بنطلحة يكتب: جريدة الشروق الجزائرية ونشر خطاب الكراهية
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء
لايوجد تعريف رسمي لخطاب الكراهية في القانون الدولي لحقوق الإنسان، لذلك تشير معظم صكوك الأمم المتحدة أنه يؤدي إلى التحريض على التمييز أو العداء أو العنف.
إن هذا الخطاب يستهدف شخصا أو مجموعة من الأشخاص بسبب خصائصهم الفطرية،وهو يعبر عن مواقف تمييزية مرفوضة أو معادية لتلك الخصائص التي تشمل الجنس أو العرق أو الدين أو اللون.
وتعرفه اليونسكو أنه » عبارات تؤيد التحريض على الضرر خاصة التمييز أو العدوانية،أو العنف حسب الهدف الذي يتم استهدافه »،ونجد أن الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1965تحظر« الدعاية » ونشر » الأفكار » حول التفوق العنصري والتمييز العنصري سواء من قبل السلطات العامة أو المؤسسات العامة(المادة 4).
ونجد أن المادة السابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تؤكد أن الناس جميعا سواء أمام القانون،وهم يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز.
ولقد نصت المادة20 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أن » تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف ».
وتعد الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري الأولى من نوعها التي تتضمن نصا مباشرا والتزامات وضوابط بشأن التمييز وخطاب الكراهية،حيث حظرت الدعوة إلى الكراهية في المادة4التي تنص على مايلي: » تشجب الدول الأطراف جميع الدعايات والتنظيمات القائمة على الأفكار أو النظريات القائلة بتفوق أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل إثني واحد،أو التي تحاول تبرير أو تعزيز أي شكل من أشكال الكراهية العنصرية والتمييز العنصري،وتتعهد باتخاذ التدابير الفورية الإيجابية الرامية إلى القضاء على كل تحريض على هذا التمييز وكل عمل من أعماله.. ».
مناسبة هذا التوضيح،تعليق لصحيفة » الشروق » الجزائرية بعد انسحاب الجزائر من تنظيم كأس إفريقيا للأمم لعام 2025، حيث نشرت عبر صفحتها في « فيسبوك » تعليقا يقول: «عذرا إفريقيا فملاعبنا ارتاحت من روائحكم» وذلك بعد اختيار المغرب لتنظيم كأس الأمم الإفريقية، وأضافت الصحيفة في خانة التعليقات: «عذرا إفريقيا فملاعبنا ارتاحت من روائح مسؤولي الكاف وأصحاب الرشاوي القذرة».
إننا نجد أن هذا التعليق يحرض على الكراهية والعنصرية تجاه أبناء القارة الإفريقية و هو دليل على حقارة خطاب هذه الجريدة والتي تعتبر بوقا رسميا لحكام الجزائر الذين يتظاهرون بالأخوة الإفريقية ونصرة القضايا الإفريقية ومساهتهم في خدمة الرياضة الإفريقية.. وأنهم حاضنو حركات التحرر الإفريقية والكثير من الترهات والأكاذيب في مكة إفريقيا..!
إن ما نشر في هاته الجريدة، خطاب عنصري مقيت ينافي بشكل مباشر كل ماجاء في الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والذي جاء في مادته الثانية » يتمتع كل شخص بالحقوق والحريات المعترف بها والمكفولة في هذا الميثاق دون تمييز خاصة إذا كان قائما على العنصر أو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين.. »، وعليه إن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم مدعو لاتخاذ المتعين في القذف والتجريح والاتهامات التي وجهت إليه والتي نالت من كرامة وشرف مسؤوليه، وأن يجري تحقيقا موضوعيا في شأن هذا الكلام الذي نشرته جريدة » الشروق » الجزائرية،وعلى الهيئات الحقوقية الوطنية والإفريقية والدولية أن تشجب هذا الكلام اللامسؤول وتتخذ كافة الإجراءات التي ينص عليها القانون في جرائم خطاب الكراهية والعنصرية، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي لأنه يعتبر جريمة ضد الإنسانية.
المصدر: مراكش الان
كلمات دلالية: التمییز العنصری خطاب الکراهیة
إقرأ أيضاً:
مظاهر تصاعد وتيرة التحريض العنصري والسياسي على فلسطينيي 48
القدس المحتلة- في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تتصاعد وتيرة التحريض الدموي والعنصري على فلسطينيي 48، خصوصا القيادات السياسية وبعض أعضاء الكنيست العرب، نظرا لمواقفهم الرافضة للعدوان على غزة وحصارها وتجويعها.
وبلغ هذا التحريض مستويات غير مسبوقة، منها دعوات متكررة لمحاكمتهم، وتضييق الخناق على عملهم السياسي، في محاولة لنزع شرعيتهم وإخراجهم من دائرة التأثير البرلماني والعام.
وترافق ذلك مع تصاعد مظاهر العداء والعنصرية في الشارع الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في الداخل، انعكست في اعتداءات جسدية مباشرة، طالت عددا من الشخصيات البارزة، كان أبرزها الاعتداء على النائب أيمن عودة وتحطيم مركبته، ومحاولة الاعتداء على النائب عوفر كسيف أثناء مشاركتهما في مظاهرة مناهضة للحرب.
عنف وتضييققتل 9 شبان فلسطينيين من الداخل برصاص شرطة الاحتلال منذ مطلع عام 2025، في مؤشر خطِر على تنامي العنف الممنهج عليهم.
وتشهد المؤسسات الأكاديمية والإعلامية بدورها حالة متزايدة من التضييق بحق طلبة الجامعات والصحفيين الفلسطينيين، بملاحقات أمنية، وفصل تعسفي، وتهديدات بالطرد، لكتم أي صوت يعارض الحرب أو يتعاطف مع الضحايا في غزة.
وواصلت سلطات الاحتلال منع النشاطات الوطنية، وفرضت قيودا صارمة على فعاليات مثل يوم الأرض ومسيرة العودة، بما فيها حظر رفع العلم الفلسطيني.
وتبرز قرارات المحاكم الإسرائيلية أيضا انحيازا متزايدا ضد حرية التعبير والعمل السياسي، كان آخرها إدانة رئيس لجنة الحريات الشيخ كمال الخطيب بتهمة "التحريض"، رغم تبرئته من "التماهي في منظمة إرهابية".
كما ثبتت محكمة إسرائيلية الاعتقال الإداري للقيادي في "حركة أبناء البلد" رجا إغبارية، في وقت يتم فيه احتجاز العشرات من شبان الداخل رهن الاعتقال الإداري بدون تهم واضحة، بقرار من وزير الدفاع يسرائيل كاتس.
إعلانويثير هذا التصعيد قلقا بالغا لدى القيادات السياسية والمجتمعية في الداخل الفلسطيني، الذين يحذرون من توجه سلطوي ممنهج لنزع الشرعية عن المواطنين العرب وشيطنة وجودهم، مما يهدد مستقبل الحضور الفلسطيني في الداخل وموقعه السياسي والوطني.
وحذر أستاذ القانون والنائب السابق عن الجبهة الديمقراطية، يوسف جبارين، من الأبعاد الخطِرة لما يُعرف بـ"قانون الإقصاء" الإسرائيلي، مؤكدا أنه يمثل انزلاقا نحو الاستبداد وتقويضا لأسس العمل الديمقراطي، لا سيما مبدأ فصل السلطات، والحق في التصويت والترشح للكنيست، وحقوق المواطنين العرب في التمثيل السياسي.
وقال للجزيرة نت، إن هذا القانون يستخدم كأداة للانتقام السياسي ضد النواب العرب، ويشرعن الملاحقة السياسية بحق ممثلي "الأقلية الأصلية" في البلاد.
ووجه انتقادا شديدا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية التي صدّقت عليه قبل سنوات، واعتبر أن ما حذر منه سابقا قد تحقق الآن بمحاولات إقصاء النائب أيمن عودة، وقبله النائب عوفر كسيف ذي توجه يساري.
ويشكل "قانون الإقصاء" -حسب جبارين- خطرا مباشرا على تمثيل فلسطينيي الداخل، ويكرس الإقصاء السياسي والتمييز ضدهم بأدوات قانونية استبدادية تمنح الأغلبية اليهودية في الكنيست صلاحيات تعسفية. وأوضح أن هذه التشريعات تهدف إلى عزل المجتمع العربي وتكميم أفواه نوابه، في مسعى لإعادة عقلية الحكم العسكري ومحو المواقف الوطنية لفلسطينيي 48.
من جانبه، تبنى سكرتير حزب التجمع الوطني الديمقراطي في منطقة المثلث، جمال دقّة، الطرح القائل، إن تصاعد التحريض والعنصرية على فلسطينيي 48 لم يعد مجرد سلوك فردي أو انعكاسا لمواقف يمينية متطرفة، بل أصبح نهجا عاما يسود المجتمع الإسرائيلي، بتغذية مباشرة من سياسات الحكومة.
وأوضح للجزيرة نت، أن هذه السياسات تتعامل مع المواطنين العرب كـ"طابور خامس"، ما يخلق بيئة سياسية واجتماعية تشجع على العنف والتمييز دون رادع.
وأشار إلى أن الملاحقة السياسية والتحريض المتواصل الذي تمارسه المؤسسة الإسرائيلية على فلسطينيي الداخل، يترجم على الأرض إلى اعتداءات جسدية متكررة، غالبا ما تمر دون محاسبة قانونية، وهو ما يفتح المجال لتكرارها وتصاعدها.
وباتت الدولة ذاتها -وفقا له- في مقدمة المحرضين والمنفّذين لهذه السياسات، مستشهدا بقتل 9 شبان من فلسطينيي 48 برصاص الشرطة منذ مطلع العام الجاري.
وأكد دقّة أن تعامل المؤسسة الإسرائيلية مع فلسطينيي الداخل منذ اندلاع الحرب على غزة يتسم بالانتقام والاستهداف، مع تصاعد النظرة إليهم على أنهم خطر وجودي يجب التخلص منه، قائلا "نحن اليوم في بدايات مرحلة أكثر وحشية من التحريض العنصري، فقط لأننا عبرنا عن تضامننا مع أهلنا في غزة ورفضنا الحرب".