المرتضى: على الجميع الركون الى الحوار من أجل تفادي الفراغ القاتل
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
رعى وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى ندوة "تدنيس المقدسات وتكريس المواجهات"، التي أقامتها المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، في قاعة المكتبة الوطنية. وتخللها افتتاح المعرض الفني الكاريكاتوري بعنوان "صراع النار والنور".
وفي السياق، قال المرتضى: "بتدنيس المقدسات لا أرى ديانة واحدة في خانة الضحية، بل أرى الله عز وجل، وقد تعرض لمحاولة المساس به على أيدي زمر شيطانية.
وأضاف: "في مواجهة التدنيس لا خيار لدينا سوى نشرِ قيم التشابه، تشابهنا في طبيعة إيماننا وفي جوامعه المشتركة، متيقنين أن العبث بالمقدسات التي يقوم بها أفراد وجماعات ليس بريئا وأن وراء الأكمة مسحاء دجالون وانبياء كذبة يعملون بحسب أجندة من غرفٍ شديدة السواد يديرها المشروع الصهيوني بهدف إشعال حروب العقيدة وتفجير الله من داخل الديانات السماوية".
وتابع: "شهدنا في السنوات الماضية، وما زلنا نشهد، على نموذجين من نماذج السلوك الاإنساني، نموذج آكلي الأكباد وقاتلي المصلين في المساجد والكنائس، وحارقي الكتب المقدسة ونموذج حماة المعابد الذين دخلوا الحرب على التكفير محررين راهبات معلولا ومرممين تماثيل العذراء البتول مريم. ونحن متيقنون أن النموذج الأخير سيهزم النموذج الأول الذي يريد اغتيال كل ما هو راق وجميل في الأديان ألا هو نعمة لقاء الآخر والاتحاد معه بالشعور الانساني".
واعتبر ان "المواجهة تبدأ بمحاربة كل أنواع التمييز القائمة على الجنس واللون والعرق والجنسية والدين بقوة وصلابة وارادة لا تلين وهذه أحد عناوين معركة الثقافة قبل أي معركة أخرى، فتدنيس المقدسات إثم ثقافي قبل أن يكون جريمة في القانون، والمطلوب تنظيف الداخل قبل تنظيف الخارج. وعلينا جميعا أن نأخذ في الاعتبار أنه لا يمكن خوض غمار هذه المواجهة مع الشر برصف الكلمات ولا بالخطب الرنانة على أهميتها، فالشعارات مثل المفرقعات النارية تضيء لفترة وجيزة قبل ان تختفي في ظلام الليل، علينا سلاح الموقف وقد اتخذناه عندما قاطعنا التعاون الثقافي مع الدول التي افسحت بالاساءة، وها أنتم اليوم تواجهون بالردّ الثقافي ردا فعالا وبهيا في آن".
وقال: "أيها الأحبة، علينا الذهاب الى ما يشبه السلاح الأبيض، الى الالتحام مع أعداء الانسانية بتغيير قواعد اللعبة والاشتباك. التربية والتعليم والتلقين والتوظيف الثقافي هما الأسلحة المناسبة. الدخول الى العقول والنفوس والأخلاقيات والقيم المجتمعية، خلق مواطن جديد ومواطنية جديدة وتثبيت نظام مناعة مجتمعية مناسبة وبحجم الحرب المُعلَنَة ضد مجتمعاتنا وتراثنا وتقاليدنا".
وأردف: "على الجميع الركون الى الحوار من أجل تفادي الفراغ القاتل في بلدنا، فلماذا يمعنون في رفض دعوة الرئيس نبيه بري الصادقة الى الحوار غير المشروط؟ ليس ثمة عاقل أو مخلص يمكنه أن يدير ظهره أو يصم أذنيه عن هكذا دعوة، وهو يرى البلد وصل الى ما لا تحمد عقباه، اللهم الا اذا كان البعض قد اتخذوا قرارهم في الامعان في تنفيذ المشروع الشيطاني الرامي الى منع تلاقي اللبنانيين والحيلولة دون خروجهم من ازماتهم". وفي الختام، قال: "نسألك اللهم أن تلهمنا أن نعمل ما تحبه وترضاه، وفيه خلاص لوطننا وصون لقيمنا، ومن ذلك أن نحفظ بعضنا بعضا كلبنانيين لنحفظ بالنتيجة من خلال ذلك صيغتنا اللبنانية الفريدة التي تمثل رسالة بهية للإنسانية جمعاء".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
في ذكرى وفاة محمد متولي الشعراوي.. أبرز الفتاوى التي أثارت الجدل
بعد مرور أكثر من خمسة وعشرين عامًا على وفاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، لا تزال آراؤه الدينية واجتهاداته الفقهية تُطرح بقوة في ساحات النقاش، وتتصدر الحوارات الدينية والثقافية في مختلف الأوساط.
كان الشيخ الشعراوي من أكثر العلماء تأثيرًا في الوجدان الشعبي، واحتل مكانة كبيرة لدى الجمهور، ليس فقط بسبب أسلوبه السهل الممتنع في تفسير القرآن الكريم، ولكن أيضًا بسبب مواقفه الجريئة وتصريحاته الصادمة أحيانًا، التي جعلته دائم الحضور حتى بعد وفاته بسنوات طويلة.
ومع مرور الزمن، بقيت فتاواه موضوعًا للجدل، يراها البعض انعكاسًا لفهم دقيق للنصوص الدينية، بينما يعتبرها آخرون آراءً متشددة أو متناقضة مع متطلبات العصر.
وفيما يلي، نستعرض أبرز هذه الفتاوى والمواقف التي تركت أثرًا واسعًا، وأثارت الكثير من التساؤلات والانتقادات.
من الفتاوى التي أثارت أيضًا موجة من الجدل موقف الشعراوي من عمل المرأة.
ففي أحد أحاديثه المتلفزة، قال إن المرأة لا ينبغي لها أن تخرج للعمل إلا إذا كانت مضطرة لذلك.
وحدد حالتين فقط لخروج المرأة إلى العمل: الحالة الأولى إذا لم يكن لها من يعولها، فحينها تكون معذورة، أما الحالة الثانية فهي أن يكون العمل ضروريًا للغاية، ويجب أن يتم في أضيق نطاق ممكن.
وأضاف أن المجتمع المؤمن عليه مسؤولية توفير احتياجات النساء حتى لا يضطررن للخروج من منازلهن، مشيرًا إلى أن الأصل هو بقاء المرأة في بيتها، معتبرًا أن ذلك صيانة لها وحماية للأسرة والمجتمع.
الاختلاط بين الجنسينفي حوار صحفي أجراه الشيخ الشعراوي عام 1993 مع جريدة "صوت الجامعة"، عبّر بوضوح عن رفضه لاختلاط الطلاب والطالبات في الجامعات، واعتبر هذا الأمر محرمًا من الأساس.
وقال نصًا: "وجود الطالبات مع الطلاب حرام.. ما تقوليش اختلاط وبعدين تسألني عن حدود العلاقة، لأن وجودهم مع بعض من الأول حرام".
ولم يكتفِ الشيخ بتحريم المبدأ نفسه، بل أبدى رفضًا تامًا لفكرة وجود أي فوائد من هذا الاختلاط، وردّ ساخرًا عندما سئل عن الإيجابيات المحتملة قائلاً: "إيجابيات إيه؟ الاختلاط كله سلبيات، واسألوا المشرفين عن نظافة دورات المياه في الجامعة".
فتوى أخرى كانت موضع جدل تتعلق برأي الشعراوي في أكل لحوم الخيل.
ففي برنامج "لقاء الإيمان"، قال الشيخ إن أكل لحم الحصان ليس محرمًا، مستندًا إلى ما رُوي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أنها قالت: "نحرنا فرسًا فأكلناه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وأوضح أن تحريم أكل لحوم الخيل والحمر كان في زمن النبي مرتبطًا بكون هذه الحيوانات تُستخدم في القتال والنقل، وكان الخوف من فناء تلك الوسائل سببًا رئيسيًا في الامتناع عن أكلها، أما إذا انتفت تلك العلة، فلا مانع شرعي من أكلها، مشيرًا إلى أن هناك دولًا أفريقية تأكل لحم الحصان دون أن تتضرر، بل واعتبر أن لحم الجاموس رغم قبح منظره أفضل من لحم الحصان الذي يتميز بجمال هيئته.
تحريم التبرع بالأعضاءمن أكثر الفتاوى التي أثارت جدلًا واسعًا فتوى الشيخ الشعراوي المتعلقة بالتبرع بالأعضاء.
فقد أكد الشيخ أن أعضاء الإنسان ليست ملكًا له حتى يتبرع بها، بل هي أمانة أودعها الله عنده، ويجب أن تعود إلى خالقها كما كانت.
وفي تسجيل تلفزيوني شهير، استدل الشعراوي على رأيه بالقول: "لو أن الإنسان ملك ذاته وأبعاضه ليتصرف فيها، لما حرم الله الجنة على المنتحر، فلا يأخذ الحياة إلا من يملكها".
وقد عبّر عن رفضه القاطع لفكرة التبرع أو البيع للأعضاء، موضحًا أن التبرع فرع عن الملكية، وكذلك البيع، وما دام الإنسان لا يملك جسده أو أجزائه، فلا يحق له أن يبيعها أو يتبرع بها.
وذهب الشيخ إلى أن من يقوم بذلك، سواء بالتبرع أو النقل أو الزرع، إنما يرتكب أمرًا يُعد في نظره "كفرًا بالله"، لأنه يتنافى مع تكريم الله للإنسان ويجعل الجسد خاضعًا لتصرفات بشرية لا تليق بمقام الإنسان المكرم.
الحجاب وربطه بالأخلاقمن أكثر التصريحات المثيرة التي صدرت عن الشيخ الشعراوي، ما قاله في أحد برامجه الرمضانية عام 1984، حين ربط بين الحجاب وبين أخلاق المرأة ونسب أولادها.
فقد صرّح بأن المرأة إذا لم تكن محجبة فإنها تعرض نفسها للرجال، وأضاف: "المرأة يجب أن تكون مستورة حتى لا يشك الرجل في بنوّة أبنائه منها".
هذا التصريح أثار عاصفة من النقد، حيث رآه البعض بمثابة تحريض مبطن على التحرش أو انتقاص من كرامة المرأة غير المحجبة، وهو ما دفع المفكر الراحل فؤاد زكريا للرد على الشعراوي في مقال بعنوان "كبوة الشيخ"، نُشر في صحيفة القبس الكويتية، ووضعه لاحقًا ضمن كتابه الشهير "الحقيقة والوهم في الحركات الإسلامية المعاصرة".
حكم الغناءأما فيما يخص الغناء، فلم يكن الشيخ الشعراوي ممن يحرمونه بشكل مطلق، ففي تسجيل له، أوضح أن كثيرًا من العلماء أجازوا الغناء والموسيقى في مناسبات محددة مثل الأفراح والأعياد، أو لتحفيز الناس في الحروب والأعمال الشاقة، بشرط أن يكون للغناء غرض نبيل لا يثير الغرائز أو يدفع نحو الفساد.
وقال إن العبرة ليست بالغناء نفسه، بل بالمحتوى والغاية، فإذا كان النص أو الأداء يثير الغرائز أو يدعو إلى الفحش، فهو محرم، حتى وإن لم يكن مصحوبًا بموسيقى.
رفض مجانية التعليممن الفتاوى التي أثارت جدلًا فكريًا واجتماعيًا فتوى الشعراوي الرافضة لمبدأ مجانية التعليم في الدول النامية.
وقد ورد هذا الرأي في كتاب "الشعراوي بين السياسة والدين"، والذي جمع مقتطفات من أحاديثه التلفزيونية.
وقال الشعراوي في هذا السياق: "من قال إن دولة متخلفة في العالم الثالث، ما زالت في بدء المحاولات لكي تنهض، تشرع بمهمة توظيف كل أفرادها، وتأخذ على عاتقها تعليم الأغلبية بالجامعة؟ إننا ننسى أن من يتعلم بالجامعة في الولايات المتحدة يدفع الكثير حتى يمكن له ذلك".
واعتبر أن الدروس الخصوصية التي تدفع فيها الأسر مبالغ طائلة تدل على أن التعليم المدفوع ليس عبئًا، بل قد يكون أقل تكلفة من التعليم المجاني مع ما يصاحبه من ضعف في الجودة، ودعا إلى ضرورة إعادة النظر في هذه السياسات بروح واقعية.
تحريم غسيل الكلىموقف آخر من الشعراوي أثار استغراب الكثيرين، وهو فتواه الرافضة لغسيل الكلى، إذ رأى أن هذا النوع من العلاج يُعد تدخلًا غير مشروع في قضاء الله وقدره، واعتبر أن الأمراض والآفات هي من الأمور التي خلقها الله في الكون لحكمة، وعلى الإنسان أن يتقبلها.
وقال إن منع الموت عبر غسيل الكلى هو تعطيل لمشيئة الله، وأنه من الأفضل ترك الأمور تسير في مجراها الطبيعي حتى وإن أدّى ذلك إلى وفاة المريض، معتبرًا أن هذا من باب التسليم الكامل لأمر الله.