قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: "إن العلاقة الزوجية قائمة على السكن والمودة والمناقشة والحوار، يقول الله- تعالى-: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132]، فلا يستطيع الإنسان أن يجبر أحدًا على طاعة إلا أن يُقبل عليها طواعية، أمَّا الإجبار فيمكن أن يتولَّد منه نوع من النفاق أو الشكلية في أداء العبادات.

وتابع فضيلته -خلال حديثه الأسبوعي في برنامج نظرة على قناة صدى البلد مع الإعلامي حمدي رزق- مجيبًا على سؤال عن حدود طاعة الزوجة، والقوامة للرجل، وهل له الحق في إجبار زوجته على ارتداء الحجاب، مؤكدًا أن الرجل عليه أن يوجه أهله إلى الطاعة برفق وبإجراءات تحفيزية، ولكن ليس له أن يجبر أحدًا على الطاعة، ودَور الزوجين معًا لا ينبغي أن يتعدَّى حدود الموعظة الحسنة لا الإجبار.

وأضاف: إذا رفض الرجلُ حجابَ زوجته فلا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق؛ لأنها مأمورة بالحجاب والحشمة، فالله سبحانه وتعالى يقول: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]، ويقول أيضًا: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

وأوضح فضيلة المفتي أن العلماء فسروا "إلا ما ظهر منها" بالوجه والكفين، ولا يوجد شكل معيَّن للحجاب الشرعي، ولكن توجد مواصفات له: وهي ألا يشف ولا يصف، ويكون ساترًا لجميع البدن ما عدا الوجه والكفين.

الزي المدرسي

وحول رأيه في الزي المدرسي الذي تحدِّده الدولة للفتيات وحظرها لارتداء النقاب في المدارس، قال فضيلة المفتي: إن الزيَّ المدرسي الذي تحدِّده الدولة المصرية محقق للستر، حيث ترتدي الفتاة الحجاب الذي يغطي الشعر والرقبة، مع الالتزام بما تحدده المدرسة من لون للزي المدرسي.

وأشار إلى أن الفتوى استقرت على أن النقاب عادة مرجعها إلى عادات المجتمعات، والإمام مالك والمذهب المالكي عندما تكلم في هذه المسألة أخضع قضية النقاب إلى قضية ثقافات الشعوب، وهي أنه يجب أن تراعي المرأةُ سياقَ المجتمع الذي تعيش فيه، ما دامت محتشمة وحققت التكليف والوصف الشرعي للحجاب، فما يصلح ارتداؤه في القاهرة قد لا يمكن ارتداؤه في البدو، والعكس.

وحول أزمة ارتداء العباءة في المدارس الفرنسية، قال فضيلته: إذا أمكن ستر البدن بغير العباءة فلا إشكال في ذلك، فالأمر في المأكل والمشرب والملبس على السَّعة إلا إذا حرمه الله- سبحانه وتعالى- تحريمًا قاطعًا، فالمرأة تلبس ما تشاء بشرط ألا يكون كاشفًا أو واصفًا بأي صورة من الصور، وأن يكون ساترًا لجسدها ما عدا الوجه والكفين.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

هل تتجه روسيا لحظر النقاب كما فعلت دول أوروبية؟

موسكو– يتواصل الجدل في روسيا حول مشروع قرار طرحه النائب في مجلس الدوما عن الحزب الشيوعي، ميخائيل ماتفييف، وينص على حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة.

وأثار ذلك ردود فعل متباينة في الأوساط الاجتماعية دفعت بماتفييف إلى نشر مذكرة أوضح فيها أن الحديث لا يدور عن استهداف لباس ديني، إنما لاعتبارات أمنية تتعلق بإجراءات للحد من "التهديدات الإرهابية".

ففي تقديره، هناك حاجة للحد من ارتداء الملابس التي تخفي الوجه في الأماكن العامة (النقاب، البرقع) حيث لا يمكن التعرف على الشخص ذي الوجه المغطى بواسطة كاميرات المراقبة.

بالإضافة إلى ذلك، يقول ماتفييف إنه من المهم تعزيز الطبيعة العلمانية للتعليم، لإيجاد ظروف متساوية لجميع الطلاب من أجل منع التمييز على أسس دينية أو ثقافية، كما جاء في مذكرته التوضيحية.

إجراءات أمنية مشددة خلال صلاة عيد الفطر بأحد مساجد موسكو (الأناضول) آراء متباينة

وكان النائب ماتفييف نشر منتصف أبريل/نيسان الماضي رد الداخلية على طلبه بحظر ارتداء الملابس الدينية التي تغطي الوجه، لغرض منع "الإسلام المتطرف" حسب تعبيره.

وقالت الوزارة في ردها إنه ليس لديها "معلومات حول علاقة سببية بين ارتداء الملابس المصممة وفقًا للقواعد الدينية وارتكاب أعمال غير قانونية ذات طبيعة متطرفة".

ورغم ذلك، حظيت مبادرة ماتفييف لحظر النقاب بدعم رئيس "مجلس حقوق الإنسان" التابع للرئاسة فاليري فاديف الذي أشار إلى أنه تم بالفعل فرض حظر مماثل في عدد من دول آسيا الوسطى ذات الأغلبية المسلمة.

أما مفتي موسكو إيلدار علاء الدينوف نائب رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا فصرح بأن الإدارة ستؤيد اقتراح حظر النقاب إذا ثبت ارتباط ارتدائه بالتطرف.

وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن محاولات حظر النقاب ستبدو وكأنها انتهاك لقواعد القانون العلماني والدستور، محذرًا أيضًا من أن هذا الحظر يمكن أن يسبب سخطًا بين المسلمين الروس ويخلف جيوبًا من التوتر في المجتمع.

وبحسب علاء الدينوف، فإن مسألة ارتداء النقاب لا تزال قضية جدلية، ويجب ملاحظة أنه لم تثر في السابق على الإطلاق مسألة أن هذا العنصر من الملابس غير مرغوب فيه، ناهيك عن فرض حظر على ارتدائه.

كما انضم مفتي تتارستان، كامل ساميغولين، إلى قائمة المعارضين لحظر ارتداء النقاب في روسيا، وقال إنه ينبغي للمرء أن يعامل معتقدات الآخر باحترام.

في المقابل، أيد مفتي منطقة فولغوغراد، باتا كيفاخ، ورئيس مسلمي شمال القوقاز إسماعيل بيرديف، فكرة الحظر. واستذكر بيرديف كلام مفتي الشيشان صلاح مجييف الذي ذكر أن "ارتداء قطعة الملابس هذه سيؤدي إلى حقيقة أنه في المستقبل سيضاف إليها حزام متفجرات" متهمًا منتقدي موقفه بالعداء للإسلام.

وراء الأبواب المغلقة

وفيما يبدو إدراكًا لحساسية الموضوع، طالب نواب في مجلس الدوما بمناقشة المسألة وراء الأبواب المغلقة. وقالت رئيسة لجنة تنمية المجتمع المدني، أولغا تيموفيفيفا، إن هذا الموضوع يحتاج إلى مناقشة "بطريقة متوازنة، دون تناوله في وسائل الإعلام" مع ممثلي الإسلام والسلطات المحلية. ودعت إلى ضرورة "التعامل مع الجميع باحترام والتفريق بين المظهر في المنزل وفي المؤسسات الرسمية".

كما شدد رئيس لجنة مجلس الدوما المعنية بالعمل والسياسة الاجتماعية، ياروسلاف نيلوف، على أن هذه النقاشات يجب أن تُنقل "خلف الأبواب المغلقة" وأن تُجرى "ضمن المنصات القائمة حيث تتم مناقشة العلاقات الدينية للدولة".

وبرأي الباحثة في الدراسات الإسلامية، فاطمة أمانوفا، فإنه "لا يوجد نص صريح في القرآن الكريم يشير إلى إلزامية إخفاء وجه المرأة" وبالتالي لا يجب فهم مشروع القرار الذي طرحه النائب ماتفييف في سياق هجمة على اللباس الإسلامي.

وفي تعليق للجزيرة نت، تتفق الباحثة مع الفرضية القائلة إن هذا النوع من اللباس يمكن أن يعزز من "ميول التطرف" كما وصفتها، أو يعكسها في جوانب معينة. واستشهدت بأن موسكو -على سبيل المثال- تعرضت لعمليات تفجير وأخذ مدنيين أسرى، استخدم خلالها مخططو هذه العمليات نساء ارتدين نقابا لعدم كشف هويتهم.

وأوضحت أن النقاب لباس تقليدي وليس دينيا صرفا، ويمكن للمرأة المسلمة في روسيا الاكتفاء بارتداء الحجاب لاستكمال معايير اللباس الاسلامي، مضيفة أنه طوال التاريخ لم ترتد النساء المسلمات في البلاد النقاب قط.

مسجد قرب كاتدرائية سانت بطرسبرغ في كرونفيرسكي بروسبكت خلال عيد الفطر (غيتي إيميجز) مقاربة غير صحيحة

أما الكاتب في قضايا حقوق الإنسان أصلان عميروف، فيعتبر أن ثمة تسرعا وعدم مراعاة للحساسية بطرح هذه "القضية الإشكالية" حيث كان من المهم -حسب رأيه- الأخذ بعين الاعتبار الظروف العامة التي تعيشها البلاد، وعدم إثارة قضايا يمكن أن تؤثر على تماسك النسيج الاجتماعي فيه.

ويشير -في حديثه للجزيرة نت- إلى أنه في المنتدى الاقتصادي الدولي الأخير "روسيا والعالم الإسلامي" الذي عقد في قازان، كانت من بين الضيوف منقبات، متسائلا: هل سيتم أيضًا منعهم في المستقبل من دخول الأراضي الروسية أم المطلوب الحفاظ على معايير الثقافة والاحترام المتبادل في المجتمع الروسي؟".

ووفقًا له، فإن الاستدلال بتجارب بلدان أوروبية قامت بحظر ارتداء النقاب -كبلجيكا وهولندا وفرنسا وسويسرا ودول أوروبية أخرى- مقاربة غير صحيحة. ففي نهاية المطاف، تعد روسيا دولة تزيد نسبة المسلمين فيها على 20% وهم سكان أصليون فيها وليسوا مهاجرين، كما هو الحال بهذه البلدان.

مقالات مشابهة

  • السعودية تكشف النقاب عن مشروع سياحي على خليج العقبة (شاهد)
  • المفتى: الحج من العبادات التي بها مشقة والإسلام جعل مبناها التيسير
  • مفتي الجمهورية في ندوة الحج الكبرى بمكة المكرمة: التيسير في الدين ينشأ عن رسوخٍ في العلم
  • مفتي الجمهورية: التيسير في الدين ينشأ عن رسوخٍ في العلم
  • هل تتجه روسيا لحظر النقاب كما فعلت دول أوروبية؟
  • مفتي سلطنة عمان يدعو جميع المسلمين لإمداد الفلسطينيين في غزة بالقوت والسلاح
  • المفتي يدين بشدة مجزرة مخيم النصيرات بغزة واستمرار جرائم الإبادة الجماعية
  • مفتي الجمهورية يدين ارتكاب الكيان الصهيوني مجزرة مخيم النصيرات بغزة
  • مفتي الجمهورية يدين بشدة ارتكاب الكيان الإسرائيلي «مجزرة مخيم النصيرات» بغزة واستمرار جرائم «الإبادة الجماعية»
  • المفتي: الاحتلال يرتكب جرائم حرب وإبادة جماعية مكتملة الأركان على مرأى ومسمع من العالم