريح (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِى الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ، فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِى أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ).
ففى مشاهد الإعصار المدمر تذكير بشدة بطش الله حيث قال (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) وفيه تذكير أيضًا بإهلاكه للأمم السابقة حين قال (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، أما فى مشاهد الزلازل المدمرة والمتكررة تذكير الناس بقرب قيام الساعة حيث ورد فى الحديث الشريف (لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ..)، وفيها أيضًا تذكير للناس بمشاهد يوم القيامة حيث قال تعالى (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)، والمؤسف هنا أنه لم يكن هناك أى تحذيرات مسبقة من الحكومة الليبية عن الإعصار، وأيضًا لم تكن هناك توقعات من الحكومة المغربية بالزلزال، وبالتالى فإن الكوارث قد باغتت الدولتين دون تحذيرات أو توقعات مسبقة، وتساؤلنا هنا: هل تتحمل الحكومتان بالمغرب وليبيا المسئولية عن تلك المباغتة الكارثية؟، وهل تتحمل الحكومتان بالمغرب وليبيا المسئولية عن نقص التجهيزات والاستعدادات الوطنية لمواجهة الكوارث الطبيعية؟، قد نجد صعوبة فى الإجابة ولكن المؤكد عدم وجود استعداد وجاهزية وخطط طوارئ بهاتين الدولتين، لا سيما أن المغرب وليبيا هما دولتام قادرتان وبهما مقومات طبيعية ومادية تمكن الحكومات من المواجهة والتغلب على الكوارث المختلفة، وفى ختام مقالى هذا نؤكد أنه بالفعل لا يغنى الحذر من القدر، ولكن أرى أن الحذر والتجهيز والاستعداد من الممكن أن يخفف الأضرار، وللحديث بقية إن شاء الله.
دكتور جامعى وكاتب مصرى
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الخوف المغرب ليبيا الزلزال الاعصار كارثة التربة المغرب ولیبیا
إقرأ أيضاً:
هزة أرضية بقوة 3.4 درجة تضرب ولاية جزائرية
ضربت هزة أرضية ولاية "قالمة" الواقعة على بعد نحو 550 كيلومترا شرقي الجزائر، و جاءت الهزة بقوة 3.4 درجة على مقياس ريختر، بحسب وكالة الانباء القطرية.
وكان مركز الزلزال على بعد كيلومترين اثنين جنوب غربي بلدة حمام دباغ التابعة لولاية قالمة شرق البلاد، دون أن يبلغ حتى الآن عن تسجيل خسائر مادية أو بشرية، حسبما أفاد المركز الجزائري للبحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية والفيزياء الأرضية في بيان له.
و يذكر أن الزلزال الذي ضرب ولاية بومراداس في 21 مايو 2003 كان الأعنف في تاريخ البلاد حينما بلغت شدته 6.8 درجة، وتسبب بمقتل 2266 شخصا وإصابة أكثر من 10 آلاف آخرين، وتضرر أو انهار بسببه أكثر من 1234 بناء، كما أدى إلى تضرر كوابل الاتصال البحرية، وقدرت قيمة خسائره بما يقارب 100 مليون دولار أمريكي، وشعر به سكان جزر البليار وبرشلونة في إسبانيا وموناكو بفرنسا.
و تتعرض المناطق الشمالية والشرقية من الجزائر بين الحين والآخر لهزات أرضية وزلازل خفيفة.