الجزيرة:
2025-05-20@02:25:35 GMT

حكاية أسرة سودانية عالقة في مصر.. متى ينتهي الوجع؟!

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

حكاية أسرة سودانية عالقة في مصر.. متى ينتهي الوجع؟!

"تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن"، عبارة عربية شهيرة للشاعر أبي الطيّب المُتنبي، تعكس الواقع الذي نختبره الآن، كل الأشياء خرجت عن إطار التوقعات وحدود المنطق.

تدفع الظروف أحيانًا أشخاصا عاديين، يحلمون بالسلام وراحة البال إلى قسوة في العيش يتحملونها كالأبطال الخارقين، يتحملون أعباء تتجاوز طاقتهم، مستمرين وصامدين.

قد تكون الأزمات مخيفة، ولكنها تظهر أجمل ما فينا.

واندلعت الحرب

راودتني تلك المشاعر المختلطة الآن وأنا أشرع في كتابة قصة غرائبية وغريبة لعائلة سودانية، تعيش ظروفا طبيعية، يشعرون بالفرح والحزن، كحال كل الأسر، سافروا إلى مصر لحضور حفل زفاف أحد أقربائهم. ولكن، لم يتمكنوا من العودة بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها السودان الآن.

ماذا يحدث لأسرة سودانية علقت في مصر، ولم تتمكن من العودة، لأنها كانت هنا وقت اندلاع الحرب، وهو عكس كل ما حدث للنازحين السودانيين، فهم سافروا قبل الأزمة.

هذه الحكاية التي تناولها جميع سكان عمارتنا في حي مصر الجديدة العتيق، المكان الذي أسكن فيه، سمعتها أكثر من مرة مما دفعني إلى الكتابة عنها، وقبل ذلك لأن ألتقيها، وأسمع منها هي.

رحبت بي السيدة إيمان، بوجهها البشوش المبتسم، وعرفتني على ابنتيها "نانسي" و"بربارة"، وأخبرتني أن لديها 3 أبناء آخرين مع والدهم في السودان.

جاءت إيمان إلى مصر يوم الرابع عشر من إبريل 2023، أي قبل الحرب السودانية بيوم واحد فقط، لحضور حفل زفاف.

تحكي إيمان: "نظرا لتكاليف السفر لم يأت زوجي وأبنائي الآخرين، كما أننا لم نخطط  للبقاء طويلًا في مصر، فقد حجزنا فقط 15ر يوما، لكن القدر كان له رأي آخر."

"في اليوم الثاني الذي تلا وصولنا، سمعنا أخبارا عن اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم، ثم توالت الأخبار عن وقوع عدد من القتلى، كانت الأحداث متسارعة وصادمة، لم نكن نتوقعها على الإطلاق، فالسودان ليس بحاجه لمزيد من الحروب والصراعات"، تضيف إيمان "نحن من الخرطوم، والوضع في الخرطوم مأساوي، ونظرا للأوضاع وحالة الخوف التى يعيشها الجميع ليلا نهارا، انتقل زوجي ومعه أبنائي للعيش مع أخيه وأبنائه، وفى الرابع والعشرين من سبتمبر استيقظنا على فاجعة، فقد تعرض منزلهم للقصف الجوي وتوفي اثنان من أبناء أخ زوجي، لم تعد البلد آمنة، ولا يستطيعون الذهاب إلى دول الجوار فالأبناء ليس لديهم جوازات سفر"

 مصر لم تعد مثل ماضيها

لاحظت إيمان اختلافا تدريجيا في مصر، فهي تزورها على فترات متباعدة بلا انقطاع كبير، أشياء تخص المعيشة وتكلفتها، وعادات الناس خاصة الغذائية، تقول: "زرت مصر عدة مرات في فترات مختلفة، الحياة المعيشية فيها كانت أقل من الآن، سعر الدولار الأميركي اليوم بعد التعويم فى البنوك تجاوز الـ30 جنيها، وفي السوق السوداء يصل الى 40 جنيها، وهذه كلفة كبيرة تتطلب مني البحث عن عمل، فالمعيشة وأسعار الشقق السكنية عالية جدا، وعليّ أن أعيل بناتي".

تكرر إيمان جملتها دون أن تعي: "إعالة بناتي، إننا لا نعلم إلى متي سيستمر هذا الوضع".

السودان وما أدراك ما السودان؟

شهدت البلاد على مر التاريخ عددا من الانقلابات والصراعات التي أثرت بشكل كبير على استقرارها ونهضتها، منذ استقلالها في الأول من يناير عام 1956 والانقلابات ما انفكت تلاحقها، فبعد استقلالها بعام واحد قام مجموعة من ضباط الجيش بانقلاب ضد أول حكومة وطنية ديمقراطية، وبينما فشل هذا الانقلاب نجح آخر فى العام 1958 ليكون أول انقلاب عسكري ناجح في تاريخ البلاد.

تبع ذلك الانقلاب انقلابا ناجحا في عام 1969 بقيادة العميد جعفر النميري وقد كان لهذا الانقلاب تأثير كبير، إذ أصبح النميري رئيسا للبلاد واستمر حكمه لمدة 16 عاما، لم تسلم تلك الأعوام أيضا من محاولات الانقلاب، ففي عام 1971 حدث انقلاب عسكري استطاع أن يسيطر فيه الانقلابيون لمدة 3 أيام على الخرطوم حتى استعاد النميري السيطرة مرة أخري، ثم انقلاب عام 1976 قمعه النميري أيضا، لينتهي به المطاف بانقلاب قاده عمر البشير عام 1989، وهو العام الذي تولى فيه الأخير حكم البلاد، حتى عام 2019 بعد أن أطاح به الجيش بسبب الاحتجاجات الشعبية الواسعة النطاق فى البلاد.

بطل خارق

كان لقاءً قصيرا، ويكاد يكون روتينيا، الذي حدث مع السيدة إيمان ولكن بالنسبة لي، تخاطفتني مشاعر حالمة، ولكن قوية، حلمت بأن تتبدل الأحداث والظروف، وفي نهاية المطاف، يأتي الأمل ليغمر قلوب الجميع.

رغم الصعوبات والتحديات، أؤمن أنها ستنجح، تلك الأسرة السودانية، والسيدة إيمان ستحولها تلك الظروف الصعبة إلى بطل خارق، عليه أن يواجه أزمات شديدة للغاية، ولكنها تتعلق بأساسيات الحياة وضروراتها.

ومن يدري ربما بعد أشهر طويلة من الانتظار والتشوق، تتحسن الأوضاع في السودان، وتفتح الأبواب لعودة ايمان وأبنائها إلى الوطن، يجلسون على الطرف الآخر من النيل، يراقبون سفن الأمل الذاهبة والعائدة من مصر بخيرات الله من بضائع وطعام، ينعمون بلحظة مؤثرة حين يجتمعون بأحبائهم من جديد.

هذه هي النهاية السعيدة التي رسمها عقلي المنهك، وقلبي المتألم.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی مصر

إقرأ أيضاً:

حكاية طفل الأنابيب (5)

في حالة اختيار إعادة الجنين المجمَّد إلى الرحم، يتم اختيار الوقت الملائم للأم و الجهاز الطبى المشرف، و تتم العملية أما بالاعتماد على الدورة الطبيعية للأم، حيث يُنقل الجنين عند وقت الإباضة، و لكن الأغلب و لتسهيل اختيار الوقت، يجري تحضير الأم عن طريق إعطاء هرمونات، تجعل المحيط الهرمونى للرحم مماثلا للحالة الهرمونية التي تصاحب الدورة الطبيعية، و الهدف من ذلك تنمية الطبقة المبطنة الرحم بحيث تصبح جاهزة للتخصيب عند وجود الجنين.
يجري إعادة الجنين المبرد إلى الحالة الطبيعية قبل التجميد بالتدفئة السريعة التي تعيده خلال ثوان إلى درجة حرارة الجسم، و بذلك تزول الكيميائيات المحيطة بها، و نسبة نجاح هذه العملية في الوصول إلى الحمل و تمامه لا تقل إن لم تزد عن نسبة النجاح في عمليات نقل الجنين بحالته الأولى قبل تخزينه.
عادة ما يتلو نقل الجنين أن تستريح الأم في السرير حوالى الساعة، ثم تعود إلى بيتها، و تنصح بالاستمرار على مثبتات الحمل، وأغلبها من هرمون البروجستوجين .
كثيرا يأتى التساؤل إن كانت هذه العملية سببا للحصول على إجازة مرضية ؟ لا تعتبر معظم الدول الأمر مبررا للإجازة المرضية، ولذا فإن الطبيب يعطيها في بعض الأحيان فقط لمن تستدعي مهنتهن القيام بأعمال شاقة، لا تتضمن مثلا الأعمال المكتبية، و في حالة تفرغ الأمم للبيت فإنها تستطيع ممارسة أعمالها اليومية غير الشاقة.
يمكن أيضا تخزين البويضات، مثلا لو احتاجت المرأة لعلاج اشعاعى قد يضر بوظيفة المبيض ، هنا يتم تخزين البويضات حتى يتم استعمالها بعد شفاء الأم و جاهزيتها للحمل. و قد تجد بعض الأخوات أن ارتباطها بالتعليم العالى سيؤخر حملها إلى سنوات متقدمة في العمر، و هنا تؤخذ بويضاتها في عمر أقل من الخامسة و الثلاثين، و هو العمر الذي تكون البويضات فيه حاملة لصبغيات وراثية طبيعية على الأغلب.
في بعض الدول غير المسلمة قد يستعاض بعينات من سائل منوى تم الاحتفاظ بها من متبرع، أو بويضات من متبرعة، و الحمد لله مثل هذه الممارسة لا تحصل في الدول الإسلامية، و تحتاط مختبرات طب الخصوبة بحيث لا يزيد احتمال حدوث اختلاط في الأنساب عن صفر في المائة، وهذه عملية دقيقة يسهل مراقبتها.

 

SalehElshehry@

مقالات مشابهة

  • حكاية طفل الأنابيب (5)
  • مآخذ على المبعوث الأممي «العمامرة»..!
  • البرهان يعيّن كامل إدريس رئيسًا للحكومة وسط استمرار الحرب في السودان
  • عاجل | مراسل الجزيرة: رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان يعين كامل الطيب إدريس رئيسا للوزراء
  • السودان: انخفاض طفيف في درجات الحرارة وتحذيرات من طقس حار جداً شمال وغرب البلاد
  • أسرة عبد الحليم حافظ: الجواب الذي كتبته سعاد حسني حقيقي ولم يكن مفتعلًا
  • شاهد بالصورة والفيديو.. في ليلة زفافها.. عروس سودانية ترتدي أطقم من الذهب مكتوب عليها اسم الناشط الشهير (الإنصرافي)
  • السرديات المضللة في حرب السودان… حكاية الغزو الأجنبي
  • في ذكرى النكبة 77 لا يزال الوجع
  • السودان: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة بمعظم أنحاء البلاد وأمطار متوقعة جنوباً