صحيفة أثير:
2025-05-17@17:36:31 GMT

د.سعيد السيابي يكتب: بعد خراب مالطا

تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT

د.سعيد السيابي يكتب: بعد خراب مالطا

أثير- د.سعيد السيابي، كاتب وباحث أكاديمي في جامعة السلطان قابوس

بعض القضايا والموضوعات والعناوين تبقى في الذاكرة طويلا ويحملها على الاستمرارية بأن تصبح مثلا سائرًا، وهذا ما حدث بالضبط في مقولة (بعد خراب مالطا) ومناسبة هذه العبارة الأدبية اللامعة حدوثها فعليا؛ فقد تعرّضت جزيرة مالطا للاحتلال الفرنسي على يد نابليون بونابرت في عام 1798م، وهذا الاحتلال لم يقع إلا بعد أن دمر الجيش الفرنسي الجزيرة باستخدام القوة المفرطة مما تسبّب في هجرة جماعية لسكان الجزيرة إلى جزيرة صقلية المجاورة.


كانت مدة هذا الاحتلال قصيرة حيث استمرت عامين فقط، إلا أن الدمار الكبير الذي حدث ماديا ومعنويا لأهل مالطا كان كفيلا بتسجيل ذاكرة بشعة للطغيان، وفي محو كل ما هو له قيمة بذاكرة وطن وشعب ولم تسلم منه دور العبادة ولا شجر أو حجر.

تدخل الجيش الإنجليزي متأخرًا بعد عامين في 1800م واستطاع تحرير الجزيرة من الاحتلال الفرنسي؛ لكن ما قيمة هذا الإنقاذ أمام ما قام به وتركه المحتلّ من جروح ودمار وخراب؛ لهذا أصبحت هذه المقولة على الرغم من قسوتها تعدّ حكمة عالمية، “بعد خراب مالطا”.. بالفعل، ما الفائدة من إرجاع الحقوق أو التدخل أو الإنقاذ وغيرها من النتائج المتأخرة؟!

أمام صيت هذه المقولة التي نتذكّرها في العديد من الأحداث والقضايا المتكرّرة بما تحمله في مضمونها ورسالتها، فمتى يمكننا أن نأخذ الدروس والعبر؟ وهل مدرسة التاريخ جافّة بحيث لا نقنع أنفسنا أننا أمام ظواهر متكررة وأحداث عالمية وإقليمية ومحلية لا ينفع بعدها التدخل؟ فما حدث قد حدث، ومحاولات الرجوع للأصل أو المربع الأول لا فائدة منها، أو تكون محاولة التدخل متأخرة جدا، حتى أن الرقعة لم تعد على قياس الثوب المقطوع، والنماذج كثيرة وهي التي تعنينا، فلا ضير من مراجعة أخيرة ونداءات يقدمها العقلاء وأصحاب الحكمة والمستشارون ومن لهم قيمة معرفية ودراية منطقية، وخبرة في مجال وتخصص معين، فالحق يجب أن يستمر أصحابه بالدفع به في واجهة الحدث.

يأتي أحدهم متأخرًا بعد نهاية حدث ما، فيُقال له: (أنت حضرت بعد خراب مالطا)، فالكلام الجارح إذا خرج من اللسان يترك ندوبا فيمن قيل له حتى لو أعقب ذلك ندمٌ واعتذارٌ، فالخراب يكون قد وضع بصمته بالقول الجارح.

وهناك الأخطاء الكارثية الكبرى، كإشعال فتيل حرب يموت بسببها آلاف الضحايا، وتعود الأوطان عشرات السنين للوراء بعد تدمير اقتصادها وبناها الأساسية ومدارسها ومتاحفها ومراكزها الثقافية ومستشفياتها، وفجأة، تقف الحرب بجلوس المتخاصمين والانتهاء بالتفاوض لا يُصلح ذلك الخراب الكبير الذي حدث للإنسان قبل الحجر، فالأولى ألّا تُقدح شرارة الحرب الأولى لو استفدنا من دروس التاريخ.

مختبرات بعض الدول الكبرى تتنافس في السر والعلن فيما بينها في تصنيع أسلحة بيولوجية أكثر فتكا بالإنسان- وما تزال مستمرة-، وبعد تجارب خرجت عن السيطرة يأتون متأخرين للبحث عن حلول، كما حدث مع وباء كورونا الذي خلّف آلاف الضحايا في كل دول العالم.

وهناك الخراب والأخطاء التي تقع على مستوى الأسرة التي هي نواة المجتمع، حيث يقع الطلاق والانفصال بين شريكي الحياة الزوجية أحيانا لأسباب غير منطقية وواهية، فيستيقظ أحد الأبوين بعد مرور السنين ليرى أبناءه وقد كبروا وضاعت سنين العمر دون أن يراهم يكبرون ودون أن يكون بجوارهم في أحلامهم وعثراتهم يشد على أيديهم، فيستيقظ متأخرا ليدرك أن أطفاله ما عادوا بحاجة له واعتادوا على غيابه وهجرانه.

وكثيرة هي المراجعات الشخصية التي ينطبق عليها الوصول إلى نتيجة بعد أن وقع الفأس في الرأس، وكما قال محمود درويش: “هذا الخراب الذي بداخلي لم يولد معي، أقسم لكم أيها الناس إنهُ لم يولد معي، لقد كُنت ناصعا كغيمة، كزهرة، ولكنني كبرتُ وبدأتُ أتعرف إلى الناس”.

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

حماس: لا قيمة لأي تهدئة دولية ما دامت الحرب مستمرة في غزة

أكد القيادي في حركة حماس ، باسم نعيم، اليوم الخميس، أن أي حديث عن تهدئة أو خفض للتصعيد على مستوى العالم، بما في ذلك الطروحات الأمريكية الأخيرة، لن يحقق أهدافه في ظل استمرار الحرب والجرائم بحق الفلسطينيين في قطاع غزة .

وفي تصريح صحفي، أشار نعيم إلى أن "الرؤية الإيجابية للرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن خفض التصعيد العالمي، لا يمكن أن تحقق الهدف المنشود طالما استمرت الحرب والإبادة الجماعية في غزة".

وأوضح أن حركة حماس منفتحة على التعاون مع جميع الأطراف، بما في ذلك الإدارة الأمريكية، إذا كان الهدف هو وقف الحرب و فتح مسار سياسي ينهي الاحتلال ويؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.

وقال: "الحركة منذ سنين تؤكد استعدادها للتخلي عن الحكومة، وتسليم إدارة غزة (من الباب الى المحراب كما يقال) لأي جسم فلسطيني متوافق عليه، من الآن وليس بعد انتهاء الحرب".

وتابع نعيم، "الحركة تتحلى بكل المسؤولية الوطنية والأخلاقية في إدارتها للعملية التفاوضية، فمن اليوم الأول بلغنا كل الأطراف أننا جاهزون للتفاوض لإطلاق سراح جميع الأسرى الصهاينة مرة واحدة، مقابل وقف العدوان وانسحاب القوات المعادية. ولكن من اللحظة الأولى اصطدمنا بموقف نتنياهو وحكومته المتطرفة، حيث يريدون استرجاع الأسرى واستمرار الإبادة الجماعية، ولازال هذا موقفهم المعلن وهذا ما ينفذونه على مدار الساعة".

وأضاف نعيم في لهجة حازمة: "غزة ليست عمارة للبيع، بل أرض فلسطينية خالصة، وشعبنا مستعد للتضحية بكل ما يملك دفاعًا عن وطنه وحقوقه".

وأكد أن الفلسطينيين وحدهم من يملك الحق الحصري في اختيار قيادتهم ومسارهم السياسي، بعيدًا عن أي وصاية خارجية.

كما جدد التأكيد على موقف الحركة الداعم لإجراء انتخابات عامة حرّة ونزيهة، قائلاً: "أكدنا مرارًا أننا نطالب بانتخابات حرة، وسنحترم خيارات شعبنا مهما كانت".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين حماس: هذا ما اتفقنا عليه مع واشنطن مقابل الإفراج عن عيدان ألكسندر! هيومن رايتس ووتش: الحصار الإسرائيلي في غزة أصبح أداة للإبادة حماس: نتنياهو يريد حربا بلا نهاية ولا يكترث لمصير أسراه الأكثر قراءة غزة - 7 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف بيت حانون والنصيرات غزة - إسرائيل ألقت 100 ألف طن متفجرات منذ بدء الحرب كتائب القسام تعلن إيقاع قوة إسرائيلية في رفح بين قتيل وجريح مصطفى : غزة ستخرج من الوحل وتتوحد مع الضفة والقدس عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • قادة أوربيون في بيان مشترك: لن نصمت أمام الكارثة الإنسانية التي تحدث أمام أعيننا في غزة
  • قادة 7 دول أوروبية: لن نصمت أمام الكارثة التي تجري في غزة
  • محمود سعد يحكي تفاصيل رفض والدته التدخل في تعيينه
  • الجزيرة نت ترصد حالات سوء التغذية بين أطفال غزة
  • محمد صبيح يكتب: نظرة متفائلة للجنيه المصري أمام الدولار
  • حماس: لا قيمة لأي تهدئة دولية ما دامت الحرب مستمرة في غزة
  • أرقام الجزيرة في الموسم الأسطوري ضد الكسر!
  • ضما ممثلين لأكثر من 30 شركة.. غرفة الرياض تستقبل وفدين تجاريين من مالطا وسريلانكا
  • انخفاض جديد في قيمة الليرة التركية أمام الدولار واليورو
  • قلم من ذهب... كم تبلغ قيمة هدية تميم لترامب التي خطفت الأضواء؟