مرحلة مواجهة جديدة بأدوات مختلفة: لا رئاسة في المدى المنظور
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": لم يترك حزب الله كثيراً من الوقت كي يسحب من التداول أي ترويج لتنازله عن مرشحه، فأعاد تصويب الوضع كما فعل في المرحلة الأولى التي تلت إعلان الرئيس نبيه بري ترشيح فرنجية. وبعد ضمور هذا الترشيح تباعاً، تبيّن أن تبعات التفاهم السعودي - الإيراني لم تصل إلى لبنان، وأن ما كان انطلق في اليمن، لا يزال حيث هو، وأن خطوات التطبيع مع سوريا جُمّدت تحت وطأة حضور أميركي فاعل.
عكس التجاذب الفرنسي الداخلي حيال رؤية باريس لمخرج الأزمة. فما قاله لودريان أمس، هو استمرار لجو سعودي - قطري - أميركي، ونقاشات حفلت بها اللجنة الخماسية المتنقّلة بين باريس والدوحة ونيويورك، ومع ذلك ظل هناك اتجاه في الإدارة الفرنسية يحاول تقديم المبادرة الفرنسية بنسختها الأولى، ما أدى إلى تدخل واشنطن والرياض للجمها، وتبنّي الدور القطري. لكنّ التحرك القطري جاء مزيجاً من تكليف شبه رسمي من اللجنة الخماسية، ومن سعي إلى تثبيت حضور قطر إزاء الدور الفرنسي. لذلك لا يمكن لقطر أن تقدّم اسماً واحداً كإطار تفاوض وحيد ولو كان مرشحها معروفاً. فالرياض وواشنطن لم تتبنّيا بعد أي مرشح ولا حتى إقرار إجراء الانتخابات الرئاسية عملياً وليس شكلياً. لذا جاء التحرك القطري للدفع نحو تكريس تراجع حزب الله، تحديداً، والمعارضة عن مرشحيهما نحو اسم ثالث، وهو الأمر الذي لاقاه به لودريان أمس. لكنّه اصطدم بتشدد الحزب والتمسّك بمرشحه من دون أي التباس. هذا يعني، في الدرجة الأولى، إعلاناً مبكراً لفشل التحرك القطري، لأن الخيار الثالث مرفوض من الثنائي، قبل البحث في لائحة الأسماء، ولا سيما أن بعض الأسماء المتداولة غير جدّية بالمطلق، وقد طُرحت لمجرد تأكيد صيغة الخيار الثالث، قبل غربلة الأسماء. وفي الدرجة الثانية، يعني أن معارضي تسوية قائد الجيش مرشحاً ثالثاً، وبالتحديد التيار الوطني الحر ولو عُرضت أسماء أخرى للتداول، ارتاحوا لتشدد الثنائي، لأن عدم وصول قائد الجيش لا يعني أبداً وصول فرنجية. وبذلك، يُعطى هذا الفريق مزيداً من الوقت قبل وصول ترشيح عون إلى حائط مسدود، ولا سيما أن خشية التيار كانت كبيرة من تأثيرات الضغط القطري، بكل ما يحمل من سوابق، على الثنائي. وفي الدرجة الثالثة يعني أن التشدد الذي عاد إليه الثنائي يلاقي، بطريقة مختلفة، عدم اتخاذ واشنطن أي قرار في شأن لبنان. الأمر الذي يعيد تأكيد الثابتة الوحيدة، وهي أن لا رئاسة في المدى المنظور، وأن مرحلة مواجهة جديدة بدأت بأدوات مختلفة.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
ألمانيا وحلفاؤها يطلقون يد أوكرانيا في ضرب العمق الروسي.. ماذا بعد؟
أعلنت ألمانيا رفع القيود عن مدى الأسلحة التي تقدمها لكييف، إلى جانب خطوة متزامنة من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، ما يفتح الباب أمام أوكرانيا لاستهداف مواقع عسكرية داخل الأراضي الروسية، في ما وصفته موسكو بـ"القرار الخطير" الذي سيقوّض فرص السلام.
المستشار الألماني فريدريش ميرز، الذي تولى منصبه قبل أقل من ثلاثة أسابيع، أكد هذا التحول خلال مؤتمر "منتدى أوروبا"، قائلًا: "لم تعد هناك أي قيود على مدى الأسلحة... باستثناءات قليلة جدًا، تستطيع أوكرانيا الآن الدفاع عن نفسها بضرب أهداف عسكرية على الأراضي الروسية".
ووفق تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية، فإن هذه الخطوة تأتي بعد أكبر هجوم روسي بالطائرات المسيّرة على أوكرانيا منذ اندلاع الحرب، وتؤذن بمرحلة جديدة من التصعيد، حيث أن تزويد كييف بما يُعرف بـ"النيران بعيدة المدى"، بحسب ميرز، يُحدث "الفارق الحاسم بين قيادة روسيا المعتدية وقيادة أوكرانيا المدافعة".
الكرملين، من جهته، سارع إلى التحذير، حيث وصف المتحدث باسمه، ديمتري بيسكوف، القرار بأنه "يتعارض تمامًا مع تطلعات التوصل إلى تسوية سياسية"، مشيرًا إلى أن مثل هذه الخطوات تنذر بتوسيع الحرب لا إنهائها.
ويُنتظر أن يزور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي العاصمة الألمانية هذا الأسبوع، وسط توقعات بأن تعلن برلين خلال الزيارة دعمًا إضافيًا قد يشمل صواريخ "توروس" البعيدة المدى، وهو السلاح الذي رفض المستشار السابق شولتز تسليمه رغم الضغوط الغربية.
ميرز، المعروف سابقًا بموقفه المؤيد لتسليم هذا النوع من الصواريخ، يتبنى الآن نهج "الغموض الاستراتيجي"، معتبرًا أن الإفصاح المسبق عن نوايا ألمانيا يمنح موسكو أفضلية استخبارية، ويُضعف فعالية الدعم العسكري لكييف.
التغيير في الموقف الألماني يعكس تحوّلًا أوسع في المزاج الأوروبي، خصوصًا بعد تأخر الدعم الأمريكي لفترات طويلة وتصاعد الهجمات الروسية على المدن والبنى التحتية الأوكرانية. لكن محللين يحذرون من أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام ردود فعل غير محسوبة من الكرملين، لا سيما في ظل التهديدات الروسية السابقة باعتبار استخدام أسلحة غربية بعيدة المدى "دليلًا على الانخراط المباشر في الحرب".
هذا التحول يُعيد رسم خريطة الدعم الغربي لكييف، ويضع أوروبا في قلب المعادلة العسكرية، ليس فقط كمزوّد للسلاح، بل كمشارك فعلي في تغيير قواعد الاشتباك على حدود روسيا.
وفي انتظار زيارة زيلينسكي وبرنامج التسليح الجديد الذي قد يُعلَن عنها، تبقى الأنظار على الكرملين: هل يتجه نحو التصعيد... أم يُجبر على مراجعة حساباته الاستراتيجية؟
ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها.