على هامش مشاركتهما في اجتماع الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، جاء لقاء وزير الخارجية الأمريكي برئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، وعضو المجلس-رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، بمثابة فرصة لواشنطن لتأكيد موقفها من الحوار الثنائي بين المملكة العربية السعودية وجماعة الحوثي.

وبالرغم من الترحيب الأمريكي المعلن بجولة المفاوضات المنعقدة حالياً منذ 14 سبتمبر الجاري، بين المملكة والحوثيين، وكذلك تصريح وزير الخارجية أنتوني بلينكن في كلمته الترحيبية بالرئيس العليمي ونائبه الزبيدي، بأن الجميع سيعمل بطريقة إيجابية لدعم تلك الجهود، إلا أن بلينكن أكد في نفس الكلمة الترحيبية أن المفاوضات اليمنية-اليمنية بوساطة الأمم المتحدة "أصبحت ضرورية للتوصل إلى سلام دائم".

في تغطيته لهذا اللقاء نشر موقع وزارة الخارجية الأمريكية، الاثنين الماضي، اليوم الذي تم فيه اللقاء، نص الكلمة الترحيبية للوزير بلينكن بالرئيس ونائبه في نيويورك، كما نشر الموقع موجزاً رسمياً للقاء اليمني الأمريكي على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميللر. وكلا النصين متقارب من حيث المحتوى، باستثناء إشارة الوزير بلينكن إلى أنه عاد "للتو من اجتماع بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي"، وأن ما سمعه في ذلك الاجتماع "كان إجماعًا قويًا في وجهات النظر حول أهمية هذه اللحظة" بالنسبة لليمنيين، واصفًا إياها ب"الفرصة التي تكمن الآن أمام الشعب اليمني للتحرك أخيرًا نحو تحقيق السلام الشامل والدائم".

إشارة بلينكن إلى اجتماعه بمجلس التعاون الخليجي بدت كرسالة حثّ لمجلس القيادة الرئاسي للتعاطي الإيجابي مع المفاوضات الجارية في الرياض مع جماعة الحوثي، وفي نفس الوقت حثّ الأطراف الممثلة في مجلس القيادة على التمسك بمفاوضات يمنية-يمنية بين جميع الأطراف، وهي المفاوضات التي جدد بلينكن تمسّك حكومته بدعمها كونها الطريقة الأكثر ضماناً للتوصل إلى سلام دائم.

ومنذ أسابيع مضت يشن إعلام جماعة الحوثي حملات مستمرة على الدور الأمريكي في الملف اليمني، وتتهم قيادات الصف الأول من الجماعة أمريكا وبريطانيا بمحاولة عرقلة المفاوضات مع المملكة العربية السعودية، كما يحاولون تصوير استجابتهم للمفاوضات مع السعودية بكونها مشروطة بتجاهل السعودية لأي مبادرات أمريكية للحل السياسي في البلاد. ومعروف أن استجابة الحوثيين لهذه المفاوضات جاءت بعد تلقيهم الضوء الأخضر من إيران وفي ظل جهود الوساطة العمانية المستمرة منذ أواخر العام الماضي.

ويتهرب الحوثيون من المفاوضات اليمنية-اليمنية مراهنين في ذلك على دولتي التحالف العربي- السعودية والإمارات، في الضغط على الأطراف المناهضة للجماعة الانقلابية لقبول نتائج أي مفاوضات، بينما تشير المواقف المعلنة من قبل الحكومة الشرعية والأطراف المناهضة لانقلاب الحوثيين إلى أن جميع الأطراف المحلية لن تقبل أي اتفاق لا ينهي انقلاب المليشيا على السلطة ويلغي جميع التغييرات التي أحدثتها في بنية مؤسسات الدولة والحياة العامة خلال السنوات التسع الماضية.

الجنوب قضية محورية

يشير اصطحاب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، لعضو المجلس عيدروس الزبيدي لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا العام، إلى موقف موحد في مجلس القيادة على أن أي مفاوضات للحل في اليمن يجب أن تكون القضية الجنوبية في صميمها وفي إطارها التفاوضي، وهو الموقف الذي أعلنه المجلس الانتقالي الجنوبي غداة سفر الوفد الحوثي إلى الرياض.

يبدو أن القضية الجنوبية اليوم وبعد ما يقارب 20 سنة على انطلاقها، أصبحت محط اهتمام الكثير من دول الإقليم والعالم، وتعد مشاركة الزبيدي في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بمثابة رسالة لقادة العالم المجتمعين في هذه الدورة، ومفادها أن السلام في اليمن قائم على مشاركة الأطراف اليمنية من الشمال والجنوب في المفاوضات، وعلى معالجة القضية الجنوبية بشكل عادل أو التسليم بانفصال الجنوب كأمر واقع.

لا تبدو الولايات المتحدة الأمريكية داعمة لخيار انفصال الجنوب عن الشمال، وقد أكد بلينكن في لقائه العليمي والزبيدي أن بلاده تدعم مجلس القيادة الرئاسي في إطار التزامه المشترك بتحقيق نهاية دائمة للصراع في اليمن وتخفيف معاناة اليمنيين. وقال بلينكن في اللقاء إن حكومته مصممة "على أن تؤدي الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار على مستوى البلاد وإطلاق عملية سياسية يمنية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة"، مؤكداً أن "الاتفاق السياسي بين الأطراف اليمنية، والذي يلبي أيضًا دعوات اليمنيين لتحقيق العدالة والمساءلة، هو وحده القادر على إحلال السلام والازدهار في البلاد". 

وتابع بلينكن: "في رأينا، فإن الطريق إلى الأمام واضح: المفاوضات فقط، وليس الأعمال العدائية، هي التي ستجلب الأمن والرخاء لشعب اليمن. نحن ندعم مجلس القيادة الرئاسي الذي يرأسه السيد الرئيس (العليمي) وندعم المحادثات المباشرة بين جميع اليمنيين للتوصل إلى حل دائم. وسوف نفعل ونستمر في بذل كل ما في وسعنا لدعم الجهود ذات الأهمية الحيوية التي تشاركون فيها جميعًا"، وذلك بحسب الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الأمريكية. 

شمولية المفاوضات 

بمزيد من التمسك بمبدأ شمولية المفاوضات من قبل الأطراف المناهضة لجماعة الحوثي، سوف يزداد الدعم الإقليمي والدولي لهذا الموقف، بما في ذلك دعم المملكة العربية السعودية.

ورغم وضوح تحفظ الأطراف المناهضة لجماعة الحوثي على المفاوضات الثنائية الجارية بين الجماعة والمملكة العربية السعودية، يراهن الحوثيون على أن الأطراف المناوئة لهم يمكن أن تقبل بأي اتفاق حتى لو غلبت عليه اشتراطاتهم التعجيزية. وينطوي مثل هذا الرهان على سوء تقدير سياسي، خاصة حين الأخذ بالاعتبار موقف القوى الجنوبية والمقاومة الوطنية وقوات العمالقة من عدم شمولية المفاوضات، والأطراف الثلاثة لديها قوات ضاربة على الأرض قادرة على إحداث توازن قائم على الردع. وإلى جانب هذه القوات هناك الألوية العسكرية التابعة مباشرة لوزارة الدفاع في الحكومة الشرعية والموزعة على جميع المحافظات المحررة. وإذا كانت جماعة الحوثي تحظى بدعم سياسي إقليمي من إيران وسلطنة عمان، فإن الأطراف المناوئة لها تحظى بدعم واعتراف أكثر من دولة على المستوى الإقليمي والدولي، وعلى رأسها الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها، كما أن انفراد السعودية بهذه المفاوضات مع الحوثيين لا يعني تخليها عن حلفائها الاستراتيجيين في اليمن والإقليم.

ويروج إعلام الحوثيين والإعلام العربي المؤيد لهم منذ انطلاق مفاوضات الرياض لعدم شمولية المفاوضات، وذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية أن مجلس القيادة الرئاسي والأطراف المناهضة للحوثيين لن تشارك في هذه المفاوضات، وأن المملكة العربية السعودية سوف تعلن نتائج المفاوضات رسمياً عقب انتهاء هذه الجولة، وهو ما فنّده محللون سياسيون ومراقبون عن كثب للشأن السياسي في اليمن والمنطقة.


المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: المملکة العربیة السعودیة مجلس القیادة الرئاسی الخارجیة الأمریکی فی الیمن جمیع ا

إقرأ أيضاً:

ترامب يكشف عن مفاجأة من روسيا أثناء اقتراب المفاوضات من نهايتها

عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن "مفاجأته الكبيرة" إزاء استئناف روسيا ضرباتها الصاروخية ضد المدن الأوكرانية، في وقت كانت فيه المفاوضات بين موسكو وكييف على وشك التوصل إلى تسوية، حسب تعبيره.

وقال ترامب، في تصريحات أدلى بها من المكتب البيضاوي، إنه كان يعتقد أن الحل السياسي بات وشيكاً، مؤكداً أن الضربات الروسية التي استهدفت مدنًا بينها العاصمة كييف جاءت على نحو غير متوقع. وأضاف: "كنا نقترب من التوصل إلى حل، وفجأة بدأ القصف وقُتل الناس، سمعت شيئاً لم أكن أتوقعه... أنا لا أحب المفاجآت، لقد شعرت بخيبة كبيرة".

وأوضح ترامب أن المباحثات كانت في مراحلها النهائية، مشيرًا إلى أن واشنطن كانت تتطلع إلى إعلان رسمي يطوي صفحة الحرب الممتدة منذ أكثر من عامين، قبل أن تفاجئ موسكو الجميع بإطلاق وابل من الصواريخ.

تقرير دولي: كوريا الشمالية أرسلت آلاف الجنود وملايين الذخائر إلى روسيابمسيّرات.. روسيا تشن هجوما عنيفا ضد أكبر موانئ أوكرانيا على نهر الدانوبروسيا تحذر أوكرانيا: خياركم بين التفاوض أو الهزيمة في ساحة القتالأوكرانيا تعلن استعدادها للمشاركة في مفاوضات روسيا بشرطمنتدى «روسيا - العالم الإسلامي» يشهد مشاركة قياسية من 103 دول .. فيديوخلال الليلة الماضية.. روسيا تعلن إسقاط 48 طائرة مسيرة أوكرانيةالنفط يرتفع بعد تجميد رسوم ترامب الجمركية وتزايد المخاوف من العقوبات على روسياوزير خارجية ألمانيا من واشنطن: روسيا هي من تنتهك القانون الدولي

في المقابل، بررت وزارة الدفاع الروسية التصعيد الأخير بالقول إنه جاء رداً على ما وصفته بـ"تكثيف نظام كييف لهجماته العدوانية" باستخدام الطائرات المسيّرة، والتي استهدفت مناطق سكنية داخل الأراضي الروسية.

وقالت الوزارة، في بيان رسمي، إنها أسقطت آلاف الطائرات المسيّرة الأوكرانية، معظمها خارج نطاق منطقة العملية العسكرية الخاصة، ما دفعها إلى تنفيذ ضربات دقيقة وموسعة ضد منشآت "مرتبطة بالبنية التحتية العسكرية لنظام كييف".

تقرير دولي: كوريا الشمالية أرسلت آلاف الجنود وملايين الذخائر إلى روسيابمسيّرات.. روسيا تشن هجوما عنيفا ضد أكبر موانئ أوكرانيا على نهر الدانوبروسيا تحذر أوكرانيا: خياركم بين التفاوض أو الهزيمة في ساحة القتالأوكرانيا تعلن استعدادها للمشاركة في مفاوضات روسيا بشرطمنتدى «روسيا - العالم الإسلامي» يشهد مشاركة قياسية من 103 دول .. فيديوخلال الليلة الماضية.. روسيا تعلن إسقاط 48 طائرة مسيرة أوكرانيةالنفط يرتفع بعد تجميد رسوم ترامب الجمركية وتزايد المخاوف من العقوبات على روسياوزير خارجية ألمانيا من واشنطن: روسيا هي من تنتهك القانون الدولي

وتأتي هذه التطورات وسط حالة من الترقب الدولي بشأن مستقبل المفاوضات التي كان يُعوَّل عليها لإنهاء النزاع. وكان مسؤولون روس قد تحدثوا عن "قنوات خلفية" نشطة بمشاركة وسطاء دوليين، بينما أكدت أوكرانيا مؤخراً رغبتها في تسوية مشروطة تضمن انسحاب القوات الروسية وتأمين السيادة الوطنية.

طباعة شارك ترامب روسيا أوكرانيا واشنطن موسكو كييف

مقالات مشابهة

  • ترامب يكشف عن مفاجأة من روسيا أثناء اقتراب المفاوضات من نهايتها
  • ترامب يتهم الصين بخرق اتفاق الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة
  • ترامب: الصين "انتهكت بالكامل" الاتفاق مع واشنطن بشأن الخفض المتبادل للرسوم
  • ترامب: الصين انتهكت تماما الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة
  • واشنطن ترفع مستوى الضغط
  • رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي: نواجه مشروعاً طائفيا لا يعترف بالدولة ولا القانون ويتبنى أفكار الولاية والحق الإلهي «فيديو»
  • سفارة كوريا ترحب بتقرير اللجنة الاستشارية
  • انطلاق تجارب السيارات ذاتية القيادة في السعودية
  • خلال لقاء رئيس مجلس الدوما.. العليمي: العلاقات التاريخية «اليمنية- الروسية» تعود جذورها إلى قرابة مائة عام
  • مصادر إيرانية: طهران مستعدة لتعليق تخصيب اليورانيوم بشرط تلبية واشنطن لمطالب محددة