صحيفة أثير:
2025-07-03@15:06:46 GMT

د.سعيد السيابي يكتب: بعد خراب مالطا

تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT

د.سعيد السيابي يكتب: بعد خراب مالطا

أثير- د.سعيد السيابي، كاتب وباحث أكاديمي في جامعة السلطان قابوس

بعض القضايا والموضوعات والعناوين تبقى في الذاكرة طويلا ويحملها على الاستمرارية بأن تصبح مثلا سائرًا، وهذا ما حدث بالضبط في مقولة (بعد خراب مالطا) ومناسبة هذه العبارة الأدبية اللامعة حدوثها فعليا؛ فقد تعرّضت جزيرة مالطا للاحتلال الفرنسي على يد نابليون بونابرت في عام 1798م، وهذا الاحتلال لم يقع إلا بعد أن دمر الجيش الفرنسي الجزيرة باستخدام القوة المفرطة مما تسبّب في هجرة جماعية لسكان الجزيرة إلى جزيرة صقلية المجاورة.


كانت مدة هذا الاحتلال قصيرة حيث استمرت عامين فقط، إلا أن الدمار الكبير الذي حدث ماديا ومعنويا لأهل مالطا كان كفيلا بتسجيل ذاكرة بشعة للطغيان، وفي محو كل ما هو له قيمة بذاكرة وطن وشعب ولم تسلم منه دور العبادة ولا شجر أو حجر.

تدخل الجيش الإنجليزي متأخرًا بعد عامين في 1800م واستطاع تحرير الجزيرة من الاحتلال الفرنسي؛ لكن ما قيمة هذا الإنقاذ أمام ما قام به وتركه المحتلّ من جروح ودمار وخراب؛ لهذا أصبحت هذه المقولة على الرغم من قسوتها تعدّ حكمة عالمية، “بعد خراب مالطا”.. بالفعل، ما الفائدة من إرجاع الحقوق أو التدخل أو الإنقاذ وغيرها من النتائج المتأخرة؟!

أمام صيت هذه المقولة التي نتذكّرها في العديد من الأحداث والقضايا المتكرّرة بما تحمله في مضمونها ورسالتها، فمتى يمكننا أن نأخذ الدروس والعبر؟ وهل مدرسة التاريخ جافّة بحيث لا نقنع أنفسنا أننا أمام ظواهر متكررة وأحداث عالمية وإقليمية ومحلية لا ينفع بعدها التدخل؟ فما حدث قد حدث، ومحاولات الرجوع للأصل أو المربع الأول لا فائدة منها، أو تكون محاولة التدخل متأخرة جدا، حتى أن الرقعة لم تعد على قياس الثوب المقطوع، والنماذج كثيرة وهي التي تعنينا، فلا ضير من مراجعة أخيرة ونداءات يقدمها العقلاء وأصحاب الحكمة والمستشارون ومن لهم قيمة معرفية ودراية منطقية، وخبرة في مجال وتخصص معين، فالحق يجب أن يستمر أصحابه بالدفع به في واجهة الحدث.

يأتي أحدهم متأخرًا بعد نهاية حدث ما، فيُقال له: (أنت حضرت بعد خراب مالطا)، فالكلام الجارح إذا خرج من اللسان يترك ندوبا فيمن قيل له حتى لو أعقب ذلك ندمٌ واعتذارٌ، فالخراب يكون قد وضع بصمته بالقول الجارح.

وهناك الأخطاء الكارثية الكبرى، كإشعال فتيل حرب يموت بسببها آلاف الضحايا، وتعود الأوطان عشرات السنين للوراء بعد تدمير اقتصادها وبناها الأساسية ومدارسها ومتاحفها ومراكزها الثقافية ومستشفياتها، وفجأة، تقف الحرب بجلوس المتخاصمين والانتهاء بالتفاوض لا يُصلح ذلك الخراب الكبير الذي حدث للإنسان قبل الحجر، فالأولى ألّا تُقدح شرارة الحرب الأولى لو استفدنا من دروس التاريخ.

مختبرات بعض الدول الكبرى تتنافس في السر والعلن فيما بينها في تصنيع أسلحة بيولوجية أكثر فتكا بالإنسان- وما تزال مستمرة-، وبعد تجارب خرجت عن السيطرة يأتون متأخرين للبحث عن حلول، كما حدث مع وباء كورونا الذي خلّف آلاف الضحايا في كل دول العالم.

وهناك الخراب والأخطاء التي تقع على مستوى الأسرة التي هي نواة المجتمع، حيث يقع الطلاق والانفصال بين شريكي الحياة الزوجية أحيانا لأسباب غير منطقية وواهية، فيستيقظ أحد الأبوين بعد مرور السنين ليرى أبناءه وقد كبروا وضاعت سنين العمر دون أن يراهم يكبرون ودون أن يكون بجوارهم في أحلامهم وعثراتهم يشد على أيديهم، فيستيقظ متأخرا ليدرك أن أطفاله ما عادوا بحاجة له واعتادوا على غيابه وهجرانه.

وكثيرة هي المراجعات الشخصية التي ينطبق عليها الوصول إلى نتيجة بعد أن وقع الفأس في الرأس، وكما قال محمود درويش: “هذا الخراب الذي بداخلي لم يولد معي، أقسم لكم أيها الناس إنهُ لم يولد معي، لقد كُنت ناصعا كغيمة، كزهرة، ولكنني كبرتُ وبدأتُ أتعرف إلى الناس”.

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

إيمان كريم: تهاون في التعامل مع أي انتهاكات ضد الأشخاص ذوي الإعاقة

تمكن فريق التدخل السريع الخاص بالمجلس القومى للأشخاص ذوى الاعاقة من التضامن مع شخص ذوي إعاقة يبلغ من العمر أربعين عامًا، عقب تعرضه لهتك عرض من أحد أقاربه الذي يقوم برعايته في ذات العقار الذي يقطنه، من خلال المساهمة في تسهيل إجراءات التحقيق الخاصة بذلك أمام نيابة الجمرك الجزئية بمحافظة الإسكندرية، وتمثل ذلك في مساعدته المجني عليه في سرد تفاصيل الواقعة والتعرف على الجاني.

كما قام فريق التدخل السريع بتقديم الدعم النفسي للمجني عليه من ذوي الإعاقة، وكذلك تقديم الإرشاد والتوجيه اللازم الداعمين له من جيرانه.

وفي سياق متصل أكدت الدكتورة إيمان كريم المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، أن المجلس لا يدخر جهدًا في حماية الأشخاص ذوي الإعاقة والتصدي لأي عملية انتهاك قد تحدث لهم من خلال فريق التدخل السريع، ومكتب الشكاوى، ووحدة الرصد والمتابعة بالمجلس، وتوعية المجتمع بآليات الإبلاغ وقوانين التنمر، لافته أن المجلس خصص الخط الساخن "16736" لتلقي استفسارات الأشخاص ذوي الإعاقة، وكذلك تلقي بلاغات الانتهاكات الخاصة بهم.

وأوضحت -في بيان صحفي صادر عن المجلس- أنه لا يوجد تهاون في التعامل مع أي انتهاكات ضد الأشخاص ذوي الإعاقة حتى ولو كان هذا الانتهاك بسيط، مشيرة أن المجلس يقوم بالتنسيق في ذلك مع مكتب حماية الطفل والأشخاص ذوي الإعاقة والمسنين بمكتب النائب العام، للتصدي لأي انتهاك من خلال اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال ذلك، وتوفير محامي للمجني عليه من ذوي الإعاقة، وتقديم الدعم النفسي له، وكذلك توجيه وارشاد المتعاملين معه.

وأكدت أن الحماية القانونية اختصاص أصيل من اختصاصات المجلس التي نص عليها قانون إنشاء المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة رقم (11) لسنة 2019، الذي نص في البند السابع من المادة رقم (5) منه على أن المجلس يتلقي الشكاوى المقدمة في شأن الأشخاص ذوي الإعاقة، ومناقشتها، واقتراح الحلول المناسبة لها، وإبلاغ جهات التحقيق المختصة بأي انتهاك لحقوقهم، والتدخل في الدعاوى منضمًا للمضرور منهم.

طباعة شارك فريق التدخل السريع المجلس القومى للأشخاص ذوى الاعاقة ذوي الإعاقة

مقالات مشابهة

  • وزير الثقافة بحث وسفير مالطا في العلاقات الثنائية
  • السلطات تخلي مدرسة مهجورة احتلها أفارقة وسط الدار البيضاء
  • وسام شرف من منظمة فرسان مالطا للمطران تابت تقديرًا لمبادراته الإنسانية
  • ليبيا و السودان
  • الخطوط الجوية القطرية تُسيّر رحلاتها الجوية مرة أخرى إلى مالطا وتواصل توسيع شبكة وجهاتها وتعزيز الربط الجوي العالمي
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • الأردن: إحالة 25 متهما إلى القضاء في حادثة التسمم الكحولي
  • زياد ابو عبيد .. عيد ميلاد سعيد
  • إيمان كريم: تهاون في التعامل مع أي انتهاكات ضد الأشخاص ذوي الإعاقة
  • الداخلية تبحث مع مالطا تعزيز التعاون الأمني وتنفيذ التمرين البحري «دولفين 2»